back to Book

 

رحلة في سورية

ملاحظات حول المواقع الأثرية[1]

رونيه دوسّو René Dussaud

(ص 305) غرضنا أن نجوب جبل عكار والقسم الجنوبي من جبل النصيرية، أي المنطقة الممتدة بين طرابلس وبانياس وحماة وحمص. وفي الوقت الذي نؤجل فيه الشروع بدراسة مجمل سورية الشمالية، نقدم مسار رحلتنا بما فيه من ملاحظات عن المواقع الأثرية[2].

عرقة (قيصرية لبنان، Cæsarea Libani): بانطلاقنا من طرابلس على الطريق الأساسية إلى حمص، سلكنا عند خان العبدة طريق حلبا. تستغرق الطريق أربع ساعات و10 دقائق من طرابلس المدينة حتى منيارة القرية الأقرب إلى آثار عرقة الخاوية. كانت المدينة القديمة تنتشر حول تل، لا سيما لجهة الشمال. ثمة الكثير من الأعمدة الممتدة على الأرض، بعضها من الغرانيت الوردي. يمثل لنا التل، حيث لا نرى غير الآبار المندثرة، القلعة التي أوقفت زحف الصليبيين طويلاً.

بصعودنا وادي نهر عرقة، مروراً بكرم عصفور والمزرعة، نصل بعد 30 دقيقة من منيارة إلى القنطرة. تستمد هذه القرية اسمها- الذي يعني الجسر- من بقايا قناة ماء تجتاز رافداً صغيراً لنهر عرقة. (ص 306) كانت هذه القناة تغذي بالمياه عرقة، المدينة الأساسية الوحيدة في المنطقة، والتي ذكرها الإدريسي[3]. نجد أثر هذه القناة بعد عدبل حيث تكون القناة بمثابة الطريق أيضاً. تركنا على يسارنا ضهر رسين (لعلها ضهر الليسينة) فوصلنا إلى بيت ملات. تستغرق الطريق من القنطرة إلى بيت ملات ساعتين و10 دقائق، ومن بيت ملات إلى عكار خمس ساعات. نمر بالعيون ونترك على يسارنا بينو التي حددناها بأنها قرية بانا Banna (الصليبية)، فنصل إلى البرج، مركز القائمقام قبل أن ينتقل إلى حلبا[4]. تقع عيات (عيا ‘Ayé)على مقربة من منجم للحديد.

عكار: نجد، بجوار قرية عكار الحالية، آثار قلعة سماها الصليبيون جبل عكار Jibel ‘Akkar أو جبلتار Jibeltar، وسماها العرب حصن عكار[5]. وهب الملك أموري Amaury، سنة 1170، هذه المقاطعة الهامة من كونتية طرابلس إلى فرسان الاسبتالية[6]. لم نتمكن من العثور على أي علامة على تقطيع الحجارة ونحتها. فالأسوار الباقية تبدو أنها تعود إلى زمن بيبرس: إن إفريز السباع في أعلى البرج الجنوبي (صورة رقم 1) يشكل دلالة أكيدة على ذلك. نرى على الصخور التي تشكل قاعدة الحصن مجرى ماء يبدأ عمودياً، ثم يجتاز أفقياً الخندق المحفور اصطناعياً، ليعزل الحصن عن الجبل، ويغرق أخيراً بين الصخور. كان هذا المجرى يزود الحصن بالماء بطريقة السحارة Siphon الرائعة لدرجة جعلت الدمشقي يأتي على ذكرها[7]. لم نتمكن من دخول البرج الجنوبي.

في شمالي الحصن، ما يزال قسم من الطابق الأول للدفاع (ص 307) عنه محفوظاً: إنه دهليز صغير معقود بشكل مضلع، وفيه كوات للرمي موجهة إلى الأسفل بحدة. حجارته متناسقة ومتقنة النحت، ومع أننا لم نتمكن من العثور على علامات على طريقة النحت، فإننا نميل إلى نسبة الحصن إلى الفرنجة.

ولعل العرب في أيام بيبرس لم يفعلوا غير ترميم الأسوار التي بناها فرسان الاسبتالية[8].

في الجهة المقابلة من الوادي، في موقع قرية عكار الحالية، كانت تقوم المدينة التي حملت نفس الاسم. كل الآثار الباقية منها تعود للزمن العربي. لا سيما (ص 308) الجامع الصغير، مع ثلاثة نقوش عربية[9]، ثمة جامع آخر يسمى التكية، وهو أكثر لفتاً للنظر من الأول، وتزينه سباع بيبرس، وله واجهة بيضاء وسوداء. ولم نتمكن من تدوين نقش محفور فوق بابه. نهبط من عكار، بمدة ساعتين و10 دقائق إلى بلدة القبيات الكبيرة.

مقام الرب Maqam er-Rab: على يمين الطريق من القبيات إلى منجز، وبعد مسافة ساعة و10 دقائق من الأولى، تشير كومة من الحجارة المنحوتة إلى وجود هيكل يوناني قديم. نلحظ

 

الصورة رقم 1

 

مخططاً لمستطيل تتقدمه ستة أعمدة، اثنان منها خارج خط الجانبين. لا نلحظ وجود آثار لواجهة من الأعمدة تحيط بالمعبد. تشير هذه الأعمدة إلى انحطاط فريد، ولا تظهر أي بروز في قواعدها. يجب أن يكون هذا البناء عائداً للقرون المسيحية الأولى: عندما سرعان ما شرع الطراز اليوناني- المسيحي باجتياح سورية بكاملها. أفضل قسم محفوظ من البناء هو عبارة عن غرفة مقببة من العقد الكامل بعرض المعبد بكامله لجهته الخلفية. إنها بمستوى أدنى من المعبد، ولعلها كانت غرفة للخدمة office d’adytum. كما أن الحجارة المتقنة النحت تشير إلى عمل نحاتين ماهرين؛ ولقد أخذنا منها مجموعتي الحروف: ().

قلعة الفِليس el-Felis Qal‘at (فِليسيوم Felicium): يلزمنا 40 دقيقة من مقام الرب إلى قرية منجز المارونية، و25 دقيقة حتى (كنيسة) السيدة Sa‘idé. أسس الأب بارنييه هنا داراً للمعلمين ليزود مدارس المنطقة بمدرسي اللغة الفرنسية، وكل هذه المدارس إنما قامت بفضل تفانيه الدؤوب. قادنا الأب المذكور إلى مكان بقرب السيدة لنرى على تلة مشرفة على ملتقى النهر الكبير بأحد روافده، آثار حصن صغير. كانت أسواره البازلتية متهدمة تماماً بفعل إقامة التركمان فيه منذ حوالي خمسين سنة. (ص 309) ومنذ فترة قريبة استعملت هذه الحجارة في بناء السيدة. لذلك كان من الصعب الوصول إلى أمر جدي في شأن هذا الأثر. كثير من الحجارة المنحوتة فيها حدبة، بعضها يحمل علامة الصليب. يبدو واضحاً في هذا الموقع مخطط كنيسة صغيرة. يكفي كل ذلك لننسب هذه الآثار إلى الفرنجة، ونظراً لاسمها الراهن قلعة الفِليس، فلا يمكننا التردد لأن نتعرف فيها على فِليسيوم الصليبيين، والمعروف أنه تمت موضعتها بجوار عرقة. لقد باع جيلبير دو بوي لوران Gilbert de Puy-Laurent فِليسيوم ولاكوم Lacum إلى ريمون، كونت طرابلس، بقيمة ألف بيزان besans. ولعله من المحتمل أن قلعة فِليسيوم لم تكن مبنية في ذلك الزمن: فالحصن من بناء الاسبتالية الذين انتقلت إليهم ملكية فِليسيوم ولاكوم عام 1142، مع حصن الأكراد[10]. وكان سبق للاسبتالية أن اكتسبوا ملكية في فِليسيوم[11]، في العام 1128. نفهم من ذلك أنهم اقاموا الحصن ما أن أصبحوا أسياد الموقع. إن موقعه هام لأنه يتحكم بطريق تؤدي إلى طرابلس.

يعين النهر الكبير الحدود بين عكار والحصن (حصن الأكراد). والدبابية هي القرية الوحيدة التي تقع جنوبي النهر وتتبع الحصن.

حالات Halet: ننطلق من السيدة لنجتاز النهر الكبير بعد 25 دقيقة؛ وبعد 20 دقيقة نصل إلى القرية المارونية عزير ‘Azer؛ ثم 20 دقيقة فنبلغ حالات حيث تكثر الآثار. استخرجنا كتابتين بحروف كبيرة منقوشة على حجارة بازلتية.

تبدأ السنة 539 بالحساب السلوقي في الأول من تشرين الأول 228 ميلادية. اسم المتوفي طابعه سامي بوضوح. ويبدو أنه يجب أن نعزل العنصر () خادمة، ولكن الكلمة الثانية لا تعود إلى جذر سامي معروف.

(ص 310) النقش الآخر:

كتابة شهر آب من العام 55 ميلادية () "خادم أوزيريس Osiris"، وهو اسم شائع في النقوش الفينيقية[12]. وفي بيبلوس (جبيل) كان أوزيريس يتماثل بأدونيس[13]. بيد أن هذه هي المرة الأولى التي نصادف فيها ترجمة يونانية أكيدة، وهي تثبت اللفظ أوزيريس الذي كان قد عينه كليرمون غانو[14]. اسم الأب "الذي يباركه بعل" هو سامي بشكل مطلق. إن Βεελ ككتابة لكلمة بعل صحيحة للغاية في المناطق الفينيقية[15].

من حالات إلى مرمريتا: أربع ساعات. نقطع طريق حمص على يسار تل القلعة[16] Tell el-Qal‘a (تل كلخ)- مقر القائمقام الذي كان سابقاً في قلعة الحصن. وبعد اجتياز قرية الحجر الأبيض البائسة، ونترك على يميننا كفرريش Kefer Rich وشالوح Chelouh، نجتاز ساقية تخرج من النبع السبتي Fontaine Sabbatique.

النبع السبتي Fons Sabbaticus (الفوار El-Fouar): من السهل الوصول من مرمريتا إلى قلعة الصليبيين المشهورة، قلعة الحصن (حصن الأكراد)[17]، وإلى دير مار جرجس المجاور للنبع السبتي. (ص 311) ما يزال هذا الدير مركز احتفال سنوي كبير، حيث يجتمع أبناء المنطقة للصلاة والتسلية وقضاء أعمالهم.

يقدم لنا ناصري خسرو[18] في القرن الحادي عشر وصفاً دقيقاً لهذا النبع: "شاهدنا في الجبل نبعاً لا يجري طيلة السنة، كما أخبرونا، إلاّ في ثلاثة أيام، اعتباراً من 15 شعبان، ثم يتوقف ولا تخرج منه قطرة واحدة حتى العام التالي. ويزوره عدد كبير من الحجاج لمرضاة الله بأعمال التقوى. ولقد شيدت الأبنية الكبيرة في هذا المكان، كما حفرت فيه الآبار[19].

يستفيد هذا المزار من موقعه على إحدى الطرقات الأكثر عبوراً في سورية، وهي الطريق التي تربط مباشرة طرابلس، عبر أرطوسية وعرقة، بحماة وأفاميا. ويخبرنا جوزيفوس[20] ()، وهو الذي نقل إلينا اسم النبع السبتي، أن تيتوس توقف هناك أثناء انتقاله من عرقة إلى أفاميا. وشرح لنا مصدر التسمية بأن الماء لا تجري منه إلاّ في سبعة أيام. وعليه يبدو هذا الاسم السامي كلمة محلية، لا سيما وأنه تم الاحتفاظ بها في نهر السبته[21] Nahr es-Sabté المكون من النبع السبتي. وإلى هذا الاسم نسب بلانش Blanche شبطون Shebtoun أو شبطونا Schabtouna، المدينة المذكورة في النصوص المصرية المتعلقة بمعركة قادش. قد تكون شبطونا الاسم القديم لقلعة الحصن[22]. أقرت مارييت Mariette هذه المماثلة. ويعترض ماسبيرو بأن شبطونا يجب أن تكون جنوبي قاش[23]. لا يكون هذا الاعتراض مقبولاً إلاّ إذا كانت القوات المصرية قد وصلت إلى وادي العاصي عبر الليطاني والبقاع. ولكن لا شيء في (ص 312) النصوص المصرية يعني بشكل حاسم أن رعمسيس الثاني قد سلك هذه الطريق، غير الملائمة لجيش عديده بين 15 و20 ألف رجل[24]، وهي صعبة المسلك بالنسبة للعربات. ولما كانت الطريق عبر دمشق على شيء من المخاطرة بفعل تواجد البدو، فإن أفضل طريق للفتوحات تكون طريق الساحل عبر بيروت. وهذه الطريق تنحرف عند طرابلس إلى الشرق في وادي النهر الكبير. ويكفي أن نتذكر النصب التذكارية المحفورة على صخور نهر الكلب، والتي يروي أقدمها مرور رعمسيس. وهذه الطريق هي الوحيدة التي تتوافق مع الروايات عن موقعة قادش[25]. وفي الحقيقة فإن المعطى الطبوغرافي الأساسي، وهو من أكثرها بعداً عن الجدل، والذي تقدمه هذه الروايات، هو الموقع الذي كان يحتله الفرعون في طليعة قواته لحظة الهجوم. إن نصوص إبسامبول Ibsamboul تعينه شمالي غربي قادش، أما قصيدة بنتاور Pentaour فتجعله إلى الشمال. بيد إنه من غير المعقول أن يغامر رعمسيس الثاني شمالي قادش، بينما تكون قواته إلى الوراء، جنوبي المدينة. وإذا لم تواجهه قوات الحثيين التي تترقبه، فإن مجرد قوة منطلقة من قادش تقطع عليه طريق العودة. والحال، فإننا نرى رعمسيس يحتفظ باتصاله بمعظم جيشه، حتى في الوقت الذي بدأ فيه هجوم الحثيين وحلفاؤهم.

يتضح كل ذلك بجلاء إذا ما افترضنا أن الجيش قد جاء عن طريق الساحل: رعمسيس في الطليعة يبلغ شمالي قادش، في حين أن القسم الأكبر من جيشه يكون جنوبي شبطونا (قلعة الحصن). أما جيش العدو، فكان يكمن جنوبي قادش[26].

(ص 313) حبنمرا[27] Abnumrah: أربعون دقيقة إلى شمالي مرمريتا. وجدنا في حائط بقايا نقش يوناني محطم من جميع جوانبه.

يجب أن نقرأ في السطر الثاني  بدل .

ثمة نقش يوناني آخر في حائط، الحجر مكسور من الأسفل.  أو  هو اسم المتوفي. تبدأ سنة  بالرزنامة السلوقية في 1 تشرين الأول، 24 وفق رزنامتنا.

على مصراعي باب بازالتي يشبه أبنية حوران نرى رسوماً من العصر المسيحي، نقدم أحدها الصورة رقم 2 على المصراع الأول.

 

وعلى المصراع الآخر نرى صليباً عارضته الأفقية مزدوجة double barre transversale.

بعيت: بعد ساعة وربع الساعة نصل إلى بعيت Bé‘it أو بعيد Bé‘id، حيث بضعة آثار يونانية- مسيحية. وبعد 20 دقيقة وجدنا في قرية حربا Harba مقبرة هامة قبورها محفورة في الصخر، وكلها متموضعة كما في الصورة رقم 3.

ثمة سرداب للدفن يضم 11 قبراً، أربعة في كل من كوة اليمين والشمال، وثلاثة في كوة مؤخرة السرداب. بعد ساعة وخمس دقائق نصل عين ملوعا ‘Ain Mallou‘a في سفح قرية بنفس الاسم؛ وبعد 20 دقيقة نصل بيت سعيدة (أو سيدة) Beit Sa‘idé، وفي جوارها في حفة Hafé وبقطو Baqto، تبدو للعيان قبور محفورة في الصخور من نفس النوع (ص 314) المذكور أعلاه. يبدو جبل سعيدة المشرف على القرية كقمة منعزلة تكللها آثار قلعة هي صليبية على الأرجح. وبعد 25 دقيقة نصل إلى كفرون، ومن هناك نجتاز بلدة المشتى الكبيرة، وعلى يسارنا العيون حيث قررنا موضعة قرية لي فونتين[28] Les Fontaines، فنصل إلى مريمين Mariamin بأقل من خمس ساعات.

مريمين: تكثر الآثار القديمة في هذه البلدة النصيرية. وجدنا نقشاً لاتينياً على حجر كلسي محطم من كل جوانبه، فأخذنا وشماً له. إنه شاهدة قبر لجندي مولود في انطاكية، ترقى إلى رتبة الحرس عند ماكسيموس سبيكولاتور Maximus Spiculator.

وجدنا نصباً بازلتياً، فأخذنا له وشماً، على أعلاه تاج، ونرى في إطار صغير النقش الآتي:

 

ترجمة عن اللاتينية دومينوس Dominus. وغالباً ما نجد (). ونقرأ تحت الإطار: AOC، ثم يصبح الحجر غير مصقول.

ثمة مسلة بازلتية تمثل جندياً لباسه على الطريقة الرومانية، يجب أن يكون من نفس المرحلة (الصورة 4).

 

هذه المسلة البازلتية العائدة إلى المرحلة اليونانية- الرومانية تحمل خطين من النقوش اليونانية. أما المتوفي فمحفور له تمثال نصفي، ويبدو ممسكاً بيده اليمنى مقبض سيف. وفي الأعلى نجمية تتوسط شريطية، ما يشكل تحويراً، على سبيل الزينة، لشعار القرص والهلال المعروف جيداً.

(ص 315) أما النقش الكتابي فمشوه، عملنا على أخذ رشم له ونسخه وتصويره، فجاء على الأشكال الآتية:

رشم:

نسخة:

صورة:

رشم: 

نسخة:

صورة:

الأرجح أن اسم المتوفي هو .

يندرج في نفس صنف المنحوتات السابقة الرأس الشعاعي على القاعدة البازلتية (صورة 6، من مريمين).

() ()

يرجع النقش الكتابي الآتي إلى العصر المسيحي. وهو منقوش على ساكف على قسمين يفصل بينهما صليب. أخذنا له الرشم أدناه:

السطور الثلاثة الأولى من قسم اليسار كاملة، ربما يجب أن نقرأ () ونصحح في السطر (ص 316) الثالث ()، وفي السطر الأخير (). اما المعنى فيفوتنا. وإلى اليمين:

إذا اعتمدنا التقويم السلوقي، فسنة 844 تبدأ في الأول من تشرين الأول من سنة 533 ميلادية. وكما سنرى، فإن مريمين كانت في ذلك التاريخ مركز أسقفية.

تكفي هذه النصب لتبرهن أننا أمام موقع تاريخي قديم على قدر من الأهمية. فمريمين يذكرها في القرن الثالث عشر الجغرافي العربي ياقوت، تماماً بحالتها الراهنة، كقرية بجوار حمص[29]. إنها مريام Mariamme التي يذكرها المؤرخون القدماء، والتي ماثلناها مع صافيتا Safita (الحصن الأبيض Chastel- Blanc)، ومن ثم مع قلعة الحصن (حصن الأكراد). كانت مريمين، قبل الفتح العربي في القرن الخامس والسادس، أسقفية مرتبطة بأفاميا[30] Apamée. وفي العام 269 دفن المسيحي جيلازيزس الذي رجم في بعلبك في موطنه مريام حيث أقيمت لتخليد ذكره كنيسة خاصة[31].

وضع بطليموس[32] هذه المدينة شرقي طرطوس Antarados وبمستواها، أما بلين فتحدث عن شعب المريميين[33] Mariammitani. وجاء أقدم ذكر لها مع أريين[34] Arrien: وضع جيروسترات، ملك أرواد، بالاتفاق مع باقي ملوك فينيقيا وقبرص، أسطوله في خدمة داريوس. ولكن ما ان شاع خبر عزم الاسكندر، إثر معركة إيسوس، على الدخول إلى سورية حتى أسرع إبنه ستراتون، بغياب والده، إلى ان يقدم المملكة الأروادية للمنتصر. وبهذه المناسبة وضع أريين حدود هذه المملكة: فهي تضم كل البلاد الواقعة بين الساحل وسيغون Sigon ومريام. أما سيغون فهي صهيون الراهنة[35].

(ص 317) تعود أهمية مريمين في العصور القديمة إلى سببين: كانت مركزاً زراعياً من الدرجة الأولى، كما كانت تقع على الطريق المؤدية من طرطوس إلى وادي العاصي مقابل حمص والرستن.

تشرف مريمين على وادي العاصي الفسيح من بحيرة حمص حتى حماة؛ وأهمية موقع المراقبة هذا جعل منه مركزاً لحامية عسكرية منذ القدم. ولعل نصب الجنود التي ذكرناها للتو تشهد على ذلك في المرحلة اليونانية- الرومانية. ولقد رأينا أن مريمين كانت في زمن المملكة الأروادية مدينة حدودية. ولعل أهميتها تعود إلى زمن الغزوات المصرية الكبرى[36].

إن مريمين المتراجعة جداً تدين بوجودها إلى واقعها الزراعي: فالقمم القليلة الارتفاع المحيطة بها تنتج أفخر أنواع العنب وأنواع التين المشهورة التي تجفف ويتم الاتجار بها بكثافة. وهذا ما أدى إلى تسمية هذه المنطقة، منطقة المريميين على حد كلام بلين، باسم جبل الحلو.

بعرين Bârîn (مون فراندوس Mons Ferrandus) ورفنية Raphanée: نصل من مريمين، عبر طعونة Taoun بأقل من ساعتين، إلى بعرين[37]. تقع القرية الحالية على تلة تكللها خرائب حصن ما تزال ظاهرة آثار سوره الصليبي مون فراندوس، قلعة بعرين. ولقد وجدنا، علاوة على النقوش العربية، النقش الآتي على حجر كلسي مكسور على يساره:

 

 

(ص 318) Bironii Roc… vixit an(nis)?? VI. L(ucius) P(ublius) Bironius … fecit

تقع آثار رفنية على مسافة ربع ساعة من بعرين. إن هذه المدينة على أهمية إستراتيجية عظيمة بفضل موقعها على منفذ على الطريق من طرابلس إلى حلب، عبر أرطوسية وعرقة والنبع السبتي ورفنية وأفاميا. هذه الطريق التي سلكها تيتوس[38] Titus مذكورة في لائحة پوتنجر Table de Peutinger. وفي القرن الحادي عشر يخبرنا ناصر خسرو[39] بوجود طريقين تنطلقان من حماة؛ تؤدي الأولى إلى الساحل السوري عبر النبع السبتي وعرقة، بينما تتجه الأخرى نحو الجنوب وتصل إلى دمشق. أما لائحة بوتنجر فتعين أيضاً طريقاً تنطلق من رفنية إلى طرطوس. وكانت رفنية في زمن الرومان مركز فيلق عسكري. فالفيلق الثاني عشر أقام فيها فترة قبل أن يعود إلى ميليتين[40] Mélitène. ولكن الفيلق السادس هو الذي استقر فيها تماماً. هذا ما نجد البرهان عليه في النقش الآتي المحفور بحروف واضحة على نصب أبعاده 1.85م ، 0.80م، 0.72م:

…Corneli(ae) uxor(is) cu(ra) Severi tri(buni) mil(itum) le(gionis)VI Fe(rratae). H(ic) s(ita) e(st)

يفسر اسم فراتا الذي يحمله الفيلق السادس تسمية حصن فراندوس (حصن بعرين)؛ وعليه فإن بعرين كانت المعسكر المحصن للفيلق.

تمتد مقبرة رفنية، حيث وجدنا النقش السابق، إلى شمالي المدينة. لقد عرضوا علينا تمثالاً برونزياً رومانياً (الصورة 7) تم العثور عليه في رفنية. (ص 319) رجل اليسار مكسورة على مستوى الركبة، أما اليد اليمنى فبلا أصابع. هذا التمثال البرونزي على قدر من الأهمية بفعل زينة الرأس على طريقة الإلهة إيزيس. إنها فينوس التي تمسك المرآة بيدها اليسرى، وربما قليلاً من الحمرة باليد اليمنى، وهي تشبه تمثالاً برونزياً عثر عليه في طرطوس[41].

على مسافة 15 دقيقة إلى الغرب من هذه المقبرة ثمة جامع مدمر، مبني بحجارة كلسية ضخمة وأعمدة محطمة. يبلغ حجم أحد الحجارة المزين بناتئة على طرفيه (مكسور بمنتصفه) 1.50م طولاً، 1.42م عرضاً، 0.77م سماكة؛ هذا القياس مأخوذ خارج الناتئات الحادة التي تميز المواقع الأثرية العائدة للعصر الروماني في سورية. وهذا المكان المسمى أرض حدرية Ard Hadrié هو موقع معبد قديم.

من هناك نتجه غرباً، بعد أن نترك قرتمان[42] Qurtmen على يميننا، فيظهر لنا في البعيد حصن مصيد Masyad، لنصل في مدى ساعة و45 دقيقة إلى قرية عين حلاقين. يلزمنا من هذا المكان ساعتين ونصف حتى نصل إلى حصن سليمان مروراً بعين شمس. وقبل وصولنا بقليل نجتاز على يسارنا قمة القليعة[43].

حصن سليمان Bætocécé: سبق أن زار هذا المعبد راي[44] Rey وجيسوپ[45] R. S. Jessup منذ أكثر من 20 سنة. أخذ راي وشماً للنقش الكبير على الباب الشمالي ما مكن ودينغتون[46] من وضع النص النهائي له. (ص 320) أما جيسوپ فاكتشف نقشاً فوق الباب الشرقي. وتمكنا من أخذ خمسة نقوش جديدة، أو بقايا نقوش.

إن النقش الكبير على الباب الشمالي هي تثبيت من قبل الامبراطور فاليريان وغاليان الامتيازات التي منحها ملوك سورية إلى سكان بلدة حصن سليمان Bætocécé. وبهذه المناسبة فإن السكان سحبوا من أرشيفهم رسالة من أنطيوخس وقسماً من مرسوم موجه إلى أوغست كي ينقشوهما خلف النص اللاتيني. وحصلت هذه النقوش بين سنوات 253 و259 ميلادية. أما الآلهة فمذكورة مرة واحدة في رسالة أنطيوخس بشكل ().

يشبه حصن سليمان الشكل العام للمعابد السامية: نطاق واسع مسور بحيطان عالية جداً، ومبنية بحجارة ضخمة، تحجب عن عيون العامة المعبد والهيكل الصغير الذي يستطيع دخوله بضعة كهنة فقط. ولهذا النطاق أربعة أبواب كبيرة، واحد من كل جهة. النقش على الباب الشرقي (الصورة 8، fig. 8) الذي سنقدم صورة عنه لأن صورة جيسوپ خاطئة، عبارة عن إهداء

 

يعني أن سكان المحلة () شيدوا هذا البناء من مالهم الخاص للإله المحلي ()، سنة 482 بالتقويم السلوقي، وهي السنة التي تبدأ في الأول من تشرين الأول من عام 171 ميلادية.

إن التاريخ أكيد رغم أن جيسوپ قرأه (). تجدر الملاحظة مباشرة أن التاريخ يعين فقط السنة التي تم فيها وضع ساكف الباب. هذا بينما نجد التاريخ مختلفاً على الباب الجنوبي. أما طراز الباب فهو الطراز المشهور في ذلك الزمن. فالناتئات الضخمة متناسقة مع حجم الحجارة وثمة علامتان للنصر (2 VICTOIRES) تسندان الإفريز: هما من النوع الهلنستي المكرسان بانتصار ساموتراس Samothrace، ونجدهما على الباب الغربي.

 

(ص 321) لكل واحد من الأبواب الثلاثة الباقية نقش إهداء. الباب الجنوبي (صورة رقم 9، fig. 9) لم يبق فيه غير بضعة أحرف: ().

 

إنه على الأرجح إهداء للإله () وهو النعت الكثير الاستعمال في سورية للإشارة إلى الإله توبيك[47] Topique.

ثمة على الأرض أمام الباب حجر ضخم له ناتئة (2.52م، 1.15م، 1م)، مكسور على يساره، (ص 322) وعليه نقش من السهل ترميمه بفضل الإهداء الموجود على الباب الشرقي:

أما التاريخ فيطابق، وإن يكن ذلك مع شيء من عدم الدقة بفعل وجود ε، العام 194-195 ميلادية. وإذا ما اعتبرنا القسم الجنوبي من السور قد أنجز بناؤه مع نهاية العمل، يمكننا إرجاع بناء هذا المعبد إلى النصف الثاني من القرن الثاني. إن لهذه التواريخ قيمتها الثمينة. ولولاها لوجب اعتبار هذا السور صناعة فينيقية، أو من صنع الجبابرة muraille cyclopéenne ou phénicienne، على اعتبارها تعود إلى أقدم العهود. فبعد بعلبك نستطيع في حصن سليمان أن نجد أكبر الحجارة المنحوتة، وهنا أيضاً فإن الأحجام المتماثلة وطريقة البناء ذاتها ونفس الزخرفة لا تسمح بافتراض أن البناء يعتمد على مواد سبق استعمالها في بناء آخر. هذا فضلاً عن أنها لنظرية غريبة تلك التي تعتبر أن الحجر يكون أكثر (ص 323) قدماً كلما كان أكبر حجماً. فمثل حصن سليمان يساهم في تدمير بقايا التصور القديم عن وجود شعب العمالقة، لأنه يكشف أن سورية في العصر الروماني كانت مأخوذة فعلياً بجنون العظمة.

إن الحجر المطروح أرضاً أمام الباب الجنوبي لا يطابق، بناتئاته ولا بنقوشه، قسم الساكف الباقي في مكانه. وليس من المعلوم أين يجب وضعه فيما لو شئنا إعادة البناء كما كان في الأصل ، إلاً إذا شئنا وضعه فوق الساكف.

فوق الباب الشمالي بوسعنا قراءة بقية من نقش: ().

أما بخصوص الباب الغربي (الصورة رقم 10، fig. 10)- نجد في منتصف فرجة الباب قاعدة دائرية لم نتمكن من تحديد ما إذا كانت ثابتة- فنقشها صعب القراءة: حروفه معدنية مثبتة بألسنة موضوعة في خروم دقيقة، ولم يبق منها غير الألسنة النحاسية أو الخروم فقط.

(ص 324) نقدم هنا صورة طبق الأصل حرصنا فيها على تبيان دقيق لوضع جميع الخروم:

نقرأ بيقين ()، مع ملاحظتنا أنه بعد Ν فإن الخطين العموديين قريبان بحيث يعطيان Η. وهكذا فإن الإلهة خاصة بشعب مدينة عسقلان. إن الصيغ المذكرة لا تؤدي بنا إلى نهاية في التصريف متوافقة مع آثار أمكنة نقش الحروف. أما صيغة المؤنث في () فهي أكثر موافقة. فيكون لدينا ()، مع ()، وبالتالي نرمم النقش لنحصل على:

ومن هنا يصبح أمامنا إلى جانب Ζεύς، أو بعل Ba‘al، () إلهة parèdre هي الإلهة المعبودة في عسقلان. وهذه التسمية ) لا توجد في أي مكان آخر، ولكنها تحيلنا إلى معبد معروف جيداً، يشدد هيرودوت على أهميته: "هذا المعبد (معبد عسقلان)، كما دلت أبحاثي، هو أقدم معابد هذه الإلهة، لأن معبد قبرص Cypre بُني على طرازه، على حد قول القبارصة أنفسهم، والفينيقيون المنطلقون من هذا الموقع من سورية هم الذين بنوا معبد جزيرة كيتيرا Cythère"[48]. إن معبد Bætocécé يؤيد شهادة هيرودوت.

إن إلهة عسقلان السورية، درسيتو Dercéto أو أترغاتيس Atergatis، كانت تتمثل بتمثال نصفه امرأة ونصفه سمكة[49]. وفي هيرابوليس Hiérapolis بالقرب من الفرات كان تمثال الإلهة بكامله على شكل امرأة، ولكن ذلك لا ينفي أصله البتة. وثمة من يزعم أيضاً أن معبد هيرابوليس كان في زمن لوسيان Lucien مكرس للإلهة درسيتو[50]. وكما هي الحال في عسقلان، كانت الأسماك مقدسة هنا أيضاً[51]. ثمة طقوس أخرى (ص 325) تكشف الأصل البحري لهذه الإلهة: "فالاحتفالات الكبرى هي تلك التي يتم الاحتفال بها على شواطئ البحر"[52]. ومن هنا كان كل واحد يعود بوعاء يتم إقفاله بعد تعبئته بعناية من مياه البحر لتجري إراقته إكراماً للإلهة. وإذا كانت نفس خصوصيات العبادة معمولاً بها، كما هو مرجح في Bætocécé، فهذا يعني أن على المؤمنين ارتياد الشاطئ المقابل لأرواد. فمن أرواد أيضاً تغلغلت عبادة درسيتو إلى Bætocécé. ونحن لا نعرف رسماً تمثيلياً لعشترت Astarté أرواد. ولكن ثمة نقشاً مصرياً يسمح بتعيينها في هذه الإلهة السورية، ولهذه العشترت- الغريبة، كما يسميها هيرودوت، كان هناك معبد في ممفيس، في حرم الإله السمكة، في بروتيه[53] Protée، في مركز المستعمرة الفينيقية.

نعثر في أرواد على الإلهة المعبودة مع بعل ممثل على أقدم عملات الجزيرة[54] بنفس تمثال داغون  Dagon عسقلان الموجود على ستاتير (ليرة ذهبية) مشهور[55].

إن علم المسكوكات الذي بين تقارباً واضحاً للغاية بين عسقلان وأرواد، يقدم تقارباً آخر بين أرواد وBætocécé. تضم الواجهة الشمالية لسور Bætocécé نقيشتين بارزتين. الأولى صورة سبع، والثانية سبع أمام شجرة سرو. ولقد أثبت لاجارد Lajard أن شجرة السرو ترمز إلى الإلهة السورية[56]. أما السبع فيرمز إلى الإله، مثلما يمثل الثور الإلهة[57]. (ص 326) والحال فإن قطعة عملة أروادية من العام 217 ميلادية عليها شجرة سرو بين ثور وسبع متواجهين[58]. ثمة استنتاج يفرض نفسه: كانت Bætocéce معبداً فينيقياً عظيماً، وكان من شأنه أن لعب بالنسبة لأرواد دوراً مشابهاً للدور الذي لعبته أفقا في لبنان بالنسبة لجبيل.

ليست سواكف الأبواب الكبيرة في المداخل هي الأمكنة الوحيدة التي نلاحظ عليها آثار النقوش. ففي كل جهة من الجوانب الداخلية للباب الشمالي ثمة مشكاة صغيرة محفورة لوضع تمثال صغير. وتحتها كان يوجد إهداء. وحده الإهداء لجهة اليمين قابل للقراءة جزئياً:

من المحتمل وجود نقوش أخرى، إما على الحيطان- خاصة تحت المشاكي- وإما على الأرض التي ارتفعت كثيراً. ولعلنا نصل إلى حصيلة وافرة من النذور فيما لو كانت الخروم المربعة المحيطة بمشاكي الباب الشمالي هي خروم لتثبيت الحروف. يمكن العثور بالتأكيد على الساكف المكسور للباب الجنوبي: فلا يمكن لكتلة بهذا الحجم أن تتفتت. ولكن الأمر يستدعي سرعة التحرك: فالنصيريون يقيمون داخل الخرائب. لقد لاحظنا أمام المعبد وجود بقايا أتون للكلس، ومن أبسط الأمور أنه يستعمل لانتاج المادة اللازمة لتبييض موقع الولي المجاور.

إن المصلى الضيق هو مجرد ناوس يبدو فيه التأثير الروماني بفعل وجود الأعمدة المستعارة التي تزين الجدران.

وفي قمة الجبهية رأس سبع مزخرف بشريطية من النقوش (صورة 11، fig. 11). لقد عملنا على استخراجه، وتبين لنا، استناداً لنقيشيات الواجهة الشمالية، أنه لم يكن مجرد أمر للزينة.

وبالقرب من المعبد إلى الشمال حيث يقترن بعل Bætocécé (ص 327) بإلهة عسقلان نجد آثار الأبنية الفسيحة والجميلة، وهناك اقترح راي التعرف على معهد الكهنة[59]. ثمة هيكل صغير ملاصق لها نلاحظ في مقدمته مشكاة عليها نقش مشوه (ص 328) تماماً، وعلى ساكف الباب تظهر بوضوح الخروم المعدة لتثبيت الحروف. نقدم صورته (صورة 12، fig. 12)، على أمل المحاولة لاحقاً لكتابة هذا النقش[60].

 

ثمة عنصر زخرفي غالباً ما يعود إلى حصن سليمان هو النسر. ففي سقف كل باب كبير نجد نسراً باسطاً جناحيه يمسك بمخالبه صولجاناً، وعلى جانبيه صبيان جميلان هما على الأرجح فوسفوروس Phosphoros وهيسبيروس Hespéros، وتسلط نجمة الصبح ونجمة المساء أنوارهما عليه (الصورة أدناه). إن تكرار هذه الزخرفة يبين فعلاً أن المقصود رمز ما يدفعنا لنرى فيه تأويلاً فنياً عند اليونان للقرص المجنح، رمز القوة الموجود على مدخل كل معبد فينيقي[61].

 ()[62]

يبقى أن نضيف شيئاً حول اسم هذا الموضع Bætocécé الثابت لجهة أصله السامي مع أنه لم يتم التوصل إلى تحديد معناه. النقوش المحلية تعطينا الترجمات التالية:

رسالة انطيوخوس (Wadd. 2720 a):    .

الباب الشرقي (Jessup, P.E.F., 1873): ،171-172 ب.م.

الباب الجنوبي (حجر على الأرض):    ، 194-195 ب.م.

الباب الشمالي:                         .

لا علاقة لمبادلة المصوتات والصامتات من الحروف الناجمة عن هذه المقارنة بالنقوش اليونانية في سورية. ومبادلة الصامتين  و  هو ظاهرة أكثر (ص 329) غرابة، ولكن يمكن تفسيرها ببعض الخطأ في تصحيف الاسم السامي باليونانية. وفي هذا الاسم من السهل عزل العنصر  أو  =  = بيت، معبد. أما معنى  أو  أو أو فأقل وضوحاً. فلا نرى غير حل واحد ممكن، هي أن تكون هذه العبارة اسم الخروع وقد صُحف من المصرية إلى اليونانية بصيغة ، كما يبين هذا المقطع لهيرودوت: "إن المصريين القاطنين قرب المستنقعات يستخدمون مرهماً يستخرجونه من ثمرة الخروع sillicypria ويسمونه ... إنه جسم دهني ليس أقل صلاحية للإنارة من زيت الزيتون؛ ولكن رائحته غير محتملة"[63]. هذه النبتة معروفة لدينا من خلال التوراة: إنها كيكايون qiqayon الذي اشتهر من خلال النبي يونان[64].

ليست نادرة أسماء الأمكنة بهذه الصيغة. ففي التوراة هناك بيت-هاكرم Beth-hakerem (بيت العنب)، بيت- هاشيتا Beth-hachitta (منزل الأكاسيا)، بيت- تافواح Beth-taffouah (بيت التفاح).

أما الخروع فقد لحظ وجوده بويه Boué في جوار دمشق[65]، ويقول السيد بيدل Beadle أننا نجده بالقرب من بانياس (بالانيه Balanée)[66]. كما يُصدّر من مرفأ طرابلس سنوياً أكثر من 21 طناً من حبوب الخروع[67].

- ننزل من حصن سليمان إلى المشتى في مدى ساعتين. رأينا في هذه القرية مذبحاً مربعاً صغيراً بارتفاع حوالي 0.70م، مصدره كما أكدوا لنا من بعرين، وعليه نقش من ثلاثة سطور:

(ص 330) يوجد تحت النقش نصب يمثل أسداً وأمامه مذبح. وعلى جانبه الأيمن ثور مزين بحزام الأضحية وأمامه مذبح.

يوحي قرب معبد حصن سليمان أن هذه الرسوم تخلد، أو ترمز إلى التضحية بثور وأسد لآلهة Bætocécé. في هيرابوليس كان من بين الحيوانات التي يُضحى بها والمحفوظة في باحة المعبد أسود وثيران كبيرة[68].

بعد 32 دقيقة مررنا مجدداً في بيت سعيدة (سيدة)؛ 45 دقيقة، بشرايل Bechrail؛ 30 دقيقة، عديده ‘Adeidé، قرية نصفها موارنة ونصفها نصيرية؛ 15 دقيقة، بتارش[69] Btarech؛ 30 دقيقة، مار سمعان؛ 40 دقيقة، برج صافيتا، الحصن الأبيض بلغة الصليبيين[70]؛ 30 دقيقة، تلعا Tel‘a؛ 25 دقيقة عين المسقى، أي العين التي نشرب منها؛ من اسم على هذه الشاكلة نحت الفرنجة اسم المسكية "la Mesquie". 48 دقيقة، نجتاز النهر الأبرش؛ 35 دقيقة قلعة عريمة.

كانت هذه القلعة المدمرة تماماً اليوم بيد فرسان الداوية. وتكشف علامات النحت فيها أنها بنيت على يد الفرنجة. يقع دير مار الياس على مسافة 30 دقيقة منها.

40 دقيقة، حوزه Houzeh (راي: إلوزي El-Ousy)؛ 20 دقيقة، حورا Haura؛ على اليمين دنيغيرا Dneighira (راي: نكيرا Nekira)؛ 14 دقيقة، راس دير؛ 9 دقائق، سمكه Samké، مع معبد للنصيرية في صدر كنيسة قديمة مدمرة.

28 دقيقة، برج ميعار المدمر. لم نعثر فيه على نقوش.

35 دقيقة، قلعة يحمور، الحصن الأحمر Chastel-rouge بلغة الصليبيين، هو يمور Jammour لائحة بوتنجر Peutenger، يبدو أنه كان مركزاً هاماً. ثمة (ص 331) قبران حجريان منبوشان، تم إرسالهما إلى القسطنطينية من حوالي عشرة أعوام، ولم نتمكن من معرفة مصيرهما[71]. لقد توفر في الموضع الكثير من القطع الأثرية الصغيرة. وتم تعديل سور القلعة جذرياً بعد المرحلة الصليبية[72]. وفي الوسط منه نوع من برج مربع هندسته فرنجية: عمود مركزي تلتقي عليه زوايا أربعة قناطر[73]. وثمة سلم ،على شكل القوس القوطية، مندرج في سماكة الحائط يؤدي إلى مصطبة بطابقين للدفاع: كوات رمي بقناطر صغيرة وفوقها فتحات. صالة الطابق الأرضي الفسيحة تحولت إلى اسطبل، وهي مظلمة بحيث لم نتمكن من تمييز نقوش ما. نرى في الخارج صلباناً ولكننا لا نستطيع الجزم بما إذا كانت الحجارة التي تحملها في موضعها الصحيح.

25 دقيقة، مجلون البحر Medjloun eh-Bahr، بعض الدواثر. من هناك نصل بساعتين إلى طرطوس.

طرطوس Tortose (انتارادوس Antaradus): قدمنا في العام الماضي مخططاً لكنيسة طرطوس الشهيرة، ولكنه لم يكن (ص 332) دقيقاً تماماً: خصوصاً أن القناطر غير موجودة إلاّ على الجوانب. نقدم النموذج الأدق (صورة 13، fig. 13):

- ممسك جرة عليه النقش الآتي: ().

عُثر في طرطوس على تمثال فينوس واقفة Vénus diadémée من البرونز، علوه بدون القاعدة 13سنتم. يستند الجسم إلى القدم اليمين، بينما يد اليسار تمسك بتفاحة. إنه من صنع يوناني-روماني حسن؛ تفاصيله، كالتسريحة، متقنة للغاية. أما قاعدته فقديمة. تمثال صغير سليم تماماً، من أوكسيد البرونز الأخضر (الصورة رقم 14، fig. 14).

برونز سوري: ارتفاعه 5سنتم. مكسور عند منتصف الجسم ما لا يسمح بالقول إذا كان الفخذين مستورين. كما تغيب منه مقدمة الذراعين. إنه يمثل إلهاً أو محارباً ويُمكن تشبيهه بتمثال تيرنت[74] Tirynthe، وهو من برونز مسينا[75] Mycènes أو كريت[76] Crète. سبق وعُثر في طرطوس على تمثال برونزي[77] من طراز أسبق على أي تأثير يوناني، ولكن صنعه يبدو أكثر قدماً. وفي كل هذه الصور تبدو التسريحة على شكل أكثر طولاً مما في البرونز المعروض هنا (في الصورة 15، fig. 15).

- نقش فينيقي: أروادية أولى (اللوحة VIII): شددنا في العام الماضي في نفس هذا المصنف على الأهمية الآثارية للمقبرة الواسعة الممتدة جنوبي طرطوس على طول الساحل وصولاً إلى قبالة أرواد القديمة.

(ص 333) النقش الفينيقي الذي ننشره هنا مصدره هذه المنطقة: عثر عليه على مسافة نصف ساعة جنوبي طرطوس، بالقرب من تل الغمق Tell Ghamqé. هذا أول نقش نجده في سورية الشمالية، أي الساحل السوري شمالي جبيل.

هو محفور على صفحة أعدت بعناية لقطعة من الرخام الأبيض بقياس 0.10م و0.083م، والحفر على عمق يتراوح بين 0.028 و0.035م. ولقد تضررت صفحة النقش في ثلاثة مواضع بفعل ضربات المعول أو سكة الحراثة، ما يسمح بتقدير الحب الأبيض والدقيق للرخام. وكل باقي القطعة بلون الصدأ الغامق لطول طمرها في أرض حديدية. وحدود النقش واضحة، فالنقش بالتالي كاملاً. أما جانب القطعة الخلفي فترقق قليلاً.

النقش ممتاز، ومن صنع يد واثقة. النقش من ثلاثة سطور فقط، ولكنه كامل. ويشبه شكل الحروف النموذج الصيدوني المتميز بالنقش الصيدوني الثاني[78]، مع وجود بعض الخصوصيات البالغة الأهمية.

بفحص النقش بعناية من خلال الهيلوغرافي (الحفر الضوئي) نلاحظ في بداية السطر الثاني ونهايته وفي نهاية الثالث، أي ثلاث مرات، وجود رمز معلم بوضوح ()، يُمكن اعتباره للوهلة الأولى كعلامة فصل. ولكن وجود علامة الفصل في مطلع السطر الثاني أمر لا قيمة له. ومن جهة أخرى، فهذا الرمز لا نجده إلاّ قبل الحرف ألف، وهو يشكل قسماً منه في الحقيقة. ليس هذا الرمز غير شاهد على وجود عارضة في حرف الألف القديم. أما النقش الصيدوني الثاني فيقدم حرف ألف من مرحلة وسيطة...

(ص 334) باختصار فإن أبجدية هذا النقش الأروادي تعود إلى الزمن القديم. واقترح قراءتها على الشكل الآتي:

وترجمته: "هذا المذبح رفعته إلداماد Eldamad ابنة إشيل Echel"...

(ص 336) أرواد (Ruad, Arad): كانت جزيرة أرواد المرفأ الكبير ومركز الفينيقيين المتمركزين مقابلها على الشاطئ (Antaradus)، في قرنيه Qarné وإنيدرا Enydra وماراتوس Marathus. كانت هذه المدن بأسمائها المرومة لحد ما تشكل ما عُرف باسم بلاد أرواد "les Arad" أو الأرواديين، وأراتو Aratout بالأشورية؛ و() عند أرين[79] Arrien. وكانت المدن الأخرى، جبلة وبالتوس Paltoos وبالانيه Balanée في الشمال، وسيميرا Simyra في الجنوب، من من بنات أرواد، ويسمي سترابون مجموعها ()[80]. ولكن إقليم أرواد لم يقتصر على ضواحي توابعها. (ص 337) بينّا سابقاً، بتحديدنا لموقع مريمين Mariamme وسيغون Sigon، أن مملكة أرواد كانت تمتد قبل الاسكندر حتى السفح الشرقي لجبال النصرية. ويبدو أن حماة بالذات كانت لفترة من توابع أرواد[81].

إن وجود معبد حصن سليمان Bætocécé في قلب الجبل يشهد أن هذا الاحتلال قديم للغاية. وارواد "الكائنة وسط البحر"، تبعاً لعبارات النصوص الأشورية، لم تكن تزود حلفاءها بالبحارة والسفن فحسب. ففي زمن الحرب، كان بوسعها أن تجند جيشاً هاماً. والأرواديون كانوا في الحقيقة حاضرين في جميع حروب المواجهة بين المصريون والأشوريين. واضطر تحوطمس الثالث أن يوجه عليهم ثلاث أو أربع حملات، وهم مذكورون بين الأعداء الذين طوقوا رعمسيس الثاني في معركة قادش المشهورة[82].

إن امتلاك البلاد الجبلية بين الساحل ووادي العاصي كان ضرورياً لفينيقيي الشمال لضمان أمن الطريق الكبرى نحو بلاد ما بين النهرين التي حفظ لنا جدول بوتنجر مراحلها. من أنتارادوس (طرطوس) نصل إلى جامورا Jammura (قلعة يحمور)، ثم رافانيا Raphanée؛ ونجتاز العاصي، وعبر أفاميا نصل إلى حلب ومنها إلى معابر الفرات[83].

كانت الجبال ضرورة للفينيقيين من أجل خشبها اللازم لصناعة السفن، والذي كان الفائض منه يشكل سلعة هامة للتصدير[84]. وكان أربعة (ص 338) أنواع من الأشجار مخصصة لهذا الغرض: السرو والصنوبر والأرز والشربين. لقد بين رينان أن حرص الرومان على الحؤول دون تصحير الجبل- الكامل تقريباً اليوم- جعلهم ينظمون عملية قطع الأشجار[85].

باختصار، يجب الإقرار بوجود مملكة أروادية بالغة القوة على اليابسة، والامتناع عن القول مع رينان أن "فينيقيا لم تكن بلداً" بل كانت فقط "مجموعة من المرافئ مع ضواحٍ ضيقة"[86].

رصدنا في أرواد النص الآتي، على قاعدة مربعة من البازالت، لا شك كانت تحمل تمثالاً:

... (ص 339) مروف المقطع المثير لسترابون[87] حيث يروي كيف كان أهل أرواد يتزودون، في زمن الحرب، بالمياه العذبة من نبع في قعر البحر. يعرف بحارة هذه المناطق هذا النبع. تخرج المياه من القعر فتجعل على سطح الماء بقعة راكدة. سبقنا د. غاياردو[88] Gaillardot بملاحظة هذه الظاهرة. ولكن، إذا كان هذا النمط للتزود بالماء ممكناً، فمن المشكوك به كثيراً أن يكون قد استخدم. فجزيرة أرواد تحتوي في الحقيقة، علاوة على الأحواض العديدة، على الكثير من الآبار التي كانت تغذيها نفس الماء المنبعثة من البحر. بمعنى آخر كانت هذه الآبار غير قابلة للنضوب. والعرب الذين يسجلون بدقة كل ما له علاقة (ص 340) بطبيعة الماء، يسمونها بعبارة نبع. ورواية الرحالة لوقا تؤكد هذه الظاهرة تماماً[89]...

... (ص 351) من حماة إلى حمص الطريق صالحة لسير المركبات، وتستلزم 8 ساعات. تقع الرستن (l’ancienne Aréthuse) في منتصف الطريق. الدواثر منتشرة جنوبي البلدة الراهنة، لم نتمكن من التوقف فيها. تقع تل بيسه Tell-Bisé بمنازلها المسقوفة بالعقد، في منتصف الطريق بين الرستن وحمص.

حمص: نشر ودينغتون[90] عدداً كبيراً من النقوش اليونانية العائدة إلى حمص القديمة، ومعظمها يعود إلى نسخ جمعها جيرار دي ريال Girard de Rialle. لنضف إليها بعض البقايا:

السنة تبدأ في الأول من تشرين الأول من سنة 150 ميلادية ...

(ص 352) نرى نقشاً على حائط:

نقش يعود إلى 30 نيسان 167 ب.م. ...

... (ص 353)

 

معظم شواهد القبور في حمص يعلوها نجمية دائرية ونقش شريطي على شكل هلال وهما يشبهان ما هو موجود على نصب مريمين. إنه شكل تزييني (الصورة رقم 5) لرمز الهلال المحيط بالقرص.

في الصورة (رقم 20، fig. 20) تمثال فينوس، برونزي يوناني- روماني، متقن الصناعة.

 

على مسافة ساعة و35 دقيقة نصل إلى تل الشور بالقرب من السد الذي يحجز مياه بحيرة حمص الاصطناعية؛ وبعد 25 دقيقة نصل إلى قطينة، وهي قرية صغيرة أبنيتها قديمة؛ وعلى مسافة 23 دقيقة نصل إلى كمان؛ وبعد ساعتين نبلغ قصير، البلدة الكبيرة التي تقطنها غالبية مسلمة، وجنوبيها تصل قناة تحت الأرض غزيرة المياه، ونعثر على آثارها في عدة أمكنة باتجاه جوسية. يذكر الإدريسي هذه القناة باعتبارها تغذي مدينة حمص بالمياه[91]. بعد ساعة نصل بالقرب من زراعة، وبعد 30 دقيقة نبلغ جوسية.

تحتل جوسية خرائب بلدة عربية كانت مزدهرة فيما مضى. ويبدو أن الجامع القديم الذي لم يبقَ منه غير مئذنته المربعة ونقش فوق قبلته، قد بني بحجارة ربما كانت من المدينة القديمة، جوسية الخراب، الواقعة على مسافة 25 دقيقة (ص 354) إلى الجنوب الشرقي.

لم نجد في جوسية الخراب غير الأبنية العائدة إلى أزمنة سابقة على العرب[92]. ولم نعثر فيها على نقوش تعود للزمن المسيحي. أما المنازل فكانت مستطيلة الشكل، صغيرة ومرتفعة. ثمة سور كبير مربع، ضلعه حوالي 100م، له نتوء لجهة الشرق، يعود لنفس التاريخ، جعله يظهر بمظهر الحصن[93]؛ فلعله كان معبداً قديماً. وجدنا على ساكف الباب (الصورة 21، fig. 21) بقية نقش حروفه جيدة:

.

 أما داخله فهو مقلوب رأساً على عقب. ولقد عين روبسون[94] في هذا الموقع براديزوس Paradisos التي ذكرها سترابون، والمسماة أيضاً تريبراديزوس[95] Triparadisos.

 

على مسافة 25 دقيقة نصل من جوسية إلى ربلة. لا يكشف موقع ربلة القديمة أي أثر قديم. ولدى خروجنا منها نجتاز مخاضة على العاصي، ونبلغ تل النبي مند بعد ساعة و45 دقيقة.

لقد بددت الحفريات التي قام بها غوتييه[96] في (ص 355) جزيرة بحيرة حمص كل الشكوك في حقيقة أن تل النبي مند هي فعلاً قادش القديمة الواردة في النصوص المصرية[97]. لقد ذكر ياقوت أيضاً مدينة باسم قدس بجوار بحيرة حمص[98]. وفي صك يعود لعام 1142، يمنح ريمون الثاني، كونت طرابلس، لفرسان الاسبتالية، مع قلعة الحصن (حصن الأكراد) حق الصيد في بحيرة حمص: "in piscaria Chamele a Chades usque ad Resclausam"[99]. المقصود حق الصيد داخل بحيرة حمص، على اعتبار أن La Chamele هي حمص. اعتبر روهريخت[100] أن usque ad resclausam تعني "حتى السد" الواقع شمالي البحيرة. لا يمكن لقادش إلاّ أن تكون في موقع جنوبي البحيرة، لأن الضفة الغربية سبخية للغاية، بينما الضفة الشرقية كانت أرضاً عربية. وهكذا فإن تل النبي مند يتوافق تماماً مع هذه الوضعية. اتخذت قادش في العصر اليوناني- الروماني رسمياً اسم لاذقية لبنان Laodicea ad Libanum.

لقد نسخنا هناك النقش التالي الموجود على لوحة رخامية مكسرة على كل أطرافها:

واضع النقش من مواليد حمص.

من تل النبي مند، وعلى مسافة ساعة إلى الشمال والشمال الغربي نصل إلى دبين Debin (ربما جبانية Djubaniyé وفق بلانكنورن)؛ وبعد ساعة وربع نصل إلى لفتايا Liftaya.

لقد قام ڤان كاسترن[101] le R. P. van Kasteren باستكشاف لفتايا منذ فترة قريبة، بناءً لتوصية الأب بارنييه. إن خرائبها يونانية مسيحية. وبعض منازلها ما تزال محتفظة بسقفها المكون من بلاط أفقي يستند إلى دعائم ترتكز إلى الحائط. ومعظم سواكف أبواب المداخل تحمل نقوشاً...

من لفتايا نصل في مدى 55 دقيقة إلى طريق العربات بين حمص وطرابلس، ومن هناك نصل إلى حديدية في ربع ساعة. وهذه المسافة في بلد كثير التضاريس تعتبر قصيرة. وبالتالي، لا يجوز الظن بأن لفتايا قد تقع في مكان ما على الطريق بين حمص وبعلبك...

من حديدية إلى طرابلس طريق المركبات معروفة كفاية بحيث لا حاجة بنا إلى التركيز عليها.

رينيه دوسو، 15 شباط، 1897.

 

 

 

 

 

 



[1]  المرجع:RENÉ DUSSAUD, «Voyage en Syrie, octobre-novembre 1896, Notes archéologiques», Revue Archéologique, troisième série, t. xxx, janvier-juin 1897, pp. 305-357. قام رينيه دوسو بهذه الرحلة ما بين ت1 الأول وت2 الثاني من العام 1896، ووضع تقريره هذا في 15 شباط 1897؛ وتلا مضمون التقرير، في جلسة 14 نيسان 1897 أمام Académie des inscriptions et belles- lettres؛ ونشره في Revue archéologique "مجلة العاديات" الواردة أعلاه، في عدد كانون الثاني- حزيران 1897، (المترجم).

[2]   بودي توجيه الشكر لقناصلنا الذين لم يوفروا فرصة لمساعدتنا كل مساعدة طيبة، وعلاوة على ذلك نوجه الشكر بشكل خاص للأب بارنييه Barnier من بعثة حمص حيث يقيم منذ أكثر من تسع سنوات، وهو الذي يلم بخفايا عكار والحصن وصافيتا. لقد كان بغاية اللطافة لمرافته لي في جولتي في هذه المناطق. وإني لأرجوه أن يتقبل اعترافي بجميله. كما أن صديقي السيد لوسيان جوفروا Lucien Geofroy، ابن قنصلنا في اللاذقية، شاء بكل طيبة خاطر مشاطرتي مشقات كل هذه الرحلة. وقدم لي خدمات لا تقدر، لذا فأنا مدين له بجميل كبير.

[3]  Idrisi, Géographie, p. 13.

[4]  إن حلبا المؤرخين العرب هي ألب Albe الصليبيين. تذكر Annales de Terre Sainte, p. 28 (extr. Des Archives de l’Orient lat., II) أركس Arches (عرقة Arqa) وألب (حلبا) وغوليات Gouliat (القليعات Qleïat).

[5]  أظن أنه يجب تصحيح مقطع ياقوت المترجم في (Yaqout, éd. Wüstenfeld, III, p. 529) "طرطوس، مدينة سورية على البحر، بالقرب من المرقب وعكا". يجب أن نقرأ عكار مكان عكا. فإلى هذا الحرف أشار الشاعر محي الدين الذي ذكره أبو الفدا (Hist. or., des croisades, p. 153) عندما قال لبيبرس الذي استولت قواته على حصن عكار: "يا مليك الأرض بشراك لقد نلت الإرادة، إن عكار حقاً هي عكا وزيادة". ولقد وقع في نفس الخطأ كاترمير: Quatremère dans Maqrizi, Hist. des sultans mamlouks, II, p. 201.

[6]  يتحفظ ديلافيل لورو على هذا التاريخ في M. Delaville Le Roulx, Revue historique, 1880, p. 184

[7]  Dimashqi, ap. Guy le Strange, Palestine under the Moslems, p. 390.

[8]  إذا صح استنتاجنا هذا، فإن حصن عكار، حيث لا يوجد أي مقوس انحنائي، يؤكد ما سبق وقلناه (Revue archéol. 1896, I, p. 308-311) معارضين فرضية مدرستي الهندسة الفرنجية في سورية، والتي تميزت إحداها، مدرسة الاسبتالية، خاصة باستخدام البرج الدائري. يمكن ترداد نفس الملاحظة حول فيليسيوم (منجز).

[9]  سلمنا جميع النقوش العربية التي جمعناها إلى السيد ماكس فان برشم M. Van Berchem الذي شرع بجرأة وبفائدة بالغتين، بوضع مصنف للنقوش العربية في مصر وسورية: Corpus des inscriptions arabes d’Egypte et de Syrie

[10]  Delaville-Le Roulx, Cartulaire general des Hospit., I, p. 117.

[11]  المرجع السابق، ص 77. يرد في هذا العقد الأخير اسم فِليسيوم Felicium، بينما جاء في العقد السابق Felitium و Felitum.

[12]  خاصة حيث ازدواجية اللغة في مالطة (C. I. S., 122 et 122 bis)، حيث المعادل اليوناني هو (). كان أوزيريس ()، راجع: Nonnus, 4, 269.

[13]  Renan, Mission, p. 176.

[14]  Clermont-Ganneau, Journ. Asiatique, 1878, II, p. 237.

[15]  Philon de Byblos: ; deVogüé, Journ. Asiatique, 1896, II, p. 328 et 330 :  dans une inscription du Liban. وفي هاب، على مسافة قصيرة شمالي صافيتا، عثر رينان (Renan, Mission, p. 104) على اسم الإله (). وفي تدمر بعل = بول (Ba‘al = Bôl). وفي نقش تدمري يعود للعام 79 ميلادي، نعثر على (): Waddington, Recueil, 2613.

[16]  Post, P. E. F., Quarterly statement, 1893, p. 40, tanscrit: Tel Kalakh.

[17]  وصفه راي في: REY, Monum. de l’archit. Milit. Des croisés, p. 39-67. سيقدم ماكس فان برشم قريباً دراسة إضافية عنه.

[18]  Nassiri Khosrau, Sefer Namèh, trad. Schefer, p. 38.

[19]  نتساءل ما إذا كانت هذه الأحواض هي التي تؤدي إلى إخراج المياه في اليوم المحدد.

[20]  Josèph,  De bello jud., 5

[21]  اسم ذكره طومسون؛ راجع: Ritter, Erdkunde, XVII, p. 846

[22]  Blanche, Bulletin de l’Institut égyptien, 1874-1875, p. 128. يجعل بلانش من مريمون Meriamon وشبطونا مدينة واحدة. بينما تميز بينهما بوضوح قصيدة بنتاور Pentaour. سنرى لاحقاً موضعاً ممكناً لمريمون.

[23]  Maspero, Histoire des peoples de l’orient classique, t. II, p. 390, n. 3. وفي موضع آخر، المرجع (ibid., p. 9, n. 20) يقترح ماسبيرو مع بعض التحفظات إطلاق أسماء شبطون والسبتي على النهر الكبير (إلوتيروس).

[24]  راجع حول تقدير عديد الجيش المصري: Maspero, op. cit., p. 212, n. 5.

[25]  E, de Rougé, Le Poème de Pentaour, dans Recueil de Travaux, t. I, p. 1 ets. Et J. de Rougé, Le Poème de Pentaour, Revue égyptologique, t. III, p. 149 et s. et t. IV, p. 80 et s.et tomes suivants ; P. Guieysse, Textes historiques d’Ipsamboul, dans Recueil de Travaux, t. VIII, p. 1 et s. Maspero, op. cit., p. 390 et s. avec la bibliographie complète.

[26]  هذه هي المواقع التي تعينها النصوص. يجب، وفق الفرضية التي تجعل الجيش المصري آتياً من الجنوب، أن نفترض بالضرورة تجمع الجيش الحثي شمالي شرقي قادش (راجع: ماسبيرو، المرجع المذكور، ص 391). والحال فالنصوص حاسمة: "اجتاز الحثيون الخندق جنوبي قادش واخترقوا وسط جنود صاحب السعادة" (راجع: P. Guieysse, op. cit., p. 132) "خرجوا من الجهة الجنوبية لقادش"، راجع (J. de Rougé, Revue Egypt., t. IV, p. 124-125). إن خريطة بلانكنورن Blanckenhorn هي التي تعين بأفضل شكل تضاريس المنطقة: تقع بحيرة حمص في سهل فسيح حيث أدنى فروقات الارتفاع تأخذ قيمة إستراتيجية كبيرة.

[27]  عبد نمرا Abdnumrah برأي راي. إن اسماء الأمكنة التي تدخل في تركيبها كلمة "نمر" لا تشير إلى وجود النمور في سورية، بل بالأحرى إلى وجود نوع منها هو اليربيس Onces. وبعض هذه الحيوانات يتواجد اليوم في لبنان وجبال النصيرية.

[28]  REY, Col. Franques. De Syrie, s. v.

[29]  .مريمين :Yâqout, éd. Wüstenfeld, IV, p. 516. بينما يقرأها خطأً ليسترانج: Guy le Strange, Palestine under the Moslems: Marîmin

[30]  Le Quien, Oriens Christ., II, 919. Cf. Notitia Antiochiæ et Ier. Patriarch., éd. Tobler et Molinier, p. 331. تدرجت كتابة الاسم من مريام Mariamme حتى وصل إلى مريمين Mariamin على الشكل الآتي: Mariani, Mariam, Mariania

[31]  Chronicon Paschale, éd. Dindorf, I, p. 513.

[32]  Ptolémée, V, 15, 16

[33]  Pline, H. N., V, 23, 12

[34]  Arrien, Anab., II, 13, 8

[35]  سنعود لا حقاً إلى أهمية هذا التعيين. ويكفي لقبوله ملاحظة ان اليونان، عند الفتح العربي، ما كانوا يلفظون gamma، ولهذا فهم العرب Sion، وجاءت عندهم صهيون Sahion.

[36]  ورد ذكر مريمين في أيام تحوتمس الأول، راجع: Brugsch, Geschichte Aegytens, p. 269؛ وفي حوليات تحوتمس الثالث، المرجع السابق، ص 332. هل تكون مريمين هي المدينة الواردة في قصيدة بنتاور؟ راجع: J. de Rougé, Revue égyptologique, t. III, p. 157؛ يبدو ذلك ممكناً إذا اعتبرنا أن القوات المصرية قد جاءت على طريق الساحل الفينيقي.

[37]  يقول ياقوت: بارين، ولكنه يلفت نظرنا إلى أنها تلفظ أيضاً بعرين، راجع: Guy le Strange, op. cit.

[38]  Josèphe, De bello jud., VII, 5, 1.

[39]  Nassiri Khosrau, Sefer Namèh, éd. Sxhefer, p. 38.

[40]  Josèphe, De bello jud., VII, 5, 3

[41]  Clermont-Ganneau, Mission en Palestine et en Phénicie, p. 124, pl. III, fig. D.

[42]  عينها روهريخت كموقع لقرية كارتامار Cartamare الصليبية: Röhricht, ZDPV, X, 259

[43]  وجد فيها راي، Rey, Col. Fr., p. 363، القليعة التي عينها روهريخت، Röhricht, ZDPV, X, 260، في قضاء حصن الأكراد شرقي اللاذقية.

[44]  Rey, Archives des missions scientific. et litt., III, p. 336 et s.

[45]  S. Jessup, Palestine explor. Fund, 1873, p. 26 et suiv.

[46]  Waddington, Recueil des inscriptions grecques et lat. de Syrie, no 2720 a.

[47]  Renan, Mission de Phénicie, p. 223-225 et 338.

[48]  Hérodote, I, 105, trad. P. Giguet. Cf. Pausanias, I, 14, 6.

[49]  Lucien, De dea Syria, 14; Diodore de Sicile, II, 4, 2-5.

[50]  Lucien, ibidem.

[51]  Lucien, ibid., 14 et 47.

[52]  Lucien, ibid., 48. كان هذا الاحتفال يحصل مرتين سنوياً، المرجع السابق، 14.

[53]  هذا ما بينه بروغش Brugsch استناداً إلى نقش عثر عليه رينان، راجع Renan, Mission de Phénicie, p. 56-57؛ Maspero, Hist. anc. des peuples de l’Orient, t. II, p. 170؛ راجع حول تأويل نص هيرودوت II, 112: Victor Bérard, Origine des cultes arcadiens, p. 152.

[54]  E. Babelon, Les Perses achéménides, pl. XXII, fig. 1-6. يمكننا أن نتابع على هذه اللوحة تحولات أنماط الآلهة. فبعد أن كان يتم تمثيلها من خلال تمثال نصفي (صور 7-9) لم يعد الإله يتمثل بغير الرأس (صورة 11 وما يليها)، وذلك وفق أسلوب متأثر، كما لاحظ بابلون، op. cit., p. CLVI، بالفن القبرصي. ولكنه بقي على الدوام نفس البعل البحري: اما الوجه الآخر فلم يتغير، وعندما اجتاح الفن اليوناني كل شيء، اتخذ رأس الإله سمات بوزيدون Poseidon، راجع: ibid., pl. XXIII, fig. 14.

[55]  E. Babelon, ibid., pl. VIII, fig. 3.

[56]  Lajard, Recherches sur le culte du cyprès, dans Mém. De l’Acad. Des inscript., t. XX.

[57]  De Vogüé, Mélanges d’Arch. Orient., p. 67 ; Victor Bérard, Origine des cultes arcadiens, p. 123. cf. plus loin l’autet du Mechta.

[58]  E. Babelon, Les Perses achéménides, Catal., no 1174, pl. XXIV, fig. 22. Monnaie de Caracalla. Une monnaie d’Elagabale au même type frappé à Arados, dans Lajard, op. cit., pl. VI, fig. 2.

[59]  يمكن مقارنة هذا المجمع من الأبنية بقرية دير سمعان الصغيرة التي بنيت بعد قرنين أو ثلاثة، بجوار كنيسة مار سمعان العمودي الضخمة (قلعة سمعان). تكشف الآثار المحفوظة لدير سمعان أبنية دينية ومنازل خاصة وفنادق، سُمي أحدها في النقش المحفور على ساكف الباب ()، ويعود تاريخ النقش إلى 22 تموز سنة 479 ميلادية. راجع: de Vogüé, Syrie centrale, Archit. Civile et relig., pl. 114.

[60]  يبدو أن الحرف الأول هو Γ، ولكن النقطة العليا على اليسار غير موجودة في نسختنا؛ إن مختلف الصور المأخوذة لا تظهر هذه النقطة. وهذا ما يبرر إهماله، ويصبح بوسعنا قراءة ΔΙΙ. وبعد مسافة أبعد بقليل يبدو أثر ψ واضحاً للغاية، ما يسمح بافتراض كلمة (). إن عدد الحروف يفترض (). مجرد تخمين.

[61] راجع حول القرص الفينيقي المجنح Renan, Mission, pl. IX et p. 69. لقد رسم هذا العنصر الزخرفي السيد راي (مرجع سابق، ص 333، وجيسوب، مرجع سابق، ص 4؛ ولكن ذلك بدون الأشعة التي تنطلق من اليد المرفوعة لكل من الصبيين نحو النسر.

[62] الصورة مأخوذة عن: R. Dussaud, Notes de Mythologie syrienne, Revue archéologique, Janvier -juin, 1903, p. 130, fig. 3. (المترجم)

[63] راجع: Hérodote, II, 44, trad. Giguet. Cf. Low, flanzennamen, p. 353. يمكن العثور على هذه الكلمة في اللغة الأشورية؛ راجع: F. Delitzcsh, Assyrisches Handworterbuch, p. 50: ia-a-qu-qa-nu. انتقلت الكلمة إلى اللاتينية بشكل cici. راجع حول شتى التسميات: Pline, H. N., XV, 7, 1.

[64] يونان، 4: 6-10.

[65] راجع: Ritter, Erdkunde, XVII, p. 1358.

[66] المرجع السابق، ص 887: "Auf diesem Boden (celui des environs de Banias) wurde viel Ricinus Zum Oerlertag gebaut".

[67] راجع: Vital Guinet, Syrie, Liban et Palestine, p. 130.

[68] Lucien, Dea Syria, 41.

[69] ربما تكون موقع Teres الصليبيين. يرد على خارطة السيد راي خطأً اسم Bterich، ما جعل روهريخت Rohricht (Z. D. P. V., X, 260) يعتبرها قرية بتير Betire.

[70] وصفه راي: Rey, Mon. de l’archit. Milit., p. 85 et sui..

[71] ثمة معلومات حديثة تفيد بأن هذين القبرين لم يصلا إلى القسطنطينية أبداً. أما محتوياتها الذهبية فأصبحت ضمن مجموعة باريسية.

[72] النقش الكائن في الزاوية الجنوبية الغربية، والذي كان مشوهاً في زمن رينان(Mission, p. 105-106 et 852) غير مقروءٍ إطلاقاً.

[73] هذا الاسلوب في دعائم البناء الدارج جداً في فرنسا في الهندسة القوطية كنا نجده قبلاً في الزمن البيزنطي. راجع: Ch. Diehl, L’Afrique byzantine, p. 154, fig. 7.

[74] Perrot et Chipiez, Hist. de l’Art, t. VI, fig. 353.

[75] المرجع السابق، صورة رقم 354.

[76] Salomon Reinach, Chronique d’Orient, t. II, p. 498.

[77] Perrot et Chipiez, op. cit., t. III, fig. 277.

[78] Corpus Inscript. Semiticurum, 4..

[79] Renan, Mission, 19.

[80] Strabon, XVI, 2, 12.. عيّن توسون مدينة سيميرا في قرية سومرة Sumrah (CF.Renan, Missin, p. 115). تحتفظ سمرة باسم سيميرا، مع بعض التعديل. نظن أن بوسعنا سريعاً تعيين الموضع الصحيح للمدينة القديمة.

[81] Etienne de Byzance, s. v. Epiphanie..

[82] لقد بين ماسبيرو بصواب في مؤلفه (Maspéro, Hist. des peuples de l’Orient classiq., t. II, p. 190) المزاج القتالي الذي يطبع الأرواديين. "يعود احتدام العداوة العنيدة إلى كونهم كانوا يعون قوتهم على اليابسة".

[83] يرى ماسبيرو (المرجع السابق، ص 264) في سانزاورو Senzaourou النصوص المصرية مدينة لاريسا- شيزر. ومنها انقض تحوطمس الثالث على إقليم أرواد معتداً طريق رفنية ويحمور.

[84] من المعروف أن حاجة الحصول على الخشب لبناء المعبد كانت خلف المعاهدة بين حيرام وسليمان. كانت مصر بلد الاستقبال الأساسي لخشب فينيقيا. واستغل سيتي الأول حملة له في هذا البلد ليقوم بقطع كميات كبيرة من الأشجار. وثمة نصب يبين لنا هذه العملية (راجع: W. Max Nuller, Asien und Europa, p. 197). لقد كانت مصر هي التي تعمل على القضاء على أحراج سورية. يقول فيتال غينيه Vital Guinet (مرجع سابق، ص 153): "كانت الغابات تغطي قديماً كل امتداد جبال النصرية... ولكن الاستغلال المفرط  في تلك الأثناء لتلبية طلب التجار المصريين، أدى إلى القضاء عليها".

[85] Renan, Mission, p. 279 et 858..

[86] من نافل القول أن نضيف: بالنسبة لباقي الدول السورية.

[87] Strabon, XVI, 2, 13.

[88] Renan, Mission de Phénicie, p. 41-42.

[89] Revue archéol., 1896, I, p. 318, n. 2..

[90]  Waddington, Recueil des inscript. grecq. et lat. de Syrie. في الرقم 2568 a التصحيح دقيق: فالحجر يحتوي على جميع الحروف. في الرقم 2568 b تصحيح طفيف للتاريخ: تموز 156 ميلادية، بدل تموز 149. أما الرقم 2569 a فقد أمله بكل صواب بورتن ودريك: Burton et Drake, Unexplored Syria, p. 379, 7.

[91]  Idrîsî, Géogr., p. 18.

[92]  قدم غوتييه مشهدين لها: M. J.-E. Gautier, Comptes rendus de l’Acad. des inscript., 1895, p. 450 et 451.

[93]  Porter, dans Bibliotheca sacra, 1854, p. 670-672.

[94]  Robinson, Palästina, t. III, p. 556.

[95]  Droysen, Hist. de l’hellénisme, trad. Bouché-Leclercq, t. II, p. 126-129.

[96]  J.-E. Gautier, Comptes rendus de l’Acad. des inscript., 1895, p. 441-464. لقد أكد تومكنز على موقع تل النبي مند في بحيرة حمص: Tomkins, Kadesch on Orontes, P. E. F. , Quarterly statements, 1882, p. 47-50.

[97]  Maspero, Histoire des peuples de l’Orient, II, p. 140 et note 4.

[98]  راجع: Guy le Strange, op. cit., p. 468

[99]  Delaville Le Roulx, Cartulaire génér. des Hospitaliers, I, p. 117.

[100]  Röhricht, ZDPV, X, p. 259.

[101]  Van Kasteren, Liftaya, ZDPV, t. XVI, 1893, P. 171-187.

 

د. جوزف عبدالله

 

back to Book