Email: elie@kobayat.org |
أحد الأبرار
والصّدّيقين
(20/01/2008)
صلاة
"كونوا قدِّيسين كما أنَّ أباكُم السَّماوي قدُّوس". دعوة دُعينا إليها
وعاشَها آباءٌ وأجداد وهم اليوم إِلى جِوَارِكَ في ملكوتِكَ يَتَنَعَّمونَ
بِوَعْدِكَ " هَلُمُّوا يا مُبارَكي أَبي رِثُوا المَلَكوت المُعَدَّ لَكُم من قَبلِ
إِنشَاءِ العالَم".
أَعطِنا يا رَبّ أَن نَعيشَ على مِثالِهِم دَعوَةَ القَداسَة، آمين.
الرِّسالة
فَإِنَّكُم لَمْ تَقْتَرِبُوا إِلى جَبَلٍ مَلْمُوس، ونارٍ
مُتَّقِدَة، وضَبَابٍ وظَلامٍ وزَوبَعَة، وهُتَافِ بُوق، وصَوتِ كَلِمَاتٍ طَلَبَ
الَّذِينَ سَمِعُوهَا أَلاَّ يُزَادُوا مِنهَا كَلِمَة؛ لأَنَّهُم لَمْ يُطِيقُوا
تَحَمُّلَ هـذَا الأَمْر: "ولَو أَنَّ بَهِيمَةً مَسَّتِ الـجَبَلَ تُرْجَم!".
وكانَ الـمَنْظَرُ رَهِيبًا حَتَّى إِنَّ مُوسَى قال: "إِنِّي خَائِفٌ ومُرْتَعِد!".
بَلِ اقْتَرَبْتُم إِلى جَبَلِ صِهْيُون، وإِلى مَدِينَةِ اللهِ الـحَيّ،
أُورَشَلِيمَ السَّماوِيَّة، وإِلى عَشَرَاتِ الأُلُوفِ منَ الـمَلائِكَة، وإِلى
عِيدٍ حَافِل، وإِلى كَنِيسَةِ الأَبْكَارِ الـمَكْتُوبِينَ في السَّمَاوَات، وإِلى
اللهِ ديَّانِ الـجَمِيع، وإِلى أَرْواحِ الأَبْرَارِ الَّذِينَ بَلَغُوا الكَمَال،
وإِلى وَسِيطِ العَهْدِ الـجَدِيد، يَسُوع، وإِلى دَمِ رَشٍّ يَنْطِقُ بكَلاَمٍ
أَفْضَلَ مِنْ دَمِ هَابِيل!
(عب 12/18-24)
حول الرسالة
في العَهدِ القَديم، كانَ القُربُ مِنَ الرَّبْ أَمراً مُرْعِباً
ومُخيفاً وما مِنْ إنسان يرى الله ويبقى حَيَّاً. أَمَّا في العهدِ الجديد، فَمَن
يَبْتَعِد عن الله يعش الرُّعب والخوف من ذاته ومن بقيَّة الخلق ويخشى الموت. لذا
نحن مدعوّون لنكون " من أهل مدينة الله الحيّ".
الإنجيل
ومَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ في مَجْدِهِ، وجَمِيعُ الـمَلائِكَةِ
مَعَهُ، يَجْلِسُ على عَرْشِ مَجْدِهِ. وتُجْمَعُ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأُمَم،
فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُم مِنْ بَعْض، كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الـخِرَافَ مِنَ
الـجِدَاء.ويُقِيمُ الـخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالـجِدَاءَ عَنْ شِمَالِهِ.
حِينَئِذٍ يَقُولُ الـمَلِكُ لِلَّذينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوا، يَا مُبَارَكي
أَبي، رِثُوا الـمَلَكُوتَ الـمُعَدَّ لَكُم مُنْذُ إِنْشَاءِ العَالَم؛ لأَنِّي
جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي، وعَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي، وكُنْتُ غَريبًا
فَآوَيْتُمُوني، وعُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُوني، ومَريضًا فَزُرْتُمُونِي،
ومَحْبُوسًا فَأَتَيْتُم إِليّ.
حِينَئِذٍ يُجِيبُهُ الأَبْرَارُ قَائِلين: يَا رَبّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا
فَأَطْعَمْنَاك، أَو عَطْشَانَ فَسَقَيْنَاك؟ ومَتَى رَأَيْنَاكَ غَريبًا
فَآوَيْنَاك، أَو عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاك؟ ومَتَى رَأَيْنَاكَ مَريضًا أَو
مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْك؟ فَيُجِيبُ الـمَلِكُ ويَقُولُ لَهُم: أَلـحَقَّ
أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا عَمِلْتُمُوهُ لأَحَدِ إِخْوَتِي هـؤُلاءِ الصِّغَار،
فَلِي عَمِلْتُمُوه!
ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذينَ عَنْ شِمَالِهِ: إِذْهَبُوا عَنِّي، يَا مَلاعِين، إِلى
النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الـمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وجُنُودِهِ؛ لأَنِّي جُعْتُ فَمَا
أَطْعَمْتُمُونِي، وعَطِشْتُ فَمَا سَقَيْتُمُوني،وكُنْتُ غَريبًا فَمَا
آوَيْتُمُونِي، وعُرْيَانًا فَمَا كَسَوْتُمُونِي، ومَرِيضًا ومَحْبُوسًا فَمَا
زُرْتُمُونِي! حِينَئِذٍ يُجِيبُهُ هـؤُلاءِ أَيْضًا قَائِلين: يَا رَبّ، مَتَى
رَأَيْنَاكَ جاَئِعًا أَوْ عَطْشَانَ أَوْ غَرِيبًا أَو مَريضًا أَو مَحْبُوسًا
ومَا خَدَمْنَاك؟ حِينَئِذٍ يُجِيبُهُم قِائِلاً: أَلـحَقَّ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ
مَا لَمْ تَعْمَلُوهُ لأَحَدِ هـؤُلاءِ الصِّغَار، فلِي لَمْ تَعْمَلُوه. ويَذْهَبُ
هـؤُلاءِ إِلى العَذَابِ الأَبَدِيّ، والأَبْرَارُ إِلى الـحَيَاةِ الأَبَدِيَّة".
(مت 25/31-46)
فهم الإنجيل – عيش الإنجيل
في هذا الأحد تذكر الكنيسة الأبرار والصِّيقين الَّذين سمعوا
كلمة الله وعملوا بها. فكانت هذه الكلمة مشروع حياتهم في هذه الدُّنيا وباب لدخول
ملكوته السَّماوي.
وأمام هذا الإنجيل الذّي تدور أحداثه في الحياة الأبديَّة، نطرح السُّؤال على ماذا
سيكون الحساب لدخول ملكوت الله ؟
والجواب يكون جليّاً إذا ما قرأنا هذا المقطع هو المحبَّة: المحبَّة لله من خلال
الإنسان وللإنسان حُبّاً بالله.
ولأَنَّ الجواب بين أهل اليمين وأهل الشَّمال جاءَ واحداً " يا رب متى رأيناك "
يأتي جواب الرَّبّ واحداً "كلّ ما فعلتموه لأحد إخوتي هؤلاء الصِّغار فلي فعلتموه".
وكأنَّ الرّبّ يطلب منّا أن تكون المحبّة المُعاشَة محبَّةً بالفطرة لأَنَّنا
مخلوقون على صورة الرّبّ ومثاله ( الله محبّة ) . فكيف إذا كانت هذه المحبّة تعكس
الإيمان والرَّجاء وقوّة كلمة الله في حياتنا فنُجَسِّد الإيمان بالأعمال؟
والسُّؤال الأكثر إلحاحاً الَّذي أطرحه على ذاتي : هل أُحِبُّ قريبي حُبّاً بالله
فأكون"قدِّيساً" أم أُحِبُّ حُبّاً أنانِيّاً ينتهي عند انتهاء مصلحتي مع الآخرين
وأكون من الخاسرين لملكوت الله ؟
فلنتذكَّر سويَّةً ما نقوله في فعل النَّدامة " لا خوفاً من الجحيم ولا طمعاً
بالنَّعيم بل حُبّاً بك آمين ".ولنتذكَّر كلام القدِّيسة تريزا الطّفل يسوع ببساطة
المحبَّة "وإنتَ كمان فيك تكون قدّيس" . ولنتذكّر أيضاً وأيضاً أَنَّ القداسة تنبت
في حقل محبَّة إخوتنا البشر.
الخوري جوزيف هلال
خادم رعيّة الأربعين شهيد – القبيات الغربيّة
(زمن الدنح 2008)