email: elie@kobayat.org

www.kobayat.org

لمــاذا أيــار شهــر مـريمـي؟
د. جان صدقه
(باحث في الميتولوجيا والاديان)

لا يذكر التراث الكنسي ايار شهرا مريميا قبل القرن الثامن عشر، ومن المرجح انه انطلق بداية من روما، ثم انتشر في ايطاليا ولاحقا في العالم المسيحي.

 
تعود فكرة تكريس ايار شهرا مريميا الى الآباء اليسوعيين في ايطاليا، وتحديدا الى الاب جاكولية الذي نشر كتيبا حول الموضوع في العام ،1724 والى الاب لالوميا الذي نشر بدوره كتيبا مماثلا في العام .1725 وتطورت الفكرة مع الاب اليسوعي الفونس موتزا ريللي الذي نشر في العام 1785 كتيبا يحث على التأمل في حياة العذراء وفضائلها والتأثر بها لتقديس الحياة اليومية، فكان المؤمنون يتأملون طوال شهر ايار بواحدة من حقائق الحياة المسيحية ويرتلون ترتيلة مريمية.

 
وصل كتيب الاب لالوميا الى فرنسا مع بداية الثورة فنقلته لويز، ابنة الملك لويس الخامس عشر، الى الفرنسية، وهو كتيب كرسته روما في 21 تشرين الاول 1815 في عهد البابا بيوس السابع.

 
في العام 1784 طبق الآباء الكرمليون "شهر مريم" في ايطاليا، ويُروى انهم طلبوا ان يكرّس مذبح للسيدة العذراء في الليلة الاولى من ايار في كل منزل، ويزيّن بالزهور والاضواء، على ان تجتمع العائلة، كل ليلة من هذا الشهر لتلاوة الصلاة على شرف السيدة.

 
الى ذلك، ثمة من يقول ان الملك الفونس العاشر (1239- 1284) ذكر في احدى كتاباته جمال مريم وشهر ايار. وفي القرن الرابع عشر، اعتاد الطوباوي الدومينيكاني هنري سوزو ان يقدم الى السيدة اكاليل من ورد في اليوم الاول من ايار. وفي العام ،1549 نشر الاب سيدل كتيبا بعنوان "شهر ايار الروحي". كما ان القديس فيليب نيري كان يجمع الشبان خلال شهر ايار للصلاة حول مذبح السيدة. وفي كولونيا، كان التلامذة اليسوعيون في العام 1664 يرفعون الصلوات في ايار للسيدة العذراء. وفي الالزاس، كانت الفتيات يقرعن الابواب ويقدمن زهرة لتزيين مذبح السيّدة. لكن في مطلع القرن الثامن عشر، قرر الرهبان الدومينيكان تكريم السيدة طوال شهر ايار بشكل رسمي.

 
في لبنان :
ذكر الاب هنري جلابير اليسوعي في كتابه "مريم العذراء في لبنان" ان تكريس ايار شهرا مريميا بدأ في كنيسة سيدة النجاة للآباء اليسوعيين في بكفيا سنة 1837 وسرعان ما انتشر الى سائر انحاء البلاد (ص17).

 
وفي العام 1954 طاف تمثال السيدة - من صنع النحات اللبناني يوسف الحويك - انحاء لبنان طوال خمسة اشهر تحمله عربة وتواكبه مئات السيارات. وشارك اللبنانيون، مسيحيين ومسلمين، في هذا التكريم، حيث نصبت اقواس نصر كتب عليها آيات من القرآن الكريم تشيد بمريم البتول ام عيسى عليهما السلام.

 
واوردت مجلة "المسرّة" (العدد ،398 الصفحة 777) "انه في الاحد الاخير من ايار ،1954 رافق عشرات الالوف تمثال "ام النور" مشيا على الاقدام من بكركي الى حريصا، في تظاهرة عارمة لا عهد للبنان بمثلها... وفي الجنوب، كان المسلمون يشاركون بحمل التمثال ويشتركون في شتى الاحتفالات المسيحية... وفي بعلبك فرش المتاولة السجاد في طريق السيدة على مسافة كيلومتر تقريبا".
يرمز ايار بكل معانيه الى السيدة، فهو شهر الورود والجمال والحياة والتجدد والسلام.

"النهار"
الاحد 9 ايار 2004
http://www.annaharonline.com/htd/ADIAN040509-2.HTM