back to Book

كونتية طرابلس

المستعمرات الفرنجية في سورية

في القرنين الثاني عشر والثالث عشر[1]

إيمانويل غوييّوم راي E. G. REY

مدخل

(ص أ) استوقفتني في سياق رحلاتي في سورية واقعة تهم تاريخ أوروبا عموماً وتاريخنا خصوصاً[2]: روح التنظيم السياسي الذي حمله الصليبيون إلى الشرق.

يفيدنا "دستور القدس"[3] كيف تم نقل المجتمع الإقطاعي إلى سورية. فالوثائق والعهود الصادرة عن دواوين القدس وطرابلس وأنطاكية وسيس Sis تشكل شواهد لا تدحض ومثيرة بشكل فريد في معاينتها، وإنها، بإضافتها إلى ما يقدمه المؤلفون الشرقيون، تلقي أضواءً جديدة على المشروع القومي والعريق الذي قام به آباؤنا. وبينما كنت أفتش في هذه المحفوظات كنت ازداد اقتناعاً كل يوم، مع الكونت بونيو Beugnot، بإن معرفة الميدان ضرورية جداً لمن يبغي الشروع في دراسة المستعمرات اللاتينية في الشرق.

إن السيطرة الفرنجية على هذا البلد مكتوبة على الأرض بالصروح العسكرية والدينية التي تحمل طابع المجتمع والزمان معاً.

(ص ب) تبرر دراسة سورية الجغرافية والأركيولوجية التصور السياسي للقادة وتتفق مع الوثائق الدبلوماسية. فحيثما تجول الرحالة يعثر بفائق الدهشة على بينة بكماء، ولكنها حية، لوحدة المهمة.

شرعت في هذا البحث في العام 1859، واليوم بعد مضي 23 سنة من الدراسة، وبعد الجمع بين ما رأيته وما قرأته، أقتنعت بأن تاريخ السيطرة الفرنجية في سورية هو واحد من أهم مواضيع البحث لمن يهمه مصير بلده.

ولكم هي جذابة عملية بعث الماضي، فبما نعرفه نعيد إحياء ما كان موجوداً؛ ومن ثم منه نستنتج ما لا يزال غامضاً، وبذلك نعيد بناء حياة ومؤسسات المجتمع.

لم تكن الحروب الصليبية بمعناها الفعلي مجرد حدث. فمن المستحيل الظن أنه يكفي خطاب منمق لكاهن ما، أو توبة سيد نبيل ما، لإثارة هذه الحملات الهائلة.

إنها حركة لرأي محصه جداً وأنضجه طويلاً قادة أفذاذ وحيويون، هذه الحركة هي التي وجهت ذات يوم هذه الجموع المسلحة نحو الشرق، في وقت كانت فيه فكرة الفتح متوفرة عند الأوائل وعززتها فكرة التنظيم.

لم تتوقف أبداً منذ العصور القديمة العلاقات التجارية بين الغرب وسورية (ص ج)، وكانت المنتجات الشرقية موضع طلب كبير في السوق الأوروبية: ينقلها تجار مدن المتوسط البحرية وتنتشر في أوروبا فتعمم الفكرة عن الترف الآسيوي الذي كان يغوي العالم الإقطاعي، ويدفع بالتجارة إلى المزيد من التوسع.

من الممكن، بل يجب، اعتبار فتح النورمان لصقلية بمثابة نقطة انطلاق الحروب الصليبية وخطوتها الأولى.

خلق نجاح روبير جيسكار Robert Guiscard ورفاقه تأثيراً حاسماً على روح الأمم التي انبعثت في المتوسط. وعليه، يمكن بشيء من الجرأة الاستيلاء على أراضٍ جديدة، وإقامة ممالك فيها. وأخيراً، على غرار هنري دو بورغونيى Henry de Bourgogne يمكن من أجل هذا الغرض اختيار بلاد غناها مضرب المثل، لأن النورمان يغتنون وهم يصبحون في نفس الآن ملوكاً.

وكانت الفكرة الدينية قديمة العهد ترعاها عادة الحج إلى الأراضي المقدسة التي لم تنقطع طيلة العصور الوسطى.

لقد تم بعناية اختيار توقيت مثل هذا المشروع. فالأتراك السلاجقة احتلوا نيقيا Nicée، وأجج ظهورهم مخاوف أوروبا التي كانت ترى مسبقاً ملامح فتح إسلامي جديد.

على أثر سقوط سلالة العباسيين، (ص د) كانت آسيا الغربية، على غرار أوروبا، غارقة في أهوال الفوضى والحرب الأهلية. وفقدت سلطة الخليفة المدافعين الخلص عنها عندما أحاط الاستبداد نفسه بالعبيد يتم شراؤهم على ضفاف أوكسوس Oxus. وانقسمت السلطة الروحية نفسها، فبتنا نرى خمسة خلفاء يدّعون معاً لقب أمير المؤمنين. ووسط هذه الفوضى العارمة لم يتأخر الأمراء، حكام المقاطعات، عن اعتبار أنفسهم مستقلين؛ وانتهت السلطة بيد من عرف كيف يستولي عليها، بحيث كانت السلالات الحاكمة تتوالى بسرعة مدهشة.

كانت حال الأمور هذه ملائمة تماماً لتسهيل استقرار الفرنجة في المناطق التي صمموا على افتتاحها[4].

إن قيام مملكة القدس وإمارات إنطاكية والرها وطرابلس نتيجة لهذه الحركة الصليبية العظيمة.

(ص هـ) يبدو أن خطة الحملة قد تم إعدادها بمهارة قبل انطلاقها في العام 1096؛ وها هو مخَطّطها باختصار: الاستناد إلى الإمبراطورية البيزنطية لزعزعة الدولة الإسلامية في آسيا الصغرى، والاندفاع بمساعدتها قدر الإمكان داخل البلاد ثم الاتجاه نحو طوروس، وفتح الطريق من هناك إلى فلسطين بقوة السلاح.

ومن ذلك تأسيس إمارة الرها، كما حصل، والاستيلاء على كل سورية، مع قسم من Arabie Pétrée؛ لتصبح بذلك صحراء تدمر حاجزاً بين دول خلفاء بغداد والمستعمرات الفرنجية التي من شأنها بذلك أن تفصل عربستان[5] عن مصر فتقسم ضخامة القدرة الإسلامية إلى قسمين وتبقى محمية بحدود طبيعية بوجه جهود المسلمين.

ولقد جاء مسير القوات المسيحية والمساعدات التي قدمها الإمبراطور البيزنطي لتعزز ما نعرفه عن الخطة العسكرية التي لم يكن نشوء الإمارات المسيحية غير ترجمتها السياسية.

إن دراسة المؤسسات التي حكمت هذه الإمارات ودراسة الأسباب المشجعة على نشوئها وتطورها وسط شعوب شرقية من شتى أصناف السوريين واليونان والأرمن، بدت لي موضوعاً جديداً غرضه ردم واحدة من ثغرات تاريخ الصليبيين.

لقد اقتصرت الدراسة حتى الآن على وجهة النظر الغربية البحت، والإهمال الكبير للدور الهام الذي (ص و)  لعبه السوريون والعرب في المؤسسات التي تشغلنا.

لقد كان للعنصر المحلي، وكذلك للعلاقات الثابتة مع اليونان والمسلمين تأثير هائل على مجتمع الإمارات الفرنجية.

سأبذل جهدي في هذا البحث لتحاشي هذه العقبة، لأنه لا يمكن، برأيي، رسم صورة أمينة عن هذه المستعمرات دون الاستعانة بالمصادر الشرقية التي من شأنها أن تنير جملة من نقاط ما تزال غامضة.

ما تزال الجغرافيا التاريخية لسورية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر موضوعاً ينتظر دراسته؛ ولهذا اعتبرت من واجبي أن أخصص له القسم الثاني من هذا الكتاب، دونما أن أصرف النظر عن العديد من الثغرات المطلوب ردمها في هذا الفصل، وذلك كتتمة طبيعية للبحث في مجتمع الإمارات اللاتينية الفرنجي- السوري.

لقد أغفلت في عملي دور فرسان التوتون Ordre Teutonique لأني على علم بأن دورهم في الأرض المقدسة هو الآن موضع دراسة خاصة يقوم بها د. هانز بروتز Dr Hans Prutz الذي سيستخدم الكثير من الوثائق التي جمعها، ومعظمها غير منشور بعد.

 

الفصل الأول: نبلاء اللاتين

(ص 1) ما أن أصبح الفرنجة أسياد سورية حتى تقبل أهل البلاد بسهولة كبيرة المؤسسات الاقطاعية التي لم يكن فيها بنظرهم جديد ولا شاذ؛ وهذا ما يُفسر سهولة تجذر شتى الإمارات الصليبية التي شكلت المستعمرات المسيحية في الشرق.

وسرعان ما تأسست الاقطاعية فيها بعد الفتح، وأنتجت أصفى نموذجين لنظام الحكم هذا في مملكتي القدس وقبرص.

كان التشريع الاقطاعي في المقاطعات الفرنجية في سورية أرقى من التشريع الاقطاعي في أهم بلدان أوروبا، في العديد من وجوهه.

(ص 2) سبق وقلت في مكان آخر أنه يدهشنا في في دراسة الآثار التي تركتها السيطرة اللاتينية وجود تنظيم سياسي تم تصوره بقوة ومهارة[6]. قام هذا التنظيم في وسط سكان يتكونون من أوروبيين وشرقيين من شتى الأعراق، وتوصل إلى تأسيس دولة على شيء من المجد.

علينا بداية الاعتراف بأن النبلاء الفرنجة الذين استقروا في سورية كانوا على العموم أكثر ثقافة وحكمة وتبصراً مما كان يُعتقد حتى اليوم.

لم يكن اللاتين والسوريون يعيشون بتفاهم في الأرياف والمدن فحسب، بل أيضاً في صفوف الجيوش المسيحية.

إن هؤلاء الرجال أنفسهم الذين تركوا لنا في "دستور القدس" أحسن مأثرة في التشريع الاقطاعي في العصر الوسيط، وهي مأثرة متكيفة مع مخاطر حال حرب دائمة، عرفوا في نفس الآن كيف يحترمون العلاقات المحلية التي كانت تحكم، في زمن الأباطرة اليونان وفي زمن العرب، سكان سورية، والتي كان لها، باحتكاكها مع التشريع الغربي الذي أتى به الفرنجة، دور كبير في ترسيخ تقاليد ودستور كل إمارة[7].

لقد حل الآن كبار الاقطاعيين محل الأمراء؛ وكان الاقطاعيون على خلاف مراتبهم والمرتبطون ببعضهم تبعاً للهرمية الإقطاعية يسهرون على أمن السكان الريفيين القائمين بالعمل الزراعي أو المقيمين في إقطاعاتهم.

(ص 3) وكان لكل من الاقطاعيين الكبار الحائزين على إمارة أو بارونية كبيرة في المملكة[8] مجلس خاص يتكون من كونستابل connétable وماريشال maréchal وأمين صندوق bailli وسينيشال sénéchal وساقٍ bouteiller ومسؤول الديوان chancelier.

معظم هؤلاء الأسياد كانوا يقيمون في إقطاعاتهم؛ والبعض منهم، لا سيما من يحتل المسؤوليات الكبرى المذكورة أعلاه، مع حيازتهم الأملاك الكبرى، يبدو أنهم أقاموا في المدن الرئيسية...

كان يستقر في طرابلس عائلات بوي-لوران Puy-Laurent، رونشيرول Ronscherolles، لارمينا Larminat، فونتينيل Fontenelle، كورنيليون Cornilion، غوراب Gorab، فارابيل Farabel، هام Ham، والعديد غيرهم ممن لا مجال لذكرهم هنا...

(ص 4) كانت الشوارع (في المدن) ضيقة والمنازل متقاربة بفعل ندرة الأراضي. وكانت الأبواب العديدة تفصل بين الأحياء...

(ص 23) في كل إقطاعة كبيرة يوجد مجلس يرأسه كبير الاقطاعيين نفسه. وهو فرع من المجلس الأعلى للإمارة، ويقضي في الأمور الجرمية. وكان تنفيذ الأحكام العليا محصوراً دائماً بالعقود  الممنوحة للغرباء في المستعمرات اللاتينية.

كان الفيكونت مكلفاً بالقضاء بين البرجوازية، وأمين الصندوق بالقضاء بين السوريين.

كان لكل إمارة دستورها الخاص بها وتقاليدها المحلية الخاصة[9]. واستناداً لهذه القوانين تقوم أحكام المحاكم الثلاث التي ذكرتها.

كان بعض الاقطاعيين في بارونية كبيرة يستحوزون على أقطاع أرضي، والبعض الآخر منهم لم يكن (ص 24) لديه غير ما يُسمى إقطاع ريعي، نقدي أو عيني، يتقاضاه سنوياً من دخل الإقطاعة. وكانت الخدمات المكلفين بتقديمها، سواء بالخيول للحرب أو بحيوانات النقل، متناسبة طرداً مع أهمية إقطاعتهم...

(ص 25) كان من السهل على أمراء وإقطاعيي الفرنجة تجنيد خيالتهم ومقاتليهم والسرجندية  sergent من صفوف الغربيين الذي استمروا بالتدفق إلى سورية في بدايات المرحلة الصليبية.

ولكنهم اضطروا لاحقاً بعد أن اقتصرت الخدمة على أتباعهم، ومن أجل الحفاظ على جهوزيتهم العسكرية، إلى إفساح مجال واسع في تجنيد العنصر المحلي المسيحي والمسلم، الذي باندماجه في عداد الأتباع المخلصين (ص 26) الفرنجة، شكل الخيالة الخفيفة للقوات اللاتينية تحت اسم تركوبول Turcopoles.

وكانت المؤسسات الدينية نفسها تقيم مثل هذه الوحدات العسكرية الخفيفة من المحليين...

وحوالي النصف الثاني من القرن الثالث عشر كان لكونت طرابلس حرس من المسلمين.

الفصل الثاني: البرجوازية les Bourgeois

(ص 57) سرعان ما انتظم في مدن هذه المستعمرات الجديدة البرجوازيون القادمون من أوروبا والتجار، والسوريون الذين أثروا من تجارتهم، في هيئات برجوازية، مع بقائهم في حماية الاقطاعي وتحت عدالته، ونشأت هناك بعض مؤسسات المدن الأوروبية.

ولم يقتصر الأمر على مدن الساحل المسكونة بالأوروبيين والشرقيين الذين انصرفوا بكل بأمان في أعمال التجارة، ولكنه شاع أيضاً في العديد من المدن الداخلية حيث استقرت هذه البرجوازية التي يديرها فيكونت باسم الكونت.

الفصل الثالث: المدن التجارية Les communes commerciales

(ص 69) كانت أهمية المستعمرات أو الكومونات التجارية (الجماعات) المتكونة في الشرق من قبل أهم مدن حوض المتوسط البحرية كبيرة في مجتمع الإمارات الفرنجية...

شملت هذه المستعمرات بلدات لها أحياؤها وامتيازاتها وقضاؤها المدني الخاص بها بإدارة حاكم وقناصل وفيكونت.

تعود أقدمها مستعمرة أمالفيتين Amalfitains إلى القرن السادس. ولقد أسسوا في القدس أول مضافة مخصصة (ص 70) لاستقبال الغربيين الوافدين إلى الأرض المقدسة كتجار أو حجاج.

وكان الأمالفيتان يملكون حياً في أنطاكية قبل الحروب الصليبية. وحصلوا في طرابلس على بعض المنازل، منها منزل الفيكونت، وعلى فندق. كانت تعود كل هذه المباني إلى أسقف أمالفي Amalfi...

في الأول من حزيران 1277، سمح بوهيموند السادس[10] Boémond VI، أمير أنطاكية وكونت طرابلس، من خلال عقد مع جاك كونتاريني Jacques Contarini، كبير قضاة مدينة البندقية، لهذه المدينة أن يكون لها في طرابلس قاض وسجن ومحكمة من اختصاصها مقاضاة كل مواطن من البندقية...

(ص 73) حصل تجار بيزان Pisans عام 1109 على حي المخلص في أنطاكية؛ وعلى شارع الأعمدة وكنيسة القديس نقولا[11] في اللاذقية. ولم يكن لهم قناصل إلاّ في العام 1170، في أول هذه المدن، وفي طرابلس[12] عام 1194. وكان لهم فيكونت في هذه المدينة يُدعى ماتيو مينشيه Matthieu Minchet.

الفصل الرابع: السوريون

(ص 75) طيلة المرحلة الصليبية كان اسم السريان يُطلق على المسيحيين المحليين الناطقين بالعربية والمتحدين مع روما والمتبعين ليتورجيا الروم grecque، والذين كانوا يشكلون قسماً كبيراً من السكان المحليين في الإمارات الفرنجية في الأرض المقدسة.

يقول أبو الفرج أن السريان كانوا في أيامه محتفظين بعادة بدء السنة في الأول من تشرين الأول، بينما يبدأها روم سورية في الأول من أيلول[13].

وكان جاك دو فيتري[14] Jacques de Vitry يميزهم بوضوح شديد عن الروم، ويتهمهم بأنهم يخضعون ظاهرياً فحسب إلى الأساقفة اللاتين حيث يقيمون في أبرشياتهم[15].

(ص 76) ينطوي أيضاً تحت نفس تسمية السريان الموارنة الذين يتبعون الليتورجيا السريانية.

وهم الذين يهتم بهم المشرع اللاتيني أكثر من جميع السكان المحليين ؛ فهم حاضرون دوماً في تفكيره، وبذلك يحصلون على موقع متميز أكثر من الباقين.

لقد اعتقد الصليبيون أن عليهم عدم إهمال أي أمر لكسب جماعة منكبة على الزراعة والتجارة والصناعة، وتقبض تقريباً على كل موارد البلاد.

ولو أن هذه الجماعة فاسدة ومخادعة لهذه الدرجة كما يقول جاك دو فيتري الذي لا شك في مبالغته وانحيازه، لما كان التشريع المدني أولاها الكثير من الاعتبارات.

كان السريان بالتالي يحتلون الموقع الأول بين السكان المحليين، ومن بعدهم يأتي اليعاقبة والأرمن، وفي موقع أدنى الروم والنساطرة والأحباش.

يقول الكتاب المعاصرون لتلك المرحلة، خصوصاً بوركار دو مون سيون[16]، أن أساقفة الإمارات الفرنجية المسؤولين عن هذه المذاهب، كانوا يعترفون، أو يُفترض بهم الاعتراف، بأولية الكنيسة الرومانية.

كان أسقف القدس الأرمني ومطرانها اليعقوبي محسوبين في عداد مساعدي بطريرك هذه المدينة اللاتيني[17].

كنا نرى السريان والأرمن واليعاقبة والروم والأحباش يحتفلون معاً بالقداس في كنيسة القيامة إلى جانب الفرنجة (ص 77). وكان للسريان فيها مصلى باسم الصليب ودُعي بهذا الاسم لأنه يحتفظ بقسم كبير من الصليب الأصلي، وللسريان مصلى القديس يعقوب، وللأرمن مصلى آخر بجوار مصلى يُعرف باسم المريمات الثلات...

كان يحق لهم تملك الأراضي والقرى[18]، باختصار كانوا يتمتعون بمعظم الامتيازات[19] الممنوحة للبرجوازية الغربية؛ وفي المدن (ص 78) كان البرجوازي السوري والبرجوازي الفرنجي يعيشان معاً في ظل سيادة قانون واحد في نفس المدن، مع أنهما يفترقان بتقاليد مختلفة. وعلاوة على ذلك حصل السوريون على إدارة شؤونهم من قبل مأمور خاص بهم، الريس reïs، صلاحياته كانت مماثلة لصلاحيات الفيكونت.

قلت في مكان آخر[20] أنه علينا أن نضع، في الصف الأول بين السكان السريان، الموارنة الذين يتحدث عنهم غليوم الصوري بقوله: "صنف من الناس يُسمون سريان يقطنون فينيقيا في أرض لبنان فوق مدينة جبيل... كانوا أقوياء البنية ومن المقاتلين الشجعان وقدموا عوناً كبيراً للمسيحيين في قتالهم مع أعدائهم"[21].

ويخبرنا المؤرخون المسلمون أنهم ساعدوا الكونت سان جيل Saint-Gilles (صنجيل) في حصار طرابلس[22].

في النصف الأول من القرن الثاني عشر عادت بدعة المونوليتية monothélite للظهور مراراً وسط سريان لبنان الموارنة، ولكن غالبيتهم عادت نهائياً إلى حضن الكنيسة الرومانية بعناية أموري Amaury بطريرك أنطاكية اللاتيني، في العام 1167.

وكان لهم حينذاك في لبنان عدة أديرة[23]، الكثير منها كان بمثابة مقرات للبطريرك أو للأساقفة الموارنة الأربعة. هناك في إقطاعة جبيل[24]، دير السيدة والقديس الياس في لحفد؛ ودير القديسة مريم هابيل (ص 79) وميفوق Sainte Marie d’Abil et de Meïphouk، وأخيراً دير القديس قبريانوس Saint-Cyprien في كفيفان.

وكان لهم أيضاً حوالي 11 ديراً في سنيوريتي البترون وأنفه وكذلك في وادي قاديشا الرائع الذي كان الفرنجة والموارنة يعتبرونه نهراً مقدساً، كما يشير اسمه[25]...

(ص 80) كانت عقيدتهم (السريان اليعاقبة) قليلة الاختلاف عن عقيدة اللاتين، وفي العام 1247 توجه بطريركهم اغناطيوس إلى البابا إينوسان الرابع بخضوع الكنيسة اليعقوبية تحت أربعة شروط:

الأول: أن ينتخب اليعاقبة بطركهم طبقاً لتقاليدهم؛ الثاني: أن يكون البطرك والأساقفة مرتبطين مباشرة بالكرسي الرسولي، ولا يخضعون بالتالي للأساقفة اللاتين؛ الثالث: أن لا يكون للأساقفة اللاتين أي حقوق (العشر...) على أديار وكنائس اليعاقبة الواقعة في أبرشياتهم؛ الرابع: أن لا يتم تثبيت اليعاقبة الذين يتحولون (ص 81) إلى الطقس اللاتيني مجدداً بعد أن يقوم بذلك أسقف من طائفتهم.

كان للسريان اليعاقبة عدد من المراكز الأسقفية والأديرة في الإمارات اللاتينية (في القدس)...

وكانت أنطاكية مركز بطريركيتهم التي بها يرتبط كل أساقفة يعاقبة سورية وقبرص وأرمينيا الصغرى.

كان اليعاقبة يحتفظون بعادة الختان ...

(ص 82) يبدو أن نساطرة سورية قد سكنوا على الأخص طرابلس وجبيل وبيروت وعكا.

وكان لهم في طرابلس مدارس مشهورة من بين طلابها جورج أبو الفرج المعروف باسم بار هيبرايوس Bar-Hebræus.

(ص 83) يبدو أن النساطرة واليعاقبة احتلوا المقام الفكري الأول بين السكان المحليين في المستعمرات اللاتينية.

إن سريان هذين المذهبين الكثيري العدد في كونتية طرابلس لم ينقطعوا أبداً عن المشاركة في الحركة العلمية التي كان اخوانهم في الموصل وبغداد عناصرها الأكثر نشاطاً، وكانوا معلمي الفرنجة في العلوم الشرقية.

(ص 89) أطلق اسم الروم Grecs أو غريفون Griffons على المسيحيين الروم المرتبطين ببطريركيات المنشقين schismatiques. وكانت لكنيسة الروم في روما بطريركيتان، واحدة في أنطاكية وأخرى في القدس.

 (ص 166) السريان النساطرة واليعاقبة الكثر جداً في كونتية طرابلس وعكا وفي إمارة أنطاكية... كانوا معلمي الفرنجة الطبيعيين.

(ص 180) لم يكُف إكليروس اليعاقبة والنساطرة عن الانكباب طيلة العصر الوسيط بالتنافس مع العرب المسلمين في دراسة العلوم الطبية.

(ص 356) كونتية طرابلس

يحد كونتية طرابلس شمالاً النهر الجاري عند سفح قلعة مرقب Margat، بين هذه القلعة ومدينة فلانيا Valenie. يحمل هذا النهر اليوم اسم وادي المهيقة Mehica. تشكل منحدرات جبل الراس نحو الشمال الشرقي خط الحدود حتى الكانتونات الجبلية التي يقطنها الإسماعلية والتي يزعم إمراء أنطاكية ملكيتها.

من المفيد هنا عرض المقطع التالي الذي وضعه بوركار دو مون سيون الذي زار سورية عام 1265، وهو يتعلق بهذا الجانب من حدود كونتية طرابلس: "Terram istorum (Assassinorum) a terra Christianorum per quasdam lapides discernitur: Quibus lapidibus, in parte Christianorum, signum crucis, Assassinorum cultelli, sculptum est…".

ويشكل وادي العاصي حدودها الاسمية من الشرق. وتجاور من هذه الجهة إمارة حماة الإسلامية، التي صارت خاضعة للفرنجة مع إمارة حمص التي سماها اللاتين حينذاك باسم (ص 357) الجمال Chamelle، ما يبدو أنه مصدر اسم وادي الجمال Vallis Cameli الذي أطلق على القسم الأعلى من وادي العاصي. وأخيراً تكمل، من هذه الجهة الحدود الطبيعية لهذه الإمارة، البقيعة المسماة في حينه وادي باكار vallée de Baccar. ويفصلها نهر إبراهيم (نهر أدونيس عند جغرافيي العصور القديمة) جنوباً عن مملكة القدس.

الاقطاعات الأساسية: عرقة Arches ou Archas، أسبيه Asbais، بشستين Bechestin، بشمزين Besmedin (dans la maison de Giblet)، بشري Buissera، بطرام Buturan ou Beteran، البترون le Boutron، كفرعقا Cafaraca، القليعة la Colée، كرات le Crat، جبيل Giblet، جبل عكار Gibel Akkar، مرقية Maraclée، المنيطرة le Moinestre، أنفه Néphin، سورا Sura، طرطوس Tortose.

الحصون: عرقة Archas، عريمة Aryma، حصن صافيتا Chastel Blanc ou Safita ، قلعة يحمور Chastel Rouge، القليعات Coliat، القليعة la Colée، جبل عكار Jibel Akkar، حصن الأكراد Krak des Chevaliers، مون فراندوس Mons Ferrandus، السرخ le Sarc، طرطوس.

(ص 358)

كانت هذه الكونتية تضم علاوة على مطرانية طرابلس ثلاث مدن أسقفية: طرطوس ورفنية Raphanée وجبيل.

أما أبرز الأديرة اللاتينية فكانت: دير البلمند Beaumont لرهبنة Citeaux، دير كنيسة القيامة في جبل الحجاج (أبي سمرا في طرابلس)، وأديرة مار ميخائيل والمخلص وسيدة مادلين في طرابلس ودير الكرمليين في بوليو(؟) Beaulieu.

وكان بطريرك السريان الموارنة يقيم في هذه الكونتية.

كانت طرابلس مقر مطرانية للسريان اليعاقبة. وكان السكان المحليون لهذه الإمارة يتألفون من غالبية عظمى من السريان الموارنة المقيمين في جبال لبنان، وخصوصاً في الكانتونات القريبة من جبيل. ويقول أبو الفرج أنه جنوبي هذه المدينة، نحو بيروت، كان يوجد عدد كبير من النساطرة. ويخبرنا نفس المؤلف أن جبال عكار وجوار عرقة يقطنها مسلمون على مذهب يسميه فومي Voumi، وهم يميلون كثيراً إلى الباطنيين، ولكن يجب أن نعتبرهم على ما أظن نصيريين. وكان بين سكان طرابلس عدد كبير من السريان اليعاقبة.

يبدو أن الفرنجة والموارنة، طيلة المرحلة الصليبية، اعتبروا قاديشا نهراً مقدساً، كما يشير اسمها. وفي العام 1183 سماها بروكار Brocard الوادي المقدس، ويذكر الأديرة والكنائس العديدة القائمة على جوانبها. وفي بحثه حول أصل وديانة الموارنة يتحدث نيرون F. Naironus عنهم بهذه العبارات: “… … Vallis illa amænissima ac sanctissima Faradis dicta, id est Paradisus in jugo montis Libani, sanctissimorum monachorum vita et multidune, per totam syriam celebrrima, multos, ex universis christianorum sectis, ad illos invisendos confluere solitos fuisse… »

(ص 359) أهم أديرة السريان الموارنة في كونتية طرابلس في القرنين الثاني عشر والثالث عشر: دير سيدة يانوح في سنيورية البترون؛ دير سيدة هابيل قرب جبيل؛ مار الياس والسيدة في لحفد، ما يزال هذان الديران في هذه القرية؛ السيدة ومار مارون في كفرحي؛ مار امطانيوس، أكبر دير في لبنان وما يزال حتى اليوم باسم مار أنطون؛ دير مار سركيس في حردين Hardin تدمّر عام 1440؛ مار ديميتري قرب بشري؛ دير مار قبريانوس في كفيفان Caphiphoun قرب جبيل؛ دير مار جرجس في كفرا Cphar ou Kafra؛ دير مار سركيس وباخوس قرب أهدن، وهو يُسمى اليوم دير راس النهر.

كونتية طرابلس

عبدين[26] Abdin: قرية تعود إلى كنيسة القيامة. ما تزال هذه القرية تحمل نفس الاسم وتقع في الكورة الفوقا.

أير[27] Aer: قرية في كونتية طرابلس، وفيها وهب برنارد ديرا Bernard Derat سكة من الأرض إلى كنيسة القيامة عام 1148.

أيزلو[28] Aieslo: موضع مجاور وتابع لأرض (ص 360) الخليفة تنازل عنه عام 1185 ريمون دو تروا- كليه Raymond de Trois-Clés إلى فرسان الاسبتالية، ولعله إيلات Ailot بالقرب من عرقة.

علما[29] Alma: قرية وهبها عام 1127 كونت طرابلس بونز إلى كنيسة مار يوحنا في جبل الحجاج. تقع هذه القرية على مسافة 7كلم شرقي طرابلس، وما تزال تحمل نفس الاسم.

طرطوس[30] Antartous ou tortose: مدينة أسقفية في كونتية طرابلس يملكها الفرسان الداوية الذين كانوا يحتفظون في البرج الرئيسي لقلعتها بمحفوظاتهم وخزينتهم. وكانت كنيسة العذراء فيها من أكثر مقاصد الحجاج تقديراً في سورية.

طرطوس (الجزيرة): هي أرواد Aradus القديمة المعروفة اليوم باسم رواد Rouad. كانت أيضاً ملك الفرسان الداوية الذين رفعوا قلعتها التي بقيت آثارها قائمة لبضع سنين خلت.

أبيا أو آسيا[31] Apia ou Asia: قرية وهبها كونت طرابلس، بونز، عام 1127، إلى فرسان الاسبتالية في جبل الحجاج، وهي اليوم قرية في ناحية الزاوية واسمها آسيا Ahsia.

عرقة[32] Archas: مدينة محصنة في كونتية طرابلس، دمرها زلزال، ووهبها الملك أموري عام 1170 إلى فرسان الاسبتالية. وهي اليوم ضيعة كبيرة باسم عرقة Arkas نقبت أسوارها عام 1266 قوات السلطان بيبرس.

حردين[33] Ardin: قرية تعود إلى كنيسة القيامة، هي اليوم حردين Hardin في ناحية الكورة.

أروات[34] Aroath: قرية مجاورة لطرابلس وهبها بونز كونت طرابلس، عام 1127، إلى فرسان الاسبتالية في جبل الحجاج. مطلوب معرفة موضعها.

(ص 361) أرطوسية[35] Artésie: ضيعة قائمة على مصب نهر البارد عل أنقاض أرطوسية Orthosia. يُعرف هذا الموضع اليوم باسم أرض أرطوسي Ard Artousi.

عريمه[36] Aryma: قلعة لفرسان الداوية ما تزال آثارها المجاورة لصافيتا تحمل اليوم اسم قلعة العريمة Kalaat Areymeh.

أسبيه Asbais: إقطاعة امتلكها أصحاب مرقية Maraclée، ويبدو أنها تقع في هذه المنطقة من كونتية طرابلس، وكانت تسمى في حينه الخوابي le Coïble، التي أظن أنها في ناحية الخوابي Kaouaby الحديثة.

بحنين[37] Bahani: قرية وهبها كونت طرابلس، بونز، عام 1127، إلى فرسان الاسبتالية في جبل الحجاج. وهي اليوم قرية بحنين Behannine.

باهو Baho: قرية وهبها كونت طرابلس، بونز، عام 1127، إلى فرسان الاسبتالية. يبد أن هذه القرية، تبعاً لسياق النص ad Montana de bochea، من المفروض أن تكون شمالي جبل عكار، حوالي البقيعة.

بينو Banna: قرية مجاورة لعرقة، مذكورة في عقد لعام 1179. من المفروض أن يكون هذا الموضع في موقع قرية بينو Baïna.

البلمند[38] Beaumont ou Belmont: دير لرهبنة  في أبرشية طرابلس، أصبح اليوم دير البلمند Belment الأرثوذكسي، جنوبي هذه المدينة. أقام اليعاقبة لاحقاً في هذا الدير، ونعثر عليه مذكوراً في العام 1499 باسم دير سيدة البلمند Notr-Dame de Balamand.

بلاّ[39] Bebula, Babele ou Habela: قرية وُهبت إلى كنيسة القيامة، هي اليوم بلاّ Belleh.

بكفتين[40] Bechestin: إقطاعة صغيرة حملت اسمها إحدى عائلات كونتية طرابلس. وهي قرية (ص 362) في ناحية الكورة التحتا، معروفة اليوم باسم بكفتين Bekeftin.

منيارة[41] Benehara ou Beniharan: قرية وهبها غليوم جوردين Guillaume Jourdain إلى كنيسة القيامة. يبدو أن هذا الموضع موجود في القرية المارونية منيارة Meniara، بالقرب من عرقة.

برترانديمير[42] Bertrandimir: قرية في كونتية طرابلس تعود إلى الفرسان الداوية، مذكورة في العام 1179، في اتفاقية بين الداوية والاسبتالية.

بشمزين[43] Besmedin: إقطاعة تعود لأسياد جبيل Giblet. من السهل موضعة هذا الموقع في القرية المارونية المعروفة اليوم باسم برج بشمزين Bordj-Beschmezïn في الكورة.

بيت لحم[44] Bethléem: قرية أو بلدة وهبها كونت طرابلس، بونز، عام 1127، إلى الاسبتالية في جبل الحجاج. موضعها غير معروف بعد.

بتليون[45] Bethelyon: قرية مجاورة لطرابلس، مذكورة في العام 1139، في عقد يعود إلى الكونت ريمون comte Raymond.

بيت ساما أو بيت شمعون[46] Bethsama ou Bethsamum: قرية وُهبت إلى الاسبتالية في جبل الحجاج في العام 1127.

بيت سيديون (سيده؟) Bethsedion: قرية وُهبت أيضاً إلى الاسبتالية في العام 1127.

بيتير[47] Betire: قرية تقع بين الحصن الأبيص (صافيتا) وحصن الأكراد.

بطرام[48] Betran ou Buturan: إقطاعة صغيرة منها سيدان باسم غوتييه Gauthier وغي Gui يظهران (ص 363) في عدة عقود نحو أواسط القرن الثاني عشر. يطابق هذا الموضع ضيعة بطرام Betran في ناحية الكورة، جنوبي طرابلس.

بيت زعال Betzaal: قرية تابعة لسنيورية جبيل، غير معروفة الموضع.

الأبيض (الحصن)[49] Blanc (le Chastel): قلعة للداوية ما تزال في وضع محفوظ وتحمل اليوم اسم صافيتا.

بوكومب[50] Boccombe: قرية مذكورة عام 1143، في امتياز لريمون، كونت طرابلس، وفيه ريمون دو ناربون Raymond de Narbone يقدم سكة من الأرض إلى كنيسة القيامة. وضعها غير محقق. وكانت تشكل مع ريميسك Remesque إقطاعة من متوجباتها فارسان.

البقيعة Bochée: سهل وحصن صغير يقعان تحت حصن الأكراد.  يُسمى السهل اليوم بقيعة الحصن Boukeïahel-Hosn. وكانت في العام 1163 مسرح معركة كبيرة بين الفرنجة ونور الدين.

بوتسوفلام[51] Botsoflam: قرية مجاورة لطرابلس، مذكورة عام 1139 في عقد للكونت ريمون.

البترون[52] Boutron (le): مدينة بحرية صغيرة تقع جنوبي رأس الشقعة cap Theoprosopon. كانت في القرن الثاني عشر مركز أسقفية يعقوبية. ما نزال نرى فيها آثار حصن ومرفأ صغير تغمره الرمال اليوم. يحتل إقطاعيو هذه المدينة فصلاً في مؤلف عائلات ما وراء البحار Familles d’Outre-Mer.

بويولا[53] Buiola: قرية وهبها ريمون دو سان- جيل (الصنجيلي) إلى كنيسة القيامة.

بويسيرا[54] (بشري) Buissera: إقطاعة تابعة لكونتية طرابلس. أعطت هذه القرية اسمها للعائلة التي امتلكتها؛ لأننا نرى في كانون الأول من العام 1204 مانسيلوس دو بويسيرا Mansellus de Buissera (ص 364) كشاهد في عقد لجيرار دو هام Gérard de Ham.

ويبدو أنها ليست غير قرية بشري Bscharreh ou Bisciarrai، واحدة من أهم مواضع لبنان. يقول لوقيان[55] Lequien في مقدمة مؤلفه تاريخ الكنيسة المارونية Histoire de l’Eglise maronite أننا كنا نرى في بشري أثار حصن قديم حيث أقام طويلاً أمراء الجبل المسيحي. ونرى فيها اليوم آثار كنيسة من القرن الثاني عشر.

ويقول بروكار Brocard عن وادي بشري الذي زاره خلال رحلته إلى سورية أنه شاهد هناك العديد من الأديرة وعدداً كبيراً من الكنائس[56].

كفرعقا[57] Cafaraca: إقطاعة في كونتية طرابلس حمل اسمها مالكوها. هذه القرية وهبها إلى الاسبتالية عام 1127 بونز، كونت طرابلس. وتقع في موضع قرية كفرعقا Kefer-Akka ou Keferaka جنوب وجنوب شرق مدينة طرابلس. ما نزال نرى فيها بقايا حصن يعود للعصور الوسطى.

كفرسيكل[58] Cafarsequel: أو قرية Pont-sans-eau التابعة لسنيورية جبيل. موضعها مجهول.

القلمون[59] Calamon: قرية قريبة جداً من طرابلس. وما تزال إلى اليوم تحمل اسم قلمون Kalamoun.

الخليفة (أرض)[60] Calife (la terre au): اسم حمله في القرن الثاني عشر السهل الواقع على الضفة اليمنى للنهر الكبير، بمواجهة وبقرب عرقة. ما يزال هذا السهل يُسمى أرض الخليفة Ard-el-Kalifeh، ويقسمه نهر الخليفة بين سهل البرج Sahel el Bordj وسهل الخراب Sahel el Kerab. نجده مذكور في العام 1185 في عقد يعود إلى ريمون دو تروا-كليه Raymond de Trois-Clés الذي كان له فيه ملك واسع.

(ص 365) كارتمار[61] Cartamare: قرية وُهبت إل الاسبتالية عام 1127، وكانت محاطة ببساتين الزيتون الواسعة، ويبدو أنها كانت قريبة من رفنية. موقعها غير محدد بعد.

السنديانة[62] Cendiana: قرية وهبها عام 1127 كونت طرابلس بونز إلى الاسبتالية في جبل الحجاج. وهي اليوم قرية أرثوذكسية في جبال عكار باسم السنديانة Sendianeh.

سرفتانية[63] Ceraphtenie: قرية وهبها كونت طرابلس، بونز، عام 1127 إلى الاسبتالية في جبل الحجاج. بقايا هذه القرية أعطت اسمها لهضبة تسمى سلفتانية Self-et-Tanieh قريبة جداً من طرابلس.

إقليم الخوابي[64] Coible (le territoire du): يبدو لي أنه تمت تسمية كانتون الخوابي Kaouaby بهذا الاسم في ظل السيطرة اللاتينية. من المعروف أنه كان يقع بين المرقب Margat والحصن الأبيض (صافيتا)، وهو موقع يطابق تماماً موقع الخوابي الواقع شمالي طرطوس بين صافيتا ومرقب Markab.

القليعة[65] Colée (la): حصن يحمي واحد من ممرات جبل النصيرية، ما تزال آثاره تسمى القليعة El Coleïah. ومنه استمدت العائلة التي كانت تمتلكه اسمها، ولعبت دوراً ما في سورية ومن ثم في قبرص، في القرنين الثاني عشر والثالث عشر. انتقل هذا الحصن لا حقاً إلى الباطنيين Batheniens.

القليعات[66] Coliath: حصن صغير في سهل عرقة وهبه بونز كونت طرابلس إلى الاسبتالية في جبل الحجاج عام 1127. ما تزال آثار هذا الحصن معروفة باسم القليعات Kleïaat. استولى عليه بيبرس عام 1266.

كورنونيوم[67] Cornnium: قرية أخرى حصل عليها اسبتالية جبل الحجاج.

(ص 366) كرات[68] Crat (le): الاسم الذي أطلق في القرن الثاني عشر على الاقطاعة التي شكلها في ذلك الحين حصن الأكراد والذي تسمت به العائلة التي امتلكتها.

كوليكات[69] Culicat: هي نفس القليعات Coliath.

ديري[70] Derie: ورد ذكر هذه القرية في العام 1143، في امتياز لريمون كونت طرابلس، ويثماثل تماماً مع قرية داريا Deraïa في ناحية الزاوية على مسافة 12 كلم جنوبي طرابلس.

دوركارب[71] Durcarbe: قرية مجاورة لطرابلس وهبها غليوم جوردن Guillaume Jourdin عام 1127 إلى اسبتالية تلة الحجاج.

التفاحة Elteffaha: قرية امتلكها الداوية وقام بإقطاعها مقابل فارس. تتماثل هذه القرية بسهولة مع قرية تفاحة Teffahah شرقي طرطوس[72].

فودا[73] Fauda: قرية تعود للاسبتالية مذكورة (1185) في عقد يعود إلى ريمون كونت طرابلس.

فيليسيوم[74] Felicium: قرية بالقرب من عرقة امتلكها جيلبير دو بوي Gilbert de Puy الذي باعها، مع قرية لاتوم Latum، إلى ريمون كونت طرابلس، بمبلغ 1000 بيزان besans. وانتقلت هاتان القريتان إلى الاسبتالية مع انتقال حصن الأكراد.

فلارا[75] Fellara: قرية وهبتها الكونتيسة أرمنساند دو شاتونوف comtesse Armensende de Châteauneuf، عام 1151، إلى الاسبتالية.

العيون (فونتين) Fontaines (les): قرية تقع بين الحصن الأبيض (صافيتا) وحصن الأكراد. وهي اليوم قرية صغيرة ( ص 367) اسمها العربي العيون El-Aïoun، وبالتالي فاسمها الفرنسي مجرد ترجمة.

جبيل[76] (جيبليه) Giblet: مدينة أسقفية صغيرة قامت على أنقاض بيبلوس القديمة وتملكتها عائلة لامبرياك Lembriac، التي اتخذت من هناك لقب جيبليه Giblet؛ وتسمى اليوم جبيل التي تضم، علاوة على قلعتها وأسوارها، كنيسة حسنة ومثبت عماد يعود إلى القرن الثاني عشر. وتم التعرف فيها على بقايا تحصينات دفاعية أقامها الصليبيون...

حلبا[77] Halba: حصن صغير بالقرب من عرقة استولت عليه قوات السلطان بيبرس عام 1266، وما تزال بقاياه ملحوظة في قرية حلبا Halbeh.

المجدل[78] Helmedel: قرية في إقطاعة جبل عكار وهي اليوم قرية المجدل الحديثة.

جبل عكار[79] Jibel Akkar ou jibeltar: حصن يسيطر على على بلاد عكار لا نزال نرى آثاره على تلة من جبال عكار. بعد أن كان مع إقليمه واحداً من الاقطاعات الكبيرة في كونتية طرابلس أعطاه الملك أموري عام 1170 إلى الاسبتالية مع حصن عرقة؛ وذلك بعد أن تضرر الموقعان بهزة أرضية.

(ص 368) كفرحي[80] Kafari: قرية وهبتها أرمنساند دو شاتونوف إلى الاسبتالية، وهي اليوم كفرحي Kefer Haï.

كامل أو شامل[81] Kamet ou le Chamel: حصن وإقطاعة في كونتية طرابلس، في المنطقة الواقعة بين طرطوس ومرقية ورفنية. انتقل إلى الاسبتالية مع توابعه عام 1127. (لعله من الأفضل أن يكون قرب حصن، من حيث التسمية)

حصن الأكراد[82] Krak des Chevaliers (le) ou Crat (le): حصن سماه المؤرخون العرب حصن الأكراد، والذي نظراً لأهميته الاستراتيجية باعه غليوم Guillaume، صاحب (كرات Crat) عام 1145، إلى الاسبتالية. شكل هذا الحصن وجواره في قسم من النصف الأول من القرن الثاني عشر إقطاعة كرات Crat. ونظراً لموقعه وأهميته قدمت له وصفاً مطولاً في مؤلفي "الهندسة العسكرية للصليبيين" Architecture militaire des Croisés.

المنيطرة[83] Manethera ou le Moinestre: حصن صغير لحراسة واحد من ممرات لبنان، غير بعيد عن أفقا Afeka. وكان من اقطاعات كونتية طرابلس. وفي موضعه توجد اليوم قرية باسم المنيطرة el Mouniterah. استولى عليه نور الدين عام 1166. اسمه العربي منيطرة Monaïdhera يعني مركز صغير للمراقبة.

مرقية[84] Maraclée: إقطاعة في الكونتية. لم يبقى منها مع الأسف غير آثار مدينتها المعروفة اليوم باسم مرقية Merakieh.

مرقبان السهول (الصغير)[85] Marciban des Plaines (le petit): قرية في كونتية طرابلس تجاور فودا Fauda. مجهولة الموقع.

مردباش[86] Mardabech: قرية مذكورة في (ص 369) عقد التنازل عن حصن الأكراد إلى الاسبتالية، مجهول الموقع.

المزرعة[87] Medera: قرية وهبها إلى كنيسة القيامة غليوم إرمنغارد Guillaume Ermengard، وهي تقع تبعاً للنص ex alia parte montane. قد يكون هذا الموضع هو المزرعة Mezera الواقعة على المنقلب الشرقي لجبل عكار.

ميفوق Meiphuk: ضيعة شمالي شرقي جبيل كان فيها في القرن الثالث عشر دير هام لليعاقبة، وكنيستها المنتهية عام 1276 على أهمية هندسية كبيرة.

ميليشين[88] Melechin: حصن على تلة مجاورة للعاصي، مجهولة الموضع حتى الآن.

ميساركون[89] Messarkun: قرية وهبها ريمون جيبليه Raymond de Giblet إلى الاسبتالية عام 1186. قد تكون هذه القرية في إمارة أنطاكية.

المسكية[90] Mesquie (la): قرية بين الحصن الأبيض (صافيتا) وحصن الأكراد.

ميناكوزي[91] Minacusi ou Manacuisine: قرية على الطريق بين القليعات Culicat (Kleïaat وطرطوس. أظن أني عثرت على موضعها في قرية داثرة بالقرب من مرسى صغير يُعرف اليوم باسم المينا كابوزي El Mina Kabousi، وغير بعيد عن قرية الحمّام El Hammam.

مجدليا[92] Misdelia: قرية وُهبت إلى اسبتالية جبل الحجاج عام 1127 ويبدو أنها قرية مجدليا Medjlaïa الحديثة.

مون فراندوس[93] (بعرين) Mons Ferrandus: حصن ما تزال آثاره مشرفة على قرية بعرين Baarïn، وهو الاسم الذي كان الكتاب العرب يسمون به أحياناً هذا الحصن. (ص 370) وكان الحصن يحتل كل قمة التلة. ومع أن خرابه متقدم للغاية فإننا نتعرف في بقاياه على أنه كان مربعاً وله نتوءات مستطيلة...

مون ليوباردوروم Mons Leopardrum: جبل مذكور على أنه يقع على مسافة فرسخين شمالي طرابلس، ما يسمح بالاعتقاد أنه جبل تربل. هذا الجبل غير وارد إلاّ في الرحلات البحرية.

مون نيغرونيس[94] Mons Nigronis: يبدو أن هذا الجبل هو الجزء المتوسط من سلسلة جبال النصيرية.

مون كوكولي[95] Montecuculi: أكمة واقعة جنوبي شرقي طرابلس، على الشاطئ.

أنفه[96] Nephin: إقطاعة هامة في كونتية طرابلس. ما تزال بقايا حصنها الصغير ملحوظة على تلة صغيرة غربي القرية الحديثة أنفه Anfeh، التي حلت مكان ضيعة العصور الوسطى، حيث كانت توجد كنيسة حسنة البناء في القرن الثاني عشر. سماها الإدريسي باسم أنف الحجر Anef el Hadjar مصدر أكيد لاشتقاق اسمها اليوم.

نوبيا[97] Nubia: قرية بجوار طرطوس تخلى عنها غليوم دو ماراكليه Guillaume de Maraclée إلى الاسبتالية عام 1163.

ممر القديس غليوم (باس سان-غويوم[98]) Passe Saint-Guillaume: اسم أطلق على موقع على الطريق بين أنفه وطرابلس حيث ينحصر المكان بين الجبل والبحر، بالقرب من دير مار يعقوب، بين القلمون وأبو حلقة Abou- Halka.

( ص 371) بوي دو كونيستابل Puy du Connestable (le)، قرية كانت إقطاعة ج. دو فارابل G. de Farabel، كونستابل طرابلس، ويبدو أنها استمدت اسمها من وظيفة مالكها.

يبدو أن هذه القرية التي أعطت اسمها للمخاضة المجاورة كانت في موضع قرية عبره Obreh شمالي رأس الشقعة.

رشباطا[99] Rachbata: مدينة صغيرة استولى عليها غليوم جوردن Guillaume Jourdain من أيدي سودان  دمشق، ودمرتها هزة أرضية عام 1157.

رفنيه[100] Raphanée: مدينة أسقفية في كونتية طرابلس، قائمة في موضع مدينة قديمة بنفس الاسم؛ ما تزال آثارها المسماة رفنية أيضاً، قريبة جداً من حصن مون فراندوس Mons Ferrandus، وهو اليوم قلعة بعرين Kalaat Baarïn.

ريميسك[101] Remesque: قرية مجاورة لطرابلس، امتلكها هوغ دو باركيه Huques de Barlais، مذكورة في عقد مع الاسبتالية لعام 1253. شكلت هذه القرية مع بوكومب Boccombe إقطاعة صغيرة متوجب عليها خدمة خيّالين.

ريكلوز[102] Resclause (la): ذُكر هذا الموضع في عقد التنازل عن حصن الأكراد إلى الاسبتالية بوصفه يقع على العاصي، ويبدو أنه كان يقع في موضع أرطوزا Arethusa القديمة المعروفة اليوم باسم الرستن Er-Roustan.

الروج[103] (حصن) Rouge (le Chastel): حصن بين طرطوس والحصن الأبيض (صافيتا)، وهو اليوم قلعة يحمور Kalaat Yhamour.

السرك[104] Sarc ou Esserk: حصن صغير تركه إلى الاسبتالية غليوم دو ماراكليه Guillaume de Maraclée، عام 1163، ولكن موضعه لم يتعين بعد بشكل مرضٍ؛ وكان يقع في نواحي الحصن الأبيض (صافيتا) بالقرب من القليعة la Colée.

(ص 372) صربا[105] Sorbe: قرية وهب فيها جوفروا دو بين Geoffroy de Pennes سكة أرض إلى الاسبتالية.

سوميسا[106] Sumessa: قرية في كونتية طرابلس تعود إلى الاسبتالية وعليها متوجبات إلى الكونت. مذكورة عام 1185. مجهولة الموضع.

صورا Suura ou Suiura: إقطاعة اتخذت اسمها عائلة معتبرة، يجب موضعتها في قرية صورا Sura الواقعة في الجبل شمال شرق البترون.

تيريس[107] Teres: قرية تقع بين الحصن الأبيض (صافيتا) وحصن الأكراد.

تل الدهب[108] Theledehep: قرية بجوار حصن مون فراندوس (بعرين) وتابعة له، وتم وهبها إلى الاسبتالية عام 1127. مجهولة الموضع.

طرابلس: كانت في العصر الوسيط مقسومة إلى قسمين: جبل الحجاج الذي أصبح المدينة الحالية، والمدينة القديمة التي تحتل شبه الجزيرة التي تقع بلدة الميناء اليوم على طرفها.

وكانت المساحة الفاصلة بينهما، كما هي الحال اليوم، مزروعة ببساتين رائعة وبزراعة قصب السكر. وكنا نرى فيها، يقول سترامبالدي[109] Strambaldi، العديد من معاصر السكر؛ ولم يقدر بوركار دو مون سيون[110] Burchard de Mont-Sion النتاج السنوي لهذه البساتين بأقل من 300 ألف بيزان besans.

استمدت مدينة جبل الحجاج الصغيرة اسمها من المرتفع الذي بنى عليه الكونت سان- جيل حصناً أثناء حصار طرابلس. بعد هذا الحصار الذي استمر حوالي 10 سنوات تحول معسكر هذا الأمير الفرنسي إلى مدينة عامرة.

وعليه يحتل حصن جبل الحجاج الذي سماه المؤرخون العرب حصن صنجيل[111] Hosn-Sandschil (ص 373) موضع القلعة الراهنة القائمة على أنقاضه. والجسر الذي يربط في أيامنا طرابلس مع الضفة اليمنى لقاديشا كان يُسمى حينذاك جسر جبل الحجاج[112].

أقيم في هذه المدينة الصغيرة مصلى على اسم كنيسة القيامة، وكنيسة باسم القديس يوحنا المعمدان، ويعود الاثنان إلى الاسبتالية[113].

في القرن الثالث عشر، كانت طرابلس المزدهرة بتجارتها وصناعتها ومدارسها وافرة السكان ولا تعد أقل من أربعة آلاف نول لحياكة الحرير وقماش الشملة[114]. ويذكر رحالة ذلك الزمن  أبنيتها الرائعة وقصورها العديدة.

كانت هذه المدينة مركز أسقفية يعقوبية، كنيستها الكاتدرائية باسم القديس بهنام Saint-Behannami.

في 29 حزيران من العام 1171 ضربها زلزال رهيب فدمر قسماً من المدينة وكنيسة السيدة الكبيرة[115]. ومن المعروف أنه كان في طرابلس كنيسة القديس ميخائيل وكنيسة سيدة مادلين.

ثمة خط من بقايا الأسوار ومداميكها النهائية يجتاز شبه الجزيرة عرضاً ويعين حدها الشرقي في العصر الوسيط، بينما كانت جهاتها الثلاث الأخرى محاطة بالبحر. كانت على شكل مربع منحرف، ولم يكن لها غير سور واحد تتخلله أبراج ناتئة.

ومن المعروف أنه كان فيها إلى الشرق برج مركزي وأبنية مجاورة يمتلكها فرسان التوتون، بينما كان جزء من الأسوار ملكية (ص 274) اسقف طرابلس، وهو يقع بين ملكية الفرسان الألمان وفرسان الداوية التي يبدو أنها كانت في الزاوية الجنوبية الشرقين من المدينة، بالقرب من البحر. ومن هذه الجهة ينفتح باب القديس ميخائيل حيث تؤدي طريق جبيل[116].

 

أما مرمى السهام والبرج المعروف ببرج المطران، فكانا من الأبنية الهامة، وهما أول من سقط بيد المسلمين عندما استولوا على المدينة[117] في نيسان 1287. يضيف سانوتو Sanuto أنهم دخلوا المدينة من حي الاسبتالية، الذي كان، حسب قوله، ملاصقاً للبحر. أعتقد أن سانوتو أخطأ هنا، لأن مقر الاسبتالية كان في جبل الحجاج على ما يبدو.

من أكثر جزر طرابلس قرباً إلى اليابسة والتي حددت لحد كبير مرفأها، هناك جزيرة القديس توما التي اتخذت اسمها من الكنيسة التي بنيت هناك على اسمه. وهناك عُقد الزواج الشهير بين أليكس دو شامبانيى Alix de Champagne وأمير أنطاكية بوهيمون prince Bohémond d’Antioche.

وإليها لجأت جماعة من السكان وقت الاستيلاء على المدينة، ولكن سرعان ما لحقهم المسلمون وقضوا عليهم. ويقول السيد بوجولا Poujoulat أنه عثر عام 1831 على بقايا الكنيسة على هذه الجزيرة الصغيرة.

لا يبدو لي أن الأبراج المخصصة للدفاع عن شاطئ شبه جزيرة طرابلس تعود إلى المرحلة الصليبية. بل أعتقد أنها بنيت بمواد أسوار العصور الوسطى، خلال القرن الرابع عشر، على إثر محاولات ملوك قبرص والاسبتالية المتكررة لإعادة الاستيلاء على المدينة. لقد تعرضت هذه المدينة مراراً للحرق والتدمير بحيث لم يبقَ فيها أي بناء صليبي.

(ص 375) عندما استولى العرب على طرابلس[118]، في 26 نيسان 1287، نقل الأميرال الجنوي بينوا زكريا Benoît Zacharie على أسطوله العدد الأكبر من سكان طرابلس، بينما نقل السلطان المالك المنصور من بقي منهم إلى جبل الحجاج.

توبان[119] Touban: حصن مجاور للعاصي، بين هذا النهر ورفنية؛ مذكور في العام 1171، في عقد يعود ريمون كونت طرابلس. مجهول الموضع.

ـــــــــــــــــــــــ

دراسة في صروح هندسة الصليبيين العسكرية

في سورية وفي جزيرة قبرص[120]

إيمانويل غوييوم راي

المقدمة

I

(ص 1) في الوقت الذي كانت فيه أوروبا على أشد قلقها من توسع العرب وتحت تأثير اجتياح إسلامي جديد، أثار نداء بطرس الناسك Pierre l’Hermite الحركة الصليبية العظيمة. وفي مجمع كليرمون Clermont دعا البابا أوربان الثاني Urbain II إلى حمل السلاح من أجل الجهاد المسيحي الشامل.

لقد تم بعناية اختيار التوقيت الملائم لتقبل النداء. فبعد أن كان القسم الأكبر من آسيا الصغرى وسورية ومصر وإفريقيا الرومانية وإسبانيا وصقلية خاضعاً للإسلام الذي وهو الخارج من لهب رمال الصحراء قد جاء ليهدد روما بالذات.

في ذلك الوقت، وجه أليكسيس كومين، المتزين عبثاً بلقب وأسمال القياصرة الأرجوانية، نداءه إلى الغرب من أجل الدفاع عن آخر بقايا الإمبراطورية الرومانية.

وهكذا شهدنا اندفاعاً من كل النواحي لرجال ينتمون (ص 2) إلى فئات اجتماعية متنوعة، مدفوعين بالرغبة في المشاركة بغزو سورية وتحرير الأراضي المقدسة.

بدأت الحملة عملياً في العام 1096، وقبل نهاية القرن الحادي عشر أصبح الصليبيون أسياد الرها وأنطاكية والقدس؛ ومنذ مطلع القرن الثاني عشر احتلوا كل سورية تقريباً، حيث لم يعد المسلمون يسيطرون على غير دمشق والبصرة وحمص وحماة وحلب. وما أن اكتمل الغزو حتى انصرف الصليبيون تدريجياً إلى تنظيم شتى مناطق البلاد.

 

II

... ما أن أصبحت الرها، بقيادة بودوين دو بور Baudoin du Bourg، إمارة فرنسية حتى جعلت المسيحيين يتحكمون ببلاد ما بين النهرين حتى دجلة. وكانت تقطع من هذه الجهة الطريق على القوات التي يمكن أن يرسلها أمراء الموصل وبغداد المسلمون لنجدة إمراء سورية المسلمين.

لقد قررت الوقائع وتضاريس البلاد وضرورة منح الأمراء الغربيين الوافدين إلى سورية إقطاعات متناسبة (ص 3) مع مواقعهم الاجتماعية تشكيل إمارة أنطاكية وطرابلس. أما بقية البلاد الموزعة إلى إقطاعات ثانوية، مثل كونتية عسقلان ويافا وقيصرية وإمارة الجليل، وإلخ.، فشكلت مجال المملكة.

... يمكننا أن نرسم كحدود في الجبال شرقي المناطق المسيحية خطاً يتكون في الشمال من جبال النصيرية التي تفصل إمارة أنطاكية وطرابلس عن جيرانها المسلمين في حماة، وفي الوسط سلسلة جبال لبنان المرتفعة بين المسيحيين وسلاطين دمشق، وفي الجنوب الأردن والبحر الميت.

... (ص 5) شمالي طرابلس تستمر المرتفعات اللبنانية بسلسلة جبلية  تشكل معها ربع دائرة شاسعة. إنها جبل عكار الهضبة الشمالية للبنان التي تحد من الشرق كونتية طرابلس، والمتصلة بها تقريباً من الشمال سلسلة جبال النصيرية التي تشكل هي أيضاً حاجزاً بين المستعمرات الفرنجية والمسلمين.

لم تكن سيطرة كونتات طرابلس على الضفة اليسارية للعاصي غير سيطرة عابرة وتقتصر على امتلاك مون فراندوس (بعرين) الذي كان بالأحرى موقعاً متقدماً لا قلعة راسخة.

خضعت الجهود البشرية هنا لمستلزمات الطبيعة؛ فأقيمت سلسلة من الحصون للدفاع عن جميع الممرات الجبلية.

وظهر في جبل عكار حصن بنفس الاسم. وكان حصن عرقة، الداثر اليوم، يسيطر على وادي النهر الكبير، إلوتيروس العصور القديمة، وكان الفرسان الداوية يقيمون فيه؛ (ص 6) وفي جبال النصيرية يتحكم حصن الأكراد، قلعة الحصن اليوم، بالممر الذي يصل وادي العاصي بالسهل الفسيح الممتد بين هذه الجبال والبحر. وكان في نفس الآن من أهم المواقع العسكرية بيد الفرسان الاسبتالية.

ـــــــــــــــ

الجغرافية البحرية في زمن الصليبيين[121]

(ص 330) "عندما يكون مصب نهر ما محمياً برأس من اليابسة كان اللاتين يستخدمونه أحياناً كرصيف، كما كانت الحال مع نهر السن Nahr es Sîn حيث تم إعداد  المرسى الصغير الذي كان يحميه حصن تورون دو بولدو Toron de Boldo، هذا المرسى الذي يمكننا موضعته في بيونا Beona أو لينا Lena سانوتو Sanuto."

(ص 335) "ثمة مجال للعثور على موضع لينا أو بيونا عند مصب نهر السن في خراب بالتوس Paltos القديمة الواردة في عقود ذلك الوقت باسم برج بلدا Belda أو بودا Beauda، والمعروفة اليوم باسم راس بلده الملك Ras Baldy el Melek."

(ص 337) "من الصعب جداً تعيين موضع بركسون Prexon أو بركسيم Proxime، لا سيما وأنه لم يُمْكن العثور على أي معلم في أسماء القرى الراهنة ولا في تضاريس الساحل هناك. والمكان الوحيد حيث وجدتُ، على الساحل بين أرواد ومصب نهر عرقة، مرسى صغيراً يرتاده صائدو الإسفنج والمبحرون قرب السواحل هو قرب الحمام El Hamam، وهو مينا كابوسي El Mina Kabousi."...

الجزر (طرابلس) التي يتحدث عنها سانوتو هي اليوم: رامكين Ramkîne، ساناني Sanani، تاريس Tares، نخل Nakl، طويله Tauouîleh، مدوره Medaouara، نوكاس Naukas، رميله Ramaileh، بلانه Bellaneh، البقر El Bakar."...

"أما مون (جبل) ليوباردوروم Mons Leopardorum الذي يذكره بوركار دو مون سيون Burchard de Mont-Sion على مسافة فرسخين شمالي طرابلس فلا يمكن أن يكون غير جبل تربل."...



[1] المرجع: E.-G. Rey, Les Colonies franques de Syrie aux XII et XIII siècles, Paris, 1883..

[2] تاريخ فرنسا (المترجم).

[3] فضلنا ترجمة عبارة Assises de Jérusalem بعبارة "دستور القدس"، (المترجم).

[4] ما كادت الإمارات اللاتينية تنشأ حتى صار البعض من الأتابك والأمراء يطلبون العون من الفاتحين الجدد، والمقطع الآتي المأخوذ من "تاريخ حلب" لكمال الدين، والمتعلق بموت ألب أرسلان، يبين كيف كان وضع الفرنجة منذ العام 1114 في سورية: " ضبط النص من الأصل العربي"

هكذا كنا نجد دوماً أمراء أنطاكية وكونت الرها Edesse متحالفين مع الأمراء المسلمين. وفي العام 1115 كان روجيه أنطاكية حليفاً مع الغازي بن أرتق. ثم بين العام 1116 والعام 1119 استدعى سكان حلب مراراً الفرنجة لنجدة مدينتهم المهددة بالمنافسة بين الأمراء المسلمين الذين يتنازعون من أجل الاستيلاء عليها.

[5] المقصود المشرق العربي، (المترجم).

[6] راجع: Essai sur la domination française en Syrie au temps des croisades, p. 17.

[7] راجع: Cod. Dipl. T. I, p. 286; Ibid. No 45, p. 46; Assises de Jérusalem, t. I, p. 642; Assises d’Antioche.

[8] راجع: Familles d’outre-mer, de la page 649 à la page 662.

[9] راجع: Cod. Dipl., t. I, p. 181.

[10] Rey: Rech. Sur la domin. Lat. En Orient, p. 47.

[11] Tafel et Thomas, Font. Rer. Aust., t. XIII, p. 362.

[12] Dal Borgo. Dipl. Pisani, p. 85.

[13] Ideler. Handbuch der Chronologie, t. I, p. 463.

[14] Jacques de Vitry, Ap. Bongars, p. 1090.

[15] المرجع السابق، ص 1094.

[16] Ed. Laurent, Peregri Med. Avi. quat., p. 34.

[17] L. de J. d’Ibelin, Assises de Jérus. T. I, p. 416.

[18] Ass. De Jérus., ch. 59,60, 61, 62.

[19] Cart. Saint-Sépulcre, no 61, p. 123, no 81, p. 160.

[20] Cabinet historique, année 1879, p. 179.

[21] G. de Tyr, I, ch. 8..

[22] Hist. arabes des Croisades, t. I, p. 212.

[23] Assemani, Bib. Orient., t. I, p. 522.

[24] Lequien, Orient. Christ., t. III, p. 99.

[25] F. Naironus, De Origine Maronitarum, p. 116.

[26] Cart. St-Sépul., no 97, p. 191.

[27] المرجع السابق.

[28] Cod. Dipl., t. I, no 7, p. 286.

[29] Cod. Dipl., t. I, no 11, p. 11.

[30] Architecture militaire des croisés., p. 69; Familles d’Outre Mer, p. 809.

[31] Cod. Dipl., t. I, no 11, p. 11.

[32] Ibid., t. I, no 51, p. 51-52.

[33] Cart. St-Sépulcre, no 97, p. 191.

[34] Cod. Dipl., t. I, no 11, p. 11.

[35] G. de Tyr, I, XIII, ch. (?).

[36] Architecture militaire des Crois., p. 69.

[37] Cod. Dipl., t. I, no 11, p. 11.

[38] Mas. Lat. Hist. de Chypre, t. III, p. 665.

[39] Cart. St-Sépulcre, p. 191.

[40] المرجع السابق، ص 25.

[41] Cod. Dipl. T. I, no 46, p. 66.

[42] المرجع السابق.

[43] Familles d’Outre-Mer, p. 332-542; Cont. de G. de Tyr, éd. De l’Inst., p. 339.

[44] Cod. Dipl., t. I, no 11, p. 11.

[45] المرجع السابق.

[46] المرجع السابق.

[47] Ibid., t. I, no 179, p. 220.

[48] Cod. Dipl., t. I, no 33, p. 35, et no 194, p. 238.

[49] Architecture militaire des Crois., p. 85.

[50] Cart. St-Sépul., no 97, p. 191.

[51] Cod. Dipl., t. I, no 18, p. 19.

[52] Familles d’Outre-Mer, p. 257.

[53] Cart. St-Sépul., no 97, p. 191.

[54] Cod. Dipl., t. I, no 87, p. 93.

[55] Oriens. Christ., t. III, p. 45.

[56] Brocard, Ap. Laurent, p. 28.

[57] Cod. Dipl., t. I, p. 66-68.

[58] Cart. St-Sépul., no 97, p. 191.

[59] Cod. Dipl., t. I, p. 270.

[60] G. de Tyr, I, XXI; Cod. Dipl., t. I, no 7, p. 286.

[61] G. de Tyr, I, XXI; Cod. Dipl., t. I, no 7, p. 11.

[62] Cod. Dipl., t. I, no 11, p. 11.

[63] المرجع السابق.

[64] Marin. Sanut. Secret. Fid. Crucis ap. Bongars, p. 228.

[65] Cod. Dipl., t. I, no 179, p. 221.

[66] Cod. Dipl., t. I, no 11, p. 11.

[67] المرجع السابق.

[68] Cod. Dipl., t. I, p. 23; Architecture militaire des Croisades, p. 39 et suiv.

[69] Wilb. D’Oldenbourg, p. 169, Ed. Laurent.

[70] Cart. St-Sépulcre, no 97, p. 191-192.

[71] Cod. Dipl., t. I, no 11, p. 11.

[72] Mas. Lat. Hist. de Chypre, t. III, p. 238.

[73] Cod. Dipl., t. I, no 7, p. 286.

[74] Cod. Dipl., t. I, p. 24.

[75] Cod. Dip., t. I, no 194, p. 239.

[76] Familles d’Outre-Mer, p. 316; Architecture militaire des Crois., p. 219.

[77] Hist. arabes des Crois., t. I, p. 151.

[78] Cart. St-Sépulcre, no 97, p. 191-192.

[79] Cod. Dipl., t. I, no 51, p. 51-52.

[80] Cod. Dip., t. I, no 194, p. 239.

[81] Cod. Dip., t. I, p. 12-88-132.

[82]  Architecture militaire des Crois., p. 39.

[83] G. de Tyr, I, XXI, ch. 11.

[84] Fam. D’Outre-Mer. P. 384.

[85] Cod. Dipl., t. I, no 7, p. 286.

[86] Cod. Dipl., t. I, no 11, p. 11.

[87] Cart. St-Sépulcre, no 97, p. 191-192.

[88] Cod. Dipl., t. I, no 70, p. 70.

[89] Cod. Dipl., t. I, no 74, p. 76.

[90] Cod. Dipl., t. I, no 179, p. 220.

[91] Wilb. D’Oldenbourg. Ed. Laurent, p. 169.

[92] Cod. Dipl., t. I, no 11, p. 11.

[93] G. de Tyr, I, XIV, ch. 6.

[94] G. de Tyr, I, XII, ch. 11.

[95] Cod. Dipl., t. I, no 74, p. 76.

[96] J. de Vitry, 1. I, ch. 44; Familles d’Outre-Mer, p. 413.

[97] Cod. Dipl., t. I, no 33, p. 35.

[98] Cont. de G. de Tyr, p. 101.

[99] Ibn Khaldoub, Ed. Tornberg, p. 134; Aboulfaradj, Chron. Syr., p. 355.

[100] Cod. Dipl., t. I, no 23, p. 23.

[101] Ibid., t. I, no 121, p. 138.

[102] المرجع السابق.

[103] المرجع السابق.

[104] Cod. Dipl., t. I, no 38, p. 39 et no 179, p. 220.

[105] Cart. De St-Sépulcre, no 97, p. 191-192

[106] Cod. Dipl., t. I, p. 286.

[107] Ibid., t. I, no 179, p. 221.

[108] Cod. Dipl., t. I, no 9, p. 11.

[109] Strambaldi, Chron. Manus., folio 71.

[110] Burch. De Mont-Sion, Ap. Laurent, p. 28.

[111] Wilb. d’Oldenbourg. Ap. Larent, p. 168.

[112] Cod. Dipl., t. I, p. 11.

[113] المرجع السابق، ص 270.

[114] Burch. De Mont-Sion, Ap. Laurent, p. 28.

[115] Pertz Script Rev. Germ., t. XIX, P. 159.

[116] Mas. Lat. Hist. de Chypre, t. III, p. 663.

[117] Marin. Sanut. Secret. fid. Crucis, ap. Bongars, p. 130.

[118] Muratori, t. VI, col. 595.

[119] Ibid., t. I, no 70, p. 92; Hist. arabes des Croisades, t. I, p. 212.

[120] المرجع: G. Rey, Étude sur les monuments de l’architecture militaire des croisés en Syrie et dans l’ile de Chypre, Paris, 1871.

[121] E. G. REY; Les Périples des Côtes de Syrie et de la petite Arménie, Archives de l’Orient latin, tome II, 1884, pp. 327- 353.

 

د. جوزف عبدالله

 

back to Book