الأب أغوسطينوس شدياق

يا أبي

يا أبانا

 

هذه هي الساعة الرهيبة التي يهابها كل بشر، ويحزن لها ! وما كنتَ أنت تهابُ، وما كنت أنت تحزن: كنت تتوق إليها لأن قلبك مستعدّ، ولأنك إنما أنت ذاهبٌ فيها إلى لقاء من ينتظرك ليقول لك: أدخل فرح سيّدك، أيها العبد الأمين.

 

يا بونا أغوسطينوس،

كنت كلّي الأمانة على عهدك، على نذرك، فـعشت طاهراً، فقيراً، مطيعا. وفوق ذلك كنت لنا المعلم والقدوة، المعلَم الذي لا يريمُ عن كلمة البشارة، والقدوة التي لم تتعب عن ممارسة الفضيلة المسيحية، فأحببناك وتـفيّأنا ظلالك النديّة، أيها الكاهن والمربّي.

 

ولقد قـدّرناك، أيها الأب أغوسطينوس، على ولائك الصُلبِ لـحبيبين، عـشقتهما، بعد ربّك، هما القبيات، منبتك، ودير الآباء الكرمليين، ديرك، لكن هل هما منفصلان؟ لعمري، لا: واحدٌ أعطى وثانية أخذت، واحدة إحتضنت وثانٍ رتع في دفء الاحتضان !

 

وإنّي لأسألك، أيها الأب الحبيب: مَنذا الذي وقّت لك زمن الرحيل؟ هل إخترت أنت أن ترحل في شهر الورود، شهر العذراء التي تعبّدت لها منذ طفولتك، أم إستدعاك أبوك السماوي في الزمن الأرضي الجميل لأنّك مجمّل بالقداسة؟

 

وإنّي لأحيّيك، أخيراً، أيها الأب الحبيب، تحيّة الورد الذي، وإن غاب، نعرف عطره في فكرنا، ونشتاق إليه. وسنشتاق إليك، يا وردةً من خميلة الآباء الكرمليين، فأقول:

 

إذ يموت الورد لا يمّحي     إلاّ السـنا واللـون والرونقُ

ويخلد الطيب فإمّا جرت     ريح الصبا من جانبٍ يعبقُ

 

رحمك الله ورحمنا.

 

 

الدكتور فؤاد سلوم

31 أيار 2007