back to Book |
عكار وحصن الأكراد[1]
موريتز سوبرنهايم Moritz Sobernheim
تمهيد
(ص II) شرع السيد موريتز سوبرنهايم، الراغب في المشاركة في "مدونة النقوش العربية" Corpus inscriptionum arabicarum، في جمع ونشر نقوش سورية الشمالية انطلاقاً من المنطقة الواقعة بين طرابلس وحماة. وبما أنه تكلف سابقاً بنشر نقوش بعلبك في أبحاث البعثة الألمانية، فقد كان مؤهلاً تماماً لمتابعة أبحاثه في هذا الموضوع. ولقد سلمته المواد التي بدأت بتجميعها في هذه المنطقة، وتركت له أمر العناية بتنظيمها، وردم ما فيها من ثغرات، وأخيراً أمر إعدادها بنفسه للنشر ووضع التعليق المناسب عليها. جاء عمله أصيلاً للغاية، بحيث اقتصر دوري على التوجيهات اللازمة لوضعه في سياق الإطار العام لهذه "المواد". وإني إذ أشكره علناً على مشاركته في عمل يستلزم أكثر فأكثر مساهمة باحثين طيبي الإرادة، يسرني القيام بواجبي في التعبير للسيد إيه. شاسينا . ChassinatÉ، مدير "المعهد الفرنسي للآثار الشرقية" Institut Français d’Archéologie Orientale عن عميق امتناني تجاه فضله الذي لا ينضب والدعم الثمين الذي لم يكف عن تقديمه من أجل مشروع "المدونة" Corpus.
ماكس فان برشم Max van Berchem
مقدمة
(ص III) نشر ماكس فان برشم النقوش العربية المصرية في سلسلة "مذكرات بعثة الآثار الفرنسية في القاهرة" Mémoires de la Mission archéologique française au Caire, t. XIX. وعرض، في فصل جاء بمثابة مقدمة عامة، مشروعه من أجل مدونة النقوش العربية Corpus inscriptionum arabicarum، شارحاً أهمية علم النقوش العربية وعارضاً منهج بحثه.
ولما كُلفت بنشر النقوش العربية في بعلبك[2] اضطررت إلى القيام بدراسة معمقة لما نُشر عن النقوش العربية، وبتشجيع من السيد فان برشم الذي تفضل وترك لي ملفه عن بعلبك، شرعت خلال أسفاري بتجميع نقوش بعلبك وعكار وحصن الأكراد وطرابلس ومصياف وحماة وحمص. لقد سهلت مهمتي المواد التي جمعها السيد فان برشم، ولكني على غراره اعتمدت مبدأ وضع نسخة جديدة لكل نقش، ومن ثم مقارنة النتائج. راجع السيد فان برشم وصحح هذا العمل الحالي الذي لي الشرف بنشره ضمن سلسلة "مذكرات المعهد الفرنسي" Mémoires de l’Institut français، واغتنم هذه الفرصة لأعبر له من كل قلبي عن الجميل الذي أدين له به لأنه غالباً ما ساعدني في أبحاثي، ولأنه اقترح مشاركتي في معهد الآثار الفرنسي في القاهرة، والنقوش (ص VI) العربية في سورية الشمالية. ووافق مدير المعهد، السيد شاسينا، بكل طيبة خاطر على عملي، لذا أرجوه هو والسيد وزير التعليم العام بالتفضل بقبول شكري العميق.
وكان لا بد لي، وأنا اعمل بالتعاون مع السيد فان برشم، من اتباع منهجه وتبني نظام كتابته الألفاظ العربية.
هذا النظام هو نفسه تقريباً المعتمد في القسم الأول من "مدونة النقوش العربية"[3]:
هذه الكتابة الصوتية حيث كل حرف من العربية مكتوب بحرف أو بأكثر من الأبجدية الفرنسية[4] لا تطابق دوماً اللفظ العربي؛ فاسم نور الدين Nûr al-dîn يمثل عدة كلمات عربية تلفظ نوردّين Noureddîn. وكيلا أخرق مبدأ الكتابة الصوتية الحرفية حافظت عليها هنا بصيغة Nûr al-dîn. أما بالنسبة للفظ الحروف الصوتية (المصوتات) فهي مختلفة تماماً، ما اضطرني إلى الاكتفاء بثلاثة: a, i, u. ولم استثنِ من ذلك غير أسماء العلم التركية حيث أضفت: e, ü, o, ö. ومثل السيد برشم لم اعتمد دوما الحركات على الحروف في النقوش بالذات؛ بيد إني أخذتها بعين الاعتبار في حالات الشك. غير (ص V) أن النقاش لا يضعون أبداً الهمزة، التي تكون ضرورية لنا، وغالباً ما يهملون الحركات؛ ويُضيفون زوائد تبعاً للمساحة المتوفرة لهم، أو يضعون فيها أقل مما هو مطلوب. أما نوع الخط فهو، بلا استثناء تقريباً، خط النسخ المملوكي الذي لا نفهم تنوعه؛ وبما أن مبدأ العلماء الشرقيين لتصنيف هذا الخط خال من المنهج العلمي فقد امتنعت عن الخوض في التصنيف. ولكني ميزت بين الحروف الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، تبعاً لما هي أكبر من 20 سنتم، أو بين 20 سنتم و10 سنتم، أو دون 10 سنتم.
وعملت جهدي لأعطي الحجم الحقيقي للنقش، ووصفاً لموضع وجوده. ولتصحيح القراءة غالباً ما أخذت صوراً أو أرشماً، وأبرزتها عند الضرورة[5].
لا تتجاوز النقوش التي أنشرها هنا مرحلة إمبراطورية المماليك (922[6]= 1516) لأن النقوش اللاحقة على هذه المرحلة (ص IV) قيمتها التاريخية ضعيفة. ومع ذلك نشرت بعضها لقيمته في تاريخ النقوش العربية.
لائحة بالمختصرات
Brockelmann, Geschichte der arabischen Litteratur, Weimar, 1898.
B. S…, van Berchem, Inscriptions arabes de Syrie.
C.I.A.E. …, Corpus inscriptionum arabicarum, 1ière partie, Égypte, par van Berchem.
G. J. …, Roehricht, Geschichte des Königreichs Jerusalem.
Hammer..., v. Hammer-Purgstall, Staatsverfassung der Osmanen.
I. H. ..., Chronique d’Ibn Habib (Durrat al-aslâk fî daulat al-atrâk), publiée en extrait par Meursinge et Weijers dans Orientalia II, Amsterdam, 1846.
I. I. ..., Chronique d’Ibn Iyâs, Boulaq, 1311 H.
I. Sh. …, Ibn Shaddâd, Barq al-Shâm, ms. De Leide, 1466.
J.A. …, Journal Asiatique.
Khiţaţ …, Al-mawâ‛iz wa-l-i‛tibâr fî dhikr al-khiţaţ wa-l-âthâr, par Maqrîzî, Boulaq, 1270 (1853-1854).
Ms. …, Manuscrits.
Manhal. …, Al-manhal al-sâfî, par Abû-l-mahâsin ibn Taghrîbardî, mss. divers.
N. …, Nuwairî, Nihâyat al-‛arab fî funûn al-adab, mss. divers.
Or. …, Oriental.
R. …, Reinaud, Extraits des historiens arabes, Paris, 1829.
R. H. …, Recueil des historiens orientaux des croisades.
R. R. …, Roehricht, Regesta regni Hiersolymitani.
Sulûk. …, Al-sulûk li-ma‛rifat duwal ai-mulûk, par Maqrîzî, mss. divers.
S. M. …, Maqrîzî, Histoire des Sultans Mamlouks, traduite par Quatremère.
Weil. …, Weil, Geschichte der Chalifen, Mannhein, 1848.
Z.D.P.V. ..., Zeitschrift des Deutschen Palästina-Vereins.
بسمله ...، بسم الله الرحمن الرحيم: Au nom d’Allâh, etc.
(ص IIV) القواميس المذكورة: Dozy, Supplément aux dictionnaires arabes, Freytag, Lane, le Qamûs, le Lisân al-‛Arab, le Tâdj al-‛arûs, et Spiro, An Arabic-English vocabulary, Cairo, 1895.
في صيغة (x-y) تعني (x) طول النقش، و(y) ارتفاعه.
يشير المعقوفان [ ] في نص النقش إلى أن الحرف متلوف على الحجر، بينما يعني الهلالان () أن الكلمات مفقودة في الأصل.
الكلمة الفرنسية البادئة بحرف كبير Mosquée تعني الجامع، بينما نفس الكلمة البادئة بحرف صغير mosquée فتعني المسجد.
عكار وحصن الأكراد
(ص 1) لم تلعب قلعتا الاسبتالية، عكار وحصن الأكراد، دوراً هاماً إلاً في المرحلة الصليبية، ولهذا تقتصر تفاصيل تاريخهما التي وصلتنا على هذه الفترة.
لقد بات معظم المصادر المسيحية والإسلامية متوفراً بفضل "منتخبات المؤرخين العرب" Extraits des historiens arabes لصاحبه رينو Reinaud، وحديثاً بفضل "مصنف المؤرخين الشرقيين للحروب الصليبية" Recueil des historiens orientaux des croisades. وإلى هذه المؤلفات استند العالم المرحوم روهريخت Roehricht في "تاريخ مملكة القدس"[7] Histoire de royaume de Jérusalem. بيد أن النويري[8] لم يكن قد استنفد بعد؛ ويبدو أنه استقى التفاصيل التي يقدمها عن عكار وحصن الأكراد عن "أخبار منتخب الدين يحي ابن أبي طي النجار". ولم يفعل ابن الفرات غير تكرار عام[9] لرواية النويري. ثمة مصدر ممتاز لسيرة كبار الموظفين وهو أخبار ابن الحبيب[10]؛ ولكني لم استفد منه كثيراً حول عكار وحصن الأكراد، ولا من معاجم الأعلام لأبي المحاسن ابن تغري بردى[11] والصفدي[12]، بينما أفادتني كثيراً حول طرابلس. المصدر الأساسي لهاتين القلعتين هو (ص 2) كتاب محمد بن شداد، أفضل مؤلف يمكنه إخبارنا لأنه شاهد بنفسه حصار عكار، ولا بد أنه سمع عن شهود عيان رواية الاستيلاء على حصن الأكراد[13]. وهو لا يذكر ابن أبي طي إلاّ لتاريخ تأسيس هذا الحصن. وعلى أي حال، فإن مقطعاً من كتابه[14] يُثبت أنه لم يؤلفه إلاّ في العام 674 (1275)، ولقد خانته ذاكرته حول التاريخ الصحيح لحصار حصن عكار، كما سنرى لاحقاً.
لقد تمكنت، بفضل رحابة صدر مديرَي مكتبتَي ليد Leide وفيينا، من أن أدرس في برلين مخطوطات ابن شداد والنويري والمنهل الصافي. كما أن إداريي مكتبات برلين وباريس تجاوبوا مع كل رغباتي، ولذا فإني أقوم بواجبي فقط إذا توجهت إليهم بخالص شكري.
تاريخ عكار
تقع عكار في سنجق طرابلس وتتبع قائمقامية حلبا، وهي أهم بلدة في القضاء. اسم القرية بالذات هو عكار العتيقة؛ أما حصن الاسبتالية المسمى عكار فيقع على تلة مقابل القرية ويفصله عنها وادٍ سحيق. لا تؤدي أي طريق للعربات بعد إلى هذه الناحية الجبلية الموحشة والصعبة العبور. نصل إليها من طرابلس عبر طريقين. واحدة سلكتها يوم زيارتي لها في آذار 1905، تمر بحلبا ومنها إلى بلدة بينو المارونية، ومن هناك تؤدي بثلاث ساعات مباشرة إلى عكار العتيقة دون المرور بأي قرية. إن النزول من المرتفعات إلى وادي نهر عكار مفرطة في وعورتها وصعوبة مسلكها. ومن هناك تتفرع الطريق، فيؤدي ممر إلى القرية بالذات، بينما يؤدي الآخر إلى آثار القلعة. الممر الثاني الذي اعتمده المبشر تومسون[15] والسيد دوسو[16] ينفصل عن الأول جنوبي حلبا، ويستمر جنوبي ممرنا ليجتاز آثار عرقة ويصل إلى قرية العيون، ثم يؤدي شمال (ص 3) طريقنا عبر عيات[17] أو البرج[18] إلى عكار. ما تزال المنطقة اليوم تتميز بغاباتها الجميلة ونباتاتها الغنية، كما وصفها كتاب العصر الوسيط.
ندين أساساً بالتفاصيل عن عكار إلى محمد بن شداد والنويري، وسنذكر مقتطفات من نصوصهما الحرفية المتعلقة بهذا الموضع. يشتق كتاب الحوليات اسم هذه القلعة من اسم بانيها المزعوم، محرز بن عكار، ويرون أنها بقيت ملك عائلته حتى العام 410 (1019). وفي هذا العام استولى صالح بن مرداس الذي صار سيد حلب عام 413 (1023) على عكار في واحدة من حملاته في سورية. وبعد مقتله في موقعة الأقحوانة بالقرب من الأردن، استولى حاكم طرابلس على عكار عام 424 (1033) باسم خليفة مصر الفاطمي، الزاهر (411-427 = 1020-1035). بقيت عكار تابعة للمصريين حتى العام 487 (1094). وفي هذا العام استولى تاج الدولة تتش على دمشق بأمر من أخيه سلطان السلاجقة، وفي واحدة من حملاته استولى على قلعة عكار. استمرت القلعة ملك السلاجقة، ومن بعدهم صارت بيد الأتابك طغتكين. ولكن في مرحلة الصليبيين اضطر الأتابك إلى التخلي عنها للفرنجة. وبعد الاستيلاء على طرابلس، الذي يحدد روهريخت تاريخه بصواب واستناداً إلى أفضل المصادر في 11 ذي الحجة 502 (12 تموز 1109)، اتجه الفرنجة نحو رفنية، بينما كان طغتكين معسكراً في حمص. وتبادل الطرفان المفاوضات حتى استقرا على اتفاق بموجبه يحصل الفرنجة على ثلث البقاع وعلى حصن المنيطرة وقلعة ابن عكار؛ كما يتوجب على حصن مصياف وحصن الوادي[19] وحصن الأكراد دفع غرامة مقابل ضمان عدم مهاجمتها من قبل الفرنجة. بيد أن تانكريد Tancrède، أمير أنطاكية، استولى هذا العام على حصن الأكراد.
لم يخبرنا أحد كم بقي حصن عكار بيد الفرنجة، ولكن ثمة ذكراً لهذا الموضع كإقطاعة[20] للفرنجة في العام 555 (1160). ونعرف من جهة أخرى أن الفرنجة انتزعوا هذا الحصن في جمادي الأول 565 (21 ك2- 20 شباط 1170) من قتلق العلمدار، مملوك السلطان نور الدين. وبالتالي من الواضح أنه قبل هذا التاريخ (ص 4) تم انتزاع عكار من الفرنجة، ومن الأرجح أن نور الدين (541-569 = 1146-1173) انتزعها منهم في واحدة من حملاته في هذه الناحية. ولكن بُعيد الحملة الصليبية الثانية سلم أموري Amaury، ملك القدس، الحصن إلى الاسبتالية[21]. لا نعرف كم بقي الاسبتالية في الحصن؛ وفي النهاية كان الحصن ملك صاحب أنفة Nefîn الذي اضطر للتخلي عنه لصالح أمير طرابلس عام 602 (1206)[22]. تكمن أهمية حصن عكار في أن الفرنجة كانوا ينطلقون منه لشن الغارات المفاجئة على الطريق الكبرى بين حمص وبعلبك، ليتراجعوا من بعدها إلى هذا الموضع المنيع[23]. ولهذا قرر المسلمون انتزاع هذا الموضع الإستراتيجي من الفرنجة، ما أن وسعوا سيطرتهم في هذه النواحي.
بعد أن استولى السلطان بيبرس (658-676 = 1260-1277) على حصن الأكراد في 25 شعبان 669 (8 نيسان 1271) انطلق من هناك في 16 رمضان[24] (28 نيسان) ليحاصر حصن عكار. تؤدي الطريق بداية من السهل إلى قرية كُبيا[25] Kubaiya الواقعة على ارتفاع بضع مئات من الأمتار. وبعد اجتياز طلعة حادة حتى الممر الواقع على ارتفاع حوالي 870م، نصل إلى بلدة عكار العتيقة (790م)، مقابل الحصن. عمل بيبرس على قصفه منذ الأيام الأولى، ولقد اهتم بإحضار عدة الحرب الثقيلة، وفي ذلك عملية صعبة كثيراً لأنها استلزمت شق الطرقات لنقلها. وعمل على تحطيم الصخور لاستخدامها في القصف، وعلى قطع الأشجار من الوادي ليستخدمها النقابون. نعرف هذه المعلومات من النويري، وخصوصاً من ابن شداد الذي شهد الحصار منذ يومه الثاني. وهو يروي أن سيده، الوزير بهاء الدين، وصل إلى المكان (وكنت برفقته، كما يقول)، حيث استقبله السلطان بيبرس بكل إكرام. لا يبدو أن ابن شداد ميالاً للحرب، لأنه يأخذ على الوزير وصوله باكراً جداً إلى عكار. كان بيبرس يقود الحصار بنفسه، واتخذ شخصياً كل الإجراءات اللازمة. وفي 20 رمضان (2 نيسان) انتهى تركيب الأسلحة الضخمة، وفي نفس اليوم قتل بقذيفة عدوة أحد الأمراء، ركن الدين منكورس الدواداري، بينما كان (ص 5) يصلي أمام خيمته[26]؛ ولكن نصر السلطان كان يقترب. ومنذ 22 رمضان (4 نيسان) تم إحداث ثغرة في أحد التحصينات؛ بيد أن القصف استمر حتى 29 من هذا الشهر، عندما أرسل الاسبتالية يفاوضون على الاستسلام والخروج إلى طرابلس، وهذا ما حصلوا عليه برضى السلطان. عند ذلك رفع بيبرس بيارقه على أبراج الحصن وعيّد الفطر مع نهاية صوم رمضان. وبعد أن وضع حامية في القلعة أمر بإعادة المجانيق إلى حصن الأكراد. ونظراً لهطول طويل للأمطار الغزيرة صارت الطرقات موحلة[27] فتعذر تحميل المعدات على الجمال خشية انزلاقها، ما اضطر الجنود إلى نقلها على أكتافهم.
وأوكل حكم عكار إلى الحاكم العام في حصن الأكراد. وهو الذي يبدو في النقش رقم 1 قد أعطى الأمر بترميم الجامع، بينما اقتصر دور حاكم عكار على مراقبة العمل. ولاحقاً بعد استيلاء السلطان قلاوون عام 688 (1289) على طرابلس أصبحت هذه المدينة مقر الحاكم العام.
(ص 6) وفي زمن السلاطين العثمانيين تم حكم عكار لبيت سيفا، ولكن أمير الدروز القوي انتزعها منهم. وبعد موته تم إقطاع الناحية إلى عائلة ما يزال أحد أحفادها يديرها اليوم وهو برتبة آغا ويرتبط بقائقام حلبا.
لقد دمر فخر الدين القلعة والجامع والتكية. وتم ترميم التكية[28]، على حد ما جاء في أحد النقوش، في رجب 1020 (أيلول 1611). وتم بناء قسم من الواجهة بحجارة بيض وسود ويزينها أسد مأخوذ من إفريز أسود البرج الذي سبق أن زينه بيبرس بشعاره.
أسد بيبرس
مقتطف من ابن شداد حول تاريخ عكار
(Fo 102 b) فامّا حصن ابن عكّار فطوله سبعون درجةً وعشرون دقيقةً وعرضه اربع وثلثون درجةً وخمس عشرة دقيقةً ويغلب على ظَنّى أنه محدث البناء لانّى[29] لم أجد له ذكراً فيما طالعته مِن كتب التواريخ المتقدمة في التاليف والذى وصل علمى اليه ووقف اطّلاعى عليه ان بانيه مُحْرِز ابن عكّار ولم يزل فى يد عَقِبِهِ الى ان ملكه منهم اسد الدولة صالح ابن مِرْداس فى سنة عشرة واربعمائة ولم يزل فى يده الى ان قُتل على الاُقْحُوانة بالاُرْدُنّ فى سنة عشرين واربعمائة فاستولى عليه متولّى اطرابلس من قبل الظاهر بن الحاكم صاحب مصر ولم يزل بايدى نوّاب العُبيديّين الى ان تغلّب (fo 103 a) التُرك على الشام وملك تاج الدولة تُتُش دمشق فاستولى عليه وصلر فى ايديهم الى ان سلّمه ظهير الدين طغتكين الاتابك للفرنج سنة ثلث وخمس مائة مصانعةً بعد ان ملكوا اطرابلس وعجز عن دفعهم عن البلاد المجاورة لدمشق ووقعت بينه وبينهم الهدنة على ان يكون حصن مصياف وحصن الاكراد داخلين في الموادعة ويحمل اهلها مالاً معيّناً فى كلّ سنة الى الفرنج فاقاموا على ذلك مدّةً يسيرةً ثمّ غدروا وعادوا الى عادتهم من العَيْث والفساد.
(ص 7) استيلاء السلطان بيبرس على عكار
(Fo 103 b) ثمّ رحل السلطان[30] ... ونزل على حصن ابن عكار يوم الثلثاء ثالث عشرى شهر رمضان[31] وكان به قوم من الفرنج سفهاء لا يفترون من قول القبيح[32] (fo 104 a) فنصب عليه المجانيق ورماه بحجارتها من يومه وفي اليوم الثاني من نزوله وصل المولى الصاحب نهاء الدين وانا معه في خدمته[33] من دمشق وكان خروجه منها يوم الخميس تاسع عشرى[34] الشهر فلمّا لقِىَ السلطان سُرّ به وقال ببركاتِ قدومك نفتح هذا الحصن وامر ان تُضْرَبَ خيمتُه قريباً[35] من خيمته ثم اجتمعتُ به وقلتُ له استعجل مولانا الصاحب في المجىء من دمشق والقلعة حصينة يطول المقام عليها فقال لى طيّب قلبك ما نُعيّد حتّى ياخذها مولانا السلطان وتقدّم السلطان للامراء بقطع الاحطاب من الشعبان[36] للنقوب[37] ونقل الحجارة من الجبال للمجانيق وجدّ في القتال ودأب في النزال الى ان رمى بالمنجنيق الّذي كان منصوباً قِبالَةَ البرج الشرقي حجارةً عديديةً فتحت طاقة فى جانب البدنة وذلك يوم الاحد ثاني عشرين شهر رمضان[38] واستمر الرمى الى الظهر من اليوم التاسع والعشرين فخرج منهم رسول يطلب لهم الامان ودام تردُّدُه الى ان استقرّت القاعدة الى ان (ص 8) يأمنهم[39] من القتل ويمكّنهم من الوصول الى طرابلس وتسلّم مولانا السلطان الحصن ورُفعت سناجقه عليه وسألوه ان يَبِيتوا في القلعة فاجابهم وخرجوا بكرة الثلاثاء سلخ الشهر[40] وسيّرهم السلطان باجمعهم صُحْبَةَ الامير بدر الدين بيسرى[41] فاوصلهم الى طرابلس ثم دخل الحصن واشرف عليه ورتّب نُوّاباً[42] وامره بحمل المجانيق الى حصن الاكراد فحملوا الاجناد على اكتافهم لانّ الامطار ترادفت فلم يكن للجمل نهوض على الارض خوفاً من الزلف[43] في اللثق وعيّد السلطان عيد الفطر يوم الاربعاء ثم رحل الى برج صافيتا.
مقتطف من النويري حول تاريخ عكار وفتحه[44]
"(Fo 249 b Leide) ذكر فتوح حصن عكّار قال ولمّا رتّب السلطان امور حصن الاكراد توجّه الى حصن عكّار ونازله فى يوم الاربعاء سابع عشر شهر رمضان ورتّب طلوع المجانيق وركب بنفسه على الاخشاب فوق العجل فى تلك الجبال الى ان اوصلها الى مكان نُصبت به وشرع في نصب المجانيق الكبار فى العشرين من الشهر (fo 250 a, Leide) وفي هذا اليوم استشهد الامير ركن الدين منكورس الدوادارى وكان يصلّى فى خيمته فجاءه حجر منجنيق فمات رحمه الله تعالى وفى التاسع والعشرين من الشهر طلب اهل الحصن الامان ورُفعت الصناجق السلطانيّة على ابراجه وفى يوم الثلثاء سلخ الشهر خرج اهل حصن عكّار منه وجُهّز الى ما منهم وعيّد السلطان بالحصن ورحل الى مُخيَّمته بالبرج. هذا الحصن يعرف بابن عكار وكان بيد المسلمين فلمّا ملك الفرنج طرابلس وغيرها تردّدت الرسائل بينهم وبين طغتكين وهو بحمص فوقع الاتفاق على (ص 9) ان يكون للفرنج ثلث بلاد البقاع ويتسلّمون حصن المنيترة وحصن عكّار وان لا يتعرضون الى البلاد بغارة وتقرّر معهم ان مصياف وحصن الوادي وحصن الطوبان وحصن الاكراد في الصلح ويُحمل الى الفرنج مال عنها فلماّ تسلّم الفرنج الحصنين عادوا الى ما كانوا عليه من الغارات وصار هذا الحصن لماّ تسلمه الفرنج من أضَرِّ شىءٍ على المسلمين المارّين من حمص الى بعلبكّ ولم يكن له كثيرُ ذكرٍ فيما مضى الى ان وصل ريدفرنس[45] الى الساحل بعد فكاكه من الاسر بمصر فراه حصناً صغيراً فاشار على صاحبه الابرنس[46] ان يزيد فيه وهو ساعِدُه فى عمارته فزاد فيه زيادةً كثيرةً من جهة الجنوب وهو في وادٍ بين جبال مُحيطة به من اربع جهاته".
نقوش عكار
الجامع: هذا البناء الواقع في القرية مدمر؛ مدخله من الواجهة الغربية.
1) نقش السلطان قلاوون، 686 هـ.: على ساكف الباب الصغير محفور إطار على شكل ذنب السنونوة في داخله النقش الكتابي، طوله 130 وارتفاعه 53. في داخله 4 سطور، في هامشه العلوي البسمله، وفي هامشه السفلي السطر السادس من النقش، وعلى هامش اليمين السطر السابع. الخط: النسخ المملوكي، الحروف من الحجم الصغير. رشم أخذه مع الصورة دوسو، غير منشور.
نص النقش: "(1) بسمله... (2) مجدد هذا الجامع المبارك في ايام مولانا السلطان العالم العادل الغازي المجاهد المؤيد (3) المظفر المنصور الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاوون الصالحى قسيم امير المؤمنين خلد الله (4) ملكه بمرسوم المقر العالى المولوى الكبيرى السيفى اعز الله نصره بلبان السلاح دار كافل (ص 10) (5) الممالك الشريفة بالفتوحات السعيدة باشارة الجناب العالي الاميرى الكبيرى العلمى (6) ادام الله عزه سنجر الجماق دار نائب السلطنة المعظمة بحصن عكار المحروس وذلك في شهر ذى الحجة سنة ست وثمانين وستمائة (7) بولاية العبد الفقير بكرجي".
تعليق: بعد استعادة بيبرس لحصن عكار عام 669 (1271) تم ترميم جامع عكار على أيام السلطان قلاوون ، بأمر من حاكم الفتوحات السعيدة، أي المناطق الواقعة شرق طرابلس والتي استعادها السلاطين المصريون من الفرنجة؛ بينما بقيت طرابلس بالذات بأيدهم. ورد ذكر بلبان الطباخي للمرة الأولى في عداد أمراء الألف الذين عينهم السطان قلاوون لدى استلامه سدة السلطنة عام 678 (1279)؛ ثم ظهر كمتولٍ لحصن الأكراد عام 679 (1280)، مكلفاً من السلطان قلاوون بالهجوم على قلعة المرقب. وبهذه الصفة نجده في نقشنا. يذكر النويري، في سياق موجزه لتاريخ طرابلس، أنه بعد استيلاء قلاوون على هذه المدينة، وضعت هذه المنطقة بإمرة بلبان، حاكم حصن الأكراد، والذي أصبح بذلك أول حاكم لطرابلس بعد إعادة إعمارها. وبقي فيها حتى عام 691 (1292) عندما أصبح والي حلب. وبوصفه قائداً لجيوش حلب واتته الفرصة ليتميز في حملة على أرمينيا عام 697 (1297) باستيلائه على مدينة مرعش. وفي العام 699 (1300) قاد جيوش حمص وحلب في موقعة مجمع المروج (سورية الوسطى) بين المصريين والمغول، وهي موقعة انتهت (ص 11) بانتصار غازان سلطان المغول؛ وعندها استبدل غازان بلبان بأحد أنصاره. وبعد قليل، عندما استعاد السلطان محمد الناصر سورية، استدعي بلبان إلى البلاط وأنعم عليه بإقطاعة شاغرة. وفي العام التالي 700 (1301) كُلف بمواكبة القوات إلى سورية وتوفي أثناء السفر في الرملة[47] أو غزة[48]، عن عمر أربعين وبضع سنوات. ويقدم المنهل سيرته الآتية[49]:
"بلبان بن عبدالله الطبّاخى المنصورى الامير سيف الدين انشأه استاذه الملك المنصور قلاوون وجعله من جملة امراء الديار المصرية ثم نقله الى نيابة طرابلس فباشر بنيابتها الى ان نُقل الى نيابة حلب (fo 93, b) عوضاً عن الامير قراسنقر المنصورى في سنة احدى وتسعين وستمائة وطالت مدته بها الى ان طُلب الى القاهرة وصار من جملة امرائها ودام على ذلك الى ان رسم له بالتوجه صحبة العساكر إلى البلاد الشامية فتوفى بالرملة بطريق دمشق فى سنة سبعمائة عن نيف واربعين سنة وكان اميراً عظيم القدر شجاعاً مقداماً شديد[50] البأس شهماً ذا نعمة كبيرة وسعادةٍ وحشمٍ وخدمٍ[51]".
يحمل بلبان هنا لقب المقر الوارد أيضاً كلقب في كتاب خليفة القاهرة بتكليف السلطان قلاوون. يظهر المقر، كمرتبة وظيفية، للمرة الثانية في نقوش هذه المرحلة. نجده للمرة الأولى في حصن الأكراد عام 683، كلقب للحاكم السيفي الذي ليس غير السيفي بلبان[52]؛ وللمرة الثالثة في بعلبك عام 699. وهو الحاكم المحلي، التابع كما يبدو للحاكم العام، والمدعو علم الدين سنجر، حامل الهراوة[53]. إن وظيفة حامل الهراوة (ص 12) تكون في بلاط السلطان. وعنها يقدم لنا كاترمير Quatremère الوصف الآتي[54]:
"الجمقدار اسم مركب من لغتين تركية وهى جمق وهو الدبوس وفارسية دار وهى ممسك وشرط ان يكون حسن الشكل عظيم الهيئة مهاب يقف في ايام مواكب الحلقة الى جانب الملك من الجهة اليمنى رافع بيده ببعض تمايُل بدبوس كبير الراس مموه بالذهب شاخص الى بصر الملك لا يشخص لغيره الى حين قيام الملك من مجلسه العزيز".
علم الدين سنجر، مملوك السلطان قلاوون[55]، معروف في الحوليات وفي بناءين ارتبطا باسمه. نجد سيرته في أخبار ابن قاضي شهبا. ويخبرنا النقش أنه كان حاكم حصن عكار عام 686 (1287) وأنه كان يحمل في حينه لقب حامل الهراوة. ولا بد أنه كان شاباً في تلك المرحلة لأنه توفي كبير السن عام 745 (1344-1345)[56]. وكان في العام 702 (1303) ضمن حاشية السلطان محمد الناصر، لدى دخوله المهيب إلى القاهرة[57]، وبهذه المناسبة كان يمسك الهراوة أمام السلطان... في العام 708 (1308-1309) رافق السلطان في رحلة الحج إلى مكة: في الحقيقة انسحب إلى الكرك، ليتنازل عن السلطة التي استعادها بسرعة. عاد سنجر الذي بقي وفياً للسلطان إلى القاهرة معه، وعُين أمير ألف[58]. عام 710 (ص 13) (1310-1311) بنى أو رمم في القاهرة جامعاً مدمراً اليوم، عليه نقش باسمه[59]. ثم بُعث إلى دمشق بدون وظيفة ولكن بلقب راس الميمنة[60]. كُلف عام 721 (1321- 1322) بحملة على أرمينيا[61]...
سيرة سنجر الجمقدار[62]
"سنجر الامير علم الدين الجمقدار المنصورى قال الشجاعى كان تام القامة فرد شكالة وقوة ظاهرة قدّمه الناصر بعد رجوعه من الكرك ثم اخرج الى الشام وصار راس الميمنة وبقى بها الى ان مضى مع الفخرى والامراء الى مصر فى نوبة احمد واستقر بها اميراً الى ان توفى في شهر رمضان وكان قد كبر سنه وارتعش".
مراقب البناء يُدعى بكجري، اسم تركي مؤلف من جري "جيش" وبك "قائد، أي قائد الجيش[63].
2) عند مدخل الجامع نفسه، على لوحة بطول 63 وارتفاع 40، إلى جانب ساكف الباب. ثلاثة سطور بخط نقش مملوكي، حروفه صغيرة، مع صورة. غير منشور.
نص النقش:
(ص 14) (س 1) يا دائم ارحم لمن انشأ وجدد هذا المكان المبارك (س 2) وهو الفقير الى الله تعالى الحاج ناصر بن المرحوم (س 3) احمد الواعظ رحم الله لمن توكل عليه ولكل المسلمين (كلمة أو اثنتان) سنة ثلاث وستين وسبعمائة".
تعليق: لعل الجامع تدمر بواحد من الزلازل المتكررة في تلك المرحلة في سورية. يتحدث النقش عن ترميم الموضع بعبارات مبهمة، ومن المحتمل أن يكون الحجر من مصلى في مكان آخر في القرية ووضع هنا لاحقاً. يمكن أن يكون الفراغ في السطر الثالث هو الشهر. التاريخ غير واضح في الصورة، ولكني تمكنت من قراءته على الحجر. إنه السنة 763 (1361-1362)، في ظل السلطان المالك المنصور صلاح الدين محمد (762-764 = 1361-1363).
3) ثمة قطعة منحوتة فوق نافذة الجامع، في إطار مزين كذنب السنونوة. أربعة سطور بخط النسخ المملوكي، حروف صغيرة. صورة. غير منشور. لم أتمكن من قراءة غير التاريخ: 724 (1324).
تاريخ حصن الأكراد
يقع حصن الأكراد[64] في السهل المدعو باسم البقيعة[65]، يحده من الجنوب جبل عكار وجبل لبنان، ومن الشمال جبال النصيرية. عمل كتاب الحوليات، حسب ابن أبي طي، على اشتقاق اسمه من حامية كردية صغيرة أقطعها الموضع مع الحقول المجاورة أمير حمص المرداسي، شبل الدولة نصر (420- 429= 1029-1037)، يوم كان الحصن ضعيفاً ويُسمى حصن السفح[66]. أقام هؤلاء الأكراد فيه مع عائلاتهم، مقابل حماية الطريق الرئيسية التي تربط حمص (ص 15) بحماة وطرابلس. كان هذا الحصن الصغير أضعف من الصمود بوجه هجمات الصليبيين. وكاد منذ العام 496 (حوالي نهاية العام 1102) أن يسقط بيد الكونت ريمون دو سان جيل[67] الذي فضل رفع الحصار عنه وشن الغارة على إقليم حمص إثر وفاة حاكمها جناح الدولة حسين بن ملاعب. بعد الاستيلاء على طرابلس، حوالي نهاية العام 502 (تموز 1109) وقعت الموادعة التي ذكرناها في تاريخ عكار بين الفرنجة وأتابك دمشق، طغتكين، على أن يمتنع الفرنجة عن أي عمل عدواني على حصن الأكراد مقابل غرامة يتقاضونها. ولكن بعد قليل، في عام 503 (1109-1110) قام تانكريد Tancrède أمير أنطاكية بالاستيلاء عليه إثر هجوم بقوات ضخمة لم تواجه بغير مقاومة ضعيفة[68]. وبقي منذ ذلك الحين بيد الفرنجة لحين استعاده السلطان بيبرس عام 669 (1271).
توفي تانكريد في شهر ربيع الثاني عام 507 (15 أيلول- 14 ت1 1112) فتزوجت أرملته من بونس Ponce كونت طرابلس، ولربما صار الحصن من أملاكه. ولكننا نعرف فقط أن ابنه ريمون الثاني، كونت طرابلس، قدم الحصن عام 537 (1142) إلى فرسان الاسبتالية، برضى صاحبه الاقطاعي غليوم كراتوم Guillaume de Cratum الذي حصل على إقطاعة كتعويض مقابله. بقي الحصن لحينه قليل الأهمية، ولكن ما أن أصبح بيد الاسبتالية حتى أصبح موقعاً إستراتيجياً من الدرجة الأولى بالنسبة إلى الصليبيين. لقد بنوا فيه قلعة حصينة بقيت محفوظة حتى أيامنا وما تزال تلقى إعجاب السواح. لم يتمكن السلطان نور الدين ولا صلاح الدين من الاستيلاء عليه على الرغم من رغبتهما الكبيرة في ذلك، لأن الاسبتالية كانوا من هناك يسببون الضرر الكبير للمسلمين ويجبرون حكام حماة وحمص على دفع أتاوات كبيرة. وكانوا كلما تردى وضع الصليبيين كلما عمل الاسبتالية على تعزيز تحصينه.
كان يحيط بالقلعة سوران محصنان جيداً. ومن الصعب الكلام عن وجود تحصينات متقدمة مصنوعة من الخشب والتراب لحماية مدخله، كما اعتقد البارون راي[69] Rey؛ وعلى أي حال لم يبقَ منها أي أثر. (ص 16) خرج راي بانطباع بأن الاسبتالية لم يستكملوا التحصينات التي قصدوا بناءها. وفي الحقيقة، يبدو أن معاهدة ربيع الأول عام 626 (18 شباط 1229)، بين الإمبراطور فريدريك الثاني وسلطان مصر المالك الكامل، تدعم فكرة راي لأن المعاهدة لم تشملهم بينما تعهد الإمبراطور على عدم توسيع تحصينات حصن الأكراد. إن عديد الحامية الدائمة في الحصن التي تبلغ 2000 مقاتل، تعطي فكرة عن أهميته الرفيعة. ولهذا لم يتمكن السلطان المالك الكامل من الاستيلاء عليه عندما حاصره في شهر جمادي الثاني عام 626 (1229)، حسب رسالة لأحد الصليبيين[70]. ولكن وضع الصليبيين كان يتقهقر بالتدريج، وعندما حرر انتصار عين جالوت عام 658 (1260) السلاطين من الخوف من المغول، ازدادت قوتهم أكثر فأكثر في سورية. عندها وضع بيبرس تصوره لفتح قلاع الاسبتالية. وفي 3 جمادي الثاني عام 668 (28 ك2 1270) قصد حصن الأكراد مع 200 خيال، ثم تقدم مع 40 منهم مستطلعاً مداخله ولكنه لم يمتلك الجرأة بعد على الشروع بحصاره. ولكنه عندما علم في صفر عام 669 (19 أيلول- 18 ت1 1270) بخبر وفاة لويس التاسع/ ملك فرنسا، أعد حملة واسعةعلى فرسان الاسبتالية. انطلق من القاهرة في 10 جمادي الثاني (24 ك2 1271)، وقصد دمشق أولاً.
غالباً ما وصف كتاب الحوليات المسلمون والمسيحيون في العصور الوسطى[71] حصار حصن الأكراد؛ ولكن المصدرين الأساسيين اللذين نعرض نصوصهما فهما ابن شداد والنويري. إن الرواية الأكثر مصداقية فهي رواية ابن شداد التي ظهرت في مصنف النقوش العربية التي جمعها البارون أوبنهايم Oppenheim ونشرها السيد فان برشم. وفي الحقيقة فإن هذا الكاتب وصل بعد ثلاثة أسابيع تقريباً على الاستيلاء على حصن الأكراد إلى معسكر السلطان في عكار، ولا بد أنه جمع هناك تقارير أصلية على لسان السلطان وأمرائه. ونصه محفوظ جيداً. ولكن ثمة أمر يبقى غامضاً في الحقيقة: يتحدث ابن شداد عن أسوار ثلاثة، بينما ليس للحصن غير سورين أساسيين. لعله قصد بالثالث الرواق المقبب المؤدي من السور الأول إلى الثاني. وهو يستعمل عبارة الباشورية ليشير إلى الأبراج الثلاثة التي (ص 17) تحمي المداخل الثلاثة. وإذا ما اختصرنا هذين المصدرين نتوصل إلى الوصف الآتي للحصار.
غادر بيبرس القاهرة في 10 جمادي الثاني عام 669 (24 ك2 1271) مع ابنه وخليفته الرسمي المالك السعيد بركه خان، وظهر أمام حصن الأكراد[72] في 19 رجب (3 آذار)، حسب ابن شداد بعد أن عسكر لبضعة أيام أمام قلعة فرسان الداوية المعروفة باسم برج صافيتا. تم الاستيلاء على ضواحي الحصن في 20 رجب حسب النويري، بينما يروي ابن شداد أنه في هذا التاريخ تم فتح ثغرة في السور. تبدو لي هذه الرواية معقولة، لأنه من المستحيل أن يتم الاستيلاء، من الخارج فقط، على برج المدخل لأنه كان شديد التحصين[73]. فبعد الهجوم بالمجانيق اقتحم المهاجمون البرج من الخارج ومن الداخل عبر الرواق الداخلي.
في هذا اليوم وصل أمير حماة، المالك المنصور محمد، عم الكاتب المشهور أبي الفدا؛ ذهب بيبرس للقائه، وانضم إليه وسار معه تحت بيارق هذا الأمير بدون حرسه ولا حامل الهراوة. ثم وصل أمير صهيون، سيف الدين، ونجم الدين كبير جماعة الإسماعيلية المعروفين باسم الحشاشين. وفي اليوم التالي، 21 رجب، سقط برج المدخل (حسب ابن شداد). ثم صار الحصار يتقدم ببطء بسبب استمرار هطول المطر[74]. وكانت قيادة الحصار بيد ابن السلطان[75].
في الأول من شعبان (15 آذار) تم الاستيلاء على برج مدخل السور الثاني، وتم الاستيلاء على البرج الثالث الذي يحميث مقدمة الحصن بالذات في 15 شعبان (29 آذار)، بمساعدة نقابي المالك السعيد.قاد الهجوم خازن دار السلطان، نائبه في مصر بدر الدين بليك. وبذلك فتحت الطريق وانطلق الجنود داخل باحة الحصن، فقتلوا من فيه من الفرسان، وأسروا الجبليين الذين ساعدوا في الدفاع عنه، ولم يطلق سراح غير القرويين كيلا يتم إخلاء المنطقة من السكان[76]. وكان قد التجأ معظم الفرسان (ص 18) إلى البرج المحصن على السور الثاني. ومن أجل الاستيلاء عليه عمل السلطان على نقل المجانيق إلى الباحة ووجهها على الحصن، ما ألزم الفرسان على الاستسلام. وحصلوا على الأمان في انتقالهم إلى طرابلس شرط مغادرتهم من هناك إلى أوطانهم[77]. لم يذكر النويري ولا المقريزي تاريخ استسلام الحصن. بينما يعطي أبو الفدا والعيني تاريخ 24 شعبان، ولكن التاريخ الحقيقي هو 25. فالنقوش المؤرخة في 25 هدفها الجلي تخليد ذكرى هذا النصر المبين، لا تاريخ أعمال الترميم، لأن بيبرس الذي مدد إقامته في حصن الأكراد حتى 15 رمضان (27 نيسان)[78]، لم يتمكن من أن يحسم في يوم واحد مسألة على درجة أهمية أعمال الترميم. وعليه لا يمكننا افتراض أن أعمال الترميم بدأت منذ 25 شعبان، ولا أن أمر الشروع بها قد صدر في ذلك اليوم.
عيّن السلطان حاكماً على القلعة صارم الدين قيماز الذي كان حاكماً لقلعة شقيف تيرون. توفي قيماز عام 673 (1274) حسب النويري[79] الذي يتفق مع النقش على قبره، بينما يعده المقريزي في عداد وفيات العام 674. وتم تحويل الكنيسة إلى جامع، وتم تعيين قاضٍ للمدينة والقلعة[80]. عهد السلطان بأعمال الترميم إلى عز الدين أيبك الأفرم وعز الدين أيبك الشيخ. وبدأ منذ ربيع الأول عام 670 (ت1 1271) بزيارة تفقد القلعة وأتخذ إجراءات، وكرر الأمر في ذي الحجة من نفس السنة (تموز 1272).
وتخبرنا النقوش بعمليتي ترميم لاحقتين. ففي العام 684 (1285) عمل بلبان الطباخي على ترميم أحد الأبراج، قبل الشروع في الهجوم على قلعة المرقب. وأخيرا، في أيام السلطان المالك الناصر محمد، تم ترميم متراس كان قد دمرته أمطار جارفة. يذكر المقريزي هذا الأمر في سياق حوادث سنة 701 (1301-1302). وفي أيام هذا السلطان، تم بناء مأذنة للجامع. وفي عام 719 (1319) قدم الأمير بكتمر، حاكم حصن الأكراد، خدمات كبرى إلى المدينة. وألحق بالجامع مدرسة ابتدائية، وبنى فيها مصلى (ص 19). أما عمله الأكثر أهمية فهو بناؤه مشفى للمرضى المسلمين، سواء كانوا مقيمين أو عابرين.
فقد حصن الأكراد بعد رحيل الصليبيين الكثير من أهميته. ففي بلد أصبح الآن بمنآى عن هجمات خطرة لا تعود هناك حاجة لقلعة كبيرة. بقيت المدينة لوحدها، ولم تكن كبيرة؛ ويصفها ابن بطوطة في إحدى رحلاته بأنها ضيعة بلا أهمية، فيها مجرى ماء والكثير من الشجر. أما اليوم قالقلعة الشامخة لا تلعب إي دور سوى أنها مقر القائقام الوديع في القضاء.
مقتطف من ابن شداد حول تاريخ حصن الأكراد[81]
"(Fo 103 a) واما حصن الاكراد فحكى منتخب الدين يحيى بن ابي طىّ النجار الحلبى في تأريخه في سبب نسبته الى الاكراد ان شبل الدولة نصر بن مرداس صاحب حِمص اسكن فيه قوماً من الاكراد في سنة اثنين وعشرين واربع مائة فنُسب اليهم وكان من قبل يُسَمّى حصن الصفح طوله سبعون درجة وخمس وعشرين دقيقة وعرضع اربع وثلثون درجة وثلثون دقيقة ولم اطّلع بعد سنة اثنين وعشرين واربع مائة على شئٍ من اخباره الى ان كانت ايام الاتابك ظهير الدين طغتكين بدمشق وقعت الهدنة التي قدمنا ذكرها ثمّ خرج بعدها طنكريد صاحب انطاكية في حشده وجنده فنزل على حصن الاكراد فتسلمه من اهله في بقية سنة ثلث (كذا) وخمس مائة..."
استيلاء بيبرس على حصن الأكراد[82]
"(Fo 103 b) نزل[83] ايّده الله بنصره على حصن الاكراد يوم الثلاثاء تاسع عشر رجب ونصب على اسواره المجانيق وكانت له ثلثة اسوار وثلث باشورات واوصل الحصار الى ان هدم الاسوار يوم الرابع والعشرين من الشهر ثمّ اُخذت احدى الباشورات فى يوم الخامس[84] والعشرين وتأخر ما بقى منها لترادف (ص 20) الامطار إلى ان فُتحت الثانية يوم السبت سابع شعبان وتُعْرَف بالحدّاديّة ثم فُتِحت يوم الاحد الخامس عشر من شعبان على يد نقابي الملك السعيد ومباشرة ملك الامراء بدر الدين بليك الخزندار ثم دخلت العساكر الحصن باسيف وقتلوا من فيه من الاسبتار واسروا الجبلية وعفى عن الفلاحين لعمارة البلاد فلما رأى اهل القلة ما حلّ باهل البلد طلبوا الامان فاُجيبوا وتسلمها مولانا السلطان يوم الاثنين خامس وعشرين شعبان[85] وخرج من فيها الى اطرابلس يسّر اله فتحها ثم رحل السلطان بعد ان ترك عليه الامير عزّ الدين ايبك الافرم لعمارة اسواره وولى فيه نائبا".
مقتطف من النويري حول فتح حصن الأكراد[86]
(fo 284 b) فلما توجه السلطان فى سنة تسع وستين وستمائة الى الشام واغار على طرابلس كما قدمناه نازل حصت الاكراد فى تاسع شهر رجب من السنة وملك ارباض الحصن في العشرين منه وحضر الملك المنصور وصاحب حماة فتلقاه السلطان وترحل لترحيله وساق السلطان تحت صناجق صاحب حماة بغير جمدارية ولا سلاح دارية ادباً معه وسير اليه دهليزاً امره بنصبه ووصل الامير سيف الدين صاحب صهيون والصاحب نجم الدين صاحب الدعوة[87] وفي اواخر (fo 249 a) شهر رجب تكمل نصب عدة مجانيق وفى سابع شعبان أخذت الباشورة بالسيف وفى سادس عشر الشهر تشقق برج من ابراج وتسلموها وطلع الفرنج القُلة وأحضر جماعة من الفرنج والنصارى (ص 21) فاطلقهم السلطان ونُقلت المجانيق الى القلعة ونصبت على القلة وكتب السلطان كتاباً على لسان مقدم الفرنج بطرابلس الى من بالقلة يأمرهم بالتسليم ثم طلبوا الامان (فكتب لهم الامان) على انهم يتوجهون الى بلادهم وفى يوم الثلاثاء رابع وعشرين خرج الفرنج من القلة وجُهِّزوا الى بلادهم وتسلم السلطان الحصن ورتب الامير صارم الدين الكافرى نائباً بحصن الاكراد وفوّض امر عمارة الحصن الى الامير عز الدين ايبك الافرم وعز الدين ايبك الشيخ"[88].
[1] المرجع: Mémoires publiés par les members de l’Institut Français d’Archéologie Orientale du Caire, sous la direction de M. É. Chassinat, Tome 25, Max van Berchem, Matériaux pour Un Corpus Inscriptionum Arabicarum, 2ème partie, Syrie du nord, par Moritz Sobernheim, 1er fascicule, le Caire, 1909.
[2] ستظهر في المؤلف الذي سيتناول التنقيب في بعلبك الذي قامت به بعثة ألمانية بين عامي 1900 و1904.
[3] راجع: C.I.A.E., p. 15, 16.
[4] وحدها الألف همزة والهاء في نهاية المؤنث، لم أعتمدها في الكتابة الصوتية.
[5] بالنسبة لنقوش عكار وحصن الأكراد وطرابلس أخذت الأرشم بنفسي، باستثناء النقش رقم 1 الذي أدين به إلى السيد دوسو؛ أما الصور فقد التقطها بمعظمها مرافقي الذي لا يكل السيد ماغنوس Magnus من جامعة برلين، وبعضها التقطته بنفسي. هذا فضلاً عما زودني به السيد فان برشم من صور ، كما سنرى في اللوحات. وإخيرا فإن مخطط الجوامع فقد أعدها السيد ماغنوس، ليعود فيرسمها لاحقاً المهندس هيرزفيلد Herzfeld؛ وأغتنم هذه الفرصة لأعبر لهما عن شكري العميق.
أما مخطط طرابلس فقد أخذته عن الرسم الموجود في "دليل بيديكر" guide de Bædeker (Palestine et Syrie). وهو مجرد مخطط سطحي. ولقد وضعنا عليه بعض الأبواب والجوامع والمدارس، دون أن نكون على قدرة بإعطائها موقعها الصحيح.
[6] وضعنا التاريخ الهجري أولاً ويليه التاريخ المسيحي.
[7] راجع العرض الكامل الذي وضعه فان برشم في: (J. A., 1902, t. XIX, p. 385-456.)، واستعان فيه بالمصادر التي لم تكن منشورة، والمذكورة أدناه.
[8] راجع: Ms. Leide 2; ms. ar., Paris, 1578 et 1579. ولقد استعان به رينو Reinaud ومؤخراً فان برشم في أعمالهما. يُعد أحمد زكي بك طبعة له.
[9] ترجمة ابن الفرات لصاحبها جوردن Jourdain، مخطوطة في باريس ms. Ar. 1596؛ نص في فيينا ms. 814. قيمة هذا المؤلف مبالغ فيها بتقديري، فهو عمل غير أصيل.
[10] وهو بعنوان "درة الأسلاك في دولة الأتراك"، نشر مقتطف منه في: Orientalia, II, Amsterdam, 1846, p. 197-595
[11] "المنهل الصافي"، مخطوطة في باريس ms.ar., Paris, 2068-2073، وفي فيينا 1174، القاهرة 1113.
[12] "أعيان العصر وأعوان النصر"، مخطوطة في برلين: ms. ar., 9864.
[13] "كتاب برق الشام في محاسن إقليم الشام"؛ راجع: (Brockelmann, Geschichte der arabischen Litteratur, I, p. 482)، ومقالي في المجلد المهدى إلى أماري Amari، وهو قيد الطبع في باليرم Palerme. راجع حول وفاته عام 684 (1185): S. M., II, a, p. 83 et I. H., p. 274.
[14] راجع: I. Sh., fo 88 a: "إلى الوقت الذي وضعنا فيه كتابنا هذا وهو سنة أربع وسبعين وستمائة".
[15] راجع: Ritter, Erdkunde, t. XIII, p. 814-817.. راجع في "منتخبات التواريخ..." الترجمة العربية لهذا المسار (المترجم).
[16] راجع: Dussaud, Voyage en Syrie, 1896, triage à part de la Revue archéologique, 1897, p. 1-4.؛ وضع دوسو وصفاً لآثار القلعة. راجع الترجمة العربية في "منتخبات التواريخ..." (المترجم).
[17] مسار تومسون؛ يسمي دوسو هذه القرية Aye.
[18] مسار دوسو.
[19] أجهل موقع هذا الحصن.
[20] R. H., I, p. 341.
[21] R. R., I, no 477. من المستحيل أن يكون يكون الملك سلم الحصن إلى فرسان الاسبتالية عام 1169، لأن الاستيلاء عليه من قبل الفرنجة في كانون الثاني 1170؛ راجع نقد دولافيل لورو M. J. Delaville Le Roulx في: Revue historique, Paris, t. XIII, p. 184.
[22] راجع: G. J., p. 697.
[23] إن رواية النويري القائلة بأن ملك فرنسا سان لويس saint Louis زار عكار وساعد أمير طرابلس في تحصينه، لم يثبتها جوانفيل Joinville، لأن الملك ساعد في تحصين مدينة عكا، لا عكار.
[24] راجع حول التواريخ مقتطف ابن شداد.
[25] هل هي بلدة القبيات؟ أم ثمة قرية أخرى باسم كُبيا. منهج سوبرنهايم بكتابة الأسماء العربية باللغة الفرنسية يفترض به لو أن الموضع هو القبيات أن يعتمد الحرف q لا الحرف k. يبدو أن الكاتب تصور خط سير بيبرس: من حصن الأكرد إلى السهل إلى كُبيا إلى قرية عكار، فجاء المسار بشكل مبهم. ويُفهم من النص أن بيبرس وصل بقواته إلى ممر أعلى (870م) من القلعة ومن قرية عكار (790)، ما يعني أنه هاجم القلعة وحاصرها من الأعلى. فأين هو هذا الممر الذي تؤدي إليه طريق صاعدة تمر في قرية كُبيا؟ (المترجم).
[26] من الغريب أن ابن شداد لا يذكر هذه الحادثة.
[27] ليست طرقات اليوم أفضل مما كانت عليه حينذاك. فأثناء زيارتي إلى عكار أدت أمطار الربيع إلى تخريبها لدرجة أضطرتني على الانتظار يوماً إضافياً لحين توقف هطول المطر.
[28] هي تكية، لا قصر للعدل كما ظن تومسون. يشير النقش إلى تاريخ 724.
[29] حافظنا على لغة النص كما جاءت في الأصل الفرنسي، ولم نعدل لا في الحركات ولا في غير ذلك؛ ونشير إلى أن حرف الياء في نهاية الكلمة جاء كأنه حرف الألف المقصورة، وقلما وضعت الهمزة على حرف الألف، كما هي الحال في ظني ولأني ...، (المترجم).
[30] بيبرس، بعد الاستيلاء على حصن الأكراد.
[31] تاريخ 13 رمضان غير صحيح، كما نرى لاحقاً. 13 رمضان 669 كان يوم سبت؛ لعل في ذلك خطأ من الناسخ لكلمة سادس، لأن 16 رمضان الموافق ليوم ثلاثاء يتفق تقريباً مع النويري الذي يقدم تاريخ 17 الأربعاء.
[32] تقدم المؤلف بهذه الملاحظة عن سفاهة الفرنجة الذين يشتمون المسلمين ليبرر هجوم بيبرس.
[33] راجع أعلاه موجز تاريخ عكار والمقدمة.
[34] هذا التاريخ غير صحيح أيضاً؛ فلا تاريخ 19 ولا 29 يقعان يوم الخميس بل الخميس 11 يلائم تماماً. ولعل بهاء الدين وصل إلى عكار في 18 بحيث أنه قام بالسفر من دمشق إلى عكار في سبعة أيام.
[35] في نسخة ms قريب.
[36] في نسخة ms السعلاى، ما لا يعطي المعنى. ولذا أقرأ الشعبان "الوديان" النقيضة للكلمة الآتية الجبال. إن السيد ف. كرن هو الذي اقترح عليّ هذا التصحيح.
[37] لعمل النقابين.
[38] 22 كان يوم اثنين.
[39] أي السلطان.
[40] الثلاثاء 30 رمضان.
[41] عمل على أن يصطحبهم أحد أمرائه لحمايتهم.
[42] حامية (راجع Dozy)، وهنا يجب أن نقرأ أمرهم، أو نقرأ نائباً بدل "نواباً"، وهذا أفضل.
[43] راجع أعلاه موجز تاريخ عكار.
[44] نسخة Leide, ms. or., 2m ، ونسخة Paris, ms. ar., 1579, fo 84 a.
[45] ملك فرنسا (roi de France)، اي لويس التاسع؛ راجع الحاشية رقم 23، ص 5.
[46] أي كونت طرابلس الذي كان في نفس الآن كونت أنطاكية.
[47] استناداً إلى أبي المحاسن.
[48] تبعاً إلى: I. H., p. 301.
[49] راجع: Paris, ms. ar., 2096 ,fo 93 a.. حافظنا على لغة النص كما وردت في النص الفرنسي.
[50] Leçon du ms. de Vienne.
[51] تخلينا عن بيتين من الشعر يأتيان بعد هذا الكلام لقلة أهميتهما.
[52] اعتقد أنه يجب إضافة اسم بلبان لأنه كان حاكم حصن الأكراد منذ العام 679 (1280).
[53] عادة ما يكتب جمقدار.
[54] S. M., I a, p. 138, nte 17, traduction du Dîwân al-inshâ, Paris, mms. ar., anc. Fonds 1573, fo 122 a.
[55] راجع: أبو المحاسن، "النجوم الزاهرة"، نسخة (Paris, ms. ar., 1784, fo 285 b, en 745 (1344)): "وتوفى الامير علم الدين سنجر الشمقدار (كذا) المنصورى من مماليك المنصور قلاوون.
[56] راجع لاحقاً نص ابن قاضي شهبا.
[57] S.M., II b, p. 210.
[58] Khitat, II, p. 53.
[59] C.I.A.E., p. 732.
[60] أي أنه يكون على اليمين الحاكم في الجلسات. وهذا لقب شرف فحسب، يُمنح لأمراء الألف بدون وظيفة خاصة، للدلالة على رتبتهم في هرم الأمراء؛ راجع حالة مشابهة في المنهل، نسخة: Manhal, Paris, ms. ar., 20, fo 124 a
[61] I. I., I, p. 161.
[62] ابن قاضي شهبا، نسخة (Paris, ms. ar., 1598, fo 68 a)، في سياق حوادث عام 745 (1344-1345).
[63] جرى et بك، راجع: Houtsma, Ein türkisch-arabisches Glossar, Leide, 1894, p. 71.
[64] عُرف في العصور الوسطى باسم كراك (كراتوم) الفرسان Krak (Cratum) des chevaliers ، وهو اليوم باسم قلعة الحِصن، ويُلفظ الحُصن.
[65] "السهل الصغير"بعكس سهل بعلبك، "السهل الكبير" بين جبل لبنان وحرمون.
[66] راجع: van Berchem, J. A., t. XIX, 1902, p. 446 et suiv.
[67] يسميه كتاب الحوليات العرب صنجيل.
[68] نجد هذه المعلومة عند ابن الفرات وابن شداد وروهريخت (Roehricht, G. I., p. 84, no 35) ومرآة الزمان: ولكني لا أعتبر ذلك أكيداً لأننا لا نعلم شيئاً عن الحصن قبل العام 537 (1142).
[69] Rey, Étude sur les monuments de l’architecture militaire des croisés en Syrie, Paris, 1871, p. 46.
[70] G. I., p. 787, note 2.
[71] راجع: Rey, loc. cit., p. 65-67; G. I., p. 954, 955, notes 2 et 3; B. S., p. 64-69; J. A., 1902, p. 446 et suiv.; enfin Max von Oppenheim, Inschriften aus Syrien, Mesopotamien und Kleinasien, Arab. Inschriften bearbeitet von Max van Berchem, no 10 (sous presse).
[72] يتفق المقريزي (S. N., I b, p. 85) والنويري على تاريخ 9 رجب للوصول أمام الحصن؛ يبدو أنه قريب جداً من تاريخ 10 جمادي الثاني، تاريخ الانطلاق من القاهرة. من الغريب من جهة أخرى أن يكون بيبرس قد استولى على كل الضواحي في يوم واحد.
[73] هذا هو رأي راي أيضاً.
[74] حسب ابن شداد، الجزء الأول؛ أما النويري فيعزو السبب إلى تأخر نقل المجانيق ونصبها ما استلزم الكثير من الوقت.
[75] حسب ابن كثير، ذكره العيني في: R. H., II a, p. 238.
[76] يروي النويري أنه أطلق سراح كل من كان في باحة الحصن.
[77] من المحتمل جداً أن بيبرس، كما يروي النويري، زور رسالة باسم رئيس الاسبتالية وبعثها إلى الفرسان وهي تطلب منهم الاستسلام.
[78] وصل في 16 الشهر إلى عكار، بمسير يوم من الحصن.
[79] Leide, ms. or., 2 m., fo 255 b;, voir no 10 et B. S., p. 68, 69.
[80] ابن كثير في العيني، مرجع سابق، ص 230.
[81] Leide, ms. or., 1466, fo 103 a.
[82] المرجع السابق، fo 103 b
[83] السلطان بيبرس.
[84] في نص خطأ لأنه يرد فيه الحادى.
[85] 25 شعبان هذه السنة كان يوم أربعاء.
[86] Leide, ms. or., 2 m., fo 284 b; Paris, ms. ar., 1579, fo 83 a.
[87] الاسماعيلية..
back to Book |