back to Kobayat's Cultural Salon

نصري الصايغ: "التوافق" يلغي مفاعيل الدستور ويجعله بلا قيمة.
لا أفق انفراج في لبنان. ولا أعرف كيف الخروج من دوامة الأزمة.


استضاف الصالون الثقافي عصر أمس الكاتب والصحافي نصري الصايغ نائب رئيس تحرير جريدة السفير في مطعم المونتي فردي في القبيات. وكان عنوان اللقاء "أثمان السياسة، عن مسؤوليات الناس فيما يخص الواقع المهترئ الذي نتخبط فيه" .

بعد إلقاء النشيد الوطني اللبناني، قدم جوزاف خطار الكاتب مشيداً بمصداقيته وبانحيازه الدائم إلى جانب القضايا العربية المحقة، وفي مقدمتها القضية الفلسلطينية، وبانحيازه إلى جانب قيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق المواطن والإنسان. كما نوه خطار بالأثر الإيجابي الذي تركته كتب الصايغ ومقالاته في نفوس الناس والدور البناء الذي أدته وتؤديه في صيانة القضايا والقيم المشار إليها.

بدوره وبعد أن أشار الكاتب نصري الصايغ إلى مشقة الطريق من بيروت إلى القبيات، والتي لم يخفف منها إلا جمال المنطقة (منطقة عكار)، ومجموع الحاضرين في هذا اللقاء الثقافي الذي بات يشكل استثناء في زمننا الحالي. بعد ذلك، وإذ شكر مقدم اللقاء، إلا أنه شاء أن يستهل كلمته، بالاعتراض على ما خصه به من أثر إيجابي.. ودور بناء.. قائلاً: "أنا لم أنجز أي شيء في حياتي".. "قلت كثيراً.. كتبت كثيراً.. لكن النتيجة لا شيء، لا شيء أبداً".

ردُّ الكاتب لم يكن من باب المجاملات، ولا من باب التواضع المعرفي، إنما كان محور المحاضرة التي ألقاها، بل الجو العام الذي أحاط بمجمل آرائه وتحليلاته، كما هي عادته في كتبه ومقالاته الصحافية.

في لبنان، يقول الصايغ، هناك حريات كثيرة لا توجد في معظم الدول المحيطة بنا. لكن لدينا ميزة تخصنا عن كل دول العالم، وهي أننا نقول شيئاً ونفعل شيئاً آخر. ثمة سكيزوفرينيا، مثلاً بين ما يتضمنه الدستور اللبناني من: ديمقراطية، حقوق لمواطن لبناني، سيادة وطنية، إلخ... وفي المقابل هناك عبارة "التوافق" التي تلغي كل شيء وتجعله من دون قيمة، إذ لا انتخاب لرئيس الجمهورية إلا بالتوافق، لا تشريع إلا بالتوافق، لا جلسات لمجلس الوزراء إلا بالتوافق، لا تعيينات إدارية إلا بالتوافق.

ولقد أبى الصايغ تحميل القوى الخارجية وزر ما يحدث في لبنان، رغم أنه لم يبرئها من ذلك، لكنه تساءل عن دور اللبنانيين، معتبراً أن الطائفية التي يلعنها كثيرون، بمن فيهم دعاة العلمنة، لها أنصار و"مناضلون" أكثر بكثير من أنصار المواطنة والعروبة والديمقراطية. لكن بؤس كل طائفة بقدر ما لديها من "مناضلين" يدافعون عن حقوقها ومكانتها، بالقدر نفسه يرمي أتباعها الطوائف الأخرى بشتى أنواع التهم والأوصاف.

بدورهم عبّر الحاضرون عن إعجابهم بواقعية الصايغ وصدقه وقلة ادعائه، لكن البعض تساءل عن ذلك المنسوب العالي من التشاؤم والإحباط المهيمن على خطابه. فأجابهم باختصار شديد: هاتوا لي بقعة ضوء وحيدة وأن لكم شديد الشكر والامتنان، من دون أن ينسى الإشارة إلى أن كلامه قد يزعج كثيرين ممن قدموا التضحيات، ممن لديهم أسرى وشهداء "أجلهم وأحترمهم"، لكن السياسة يختم الصايغ لا تقاس بالأحلام، لكن بالأفعال وبمردودها.