back to Book |
"ملاحظات في نقوش وطبوغرافيا منطقة حمص"[1]
عكار (عندقت، أكروم، الوعر)
هنري لامنس
(ص 3) 17 آب 1899: غادرت زحلة هذه المدينة الصغيرة الواقعة على التخوم بين سورية المجوفة (البقاع) ولبنان. وكان برفقتي زميلي الأب دو مارتمبريه de Martimprez، المكلف خصيصاً بتصوير النصب والنقوش وغيرها مما له علاقة بالأركيولوجيا.
... ومعنا مكاري لنقل أمتعتنا: آلات وصفائح التصوير، الأوراق وكرتون الرشم، بالإضافة إلى بطانيات استخدمناها للنوم. كنا نقيم في خيم البدو وفي أكواخ النصيريين البائسة...
(ص 5) 19 آب: غادرنا مدينة الشمس العريقة (بعلبك)... تشكل اللبوة Labwé، بتلها ومياهها الحسنة النابعة من ينابيع انبعاثية فعلية (فوكلوزية)، موقعاً هاماً بالتأكيد. وتلها يستحق تفحصه، بينما اكتفينا نحن بالمرور به...
لاحظنا في (راس بعلبك) آثار العديد من الكنائس القديمة. ويحتفظ السكان بذكريات عن أربعة أديرة؛ ونعثر في كل مكان على البقايا وجذوع الأعمدة والحجارة الضخمة. كانت فيما مضى مركزاً مسيحياً هاماً، لعله كونا Conna القديمة... (ص 6) لعل الدير كان قديما لليعاقبة...
غالباً ما وُصف "دير مار مارون" بموقعه بالقرب من منابع العاصي (راجع: Jullien 178). الموضع عبارة عن مغاور طبيعية، استخدمها ووسعها نساك مسيحيون، على ما تروي التقاليد، في القرنين الخامس والسادس. لا أدري إن استمرت مسكونة في ظل العصور الإسلامية. سماها أبو الفدا "مغارة الراهب"، ولا يذكر ديراً فيها. ومن غير المعروف كيف ومتى ارتبط بها اسم مار مارون. أما المتاولة، السكان الوحيدون لهذه المنطقة منذ قرون، فيسمون هذه المغاور "القصور"...
(ص 7) 21 آب: بعد مسير ساعة ونصف وصلنا إلى جوسية التي اعتبرها السيد ر. دوسو موضع باراديزوس Paradisos أو تريباراديزوس Triparadisos...
(ص 9) ربله على العاصي، على مسافة نصف ساعة من جوسية... من ربله إلى حمص عبر القصير، لا شيء يسترعي اهتمام الأركيولوجي.
22 آب: وصلنا إلى هذه المدينة الأخيرة (حمص)، وهي أحد المواضع التي نقصد استكشافها...
... ... ...
(ص 43) خرجنا من حمص وهدفنا الوعر Wa’r. يُطلق هذا الاسم على السهل الفسيح الممتد بين الجبل وبحيرة حمص والعاصي. قلما يتجاوز الوعر جنوباً خط تل النبي مند Tall Nabî Mand؛ ويمتد شمالاً حتى غورGoûr وطيبه Tayibé وتل دو[2] Tall Dau. إن طريق العربات بين حمص وطرابلس تقسم الوعر إلى قسمين متساويين تقريباً. تغطي كل هذا المجال الحجارة السوداء والصخور البركانية. إنها منطقة مقفرة، خالية من الأشجار والينابيع، صحراء فعلية من البازلت لا يرتادها السياح أبداً.
فما هو بالضبط ما دفعنا لزيارتها؟ ومع أن الآثار فيها وبعض القرى البائسة في حياتها هنا لا تعد باكتشافات هامة، فقد كنّا واثقين بالعثور على اكتشافات جديدة فيها. ثمة فرقة من العاملين تجهد منذ سنوات في التنقيب في أهم المواضع التاريخية في سورية. ولكن الوعر لا يجذب أحداً: لقد قام بزيارة خاطفة لها كل من روبنسون Robinson وتومسون Thomson، ومؤخراً فوسيه Fossey ودوسو Dussaud.
24 آب: انطلقنا على طريق البحيرة (ص 44) فوصلناها بعد مسير ساعتين. بالقرب من الناحية الشمالية الشرقية لبلدة قطينة الأرثوذكسية التي أعطت اسمها للبحيرة[3] اليوم اكتشفنا نقشاً من ثلاثة أو أربعة أحرف. والحجر الموجود عليه النقش يُستعمل لمعالجة أمراض الظهر[4]، ويتم دهنه بالزيت[5]؛ إنها عادة مثيرة للغاية خصوصاً وأهل المحلة مسيحيون. يرتفع مستوى البحيرة اليوم بفعل الهواء القادم من الغرب عبر معبر النهر الكبير. تشكل ضفة البحيرة الشرقية تتابعاً من الجرف الصخري الحاد وشواطئ صغيرة.
تقع قرية كفر عبده Kafr ’Abdé الصغيرة على مسافة ساعة جنوب قطينة. وكانت بمثابة رصيف انطلاق في البحيرة طيلة الشهور الأربعة التي أمضاها السيد غوتييه في تنقيبه هناك عام 1894 لتحديد موقع قادش[6] Qadesh القديمة. بقايا الآثار تكثر فيها؛ حيث سجلنا النقوش الآتية التي يبدو أنها فاتت انتباه المستكشف العالم...
... (ص 47) أجتزنا رافداً للعاصي يدير المطحنة: بعد بضعة حقول يبدأ الوعر. بعد ساعة على الحصان وصلنا إلى قرية نصيرية، دبين[7] Dibbîn. ولما كنا مستعجلين بإشراف مرشدنا للعثور على مأوى، اعتبرنا أنه لا توجد نقوش ولا آثار. ولكني مقتنع بالعكس: فكل قرى الوعر تقوم في مواضع مدن قديمة. وصلنا بعد ساعة إلى مخيم لعرب غمازه Arabes Gammâsé، أو رعيان الثيران، والمعروفين باسم "عرب وادي خالد"[8]. تتجمع خيمهم البائسة، البالغة حوالي 30 خيمة، بالقرب من بركة طولها 500م. وعرضها 100م.، تتكون في منخفض ملأته مياه الأمطار. وتغطي في الشتاء طبعاً مساحة أكبر. وتجف كلياً في صيف بعض السنوات.
تقع غوبانيه Goubâniyé على مسافة ثلاثة أرباع الساعة جنوب شرق (ص 48) مخيم العرب، وسكانها من النصيرية ككل الوعر. شرعوا أمامنا، وهم أنصار التكتم المطلق، بالزعم أنهم مسلمون: أسلوب يتبعونه في كل مكان ويحول دون معرفة الكثير من الرحالة لعددهم الفعلي. ولما أدركوا أننا لسنا مغفلين، تراجعوا عن كلامهم. فوضعنا كمسيحيين بالإضافة إلى بعض التقدمات غير المضرة الموزعة لهذا الغرض، ما كان كافياً لجعلهم يتعاطفون معنا...
(ص 49) ........ في عندقت[9]، سمعت للمرة الأولى كلاماً على شيء من التفصيل حول جبل أكروم. سمعت روايات حول أمور ملفتة؛ لعل المنطقة "مجال مجهول" فعلاً. فرصة سعيدة بالنسبة لنا استهوانا اغتنامها، لربما كان في جبل أكروم نصب قديمة. وعلى حد علمي لم يسبق أن زار أي أوروبي هذه المنطقة. والجبل غير مذكور على أي خارطة؛ وحدها خريطة لبنان الصادرة عن هيئة الأركان الفرنسية تكتفي بذكر بلدة أكروم، دونما وضع إطار لسلسلة الهضاب حيث تقع البلدة.
يظهر جبل أكروم في أدب الجبال السوري كسلسلة من الهضاب طولها أكبر من عرضها وتقع بين وادي خالد والوعر، يفصلها وادي خالد عن جبل عكار. وهي تبدأ في الجنوب بُعيد الهرمل بقليل، ويحدها من الشمال البقيعة ووادي عودين... والمنطقة الجنوبية منها تسمى جبل أكروم وبهذه الصفة تبدو على خارطة بلانكنورن Blanckenhorn.
يستمد وادي عودين اسمه من عودين دير ماروني تحيط به بضع مزارع. هو بداهة الكلمة السريانية عودين اسم دير يعقوبي في مقاطعة العربية[10]. مررنا بالدير قبل الشروع بالصعود إلى جبل أكروم: قبل مسافة 10 دقائق من الدير، نمر بنبع عين القبو المشهور بفعالية مياهه لمعالجة أمراض الجلد. يقصده الناس (ص 50) من البعيد ومن المعتاد تقديم البخور حوله. هنا أيضاً استمرار لعبادة الينابيع[11].
إن صعود جبل أكروم صعب للغاية. فالسلسلة تتكون من تتابع لتلال حادة ووديان عميقة مشجرة بشكل رائع. وكان أعلى ارتفاع بلغناه على مستوى 1195م، وما تزال بعض القمم الأعلى تشرف علينا مباشرة. وبعد صعود لمدة ساعة عبر ممرات صعبة تلتوي تباعاً وسط غابات خاوية وصلنا إلى فرجة. إنها خربة معروجا حيث الدواثر لا قيمة لها؛ على مسافة نصف ساعة بلغنا وادي صُليب (1175م)، أجمة رائعة تظلل أشجارها كومة من الحجارة. جميع الأشجار مغطاة بخرق من القماش، نذور للقديس (الولي) المدفون في القبة الخضراء. ومما يلفت النظر أن أشجار السنديان حولها تتعرض لشتى أعمال التشويه من قبل حطابي ونيران رعاة المحلة. ولكن أحداً لا يتجرأ على مس غصن واحد من أشجار ولي صْلَيِّب.
من هنا يبدأ ممر للهبوط كان مستحيلاً على الدواب اجتيازه، واستلزمنا اتباعه ساعة لبلوغ قعر الوادي الضيق حيث يسيل جدول نهر السبع. بعد 10 دقائق منه يقع نصب السبع ( على ارتفاع 875م). إنه نصب مربع تقريباً على صخرة تشرف على الجدول عن مسافة بضعة أمتار. يبلغ ضلعه حوالي 2.5م". يمثل النصب، كما يبدو في الصورة، رجلاً يصارع حيواناً متوحشاً، يسمونه أسداً، وهو منتصب على قائمتيه الخلفيتين.
يعتمر المحارب قلنسوة حادة الرأس، ويرتدي ثوباً كاشفاً إحدى الركبتين. وجهه مشوه وكذلك ساعده الذي يبدو كأنه يمسك به سلاحاً. الرسوم بالحجم الطبيعي لما تصوره. ونظراً لغياب النقش ولضعف النور (في الرابعة بعد الظهر يكون الوادي كله في الظل)، لم نتمكن من التقاط غير كليشيه سيء للنصب.
يبدو مجمل النصب من الطراز الأشوري[12]. ولكن لنتذكر (ص 51) أن القوات الأشورية أقامت لفترة طويلة في ربلة، على مقربة من هذا الموضع[13].
بعد نصف ساعة من المكان وصلنا إلى بلدة أكروم Akroûm، تجمع لحوالي عشرين منزلاً. لم يسبق لهؤلاء البشر، وهم "ما زالوا على الطبيعة" les naturels، أن شاهدوا أوروبياً: هم مسلمون سنة، يعيشون في عزلة قليلاً un peu sauvages، ولكنهم أقل تعصباً مما قيل لنا عنهم.
استناداً إلى الدواثر، لا بد أن أكروم كانت في القديم موقعاً هاماً. فبالقرب من المنزول عثرنا على ساكف من الحجر الكلسي عليه نقوش نحتها غير متقن. النقش رقم 74.
74: بدا لي النقش صعب التفسير مع أنه كامل. فما معنى المجموعة الأولى المكونة من حرفي XM؟ غالباً ما نصادف في النقوش المسيحية السورية الرمز XMΓ، والمتوافق على اعتباره كرمز للمسيح وميخائيل وجبرائيل. وبرأينا فإن ودينغتون على صواب بعدم الاكتفاء بهذا التفسير[14]. نحن نعتقد أن حرفي XM مجرد اختصار لاسم المسيح ومريم.
لا يوجد على حد علمنا نموذج منشور عن شعار XM. لقد وجدناه في العام الماضي للمرة الأولى في نقش في غور، قرية على مسافة أربع ساعات شمال غرب حمص[15]. يبدو لنا أقل وضوحاً القسم الثاني من النص. فهل نقرأ: واكيم ΣΟΜΥΚΑΙ، Joachim؟ تبدو هذه القراءة سليمة من وجهة قراءة النصوص القديمة.
جميع آثار أكروم هامة. وهي تضم:
أ، مبنى صغير، هو معبد بلا شك، يُسمونه (ص 52) جامع gâmî’، ما تزال جدرانه قائمة. واجهته تطل على الجنوب الغربي.
ب، أثر واسع يُسمى "كنيسة شمشون الجبار" Kanisat Shamshoûn al-Gabbâr؛ نلاحظ قدس الأقداس فيها واسعاً وموجه تماماً، دعائمها منحوتة من حجارة حسنة الصنع ويبلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار. سورها الواسع واضح جداً للعيان، وكذلك قواعد الأعمدة التي تشكل أجنحة ما كان من شأنه أن يكون كاتدرائية لها ملحقات كبيرة. وبناؤها متقن ويدل على بلد كان مزدهراً.
ج، على مقربة منها، ثمة مدماك نهائي لسور تحول اليوم إلى مزار، يُسمى مزار السيدة assyidé، وبنت يعقوب bint Ya’qoûb.
تشرف على القرية تلة من على ارتفاع 975م في الشمال الغربي. وجدنا فيها آثار معبدين صغيرين، متلاصقين تقريباً. إنها خربة-حصين التي استمدت اسمها بلا شك من مزار حصين بجوارها. يقابل المعبدان وهما من طراز واحد شروق الشمس؛ ويشرفان على السهل بمنظر رائع يشمل البحيرتين وتعرجات العاصي وآخر تموجات السلسلة الشرقية التي تختلط بسهب حمص ما بين شمسين Shamshîn والحسيا Hasiâ.
المعبد الأول بناء معمد بثمانية أعمدة. وكان مسقوفاً، وما يزال محتفظاً بآثار إفريزه. ونلحظ في نهاية مقدسه قنطرة بعقد كامل. وحجارته بطول المتر فهي مبنية بدون ملاط. أما المعبد الثاني، فهو أكبر بقليل، وبمواد أضخم بكثير، ولكن دماره في حالة متقدمة عن الأول. لم نعثر في أي مكان فيه على نقوش، وليس لدى سكان المحلة أي علم بحجارة "مكتوبة" في جواره.
27 أب: نظراً لرداءة الطرق امتنعنا عن زيارة كفرتون Kafr Toûn، القرية الثانية في جبل أكروم الذي لا توجد فيه مواضع سكنية أخرى. أرشدوني أيضاً إلى بعض الآثار: نحت، (ص 53) نقوش... ولكن المعلومات المبهمة والمتناقضة لم تسمح لي بتحديد أي أمر.
انطلقنا في الساعة 11 صباحاً باتجاه الشرق، فوصلنا في الساعة الواحدة إلى قرية هيت Hît في الوعر حيث استرحنا لنصف ساعة. ثم تابعنا نحو الشمال لننحرف بعد 20 دقيقة إلى الغرب. قلما قام أحد بزيارة هذه المنطقة، وهنا أسجل أسماء القرى والخِرب التي تفحصناها في طريقنا، وجميعها قليلة الأهمية. هناك أولاً دعيتير Du’aitir غير المأهولة حالياً؛ بعد 10 دقائق إلى الغرب، كُنَيسة Konayisa الخالية هي أيضاً؛ أخيراً وصلنا بعد ثلاث ساعات إلى قرية نصيرية على ارتفاع 525م، (فقدت اسمها). كانت هذه المواضع تحتل أمكنة عامرة في ما مضى، بدليل ما فيها من بقايا المننمات، والحجارة المزينة بالصلبان البيزنطية، وإلخ؛ ولكننا لم نتمكن من العثور على أي نقش ينوِّرنا حول الماضي. لدى خروجنا من قارحه Qâriha (قرحة) أخطأنا الطريق إلى لفتايا، فانتهينا حوالي الرابعة والنصف للمرة الثانية في مخيم عرب غمازه.
في السهرة حدثنا البدو عن آثار واسعة عليها صلبان ونقوش وخلافه، وهي تقع استناداً إلى مؤشراتهم في سفح جبل أكروم وبالقرب من وادي خالد. منها خربة باسم جرمنايا Germeneia أو إرمينيا Ermeneia. هي على الأرجح في موضع مركز الأسقفية الغابرة إرمينيا التابعة لمتروبوليت حمص[16]، والتي لعلها تكون هارمينية Harminiat التي تحدث عنها غوتييه ووضعها في الهرمل بالقرب من نبع العاصي الأساسي Comptes rendus de l’Acad. des Inscr., 1895, p. 445 . لكم ندمت لعدم زيارتها، وكذلك قونيه Qonia خربة أخرى بالقرب من إرمينيا، كما فهمت.
28 آب: انطلقنا في السابعة صباحاً باتجاه بحيرة حمص: بعد 20 دقيقة وصلنا إلى خربة فيدا، آثارها بلا قيمة: بيوت صغيرة من البازلت الشديد السواد، قريبة من بعضها البعض، آبار، وإلخ. ثم ولجنا سهلاً تغطيه (ص 54) نباتات شوكية، ومروي في الشتاء والربيع، وعبره تمر قطعان أبقار غمازا. خربة أصيلا Hirbet Aşîla على مسافة 25 دقيقة في نفس الاتجاه، وهي من نوع الآثار السابقة. نسخنا عن ساكف مكسور النقش 75.
75:
التاريخ 1 غوربيايوس Gorpiaeus من العام 900 (بالتقويم السلوقي).
76: ساكف مكسور إلى قسمين يتوافقان ويكملان بعضهما"
التاريخ: العام 767، 8 كزانتيكوس Xanthicus.
تقع عامريه ’Amriya (ارتفاعها 515م) المهجورة منذ بضعة أيام، على مسافة 50 دقيقة من أصيلا باتجاه الشمال الغربي. لم نتمكن من العثور على نقش أشاروا علينا بوجوده.
من هناك وصلنا إلى خربة غازي Hirbet Ghâzi، من أكبر قرى الوعر الجنوبي، وهي مبنية بمواد مستمدة من خربة تقع على مسافة ربع ساعة إلى الشمال. نصل من هذه الخربة إلى طريق العربات طرابلس حمص في نصف ساعة؛ بعد 25 دقيقة باتجاه حمص نصل إلى قرية خربة التين...
... ...
بلاد العلويين[17]
بيان رحلة وملاحظات في الآثار[18]
هنري لامنس
(ص 278) واتتني الفرصة في صيف 1899 للتجول في القسم الجنوبي من "جبل النصيرية"[19] Gabal An-Noşairiyé. فيما يأتي عرض عن الآثار التي جمعتها خلال هذه الرحلة.
19 آب 1898: انطلقنا من طرابلس في الرابعة من مساء 19 آب 1898، بعد نصف ساعة بلغنا موقع ولي البداوي[20] walî Baddâwi مع حوض السمك المقدس الذي تتم تربيته هناك. وبعد مسير خمس دقائق إلى الشمال عثرنا، على حافة خندق بالقرب من الطريق، على معلم روماني للطرق عليه نقش أخذنا وشماً له اثناء العودة. لقد لفت نظري إلى هذا المعلم، وإلى غيره من النصوص المنقوشة، مرافقي ودليلي الأب اليسوعي بارنييه Barnier S. J.، المقيم في هذه الأنحاء منذ 12 سنة[21].
لم نعثر خلال مسيرنا حتى منيارة Miniâra التي وصلناها حوالي الثامنة مساءً على ما يستحق الاهتمام. مررنا في اليوم التالي أمام حلبا Halbâ، المقر الحالي لقائمقام جبل عكار، وفيها أقترح تعيين قرية حَبلا Habela (الصليبية)[22]. في السيدة Saïydé (سيدة القلعة، منجز) التي وصلناها مساءً، عثرنا على قطعة (ص 279) من حجر بازلتي[23] عليه بعض الحروف التي تكاد تكون غير مقروءة. أظن أني ميزت بينها:
1: … Δαφαθ…
تفيدنا بقية النقش هذه التي لم أفهم منها شيئاً أن هذا الموضع كان موجوداً قبل الصليبيين. إن الأعمال التي بدأت لتوسيع مبنى دار المعلمين في السيدة[24] ستؤدي بلا شك إلى اكتشاف المزيد من النقوش الأكثر أهمية.
كنت قد كتبت هذه السطور عندما وصلتني رسالة من السيدة تعلمني أن آمالي بدأت تتحقق. فمع الحفر في القمة المسماة "القلعة" Al-Qal’a، حيث كان موقع حصن الاسبتالية القديم، تم اكتشاف أساسات كنيسة ثانية، شبيهة من حيث مخططها بالأولى[25]. كما أظهرت الحفريات أيضاً شاهدة قبر، مكسورة على يسارها مع الأسف. ولكن سنحت لي الفرصة لأخذ نسخة جيدة عن نقشها. كانت بحجم 0.60م طولاً وبعرض 0.20م. كانت الحروف كاملة على جهة اليمين، الرقم 2.
2: ()
بقي فقط رقم المئات ύ 400 (التقويم السلوقي). سبق أن عثر دوسو[26]، في حالات Hâlât على مقربة من هنا، على الاسم Βεελβάχος. قبل رؤيتي للنقش الذي لم يكن بحوزتي غير صورة له، اعتبرت الحرف الأخير[27] من السطر الرابع أنه Δ؛ نجد اسم العلم ςαδάΔ (راجع الرقم 2566a، من نقوش ودينغتون)[28]. راجع: Archives des missions scientifiques 1895, p. 576.
لم يؤكد الفحص المباشر للحجر هذه القراءة. (ص 280) يبدو الحرف المشكوك بأمره هو بالأحرى حرف Α. ومن جهة أخرى فإن Δ الحرف الثاني من السطر الرابع يمكنه أن يعني اليوم الرابع من الشهر، كما يمكنه أن يكون حرفاً من اسم المتوفي، ومن هنا ارتباكي الشديد في وضعه بشكله الحقيقي.
انتقلنا في اليوم التالي إلى كفرنون Kafr Noûn، وهي قرية مختلطة من الموارنة والنصيريين، وعلى مسافة ثلاثة ارباع الساعة شرقي السيدة[29]. ثمة كنيسة كبيرة مهجورة، فيها الكثير من الآثار القديمة ولكنها خالية من النقوش. وعلى مثابة بئر القرية قرأنا الحروف الآتية: EYPIMOY؛ ولا يبدو أن هناك حروفاً اخرى. وإني لأقترح أن أعين في كفرنون قرية كورنونيوم Cornonium التي كانت من أملاك فرسان الاسبتالية[30]. وعلى مسافة 10 دقائق باتجاه قرية رماح Roummâh أشاروا عليّ بوجود نقش. كانت المعلومة صحيحة: إنه حجر بازلتي دائري ضخم واجهته خشنة، عليه نقش حروفه غير منتظمة، وسيئة الحفر، الرقم 3.
3: ()
التاريخ سنة 401 من التقويم السلوقي. تبدو لي مجموعة الحروف ΒΔΑ بداية اسم مركب من اسم إله بعد اسم آخر: σιρςούΑβδ، وإلخ.
تقع رماح، القرية الأرثوذكسية، على مسافة 10 دقائق إلى الشرق. نسخت عن باب أحد منازلها النقش الآتي، الكامل، ولكن البدائي. إنه الرقم 4.
4: ()
العام 554 من التقويم السلوقي. ثمة نقطة كبيرة تحت السطر الأخير.
أسجل هنا نقشاً من عندقت ‘Andaqit (عندقت بدل عين دقت[31]) البلدة المارونية الكبيرة، وهي على مسافة ساعتين ونصف إلى جنوبي شرقي السيدة (منجز)؛ وإن يكن تسجيل هذا النقش قد تم في مرحلة لاحقة. النقش كامل، وهو غير متقن؛ إنه الرقم 5.
5: ()
(ص 281) يجب أن يكون الحرف الأول من السطر الثالث δ، لقد عثرت عليه بنفس هذا الشكل في نقش رماح. يجب أن نقرب اسم Άρεουα(σ)εος من اسم εοςσάύΟ الوارد في نقش من حمص غير منشور حتى الآن، والاسم ςοθιασάΌ الذي يقارنه ودينتون (no 2562 g.) مع الجذر العربي وسع amplus fuit[32].
يعود النقش للعام 620 من التقويم السلوقي.
باتخاذنا طريق الشمال، توجب علينا النزول في الوادي العميق، وادي النهر الكبير، والصعود بطلعة قاسية لنصل إلى قرية البهلونية[33] Bahloûniyé النصيرية القائمة على أول مسطح يشرف على النهر.
لم يكن مرحباً بنا في البهلونية. وجدنا حجراً مكسوراً من الأعلى في حائط لبستان مغروس بالتوت وعليه نقش يوناني. أخذت له نسخة بسرعة ووضعت عليه وشماً. وذهبت، بانتظار أن يجف الوشم، لتفحص بقايا كنيسة قديمة. لدى عودتي، حزنت لعثوري على الوشم وقد دمره أحد النصيريين[34]. ولهذا اكتفيت بالنسخة التي سجلتها بكل عناية. كان الحجر مكسوراً من كل جوانبه، ما خلا اسفله، وحرفه غير متناسقة، كما أن حرف Α وΔ متشابهان. إنه الرقم 6.
6:
لا أدري إذا كان للمقطع Άδάφαθνος علاقة ما بأسماء الأعلام السورية[35]. يرد Όλεμος في ودينغون (Inscriptions grecques de Syrie 2053 e) بالشكل العربي فعلاً (عليم؟[36]).
نصادف في كل مكان من القرية بقايا الآثار القديمة: ثمة قطع كثيرة من الحجارة عليها نقش الصليب وصيغة الكاملة Έτους لحد ما، أما التواريخ فضائعة.
على مسافة ثلاثة أرباع الساعة إلى الغرب من بهلونية نصل إلى قرية عزير ’Ozair، المارونية كلها، التي لا تحتفظ بأي أثر عن العصور القديمة؛ وهذا أمر غريب، شمالي النهر الكبير.
(ص 282) في زيارة ثانية للقرية عُرض علي نقش. كان الحجر مكسوراً عن شماله، ولكن النقش يبدو فيه كاملاً في بدايته ونهايته. قد يكون الحرف الأخير من السطر الثالث هو E أو . وعلى أي حال فإن النقش بكامله غير واضح، ألعله سلسلة من أسماء العلم؟
7: ()
في اليوم التالي انتقلنا إلى حالات: راجعنا النقش الذي وجد فيه دوسو اسم عبد أوزيريس Abdousiris؛ كانت قراءته أكيدة تماماً. كانت الحيطان حول النبع مليئة ببقايا النقوش، ولكنها بحالة لا نفع منها.
كان حظنا أوفر لدى فحصنا للمقبرة حيث حصلنا على النصين الآتيين. الأول على حجر مكسور من ثلاث جهاته، ولكنه كامل على يساره. إنه الرقم 8.
8: ()
يضاعف اليونان عادة الحروف الصامتة عندما ينقلون الأسماء اللاتينية. لدينا Μαρρΐνος عند ودينغتون no 2072.
النقش الثاني كامل باستثناء نهايته، وحروفه متناسقة: إنه الرقم 9.
9:
التاريخ 397 من التقويم السلوقي، وهو الأقدم الذي عثرت عليه. نهاية النقش χρήσιμε καί δλιγοχρόνιε تخرج قليلاً عن المألوف في النقش على النعوش السورية. والأسماء سامية بكل وضوح؛ ف Βεελιάβος معروف تماماً. قارن Ζάβδαι مع ما هو وارد في النقوش اليونانية في تدمر (ودينغتون، 2611)، ومقاطع من Ζαβδιβώλιος (2578)، ومن Ζαβδεάθους (2578)، ومن Ζαβδαάθης (2590) و Ζάβδελα، إلخ[37]. تكثر في وادي النهر الكبير هذه الأسماء السامية. راجع ما ورد سابقاً من نقوش السيدة وكفرنون والبهلونية وغيرها، وكذلك دوسو، المرجع السابق، ص 6.
(ص 283) يقترح الراهب بيزاني Pisani أن يجعل في حالات موقع إلوتيروبوليس القديمة Eleuthéropolis (؟). وبرأيه فإن اسم الموقع يسمح بمحاولة التعيين هذه. نحن لا نجرؤ على مجاراته في هذا التأكيد. فحالات لفظة سامية بكل وضوح، والهتة (لفظ حرف الحاء) التي تبدأ بها ليست على تلك الحدة الواردة في الاسم اليوناني[38].
بعد مسير ساعة ونصف وصلنا إلى تل سارين Tell Sarîn، هذه المزرعة النصيرية التي أدى وصولنا إليها إلى اختفاء الجميع. وفي النهاية كشفوا لنا عن نصب بازلتي داخل حائط، يبلغ ارتفاعه متراً: في قسمه الأعلى شريطية دائرية الشكل، وتحتها شخص على رأسه إكليل، ويده على جبهته؛ وهو خال من النقوش، وصناعته غير متقنة.
ولعل ما سميناه شريطية دائرية ليس غير القرص، هذا الرمز القديم جداً في الديانات الشرقية؛ إنه يمثل "الإله الطبيعة، المعبود في أكثر تجلياته بروزاً"[39]. وغالباً ما يتم استبداله بدولاب شعاعي أو بنجمية، كما سنتبينه لاحقاً.
قمت بأخذ وشم لنقش في دار الشيخ. ولكن إلحاح النصيريين وإزعاجهم شغلني عن أخذ نسخة لهذا النقش. وكم كان هذا السهو مسيئاً لإن الوشم الذي نقلته أربكني حول حقيقة حرفين أو ثلاثة. كان النقش كاملاً. إنه الرقم 10.
10: ()
التاريخ 908 من التقويم السلوقي. لاحظنا بين سكان تل سارين البؤساء حالتي برص على الأقل.
وصلنا بعد مسير ساعة من هذه المزرعة إلى قرية بيت كاران Bait Karan النصيرية (فيها ثلاث أو أربع عائلات مسيحية) الواقعة في وادٍ صغير خصب، ومروي جيداً: ثمة خرائب شاسعة تبدو فيها واجهتا كنيستين بوضوح. وعلى مسافة نصف ساعة نجتاز طريق طرابلس- حمص، وعلى يميننا تل كلخ (ص 284) (التي سماها دوسو تل القلعة، مرجع سابق، ص 6)، مقر قائمقام الحصن[40].
من هذه النقطة اتجهنا مباشرة إلى برج صافيتا، بعد زيارتنا، على الطريق، برج مقصور Borg Maqşoûr وبرج محاش Borg Mouhâsh؛ هذا الأخير أصله إفرنجي بالتأكيد. لم نتفحص القرية النصيرية القائمة حول البرج.
عند تقاطع طريق صافيتا ونهر الأبرش Nahr al Abrash، تبعنا الضفة اليسارية لهذا النهر الجاف في هذا الفصل من السنة في مجراه الأعلى، لنصل إلى سيسانية Saisâniyé (نصيرية ومسيحية). فوق الباب الأساسي للكنيسة، وجدنا ساكفاً[41] عليه نقش يوناني من ثلاثة أسطر، وثمة صليب ملاصق لطاووسين نحتهما سيء الصنع[42]. إن هذا النقش الموضوع بشكل مقلوب صعب القراءة؛ أخذنا وشماً له ونسخناه وصورناه: هو ناقص على يساره. إنه الرقم 11.
11:
قراءة القسم الأول من السطر الثاني غير واثقة. هذه الصيغة Ίορδάνης هي اسم علم، مثل جوردان Jourdan, Jordan في العصور الوسطى. نحن نعرف شخصاً باسم Ίορδάνης، هو مطران أبيلا Abila (سورية). لنتذكر أن الطاووس هو رمز البعث[43]. وفي نهاية السطر يجب أن نقرأ ιεβοήθ، إن حرف كاپا kappa في الصورة يبدو عليه في الوشم أثر حلقة. يكشف النص، حتى في أقسامه الأكيدة في قراءتها، عدم خبرة فعلية لدى مؤلف النص كما لدى النقاش[44].
(ص 285) لا يحتفظ برج صافيتا بأي أثر للعصور القديمة، شأنه في ذلك شأن جميع القلاع المحصنة التي بناها الفرنجة. وبرجه الكبير المتصدع للغاية مهدد بالانهيار لدى أول هزة أرضية. وفي بقية أقسام قلعة الداوية الضخمة بذل العديد من ناحتي الحجارة جهودهم على كتل الحجارة الرائعة العائدة لأيام الصليبيين. تحتل صافيتا موقع أرجيروكاسترون[45] Argyrocastron البيزنطي (Clermont- Ganneau, Recueil d’archéol. Orient., II, 170) الذي ربما قام هو نفسه في أعقاب بناء أكثر قدماً منه[46]: فالموقع هام. وإننا لنعتقد أن الصليبيين استخدموا في أبنيتهم المواد الضخمة، فقط حيثما كانت موجودة في السابق. قارنوا مع طرطوس وجبيل وهونين (الجليل الأعلى)، وإلخ.
لا يوجد في بيت نعشيه[47] Bait Na‘shé، مقر إقامة محمد عبد الرحمن، كبير مشايخ الدين النصيري، أي أثر تاريخي.
لدى مغادرتنا صافيتا، اتجهنا إلى الشمال الشرقي نحو حصن سليمان. مررنا في عمودي[48] ‘Amôudi، وإم شير Imshîr أو نيشير[49] Néshîr، وعينو ‘Aïno، مزرعة صغيرة من خمسة منازل، حيث هناك قبر ضخم محفور في الصخر، وعينو على مسافة ساعة و10 دقائق من حصن سليمان، وحيث ما تزال مستمرة بحدة أعمال التدمير التي لاحظها دوسو منذ سنتين: لم نتمكن من العثور على رأس الأسد المزين بشريطية[50]. تعرفنا، في مجموعة الخرائب المسماة (ص 286) الدير Ad-dair، على واجهة كنيسة موجهة تماماً؛ لعلها بقايا معبد مسيحي قديم.
لاحظت لدى سكان مزرعة حصن سليمان النصيرية الصغيرة استمرار أسماء مسيحية[51] صرف، مثل كاترينا[52] وحبيب. وعندما سألت عن الأمر بدقة، شيخ عينو، مرشدي النصيري، علمت أن ابناء دينه لا يشعرون بأي حرج في اعتماد اسم اسبر (Spiridon) ومتى وجبرائيل وهيلانة[53] (Hélène)، وغيرها. كما أن اسمي مريم ويوسف يترددان بين النصيريين بقدر ندرتهما عند المسلمين[54].
يرجع دوسو إلى التقويم السلوقي تواريخ حصن سليمان. اما د. روفييه Dr. J. Rouvier، المعروف جيداً بأعماله على المسكوكات الفينيقية، فقد أوحى لي بأن التواريخ ربما تعود إلى تقويم أرواد الذي يبدأ في العام 259 أو 258 قبل الميلاد[55]. وهذا ما يعود بإنجاز الحرم المقدس نصف قرن إلى الوراء. "لما كانت Baetocécé معبداً فينيقياً، فقد كان من شأنها أن تلعب بالنسبة لأرواد دوراً مشابهاً لدور أفقا بالنسبة لجبيل في لبنان" (دوسو) ومشابهاً لدور دير القلعة بالنسبة لبيروت؛ وهذا ما يجعل اعتماد تقويم أرواد على مصداقية متناهية.
من حصن سليمان إلى مصياد[56] Maşiâd مررنا بالمواقع الآتية: عين الشمس ’Aïn ash-Shams، عين حلاقين ’Aïn al-Halaqîn (مارونية بكاملها)، عشق عمر ’Oshq ’Omar، مشرفة Moshrifé، ميغوة Mighwé، شميسة[57] Shomaisé، فندارة Fandâra، بستان Bostân، رصافة Raşâfa، مصياد. خرائبها لا قيمة لها. أشاروا علينا لاحقاً بوجود نقش في عين (ص 287) الشمس، هذه القرية التي تحتل موقعاً هاماً على هضبة بين قمتي سلسلة جبال النصيرية. ومن عينو إلى عين الشمس، صادفنا في كل مكان تقريباً، خاصة لدى الأطفال، العيون الزرقاء والشعر الفاتح؛ وصادفت في هذه الرحلة الأخيرة الكثير من الفتيات التي تبدو بشكل النمط اليوناني القديم: أنف مستقيم، شعر أشقر، سحنة بيضاء، عيون زرقاء.
من عين حلاقين، انتقلنا للتعرف على خربة حزور Khirbet Hazzûr (على مسافة ساعة إلى الجنوب الغربي). وفيها موضعنا مزرعة أزور Azor لفرسان الاسبتالية[58]. ساكف الكنيسة عبارة عن مصراع باب بازلتي عليه صليب كبير، على أذرعه وإطاره حروف يونانية، ولكنها تكاد تكون ممحية لدرجة أنها لم تترك على الوشم الذي صنعناه غير الآثار المبهمة. بالقرب من عين حلاقين خربة السنديانة Khirbet Sindiâné، الموقع القديم للقرية الراهنة، تحتوي على بعض كتل الحجارة القديمة؛ ولعل هذه الخربة هي قرية السنديانة Cendiana الصليبية[59]. كل هذه المنطقة مليئة بالآثار الصليبية، مثلما هي الحال في شميس وفندارا، حيث من السهل التعرف على قريتي سوميسا Sumessa (شميس) وفودا Fauda فندارا[60] الصليبيتين.
لا يعدو حصن الحشاشين في الرصافة أن يكون غير كومة من الخرائب، إنه حصن صغير، ولكنه يمتاز بموقع رائع على رأس مرتفع حاد من الصخور.
انتقلنا من الرصافة لننزل في بيضا Baidâ، هذه القرية الأرثوذكسية الكبيرة التي بقيت حتى مطلع هذا القرن بيد الإسماعيليين الذين يتجهون نحو الانقراض. جميع الإسماعليين في مصياد، الواقعة على مسافة نصف ساعة إلى الشمال، يحملون لقب أمير المتناقض مع أوضاعهم المتدهورة حالياً[61]. يشكل هؤلاء الأمراء نقطة التواصل بين عمال الحكومة السنة والمذهبين اللذين عانى كل منهما اضطهاداً خاصاً به.
(ص 288) تقع، في منتصف المسافة بين مصياد ودير صُليب Dair Soulaib، قرية روبعو[62] Roub‘ou النصيرية حيث يوجد الكثير من القبور المحفورة في الصخر. لفت انتباهي نصب بازلتي محصور في سقف مغارة: في هذا النصب تمثال نصفي لامرأة وسبعة سطور من النقش. قمت بنسخها على ضوء الشمعة. جاء الوشم الذي حاولنا أخذه مبهماً، بحكم وضعية النصب في السقف. وإليكم ما قرأته[63] في الرقم 13.
13[64]:
يعود هذا النقش إلى شهر بيريتيوس Péritios سنة 515 من التقويم السلوقي. يدور النص حول أكيلينيه Aquiliné، إمرأة أو بنت نومينيوس مارسيللوس Numenius Marcellus؛ سأعهد إلى غيري بالقراءة النهائية لآخر سطرين. لا تتعلق النتيجة، كما نرى، بالصعوبات التي يفرضها علينا النص.
يستحيل أن لا يندهش المرء لشدة تماثل الخرائب حول الكنيسة في دير صُليب. فالمنازل، وهي صغيرة، جميعها متشابهة: السواكف والدعائم كل واحدة منها من حجر واحد، مع صليب جميل في وسط الساكف. إن هذا التماثل، والبحث عن عدم التميز في موقع جميع سواكفه مؤرخة، يدفع إلى الاعتقاد بأنه مركز رهباني[65] لعل الاسم دير صُليب يدل عليه.
وفي كنيسة برجيس[66] Kanîsat Bargîs، يمكننا بشيء من الجهد أن نتبين على الساكف الحرف Η والحرف Θ. ويتحدث السكان المحليون عن حوالي (ص 289) عشرين خربة hirbet[67] في المنطقة. قد يكون الرقم على شيء من المبالغة، ولكن الأمر يستحق الاهتمام.
انتقلنا من حمّام Hammâm، الاسم الحقيقي للقرية الواقعة في منتصف المسافة بين مجموعتي الخرائب هذه، إلى كفر عقيق[68] Kafr’Aqiq، موقع قيد الإنشاء في هذه السنة بالذات من قبل جماعة أتت من حمّام[69]. لقد اشاروا علينا بوجود "حجارة مكتوبة". ولكننا لم نجد غير توابيت حجرية قواعدها ضخمة. وغطاء أحدها عليه رسم امرأة يدها على صدرها، والنحت غير متقن. ثمة نسر ضخم بقي منه قائمتاه وطرفا جانحيه، نحته أفضل. لا يوجد صليب ولا زخرفة يونانية مسيحية، ما هو واسع الانتشار بكثرة في جبل برجيلوس Bargylus، هذه المنطقة العريقة في القدم. هذه هي المرة الأولى التي نخرج فيها بهذه الملاحظة منذ بداية رحلتنا.
عثرنا في السهل تحت كفر عقيق على بقايا قناة ماء، وعلى مسافة منها قناطرها ما تزال قائمة. وفي المساء وصلنا إلى بارين Bârîn أو بعرين[70] Ba‘rîn، كما يلفظونها في المنطقة. وأبلغنا شيخ المحلة أن الغرباء يلفظونها بارين، ولكن اسمها الحقيقي هو مارين Mârîn. ونحن نعرف، استناداً إلى المؤرخين الشرقيين للحروب الصليبية، وإلى ياقوت، أن لفظ بعرين قديم. ولكني أظن أن مختار بعرين أراد أن ينزع عن موطنه أي صلة تمت إلى جذر الاسم[71].
كانت الشمس قد أشرفت على المغيب، فلم يكن لدي الوقت لغير الصعود إلى القلعة حيث نقلت نقشاً حروفه المحفورة على حجر كلسي جميلة، وحروف السطر الأول مقطوعة في الوسط. إنه النقش 14.
(ص 290) 14: ()
تتردد هذه الصيغة كثيراً في النقوش اليونانية- المسيحية في سورية[72]. وعلى طرف من الحجر نجد الحرفين الآتيين لوحدهما: Α, Σ.
راجعنا النقش الذي سبق ونشره كليرمون- غانو[73] استناداً إلى نسخة لوتفيد Loytevd الناقصة. فيه ثلاثة أسطر، وهو مكسور لجهة اليمين[74]، إنه النقش رقم 15.
15:
بعد كلمة Γεώργιοςδ يقترح كليرمون- غانو δ εύ(λόγη)τος أو بالأحرى εύσεβέστατος. لا أدري إن كانت هذه النعوت ملائمة "للقراء" صغار خدم الكنيسة، الذين إليهم ينتمي بالتأكيد جورج الوارد في النص[75]. ومهما يكن من أمر فإن الفحص المباشر للنقش لم يبدُ لي مشجعاً على هذه القراءة.
على الرغم من تقدم الوقت، أسرعت على مسافة 10 دقائق لمعاينة نقش كوفي من ستة إلى سبعة أسطر: لم يتسنَ لي الوقت لغير النظر إليه. كنت مقتنعاً أن ماكس فان برشم كان قد زار بعرين[76]. يعتبر الحجر اليوم حجراً مقدساً، وهو موضوع وسط دائرة من الحجارة العادية؛ ويزعم النصيريون "أن من يشكو من آلام الظهر يأتي ليتكئ على هذا الحجر فيشفى بإذن الله bïidn illâh".
وفي جامع حمص الكبير، فإن العمود المحصور في الحائط وعليه نقش يوناني (ص 291) دوّنه ودينغتون (no 2570)، هو أيضاً حجر لشفاء آلام الظهر، يأتي المرضى فيتمسحون به، ويحصلون على النتائج المرضية ذاتها.
لقد كشفوا لنا نقشين[77] آخرين مجزأين جداً، ولكني امتنعت عن نسخهما، نظراً لمطالب أهل المحلة المبالغ بها. وعلى العموم لم أرتح لأهل بعرين، المسيحيون[78] منهم والنصيريون على السواء. ولكن الرحالة الذي هو على استعداد لدفع الثمن يمكنه العثور على المزيد من النقوش في هذا الموقع، ومن الأفضل له التوجه إلى النصيريين.
انطلقنا في الخامسة والربع، توقفنا في مريمين Mariamîn المعروفة عند الصليبيين بقرية مرجمين Merjemin. لم يتح لنا هذا التوقف القصير بإضافة شيء إلى مجموعة المقوش المنشورة سابقاً عن هذه المحلة، اللهم غير نص من أربعة سطور، ولكنها تالفة لدرجة بحيث لم استطع أن أميز فيها غير السطر الأول وفيه تاريخ: έτους πεύ، العام 485 (بالتقويم السلوقي).
في الساعة 11.30، وصلنا إلى قرية غور Ghoûr المتوالية حيث نسخ السيد فوسيه Fossey نقشاً عن تابوت حسن الصنع بالقرب من بئر القرية. يستحق هذا الموضع تفحصه بعمق: نسخنا منه النصوص الآتية:
1، على ساكف من البازلت، رشم ونسخ، النقش رقم 16.
16: ()
على الحجر لدينا كلمة γέγωυευ. التاريخ αλώ هو العام 831 بالتقويم السلوقي.
2، ساكف من البازلت، في سطه صليب يزينه طاووسان. نرى بين ذراعي الصليب النجمية والهلال، كما حرف ألفا وأوميغا[79].
مجمل النقش ضعيف من حيث إنجازه؛ أما أهميته الرئيسية فتكمن في الجمع بين الطاووس، كرمز مسيحي، والنجمية والهلال، وهما رمزان وثنيان في الأصل[80]. (ص 292) وهما بموقعهما فوق الصليب يمثلان الشمس والقمر في فن الأيقونات المسيحي القديم[81]. نقرأ على حرف اليسار XM الذي نصادفه عادة مع Γ. كنا ميالين لأن نقرأ فيه الحرف الأساسية للمسيح وكبيري الملائكة ميخائيل وجبرائيل. يبين نقشنا[82] أنه علينا بالأحرى أن في صيغة XM اختصار ςότσιρΧ وαίραΜ او لصيغة ό έκ Μαρίς γεννθείςςότσιρΧ[83].
إن أعلى واسفل الإطار- لأن هذه النقوش موضوعة ضمن أطر- يشغلهما سطران من نقوش متضررة جداً. نسختها وأخذت لها رشماً وصورة، هو النقش رقم 17.
17: في السطر الأول: ω θεός òώξα σοι ετσιρΧ؟... ... أما البقية فتفوتني. نميل إلى الظن أن الساكف في موضعه الأصلي. وفي هذه الحال فهو يعلو مدخل مقبرة: فرضية يشجع عليها وجود رمز مثل الطاووس (رمز البعث) والنجمية والهلال. (الصورة أدناه).
3، ساكف من الحجر الكلسي، حروفه نافرة؛ أخت له صورة ونسخة. إنه الرقم 18.
18:
هذا النقش ينقصه قسمه الأول[84]؛ ولعل المقصد على الأرجح إقامة كنيسة لمار جرجس، في تاريخ 30من شهر دايزيوس Daesius من العام 808 بالتقويم السلوقي[85].
يبدو أن هذا القديس كان مكرماً للغاية في غور. وفي اسفل (ص 293) القرية، ما يزال باب مطحنة[86] يحتفظ بنقش كبير على شرفه نسخه سابقاً فوسيه.
4، النقش الآتي يتعلق أيضاً بمار جرجس، على ساكف من البازلت، نسخته وأخذت له رشماً. القسم الأول من النقش موجود داخل الحائط؛ إنه النقش 19.
19: ميزت فيه: () أما البقيت فغير واضحة.
2 أيلول: تركنا حمص لنستكشف بعض المواضع في الوعر[87] [88]Wa’r. هذه التسمية الموفقة جداً تشير إلى السهل الممتد بين العاصي وجبل النصيرية، وهو صحراء فعلية مزروعة بالكتل البازلتية الملاصقة غالباً لبعضها بحيث يحار الحصان أين يضع حوافره. وإذا ضربنا خطاً مستقيماً من حمص فإنه يقسم الوعر إلى قسمين: وعر حمص أو الوعر الشمالي، ووعر الحصن أو الجنوبي[89]. نبدأ بالقسم الشمالي.
بعد ساعة ونصف من حمص، بعد اجتياز العاصي نصادف البرج Borg، هو تل مرتفع فيه دواثر قديمة. بعد ربع ساعة أخرى قرية ضهر الكبير Dahr-al-Kabîr المسلمة. هنا يبدأ الوعر. اتجهنا باتجاه الغرب، وفي مدى ثلاثة أرباع الساعة وصلنا خربة الغواليه Khirbet Gawâlih، وبعدها بعشرين دقيقة خربة السناسل[90] Khirbet Sanasil، موقعان أثريان متشابهان، يعتبعان مجال حمص: إعمدة ضخمة من حجر واحد، تغمرها الصلبان؛ وخالية من النقوش الكتابية[91]. وفي المنطقة الوسطى بين هاتين الخربتين، وعلى مسافة متساوية تقريباً، تمر طريق رومانية ما تزال محفوظة بشكل رائع، بحيث أن بلاطها البازلتي يلمع تحت ضوء الشمس.
(ص 294) انحرفنا نحو الشمال، لنصل بنصف ساعة إلى خربة رفعين Raf’în: نقش مكسور في وسطه، حروفه كبيرة، ويحيطه إطار. إنه النقش 20.
20: ()
أعتبر () السنة 908 بالتقويم السلوقي. يتحدث مرشدنا عن نقش آخر لم نتمكن من العثور عليه. تشبه رفعين الخربتين السابقتين، باستثناء أن الأعمدة وباقي المواد أقل ضخامة، والسطوح من البازلت كما هي الحال في حوران.
تقع القرية المسلمة، كراد الداشينيه[92] krâd ad-Dâsinîyé على مسافة نصف ساعة إلى الشمال. وهي تستحق تفحصها بدقة؛ فعلى مقربة من شمالي القرية ثمة موقعان أثريان واسعان فيهما بقايا أعمدة ويسميها أهل المحلة كنيسة Kanîsé. منازلها تحت الأرض حتى نصف ارتفاعها ومبنية بحجارة قديمة. بالقرب من البئر ثمة غطاء لقبر حسن الصنع من الحجر الكلسي ومغطى بالحروف اليونانية وبالنقوش يُستعمل كمشرب. وبما أنه مقلوب وثلاثة أرباعه تحت الأرض لم أتمكن من نسخ غير الكلمات الآتية من على جوانبه؛ النقش 21.
21: 1، ()
يعود لقب أرشمندريت إلى النصف الأول من القرن الرابع[93]. لا يكون الأرشمندريت بالضرورة مكرماً بالطابع الكهنوتي[94]. من الحتمل أنه كان يوجد دير في كراد .
2، في حقل جنوبي القرية ساكف عليه نقش بحروف كبيرة وجميلة، 0.12. النقش 22.
(ص 295) 22 : ()
تطابق () العام 658 بالتقويم السلوقي.
3، بقايا محصورة في حائط منزل، حروفه غير منتظمة، صليب مع نجمية وهلال. النقش 23.
4، شاهد قبر من البازلت، نقشه يبدو كاملاً، أخذت له رشماً[95]، النقش 24.
24: ()
òιχ هي سنة 614 بالتقويم السلوقي. لعل اسم العلم Σέος هو الشائع جداً في سورية (Waddi., nos 1965, 1966, 1971, 2006 etc.). في الرشم أول حرف ο من السطر الأخير له زائدة من الأسفل. وبالتالي نظن أنه علينا قراءة: ςορηυοεΣ... ...
تسينين Tisinîn، قرية مارونية على مسافة ساعة شمالي كراد، فيها نصب أو شاهد قبر من البازلت بعلو 1.20م، تعلوه نجمية وشريطية، أخذت نسخة عنه ورشماً، النقش كامل، الرقم 26.
26: () أشك رقم الآحاد في نسختي، لعله π = 80.
(ص 296) تسينين بلدة مارونية، عاى مسافة ساعة إلى الشمال من كراد، فيها نصب بازلتي بعلو 1.20م، تعلوه نجمية وشريطية. النقش 26 أ.
26، أ: ()
1، يعود النقش للعام 481 بالتقويم السلوقي. كايوس يوليوس Caius Julius هذا كان άντισίγνανος. يعطى هذا الاسم للجندي الذي يقف أمام الراية للدفاع عنها.
ثمة تفصيل طريف: لقد جعل أهل تسينين من هذا الجندي مار جرجس. لقد قال لهم أحد المشعوزين يوماً أنهم لو حفروا تحت الصخرة لعثروا على رفاة جورج بن عبدالنور. فوقعوا على قبر. وكان في ذلك ما يكفيهم ليقيموا مزاراً للقديس الجديد، من نوع المزارات التي يقيمها النصيرية لأوليائهم. ولقد تعبنا كثيرا في محاولة إقناعهم أن القديس جرجس المزعوم مجرد جندي وثني.
2، ساكف من البازلت: لم يبقَ من قسم اليمين غير كلمة واحدة؛ في قسم اليمين مستطيل من تسعة مربعات. النقش 26 ب.
26 ب: ()
يمكننا استكمال هذا النقش كما في نقش دانا Danâ: ...
راجع حول صيغة Είς θεòς καί χριστός في سورية: Clermont-Ganneau, Archéologie orientale, I, 169, et Archives des missions scientifiques 1882, p. 293. يفوتني مدلول المستطيل المقسّم إلى تسعة مربعات[96].
3، لنذكر هنا مثلاً آخر حول الصيغة التوحيدية. نسخها الأب بارنييه Barnier عن أو شرشوح Omm Sharshoûh، قرية واقعة قبالة تسينين على الضفة الآخرى للعاصي، الأصل من تسينين[97]. (ص 297) العام 801 بالتقويم السلوقي.
على مسافة خمس دقائق شمالي القرية، عثرت على ساكف، 1.45م بعرض 0.35م، نقشه صعب القراءة، نسخت ثلاثة سطور من النص، النقش 28.
28: ()
النقش متآكل وتغطيه الطحالب، خصوصاً سطره الثاني. العام 790 بالتقويم السلوقي يعيدنا إلى نهاية القرن الخامس؛ ومع ذلك فالنقش لا يحمل أي علامة على المسيحية، وهذا أمر نادر في نقوش سورية اليونانية المسيحية المتعلقة بالدفن. ربما كان هناك في البداية أو النهاية صليب صغير غطته الطحالب[98].
بعد 10 دقائق إلى الشرق باتجاه العاصي، كانت أرض مرتفع صغير مغطاة بقبور ضخمة من البازلت. ليس هناك من منظر مثير أكثر من رؤية هذه الكتل السوداء بأغطيتها المسطحة والمنحوتة، وفيها شخصيات ممددة، من الجنود وغيرهم. اللباس روماني. ثمة قبور شبيهة داخل البلدة الحالية، لعله كان هناك موقع عسكري في تسينين، هذا الاستنتاج يوحي به أيضاً النقش المتعلق بالجندي كايوس يوليوس.
للانتقال من تسينين إلى برج القاع Borg al qâ’ يجب اجتياز الوعر مجدداً باتجاه الجنوب الغربي. نمر بخربة شاهيّه Khirbet Shâhié من نوع الخرب التي زرناها أمس، ثم نصل إلى قاعي Qâ’i التي تبدو آثارها أكثر أهمية. في البناء المحفوظ جيداً الذي يسميع أهل المحلة السرايا sarâya ثمة ساكف يغطيه نقش طويل.قسم منه مغطى بكومة من الحجارة الضخمة لا يمكن التفكير بتحريكها. الحرارة شديدة الارتفاع، فالشلوق s’loûq يهب منذ الصباح وبازلت الوعر يعكس علينا حرارته الخاصة.
(ص 298) النقش محاط بإطار وتالف لدرجة جعلتني أتوقف عن نسخه بعد بضعة حروف. كما أن الرشم لم يلبِ الغرض. النقش رقم 29.
29: نقرأ في الطرف العلوي بوضوح () ثم ربما (). في وسط الإطار نقرأ ()، وعلى اليمين:
هذا النقش يستحق نسخه، خصوصاً إذا تم التوصل إلى انتزاعه من الحجارة التي تغطيه؛ ومن شأنه بدون شك المساعدة على استكمال لائحة Oriens christianus الأسقفية.
عثرنا على النقش 30 على حجر مكسور بين الأنقاض.
30: ().
على مسافة 20 دقيقة من قاع[99] Qâ’ يقع "برج القاع" الذي يسمونه بهذا الاسم لتمييزه عن الأبراج العديدة في المنطقة. زار هذه القرية التركمانية فوسيه الذي ما يزال اسمه على كل لسان. فالجميع يتحدث عن كرمه: كان يعطي مجيدية (4.25 فرنكاً فرنسياً) لكل من يرشده إلى حجر عليه كتابة.
ولما كانا غير قادرين على مجاراته في هذا السخاء فقد انعكس ذلك في سلوك التركمان معنا. فرفضوا حتى مجرد إرشادنا إلى النقوش التي سبق له ونسخها[100]. ولكننا توصلنا غلى اكتشاف نقشين. في النقش الذي يبدأ Ετους εκφ الكلمة الأخيرة هي بالتأكيد ςορυμύΕ كما قرأها السيد فوسيه، لا CYMYPOC (Le Symyrien) القراءة التي اقترحها السيد دوسو في رسالته إلى رفيقي الأب بارنييه.
(ص 299) لم نعثر في برج Borg على غير نقشين غير منشورين. النقش 31.
31: أ- ()، العام 842 بالتقويم السلوقي.
ب- ()([101]).
النقش الثاني إذاً في العام 840 بالتقويم السلوقي.
تقع قرية غجر[102] Ghagar المسلمة على أكثر من ساعة جنوب شرق تسينين. نعبر العاصي على جسر، ومن هذا الموضع يصبح وادي النهر أكثر عمقاً. لعله كان في غجر في الماضي موضع حسن: معبد أو كنيسة، ومنه تبقى الآن في موضعهه حواجب الأبواب بارزة. فهل ننسب إلى هذه الكنيسة النقش الآتي الذي لم نعثر على نصفه الأول؟ وهو اليوم في حائط منزل؛ النقش 32.
32:
لا نعرف كيف نكمل πατρι؛ ... المقصود تكريس كنيسة مغطاة ύποστέγου؛ ربما بناء سور، أو رواق يحيط بفناء أو باحة الكنيسة[103].
قرأنا على ساكف كبير النقش الآتي، مجرد تاريخ، عام 892 (سلوقي)، النقش 32 أ.
32 أ: ()
قبل مغادرة الوعر الشمالي لنسجل بعض النقوش الصغيرة التي سجلها الأب بارنييه خلال تجواله في هذه المنطقة.
1، في الشركليه Sharqalié (على مسافة ساعة جنوب غرب غور)، الرقم 33.
33: ()([104]).
(ص 300) 2 أ، ساكف باب في دير السلام Dair as-salâm، على مسافة ساعة شمال غرب غور، الرقم 34.
34: ()، العام 634 (سلوقي).
2 ب، غطاء قبر ، شخص نائم، النقش 35.
35: ().
تبدو لي كلمة Σαρπιλίου أنها كتابة يونانية للاسم العربي شرحبيل[105] Sharahbîl ou Shorahbîl، وفقاً لابن دريد (كتاب الاشتقاق، ص 218، 307). السماء العربية واسعة الانتشار في منطقة حمص. وهذا ما أنوي تبيانه في نشر نقوش حمص وجوارها.
عندما كنت في زيارة آثار دير السلام في الصيف الماضي (أيلول 1899) لم أتمكن من العثور على هذين النقشين. والأخير على شيء من الأهمية.
في خربة التين Khirbet at-tîn على مسافة ساعتين ونصف من حمص على طريق العربات من حمص إلى طرابلس، قمنا بعيادة نصيري مريض كان يتضرع إلى جانب أبو العباس (؟) إلى يوحنا فم الذهب. ولما بدت الدهشة على وجوهنا أكد لنا أن كتبهم المقدسة تذكره؛ هناك تأكيد آخر في الكتيب الصغير لسليمان أفندي[106]! أتينا إلى هذه القرية النصيرية لننسخ نقشاً مسيحياً سبق أن رآه الأب بارنييه، منذ عام. ولقد انتزعوه من الأرض من أجلنا. حروفه نافرة غير منتظمة منحوتة على ساكف كبير، النقش 36.
36:
التاريخ 31 أرتيميزيوس Artémésius العام 903 بالتوقيت السلوقي. كرر النقاش مرتين أداة التعريف حول كلمة Ετους.
(ص 301) تشغل الجانب العلوي والسفلي حروف محفورة إلى الداخل، ولكنها تالفة. والجانب الجنوبي لا يستحق مجرد التفكير بنسخه لكثرة خرابه. وجدت على الطرف العلوي: έπί τού άγιωτάτου. إن الصفة άγιωτάτου تشير إلى اسم أسقف. ومن بعدها Δοε… (أو υοεθισΔο؟) ’Εμεσυον، ثم حروف غير واضحة، حيث أظن اني وجدت أحد حروف ’Επισκόπον. ولكن ذلك كله موضع إشكال. وإلاّ فيكون لدينا اسم أسقف جديد في حمص. بينما لا يعترف Oriens christianus بأي أسقف لحمص في المرحلة بين المجمع الخلقيدوني والعام 665، عندما حرق المسلمون أسقف حمص.
عثرنا في حائط حقل على بقية أثر (النقش 37) يجب اعتباره نصف النقش، وهو محصور في نفس الحائط على بعد بضعة أمتار، من النقش 38.
38:
لا أدري ما العمل بآخر حرفين (Ε، Λ) الموضوعين جانباً بين ذراعي الصليب. إن حمل نفس الأسماء لدى بعض العائلات شائع في سورية[107]. بالنسبة لإسمي العلم Λεόυτις و Λεόυτιος، ألاحظ أن نهايتهما (ιος=ius) تدغم بسهولة في (ις=is)[108].
بيد أن التسميتين تبقيان (ص 302) متميزتين[109]. هذا ما يتبين بوضوح من نقش لاتيني في دير القلعة (لبنان)، وأظنه غير منشور، وأدونه هنا[110]. إنه النقش 39.
39: I(ovi) O(ptimo) M(aximo) H(eliopolitano). | Veneri Me… | M(arcus) Sentius E… | M(arcus) Sentis ex… | … divi…
نشر السيد كليرمون-غانو نهاية هذا النقش[111]: [pro salute sua et post]erorum suorum et… Sentiae Musae uxoris v(otum) l(ibenti) a(nimo) s(olvit)
(ص 303) نخرج من خربة التين لنلج الوعر الجنوبي. بعد ساعة ونصف من المسير نصل إلى سد بحيرة حمص التي يجعلها ريح الشمال كبحر فعلي. نجتاز العاصي لنصل إلى الطرف الشرقي للسد. إذا كان العثور على قادش الحثيين القديمة يكفيه إيجاد أي موضع محاط بالمياه، فثمة فرع من العاصي بالقرب من السد يكوّن جزيرة كبيرة بحيث تكفي لإقامة مدينة عليها؛ نفس الملاحظة تصح على المنطقة بين حمص والرستن. ولكن إصرار الجغرافيين العرب على عبارة قدس مع البحرة[112] Bahra في العصر الوسيط يشكل بالتأكيد دعوة إلى حصر البحث في جوار البحيرة.
عدنا على أعقابنا بمحازاة الضفة الغربية للبحيرة، لنصل بنصف ساعة إلى قرية نصيرية نسيت اسمها[113]. ومنها اتجهنا إلى الغرب. المنطقة صحراوية، ونصادف من وقت لآخر حقول الذرة البيضاء. بعد ساعة وثلاثة أرباع الساعة وصلنا إلى خربة غازي Hirbet Ghâzi: لكثرة استعجالنا سمحنا لنفسنا بالقول أنه لا توجد نقوش على الحجارة. بعد نصف ساعة تقع صيادية Saiyâdiyé على تلة إلى اليمين. في هذه القرية بناء قديم داثر يُسمى البرج. بقربه حجر نصف دائري عليه النقش الآتي، هو كامل وفيه نحت حُفر بعناية. النقش 41.
41:
نقرأ مجموع الحروف الواردة قبل . هذا النعت[114] (illustris)- الذي على ما يبدو (ص 304) يجب أن يسبق اسم العلم- وكذلك لم يكن يُعطى لغير كبار موظفي الدولة[115]. نجهل ماهية Aétius. التاريخ 881 (سلوقي).
نصل من صيادية بأقل من 20 دقيقة إلى صونون Sounoûn. عرضوا لنا هناك حجراً غير مشغول، كروي الشكل ومغطى ببعض العلامات الغريبة؛ في الأسفل ثلاثة رسوم إهليليجية متراكبة على بعضها، ثم حرفان I، وأخيراً حرف متعرج على شكل M، كما تبدو في الأبجدية اليونانية. سألت كبار السن في القرية: "هل لعب أطفالكم بهذا الحجر ورسموا هذه العلامات عليه"؟ كان الجواب "أبداً، لطالما رأينا الحجر على هذا الشكل". عندما مرً فان كاسترن في صونون، شاهد الحجر ولم يعره اهتمامه.
لنسجل هذا الأثر القليل الأهمية، النقش 42.
42:
اجتزنا مخيماً للعرب على مقربة من صونون[116]، يسمونهم "غنام" Ghannâm، رعاة الغنم. هم مقيمون دوماً في المنطقة مع أنهم يعيشون تحت الخيم. بعد سير نصف ساعة وصلنا إلى قز الآخر[117] Qizz al-Akhir، قرية مختلطة من المسيحيين وأقلية من النصيرية. في هذا الموضع بعض الآثار. رأينا فيها يداً ضخمة منحوتة، كما في إهداءات الفينيقيين[118]، على ساكف، مع مشهد يمثل مذبحاً بين ثور أحدب وخروف له ألية كالخراف السورية[119]. ثمة بقايا مسيحية أيضاً، كبداية هذا النقش: .
43: . الموافق (ص 305) للعام 759 (سلوقي). على مسافة من هناك وجدنا قطعتي ساكف يكملان بعضهما: الحروف غريبة، سيئة الحفر. الرقم 44، لم أستطع أن أميز فيه غير التاريخ، العام 794، ونوعين من أشكال الصليب.
غادرنا قز الآخر في الثامنة والنصف صباحاً. امتنعنا عن زيارة لفتايا Liftâyâ التي كناً بعيدين قليلاً عنها. وليُسمح لي بالقول بأنه لأسباب لفظية لا اقبل بمماثلة لفتايا باللاذقية[120]. صحيح أنه في الوعر، كما في كل سورية، تلفظ القاف همزة. ولك علاوة على كون هذا التلفظ حديثاً[121]، كان من شأنه أن يترك آثاراً وأن يؤدي إلى نشوء صيغة مثل لفتآيا Lifta’aya مع الهمزة التي هي دوماً متميزة على أفواه السوريين[122].
في التاسعة و10دقائق مررنا بالقرب من أم الميس Omm al-mais، قرية مهجورة منذ ثلاث سنوات فقط. كان أهل بزنايا Biznâya قد أشاروا علينا بوجود نقش فيها: معلومة معقولة جداً، فعدم وجود نقش هنا أمر استثنائي، حيث تحتل كل القرى مواقع قديمة. في زيارة لاحقة عثرت على النقش. ولكنه كان مشوهاً جداً...
وصلنا إلى بزنايا في التاسعة والنصف: ثلاثة أو أربعة حروف يونانية وسط غصنية. الحجر مكسور في وسطه فلا يحتفظ بغير قسم من النحت، ولكنه موضوع بعناية وسط إطار. بحثت عبثاً عن القسم الأول من الإطار. النص مقروء، ولكن بناؤه مبهم، ولغته بدائية...
(ص 306) قبل مغادرتنا الوعر تساءلنا من أين كان سكان هذه المواضع العريقة التي شاهدنا آثارها يستمدون أسباب عيشهم. جاءنا الجواب من هذه الحجارة البازلتية المرصوفة على طول الدروب، أو المرصوفة بمربعات حول بعض قطع الأرض التي يستخدمها صيفاً الرعاة العرب. كما هي الحال في أورانيتيد Auranitide والتراشونيتيد trachonitide عند الرومان[123]، هذه العملية التي كانت رائجة على نطاق كبير مكنت أقواماً كثيفة نسبياً من الإقامة هناك.
تقع حربعارا[124] Harb’âra (حربعانا Harb’âna روبنسون Robinson وبلانكنورن Blanckenhorn وبيدكر Bædeker) على مسافة 40 دقيقة إلى الجنوب الغربي. لقد خلت القرية للتو، لتعود مسكونة بعد بضعة أسابيع. لا يفتقر الوعر أبداً إلى مثل هذه الهجرات: الفلاحون الذين لا يملكون في أي مكان الأرض التي يزرعون يصبحون شبه رحل. وعليه ثمة سكان يرتحلون بكاملهم ويأتون، وأحياناً على مسافات بعيدة، ساعين إن لم يكن خلف المواضع الأقل عبئاً ضريبياً، فخلف ملاك الأرض الأكثر ملائمة. أما عن كيفية تأمين المأوى، فالشعوب القديمة خلفت لهم الكثير، وبفضل المواد الجيدة المتروكة، يسهل عليهم بناء المأوى.
تمتد حربعارا، الواقعة على حدود الوعر الفعلي، فوق التلال المشرفة على وادي خالد. وهي برأيي من أهم المواضع في هذه المنطقة، وأكثر أهمية من لفتايا التي لطالما امتدحها المحليون، والمعروفة جيداً في أوروبا منذ الدراسة التي نشرت في: ZDPV, XVI, 171-187. يمكننا أن نلاحظ فيها الصراع بين التأثير اليوناني والعنصر الآرامي أو المحلي. تستحق حربعارا تفحصاً تفصيلياً أكثر مما استطعت أن أفعل. بالقرب من القرية، وغير بعيد عن ولي تظلله مجموعة من الأشجار، عثرنا على (ص 307) بناء مثير: يتكون من حجارة كلسية ضخمة مرصوفة بصفوف متتابعة ومغطاة ببلاطات كبيرة. وتفصل مسافة موحدة الصفوف عن بعضها. يخلق هذا البناء انطباعاً بأنه مقبرة قديمة[125] (campo santo antique). وأظنه موضع المدافن "grabturm" التي أشار إليها بيديكر[126] Bædeker على مسافة خمس دقائق من القرية والذي يشبه برأيه مواضع المدافن في تدمر[127]. يصح وجود ذلك في الوقت الذي زار روبنسون الموقع ووصفه بالتفصيل[128].الخراب اليوم شامل. فلم يبقَ غير قسم من الطابق الأرضي للبناء القديم، وسور الباحة الداخلية المؤدية إليه. عند المدخل ثمة حجر كبير يشكل القسم السفلي من حاجب الباب، عليه نقش حروفه تالفة مع الأسف[129]. طرفه اليمين متلوف جزئياً وسطره الأخير غير مقروء تقريباً. أخذت عنه نسخة ضعيفة[130] لأن الهواء مزق الرشمين اللذين حاولت أخذهما.
يشير النقش إلى قلة مهارة وخبرة النحات الذي، على الأرجح حاول نقل نموذج دون أن يتمكن من فهمه، فخلط بين الحروف، وقفز عن بعض الكلمات، وربما السطور. النقش 47.
47:
هذا مقطع من صيغ تحريم انتهاك حرمة القبور[131].
على ساكف، حروف كبيرة، النقش كامل: ، عام 792 (سلوقي).
على ساكف آخر مكسور علجهة اليمين: .
أرشدوني بدقة إلى نقش آخر، (ص 308) ولكنه كان مطموراً بكومة من البقايا، ولم يكن بمقدوري انتظار نبشه. هذا ما قلته إلى يوسف، هذا الشيخ النصيري!
لم أجد نقوشاً يونانية أخرى. فحربعارا كانت مركزاً آرامياً، والدليل على ذلك النصوص الثلاثة الأخيرة بحروفها السطرنجيلية التي نسخناها وأخذنا لها رشماً[132].
لم نحصل على شيء ذي أهمية من بقية رحلتنا حتى السيده Sayidé. وقبل عودتنا إلى طرابلس في 8 أيلول، أخذنا رشماً آخر لمعلم الطريق في البداوي. العمود مكسور من الأعلى، وخط الكسر يطال رأس حروف السطر الأول. النقش تالف، وحفره سيء. ونظن أننا نرى في بعض المواضع تحت الحروف الراهنة آثار نقش أقدم[133]. كل ذلك يجعل قراءة النقش صعبة. من السطر الثاني أقرأ: النقش رقم 48.
48:
لعل النقش على هذا الحجر مجرد نقش تكريمي، فرقم الأميال لا يظهر عليه. وهذه الخصوصية ليست فريدة.
... ...[134]
بيروت في 13 ت2 1899.
بعض مواضع عكار والشمال في أيام الفرنجة
هنري لامنس
"طوبوغرافيا لبنان في أيام الفرنجة، ملاحظات ومحاولات في تعيين بعض المواضع" هو عنوان الموضوع الثالث من أربعة موضوعات للأب هنري لامنس جاءت جميعها تحت عنوان
"ملاحظات في جغرافيا سورية[135]". تناول الموضوع الأول ناحية الجزر في سورية؛ وعالج الثاني ما ضمّنه الإدريسي في مؤلفه "كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" من وصف للبنان. بينما قدّم الرابع تحليلاً لجماعة النصيرية (العلويين). أما الموضوع الثالث فيناقش محاولات تعيين بعض المواضع الوارد ذكرها في الوثائق العائدة لأيام الصليبيين.
يقول لامنس في هذه المواضيع الأربعة: "غرض هذه الملاحظات توضيح بعض المسائل التي تطرحها بوفرة جغرافيا سورية العربية والفرنجية. فالأبحاث حول موضع[136] "دير مرقس" “Dair Marqos”- حيث اعتقدنا بداية العثور على موضع أسقفية "ماركوبوليس" “Marcopolis”[137]- انتهت بنا إلى تبيان حدود وموضع ناحية الجَزْر Ġazr. المقالان التاليان من دراسة أشمل، هي قيد الإعداد منذ فترة طويلة، حول طوبوغرافيا لبنان في أيام الصليبيين. أما المقال الأخير فيتعلق بأبحاثنا السابقة حول أصل وتاريخ النصيرية" (ص 239).
مررنا عرضاً بالموضوع الأول والثاني والرابع، وركزنا على الموضوع الثالث الذي أسقطنا منه كل ما لا يمت بصلة مباشرة إلى عكار خصوصاً، والشمال عموماً[138].
ترجمة النص
في تعليقه على كتاب الإدريسي ووصفه للبنان يقول الأب لامنس، بعد تعداده (نقلاً عنه) المواضع والحصون الساحلية بين بيروت وطرابلس:
(ص 349) "لا تقل الإشكالات التي يطرحها وصف الإدرسي لتوابع هذه المدينة (طرابلس) عن تلك التي يطرحها وصفه لتوابع صيدا. وإليكم بعض عمليات التصحيح التي ربما تسهل ترميم النص الأصلي المتعرض هنا للتشويه بفعل قصور الناسخين. نقترح استبدال "أبو العدس" بـ"تل العدس" “tall ‘Adas وهي قرية نصيرية[139]، و"الزيتونية" Zaitouniyya بـ"الزويتينة" Zowaitîna، و"الشفيقة" Aś-Śafîqa بـ"السفينة" As-Sofaina، وهي قرى تقع في الدريب Doraib أو الناحية الشمالية من قائمقامية عكار. "قلعة البابية Bâbiyya (أو بانينا Bânîna) بجوار نهر بنفس الاسم" يمكنها أن تكون ببنين Babnîn (ببنين Bibnîn على خريطة هيئة الأركان)، بلدة كبيرة (150 منزلاً) في ناحية قريبة من طرابلس، القيطع Qaiti‘ في عكار. والموقع يتفق تماماً مع مؤشرات الإدريسي، والمقارنة كافية من وجهة اللفظ"[140].
"طوبوغرافيا لبنان في أيام الفرنجة: ملاحظات ومحاولات في تعيين بعض المواضع"
(ص 250) يعود الفضل الأكيد إلى السيد إ. راي E. Rey الذي كان أول من قدم لنا، في مؤلفه "المستعمرات الفرنجية (باريس 1883)" في سورية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، صورة إجمالية عن الجغرافيا التاريخية للإمارات التي أسسها الصليبيون في سورية-فلسطين. وبعد أربع سنوات، استأنف المرحوم د. ر. روهريخت Dr. R. Rœhricht، وهو واحد من أفضل العارفين بالشرق اللاتيني، هذه الدراسات في سلسلة من المقالات ظهرت أساساً في [141]"Zeitschrift des deutschen palæstina-Vereins"؛ وبالاستناد إلى وثائق جديدة راجع البروفيسور العلامة البرليني عمل السيد راي، وتوصل إلى تعيين مواضع عدة مئات من أسماء الأماكن الفرنجية التي بقيت حتى حينه عصية على أبحاث أسلافه.
وبفضل هذه الأبحاث "الثورية" "bahnbrechend" فعلياً، إذا شئت استخدام هذه العبارة العزيزة على علماء خلف-الرين، اكتسبت أخيراً الجغرافيا التاريخية للشرق اللاتيني منهجها.
ولكن، كما لاحظ بصواب السيد فان برشم[142] Van Berchem، هذا العالم الذي تدين له الدراسات الفرنجية بقدر ما تدين له الأركيولوجيا العربية...، أنه "بين المسائل الأكثر حساسية في الطوبوغرافيا (الفرنجية) تأتي مسألة تعيين مواضع العديد من أسماء الأمكنة. ففي المصادر غير العربية تمت أحياناً ترجمة هذه الأسماء عندما كانت تحمل معنى فعلي أو ظاهري، وفي الغالب تمت ترجمتها لفظياً تبعاً لبعض الطرق التي من الهام تحديدها، ولكنها كانت تخرج دوماً مشوهة من جراء ذلك، لتتفاقم المسألة بفعل النساخ (ص 251) الغربيين[143]... وعليه لا بد لنا، بغية مقاربة الصيغة العربية من الصيغة اللاتينية المعاصرة أو من الصيغة العربية الحديثة، من معرفة جغرافيا البلد واللغة العربية أيضاً، وهذا وحده ما يسمح بمتابعة اسم العلم عبر ما تعرض له من تبدل متتابع. وثمة مستعربون ممتازون ارتكبوا في هذا الصدد، نتيجة عدم معرفتهم بالبلد، أخطاءً معذورة اندست في ترجماتهم، بينما انخدع رحالة على أهمية فائقة بحكم جهلهم بالعربية وبأصول قراءة نصوصها القديمة" (Journal Asiatique, 1902, I, p. 390-391).
تشكل الملاحظات الآتية نوعاً من "تعفير" "Nachlese" بالقياس إلى الحصاد الغني للغاية الذي راكمه راي Rey وروهريخت Rœhricht. وعندما نصل، في محاولاتنا لتعيين موضع ما، إلى استنتاجات مخالفة، فالمخالفة هذه يجب أن لا يتم تفسيرها كنقد موجه لمن سبقنا من العلماء. فما المزايا التي بتصرفنا ولم تتوفر لهم فرصة الاستفادة منها، التي سمحت لنا بتجاوز عمق معرفتهم وتعمقهم بأمور الشرق اللاتيني ولنتمكن من ردم الثغرات الفعلية في رسم الخرائط اللبنانية؟
يكمن ذلك في أننا ألفنا البلد ولغته، لأكثر من عشرين سنة، ولأننا كرسنا في لبنان أكثر من سنتين في تدريس الجغرافيا اللبنانية في الكلية الشرقية في بيروت[144]. أما بالنسبة للمناطق التي لم يتوفر لنا في حينه تفحصها بعمق، فلقد استأنسنا بمعرفة أبنائها المتعلمين الذين يزداد عددهم يومياً. وهكذا فإن تلميذي السابق، الراهب پ. طعمه P. Tohmé، هذا الكاهن الماروني المقيم في قضاء عكار، وضع لي لائحة عربية-فرنسية كاملة للغاية بمواضع هذه المنطقة. ونَشْر هذه اللائحة قد يصحح لحسن الحظ لائحة العالم بشؤون فلسطين الأميركي روبنسون.
كما أنني راجعت "دليل لبنان" Dalîl Lobnan، هذه المطبوعة شبه الرسمية، المطابقة إلى السالنامات Salnâmeh التي نشرتها بعض الولايات العثمانية. وفيه نجد، تحت عناوين القائمقاميات والمديريات، أسماء القرى والمزارع الموجودة حالياً في لبنان[145]. وما يعطي قيمة لهذه اللوائح أنها منقولة عن سجلات الحكومة (ص 352) اللبنانية بواسطة موظفين عارفين بالبلد ولغته؛ وهذان شرطان نادراً ما توفرا عند من وضعوا السالنامات التركية[146] وهم غير مؤهلين كفاية لتبيان الفروقات الدقيقة في اللفظ العربي. واستطعنا التدقيق ميدانياً، أو بجانب محدثينا اللبنانيين، بكتابة الغالبية العظمى من أسماء الأمكنة الواردة في "دليل لبنان".
ثمة مصنف أضخم حجماً[147] ولا يقل أهمية بالنسبة للطوبوغرافيا اللبنانية القديمة، ويبدو أنه فات حتى اليوم انتباه المستشرقين الغربيين: إنه "كتاب أخبار الأعيان في جبل لبنان" (بيروت، 1859) لصاحبه طنوس الشدياق. يحتوي هذا التاريخ لأهم العائلات اللبنانية، خصوصاً في قسمه الجغرافي الذي يفتتحه، ومن ثم في مجرى الكتاب، كمية من أسماء الأمكنة نادراً ما نجد ذكراً لها في مؤلفات أخرى، ولا حتى في لوائح روبنسون-سميث Robinson-Smith. ولقد استخدم المؤلف، في وضع كتابه، العديد من المصادر المخطوطة وهي اليوم إما مفقودة أو صعب الوصول إليها. ولعله من المؤسف أنه اكتفى بذكر عناوينها في نهاية مقدمته التي تعترضها كثرة من الثغرات، ومهملاً في سياق عمله الإشارة إلى مراجعه بدقة ما يُضعف قيمة المعلومات التاريخية المثيرة الواردة في هذا المصنف. باستثناء هذا التحفظ يستحق هذا المؤلف الثقة، خصوصاً بالنسبة لكتابة أسماء الأمكنة ولجغرافيا لبنان قبل حوادث 1860. لقد أدت هذه الحوادث، كما هو معروف، إلى نشوء "متصرفية باستقلال ذاتي"، وغيرت بعمق تقسيمات الجبل الإدارية التي بقيت هي ذاتها منذ نهاية العصور الوسطى. ولقد ساعد بطرس البستاني، صاحب القاموس الكبير "محيط المحيط"، طنوس الشدياق في عمله. وإننا سنلجأ في ما يلي كثيراً إلى "أخبار الأعيان".
عندما نستشهد في ملاحظاتنا الآتية بالكاتب راي Rey وروهريخت Rœhricht فيكون ذلك استناداً إلى مؤلف الأول "Colonies franques" ومؤلف الثاني Studien zur mittelalterlichen Geographie und Topographie Syriens (ZDPV, X, p. 195-336)، إلاّ إذا كانت هناك إحالة إلى مراجع أخرى. أما المؤلفات الشرقية الأخرى الأكثر وروداً فهي، بالإضافة إلى السابقة الذكر ("دليل" و"أخبار")، "تاريخ بيروت" لصالح بن يحي، الذي سبق (ص 353) أن بينّا قيمته؛ أما روبنسون فنشير إلى لوائحه الطوبوغرافية المنشورة في نهاية المجلد الثالث[148] من: Biblical Researches in Palestine (Londres, 1841)
والآن إليكم، بالترتيب البجدي لأسماء الأماكن، ملاحظاتنا على جغرافيا لبنان اللاتيني[149].
بنهران Beniharan: هي بنهران Benharan (مديرية قناة) بلدة صغيرة اليوم يسكنها المتاولة. لقد ضللت الصيغة الفرنجية Benehara أبحاث روهريخت التي يمكننا مراجعة فريضياته المتنوعة حولها في: ZDPV, X, p. 211, no 3.
بنّا Benna: هي بينو[150] Bainô البلدة كبيرة في الجومة Goûma (قائمقامية عكار). من المفيد الإشارة إلى الترجمة الفرنجية بنّا Benna ونهايتها بالحرف a. يبدو إن حرف a السرياني كان محتفظاً في القرن الثالث عشر بقيمته الطبيعية، بعكس اللفظ الراهن للموارنة. فسكان جبال عكار[151] اليوم يعطون حتى للحرف â العربي قيمة الحرف ô. والصوت الأول بات مجهولاً تماماً عندهم.
(ص 254) برترانديمير Bertrandimir: بداهة هي بترومين Betroûmîn (مديرية الكورة الوسطى)، وليست بطران Betorrân في نفس المنطقة كما رأى روهريخت (ZDPV, X, P. 259, n. 160). لقد تاثرت الصيغة الفرنجية بالاشتقاق الشعبي. في لوائح روبنسون (Palaestina, III, Appendice B, p. 196) أصبحت بترومين Betroûmîn بترمرين Btermerîn. وفي نفس الصفحة يجب أن نقرأ بدل عنصديق ‘Ansadîq عفصديق ‘Afsadîq؛ وأميون Amioûn بدل عميون ‘Amioûn.
بيتيليون Bethelion: لا يُمكن العثور عليها برأي روهريخت (ص 234). وامتنع راي عن تعيينها. إنها برحليون Barhelioûn (باريليون Barélion على الخريطة الفرنسية) في مديرية قناة Qanât. في هذه القرية كنيسة قديمة تعود للعصور الوسطى. اعتبر الناسخ الفرنسي أنه تعرف في القسم الأول من الاسم على العبارة العربية بيت bait الواسعة الانتشار في أسماء المواضع اللبنانية. لم يلاحظ راي، كما هي حال روهريخت، أن بيتسيديون Bethsédion هي مجرد صيغة أخرى لكتابة اسم بيتيليون (راجع: Colonies, p. 362).
بيتساما Bethsama: يوحي هذا الاسم بموضع بيت شاما على طريق العربات، في منتصف المسافة بين بعلبك وزحلة. ولكن موقع الأمكنة المذكورة مع بيتساما يعيدنا إلى الجانب البحري من الجبل، في منطقة مجاورة لطرابلس إلى الجنوب (ص 255)، أي الكورة. والحال، فلا نعرف في هذا القضاء غير بصرما Besarmâ قرية جميلة في مديرية الكورة الوسطى، يُمكن لاسمها أن يُقارن باسم بيتساما. بالنسبة إلى القسم الأول من هذا الاسم الفرنسي، من المثير فعلاً أن be البادئة في بصرما هي مختصر بيت. ولا شك أن في ذلك مدعاة اعتزاز بالمعرفة اللغوية لفرنسيي سورية أن نفترض فيهم معرفة هذه الخصوصية في الاشتقاق اللغوي. ولنا في اسم بيتزعال Betzaal مثلاً آخر على ميلهم إلى جعل be الأولية ممدودة ببيت beth. قارن ايضاً مع بيتيليون Bethelion وبيتسيديون Bethsédion وبيتاموم Bethamum.
بيتزعال Betzaal: يجب أن تكون هذه القرية، استناداً إلى راي وروهريخت، في سنيورية جبيل. ويبدو أن هذين العالمين اندفعا إلى هذا الاستنتاج بفعل طبع ريمون الجبيلي الذي وهب بيتزعال وميساركون Messarkoun (راجع هذا الاسم في راي) إلى فرسان الاسبتالية. ولكن، كما لاحظ راي بصواب، يجب البحث على الأرجح عن ميساركون في إمارة أنطاكية. ومن الأكيد أن أسماء الأماكن في منطقة جبيل لا تكشف تقارباً مرضياً مع بيتزعال. بل أكثر من ذلك، فمقترحات روهريخت الثلاث (ZDPV, X, p. 256, n. 18) في تعيين موضع بيتزعال جاءت كلها خارج قضاء جبيل حتى في أكبر حالات اتساعه. وإذا كان لا بد من الاستمرار قي البحث عن بيتزعال، أو بالأحرى بيزعال Bezaal وهي الصيغة الأصح[152]، فلا يمكن التفكير بغير بشعلي Besa‘li (مديرية تنورين) في قائمقامية البترون[153]، كما سبق لنا واقترحنا في بحثنا Notes sur le Liban (I, p. 122). وهذه أيضاً موضع هام. ولقد اكتشفنا فيها بقايا نقش يوناني، ما يُثبت أسبقيتها على الصليبيين (ibid.).
ولكن جعل بيتزعال في منطقة جبيل لا يبدو لنا مقبولاً. فمن الممكن جداً أن يتنازل ريمون للاسبتالية عن أرض له (ص 256) خارج حدود بارونيته . أما بخصوص ميساركون فليس لدينا تفسيراً آخر.
ولهذا فإننا نفضل اعتبار بيتزعال-بزعال Betzaal-Bezaal هي بذال Bedâl (تلفظ بزال Bezâl) في مديرية القويطع (القيطع) Qowaiti‘ في قائمقامية عكار، شمال-شرقي طرابلس، وهي قرية مسلمة من ستين منزلاً. إن المقاربة اللفظية هنا هي أكثر مقاربة مرضية. أما بخصوص كتابة بيتزعال فيمكننا مقارنتها مع بيتاموم[154] Bethamum وبيتساما Bethsama. يجب أن يبقى حاضراً في ذهننا أن الاسبتالية كانوا يملكون سابقاً القسم الأعظم من قرى منطقة عكار الغربية. ووسعوا ممتلكاتهم بالحصول على بيتزعال التي يقلل بعدها عن جبيل من قيمتها بنظر ريمون الجبيلي.
بوكومب وبوكومبر Bocombe et Bocombre: بقيت مجهولة بنظر روهريخت وراي. إنها بقمرا Bekomrâ في مديرية الكورة الشمالية، وغير واردة على الخريطة الفرنسية للبنان. حول الاشتقاق السرياني للاسم والصيغ المشابهة في أسماء العلم في سورية، يمكننا مراجعة مقال نولدكه: Nœldeke: ZDMG, 1875, p. 440.
(ص 257) بوتورافيج Boutourafig: لعلها بطرّان Betorrân (الكورة الوسطى) برأي روهريخت (ص 258). إن السيد كليرمون-غانو Clermont-Ganneau على صواب برفضه هذا التعيين: "إني أقارنها بالأحرى باسم قرية بجوار طرابلس يذكرها برغرين Berggren بصيغة بتوراتيج Boutouratidj. يبقى أن نعرف ما إذا كان الحرف t مكان الحرف f بفعل خطأ مطبعي في مؤلف برغرين، أو بالعكس، يجب أن نقرأ في الوثيقة القروسطوية الحرف t مكان الحرف f (إلتباس في قراءة النصوص القديمة). وأظنها ترتج Tartej الواردة فقط، من بين الخرائط التي بتصرفي، على خريطة فان دو فيلد Van de Velde. وباختصار، فإن الصيغتين الحديثتين بتوراتيج وترتج، المسجلتين بطريقة مستقلة من قبل برغرين وفان دو فيلد تصحح الواحدة الأخرى؛ فمن المعروف أن العنصر البدائي بيت beit في تكوين أسماء الأماكن، في اللهجات اللبنانية خصوصاً، يمكنه أن يُختزل إلى بت bt وب b وت[155] t. لا بد أن تطابق ترتج Tartej (Tarteg) بترتج B’tartedj بِترتج Betartedj، ما يؤدي بنا بسهولة إلى بتوراتيج Betouratidj. ينجم عن ذلك أنه يحب تعديل كتابة الوثيقتين الصليبيتين: تعديل بوتورافيج Boutourafig لتصبح بوتوراتيج Boutouratig، وبوترافيس[156] Botrafis لتصبح بوتراتيج Botratig" (RAO, III, p. 253, n3)..
سمحنا لنفسنا بذكر هذا الاستشهاد الطويل لنبين بكل جلاء كيف أن عيوب خرائطنا يمكنها أن تنعكس في الفكر اللبيب كفكر السيد كليرمون-غانو. بوتورافيج هي بداهة بوتوراتيج، وهي مجرد ترجمة لفظية لاسم بتوراتيش Betoûrâtîs (مديرية الكورة الشمالية) المكتوبة ترتج Tartej على خريطة فان دو فيلد وخريطة هيئة الأركان الفرنسية؛ وهي كتابة سيئة تدفع إلى التفكير باسم ترتِج Tartig (مديرية أعالي جبيل) وقد أصبحت تردج Tardej- لا ندري لماذا؟- على الخريطة الفرنسية. وما خلا ذلك فإننا نتبنى بطواعية اعتبارات السيد كليرمون-غانو.
بويورا Buiora: "هي بشوره الحالية في الكورة التحتا" (Rœhricht, ZDPV,X, p. 210, n. 11). لنقرأ بجوره Begoûra في نفس مديرية الكورة التحتا. ثمة صيغ أخرى: Buiora, Buiola.
(ص 258) كفرسكيل Cafarsequel: "تابعة لسنيورية جبيل. مجهولة الموضع" (راي). يقترح روهريخت موضع فغرال Fagrâl. إنها كفر شلّه Kafr Śillé، (مديرية جبيل العليا). لقد ترجم الفرنسيون العبارة العربية كَفَر[157] Kafar تبعاً للفظ العامة كَفر Kafr (cf. infra).
كَزَرَسيل Casaracel: لقد عينها كليرمون-غانو بصواب[158] في القرية الراهنة كفر قاهل Kafr Qâhil في الكورة الفوقا. ولكننا لا نعتقد أنه من الضروري أن نرى في الكتابة الفرنسية كَزَرَسيل Casaracel خطأ مطبعياً لاسم كَفَرَسيل Cafaracel. فمن الواضح أن كفر قاهل كانت تحمل سابقاً اسم قصر قاهل Qasr Qâhil. كما أن لوائح روبنسون وخريطة البترون ورواية رحلة قايدبك (القرن الخامس عشر) تذكر الاسم بهذه الصيغة.
كورنونيوم Cornonium: هي كفرنون Kafr Noûn (نلفظها كفُر نون[159] Kfór Noûn ومن هنا الصيغة الفرنسية المدغمة) في ناحية الدريب (قائمقامية عكار[160] فوق وادي النهر الكبير Eleutherus)؛ وليست بالأحرى "الشرنوبية" “El-Churnubiye” (لنقرأها الخرنوبية Al-arnoûbé) التي اقترحها روخريخت. وكان الاسبتالية يملكون سابقاً القرية المجاورة، فيليسيوم Felicium، اليوم "خربة الفليس" “irbat Falîs” التي نجح ر. دوسو[161] بتعيينها. وسكانها ليسوا مختلطين من المسيحية والنصيرية كما قلنا سابقاً[162]، ولكنهم مسيحيون حصراً.
(ص 262) هاب أو هعاب Hab ou Haab: لقد ضلّ راي (ص 341) وهو يبحث عنها في إمارة أنطاكية. إنها عابا ‘Abâ (تلفظ أحياناً عابه ‘Abé) في مديرية الكورة الوسطى. اعتبرها روهريخت باسم هعاب Haab، أما بالنسبة إلى هاب Hab فاكتفى بالقول: "لا يمكن العثور على مثل هذا الاسم".
(ص 267) مونكوكول Monscucul– مونتكوكولي Montecuculi (الصيغة التي قدمها راي): ثمة صيغة أخرى مون كوكو Mons cucu. هناك مقر للداوية باسم مونكُكو[163] Montcoqu مذكور بالقرب من طرابلس. وكان قريباً من غابة مونكوكو Montcuqu وهي ملك الداوية أيضاً. وانطلاقاً من موضعهم في مونكوكو Montcucu هاجم الداوية في مطلع العام 1282 كونت طرابلس بوهيموند السابع. كما أن واحدة من بوابات طرابلس كانت باسم منكُكو[164] Montcoqu.
ما يزال هذا الموضع الهام بحاجة إلى التعيين. فهو استناداً إلى راي " ربوة تقع جنوب شرقي طرابلس وعلى شاطئ البحر". إن موضع أبو حلقا Aboû Halqâ، على نصف ساعة من طرابلس يتوافق مع كل المعطيات الطوبوغرافية؛ ومونكوكول Monscucul، هذه الصيغة الأقل تصحيفاً تقترب كفاية من أصل الاسم العربي، هذا متى أخذنا بالاعتبار الاعتباط في الترجمات الفرنجية القديمة. وهناك أيضاً بالقرب من بئر ماءٍ رائعة بقايا تحصينات قديمة[165]. تتحكم هذه النقطة، عند الخروج من الحقول ومن شبه جزيرة طرابلس، بمدخل الطريق المحصورة بين البحر والجبل، أحد الشرايين الحيوية في سورية. وهناك كانت الحكومة اللبنانية تقيم منطقة الكرنتينا في أزمنة الأوبئة.
[1] المرجع: H. Lammens, Notes Epigraphiques et Topographique sur l’Emésène, Extrait du Musée Belge, Revue de philology classique, Louvain, 1902, p. 49 et suiv.
[2] يكتبها م. هارتمان: Tell dù، صيغة غير معروفة في المنطقة: M. Hartmann, ZDPV, XXIII, 23.
[3] بحرة القطينة، كما يقول أهل المنطقة، مع أل التعريف التي يجب الحفاظ عليها متوافقين مع كيبرت Kiepert وضد هارتمان Hartmann، ص 8.
[4] راجع لاحقاً بعد النقش رقم 48، وملاحظتنا حول نقش الجامع الكبير في حمص.
[5] كما يفعل البطريرك يعقوب. راجع: تكوين، 28. 18.
[6] Comptes rendus de l’Acad. des Inscript., 1895, p. 441 sqq.
[7] رغب دوسو بمماثلتها بقرية غوبانية Goubâniyé: Dussaud, p. 51.
[8] راجع: zdpv, XVI, 186.
[9] راجع: Musée Belge, IV, 1900, p. 280. زار لامنس منطقة حمص في المرة السابقة انطلاقاً من طرابلس فحلبا فمنجز فسورية وحمص ومنها تفحص بعض المواقع في الوعر. وفي هذا المرة انطلق من زحلة في البقاع، ليمر في بعلبك... فالجوسية فحمص، ومنها عاد إلى الوعر، وصعد إلى عندقت ومنها إلى جبل أكروم... (المترجم).
[10] راجع: XIème congrès des Orientalistes, 4ème section, p. 131, nos 85 et 88.
[11] راجع حول آلهة الحميريين: ZDMG., LV, 245
[12] بعض تفاصيل الزي، مثل الحذاء المدقق من الأمام والمعقوف قليلاً، تشير إلى احتمال أن يكون النصب من أصل حثي. ولكن القسم العلوي للشخص المشوه تماماً لا يسمح بالتقدم بكلام حاسم.
[13] يوجد على بعد بضعة أميال إلى الجنوب نقشان كبيران من الحروف المسمارية في وادي بريصا (قضاء الهرمل). راجع: Arch. Miss. Scient., 1888, p. 345
[14] بهذا الصدد، فإن النقش () رقم 2660 عند ودينغتون معبر: فالحروف الثلاثة تبدو كحاشية مضافة إلى الصيغة التوحيدية.
[15] Musée Belge, IV, 1901, p. 291, no 16.
[16] Byzantinische Zeitschrift, I, 1892, p. 149-264; 266-268.
[17] العنوان في الأصل "بلاد النصيرية..."، فضلنا عبارة العلويين مكان عبارة النصيرية (المترجم).
[18] المرجع: H. Lammens (S. J.): “Le Pays des Noşairis, Itinéraire et notes archéologiques” Musée Belge, 1900, pp. 278-310..
[19] ثمة من يصر بعناد على لفظة أنصارية Ansariehs، بعكس ما يقتضيه اشتقاق الكلمة. وهذا ما رفضه بصواب De Sacy (Acad. Inscript., IV, 69)، ومنذ فترة قصيرة ايضاً: Clément Huart (J. A., 1879, II, 190).
[20] هذه هي الكتابة الصحيحة لهذا الاسم المشوه في كتب الدليل وروايات الرحالة.
[21] لقد سبق له وقدم نفس الخدمة، منذ ثلاث سنوات، إلى رينيه دوسو. راجع: René Dussaud, Voyage en Syrie, octobre- novembre 1896, Revue archéologique, 1897. سنذكر رحلته استناداً إلى طبعتها على انفراد.
[22] راجع: ZDPV, X, 211. نظراً لعدم وجود حروف خاصة سنعتمد: ج = g، ح = h، خ = kh، ش = sh، غ = gh.
[23] ككل الحجارة في المناطق التي اجتزناها: سنذكر الاستثناءات بدقة.
[24] راجع: Dussaud, op. cit., 4.
[25] المرجع السابق.
[26] Dussaud, p. 6, Comp. le nom Barigbal dans les inscriptions d’Afrique. C. I. L. VIII Indices p. 1020 ; et Arch. Miss. Scient., 1888, p. 14.
[27] أو حرف Μ؛ إن Δάμας موجود أيضاً في: Waddington, no 2682.
[28] ثمة قديس باسم داداس Dadas في السنكسار الروماني (13 نيسان).
[29] يكتبها دوسو دوماً سعيدة Sa‘idé. كثيراً ما يلتقي مسارنا بمسار دوسو. بذلنا جهداً خاصاً لكتابة اسماء المواضع الجغرافية بدقة.
[30] راجع: ZDPV, X, 257.
[31] الكلام مطبوع بالعربية في النص الأصلي (المترجم).
[32] وسع مطبوعة بالعربية في النص الأصلي (المترجم).
[33] فيها بضع عائلات مسيحية. في خارطة بلانكنورن Blanckenhorn يرد اسم القرية خالياً من الحرف هـ: Balluniyé.
[34] لم يُسمح لي بأخذ وشم آخر. كان ذلك الموقف العدائي الوحيد الذي تعرضت له من جانب النصيريين.
[35] قارن مع المقطع الذي عثر عليه في السيدة: Δαφαθ.
[36] العبارة بالعربية في النص الأصلي (المترجم).
[37] هذا بدون ذكر الظباء القائد العسكري عند زنوبيا. ولعل Ζαβδαι هو أحد الأشكال الموجزة التي نصادفها في تدمر، وهب اللات...
[38] راجع: Le chemin de Damas, paru dans la Revue du clergé français, mai 1898, p. 7 du triage à part.
[39] PERROT ET CHIPIEZ, Histoire de l’art dans l’antiquité, III, 67.
[40] نقل هذا الأخير مقره مجدداً إلى قلعة حصن الأكراد الجميلة.
[41] مصدره برج محاش.
[42] سوف نعثر على هذه الزخرفة في الغور وفي غيره من الأمكنة، ولدى ودينغتون (2697) نقش مماثل. بالنسبة لصيغة ςδτσιρχ κάτοικεν ، وغيرها من الصيغ المشابهة، وهي قليلة في النقوش المسيحية، قارن: EDM. LE BLANT, Nouveau recueil des inscript. Chrét. de la Gaule, pp 3, 4, 7,. ننوي العودة إلى هذا النقش المثير.
[43] راجع: Kraus, II, 364.
[44] راجع نقشاً مماثلاً عند ودينغتون: Waddington, Inscript. de Syrie, no 2697.
[45] راجع: Cedrenus dans MIGNE, P. G., t. CXXII, p. 229.
[46] وجد فيه كوندر Conder سابي Sapi الواردة في رسائل تل العمارنة، إنه تعيين متهور. راجع: The Tell Amarna Tablets, p. 73.
[47] على مسافة ساعة إلى الحنوب الغربي لصافيتا، فوق نهر الأبرش.
[48] مار سمعان برأي دوسو. تصح التسميتان، كما أفادني المرشدون المسيحيون. عمودي تعني مار سمعان العمودي. وحدوثني عن عمود قديم في وسط البلدة، أمر يستأهل التحقق منه.
[49] لعلها Eixserc أو Esserk أو Sark الواردة عند الصليبيين، راجع: ZDPV, X, 260; REY, Colonies franques de Syrie, 370.
[50] DUSSAUD, op. cit., 22, 23.
[51] راجع حول اسم اسبر يتسمى به اسماعيلي من قدموس: ZDPV, XIX, 241.
[52] مع اسم التصغير كتور.
[53] لاحظ الأب بارنييه أن نصيرياً يتسمى بهذا الاسم في بانياس.
[54] أفادني شيخي أن النصيريين لا يسمون ميشيل وبيير وبول، ولا عمر وأبو بكر وعثمان، وهذا الأمر الأخير يمكن تفهمه عند شيعة مغتاظين. ولكن ثمة شيخ نصيري أفادني في العام التالي، لدى مروري في مريمين، أن ابناء دينه يتسمون باسم بيير ولوقا وغيرهما.
[55] راجع: Dr J. ROUVIER, L’ère de Marathos de Phénicie dans Journ. Asiat., 1898, II, sept-oct.
[56] الكتابة المعتادة هي مصيات Maşiât.وهناك في المنطقة من يراها مصياف. أما التسميات الأخرى "مصياث Maşiâb, Masiât" (كما في أسامة بن منقذ، لناشره درنبورغ H. DERENBOURG) فهي غير معروفة عند السكان الأصليين.
[57] حرفياً تصغير الشمس، شمس صغيرة.
[58] ZDPV, X, 260.
[59] ZDPV, X, 257
[60] المرجع السابق، 261. لعل عشق عمر هي كوركوا Corcois، المرجع السابق. لا شك أن فودا Fauda هي خطأ في قراءة فندا Fanda؛ بينما يكتبها د. بوست فيدارا Fiddarah: Dr Post, Quaterly Statement, 1893, p. 39.
[61] مثل إسماعيلية قدموس: ZDPV, XIV, 241.
[62] هي Rabahou عند راي، و Raba‘o عند دوسو. عندما يتطابق مسار رحلتي مع مسار رحلة دوسو، أعود إلى مقاله عنها في ما خص التفاصيل الطبوغرافية.
[63] قراءتي للسطرين الأخيرين تخمينية.
[64] لا وجود للرقم 12 (المترجم).
[65] يتحدث راي أيضاً عن "دير بيزنطي"، REY, Archives des missions scientifiques, III, 343.
[66] هذا الاسم الذي أطلقه دوسو على الخرائب المسيحية الواقعة على مسافة نصف ساعة شمالي قرية حمّام هو اسم جنس يطلقه السكان على الكثير من المواقع القديمة.
[67] هكذا في النص hirbet وليس khirbet، (المترجم).
[68] لقد ضللنا أدلاؤنا النصيريون، فلم نتمكن من تقدير المسافات بدقة.
[69] تسمى أحياناً، خطأً، دير صُليب.
[70] هي مون فراندوس الصليبية والمسماة مونفران على خريطة تعود إلى القرن الثالث عشر نشرها روهريخت: Röhricht, ZDPV, XVIII, planche VI..
[71] يذكر اسم بعرين، من حيث اشتقاقه، بلدة أوفرنيى Auvergne، المزينة منذ القدم باسم جرغوفيا Gergovie.
[72] يستعمل هذه الصيغة الوثنيون أيضاً (EDM, LE BLANT, 750 Inscriptions de pierres gravées, p. 88, 121 dans Mémoires de l’Institut, 1898)، ومنها الصيغة الآتية: Κύριε έλέησον، المرجع السابق.
[73] Recueil d’archéologie orientale, I, 23.
[74] ربما كان هناك سطر رابع يتضمن التاريخ، فالكسر من الجهة السفلية يجعل الحروف قريبة جداً من طرف موقع النقش.
[75] كانت صيغة εύσεβέστατος وصيغة εύλαβέστατος تستعملان أحياناً للكهنة. إني اقترح بالأحرى القراءة الأخيرة، لأن الحرف Ν من السطر الأول يشبه قليلاً الحرف Υ، وبعد الحرف Λ هناك ما يشبه بداية الحرف Α.
[76] لدى عودتي لاحظت أن ماكس فان برشم لم يذكر بعرين في عداد المدن التي زارها أثناء حملته لجمع النقوش: Journ. Asiat., 1895, II, p. 485.
[77] أحدهما لاتيني.
[78] في بعرين بضع عائلات أرثوذكسية.
[79] أو بالأحرى (ω) و(α)، لأن (ω) تحتل الصف الأول. هل يجب لفت النظر إلى المساحتين الكرويتين فوق الطاووسين؟
[80] راجع: Archives des missions scientifiques, 1897, 430.
[81] راجع: Martigny, Dictionnaire des antiquités chrétiennes, 193, 194.
[82] إنه، على حد علمي، النموذج الوحيد لصيغة XM في النقوش السورية. في السنة التالية، عثرت على نموذج آخر في جبل أكروم (جنب غرب حمص)، أنوي العودة إليه.
[83] راجع: Waddington, Inscriptions de Syrie, p. 504.
[84] يمكن مقاربة هذا النقش مع نقش خربة التين Hirbet at-tîn (راجع لاحقاً)؛ وعبارة οίκος بمعنى معبد، راجع: Waddington, nos 2158-2160.
[85] بالقرب منه يوجد تاجان عمود لعل مصدرهما المعبد القديم.
[86] هناك بعض الآثار وبقايا برج، ويحمل المجموع اسم برج سميس Borg Smîs.
[87] وعر تعني أرض مبحصة وصعبة المسالك.
[88] كلمة وعر في الحاشية السابق وردت بالعربية في النص الأصلي. (المترجم).
[89] تستمد منطقة الحصن اسمها من قلعة الحصن، أو حصن الأكرد الذي يشرف بكتلته الضخمة على كل المشهد.
[90] كتبت الأسماء كما هي مدونة في دفتري، دون أن استطيع ضمان دقتها. اعتقدت لاحقاً أني سمعت غواليق، من السهل الوقوع في التباس الصوت بين hâ وقاف qaf السورية. (هذه الملاحظة غير واضحة. ففي متن النص كتب Gawâlih، وفي الحاشية هنا يشير إلى الصوت hâ. – المترجم).
[91] كان من المفروض استكشاف هاتين الخربتين قبل التوسع الأخير لحمص.
[92] من الواضح هنا أن عبارة كراد تعني أكراد، لعلها كانت سابقاً موضعاً للأكراد.
[93] راجع: Kraus, Encyclop., der christlich. Alterthuemer s. v; Waddington, nos 2093 (πρεσβύτερος καί άχιμανòρίτης) et 2124. راجع حول الفرق بين الأرشمندريت ورئيس الدير: Schlumberger, Sigillographie byzantine, 376. الآرشمندريت من الشخصيات الهامة، ويحصل على لقب άγιώτατος المخصص عادة للأساقفة. راجع: الرقم 2124 من: Waddington et le beau travail de l’abbé Morin, les moines de Constantinople, 1897, p. 85.
[94] المرجع السابق، 96.
[95] هنا أيضاً نسيت أن أنسخه.
[96] راجع حول الرقم 9 عند المسيحيين الأول: Kraus, Encycl. II, 1000. لعله صليب.
[97] راجع نموذج جديد ومثير لهذه الصيغة على معلم للطريق في جرش Garash (Gerasa)؛ Echos de N. D. de France, 1896, p. 171: ليست صيغة Είς θεòς من أصل توحيدي دوماً. راجع: Edmond Le Blant, 750 Inscriptions de pierres gravées, p. 83 sqq dans Mémoires de l’Institut, XXXVI, 1898 et Revue biblique, 1899, p. 36 sqq..
[98] نسخت هذا النقش مع مغيب الشمس.
[99] الاسم وارد بالعربية في النص الأصلي، (المترجم).
[100] ليس لدي عنها غير نسخة مخطوطة. ولقد نشرت في: Bulletin de Correspondance hellénique (nov. déc. 1895، وهو مرجع ليس بمتناولي.
[101] هي عادة ’Eμμαυονήλ.
[102] الكلمة بالعربية في النص الأصلي، (المترجم).
[103] راجع: Kraus, Encucl., II, 605 s.v..
[104] لاحظوا تكرار اسم سمعان العمودي. لقد عثرنا أيضاً على العديد من مزارات النصيرية المكرسة إلى الشيخ إسماعين Isma’în؛ نظن أنها حلت مكان المعابد التي أقيمت تكريماً لراهب أنطاكية الشهير.
[105] ثمة صيغة شعبية “Sarhabîl” (notre Σαρπιλίος) موجودة بالتأكيد. نصادفها في تعيين الأسماء في شرقي الأردن؛ راجع: M. u. N. DPV. 1899, no 3, article du Dr Schmacher.
[106] الباكورة السليمانية Al-Bâkoûrat as-solaimâniyâ، ص 35، بيروت.
[107] راجع نقشاً من صيدا نشريه في: Revue archéologique, 1898, II, 112.
[108] يشيع هذا الإدغام في نقوش دير القلعة: ؛ Helenis=helenius في: Recueil d’archéol. Orientale de Clermont-Ganneau, I, 103, 111. وفي بقية سورية. راجع: Mission de Phénicie, 188 et Waddington, passim :
Mission scientifiques, 1895, p. 577؛ ونقش من حمص سننشره، وآخر من حمارا (السلسلة الشرقية من لبنان) منشور في: Journal asiatique 1898, II, 328.. هذا هو أصل نهاية كتابة الكثير من الأسماء العربية باليونانية-اللاتينية، سرجيس Sargîs (عند الشاعر الأخطل) الذي يصبح الآن سركيس Sarkîs (Sergius)؛ وجرجس Girgîs (جورج) عند المسعودي، في كتاب التنبيه. إن هذا الإدغام كما تبين أمثلتنا هو أقدم مما يراه م. مللر M. Miller؛ راجع: Edm. Le Blant, Nouv. Recueil des inscriptions chrétiennes de Gaule, p. 166..
[109] سجل الأب فان كاسترن Λεόυτις في لفتايا (أي في المنطقة) راجع: ZDPV, XVI, 180، مع الأسف التاريخ مفقود. ليس Λεόυτις اسم امرأة كما ظن زميلي العلامة (المرجع السابق)، وكذلك وادينغتون في: no 2570 d، من حمص: Λεουτίου υίοϋ Λεουτίου ؛ شكل الحروف متوافق في النصين. سنلاحظ تكرار اسم ليونس Léonce في منطقة حمص. حول القديس ليونتيوس الذي استشهد في طرابلس، راجع: Waddington, p. 463. وهو يشكل مع مار جرجس ومار سركيس ثلاثياً من الشهداء بشهرة واسعة في القرون الأولى للكنيسة المسيحية السورية، (Waddington, no 1915). وتستمر حتى اليوم عبادة مار جرجس وسركيس، بينما وقع القديس ليونتوس في النسيان تقريباً في سورية.
[110] عمود من الحجر الكلسي، بقاياه موجودة في منزل السيد ألفونس نقاش، ماكوح Makkauh عند كليرمون-غانو، ص 113. إن حجم القطعتين وشكل الحروف يبينان أنهما يعودان لنفس الإهداء.
[111] راجع: Rec. d’archéol. Orient., loc. cit., . بالنسبة إلى الإهداء إلى جوبيتر البعلبكي خارج بعلبك لدينا نقش لاتيني من بيروت (Mission de Phénicie, 347)، ونقش يوناني من وادي بردى، منشور في (Quart. Stat., 1898, p. 31)، راجع أيضاً: (Cl.-Ganneau, Archéol. Or., IV, 48)، ونقش آخر من لامبيز Lambèse (إفريقيا)، راجع: L’armée romaine d’Afrique par R. Cagnat, p. 422.
تم اكتشاف إهداء جديد في بيروت، في جنوب شرق تلة الناصرة، بالقرب من مدافن الألمان واليهود. ونقرأه على مذبح، قسمه العلوي أو إفريزه متلوف وكذلك جانبه اليساري.
[112] بحرة، لا بحيرة هذا الاسم الذي يطلقه الساكنون بجوارها. (بحرة وبحيرة عبارتان بالعربية في النص الأصلي- المترجم).
[113] ربما هي خربة السودا Hirbet as-saudâ.
[114] ربما هو اسم علم، ولكن ماذا عن Aetius Illustrius؟ بنية الجملة قد تصبح أصح.
[115] راجع: Wadd. 1882, 1906 a, 2328, 2412 q., 2562 c; Neldeke, Die Ghassânksche 13, 14, 15.
[116] بالصاد أو بالسين، لم يتمكن أحد من إجابتي.
[117] الاسم بالعربية في النص الأصلي، (المترجم).
[118] عادة واسعة الانتشار في قرطاجة، بأن ينطوي الإهداء على فعل من الهادي، باستخدام الجزء كرمز للكل، اليد المرفوعة والمفتوحة المذكرة بالعبادة. راجع: Gazette archéologique, 1876, p. 119.
[119] المرجع السابق، ص 121.
[120] هذا ما اقترحه فان كاسترن في: ZDPV, XVI, 171-187.
[121] لقد بينا ذلك في المجلة العربية، المشرق، بيروت، 1898، ص 823.
[122] قارنوا لاوديسيه Laodicée على البحر وقد أصبحت لاذقية Ladi’iyé لا Lâdiyé لائييه.
[123] ZDPV, XXI, 28.
[124] واردة بالعربية في النص الأصلي، (المترجم).
[125] ثمة بناء مشابه مع رسم له في: ZDPV, IX, 339.
[126] المرجع السابق، الطبعة الألمانية الرابعة، ص 394.
[127] نفس الملاحظة عند روبنسون.
[128] Neuere biblische Forschungen, 729.
[129] اعتبرها روبنسون غير قابلة للقراءة، ص 729.
[130] فضلت العمل على مقارنتها مع الأصل في زيارة أخرى.
[131] راجع: Mission de Phénicie, 256.
[132] سلمنا النص الأساسي إلى الأب جي. ب. شابو J. B. Chabot في باريس.
[133] نرى بوضوح تحت الحرف ، من كلمة ، حرف X اللاتيني.
[134] يعرض الكاتب في الصفحتين الأخيرتين بعض النقوش المجمعة من مناطق أخرى، فضلنا إهمالها، (المترجم).
[135] المرجع: P. Henri Lammens (S. J.), Notes de géographie syrienne, Mélanges de la Faculté Orientale, I, Université S.-J., Beyrouth, 1906, pp. 239- 283.
[136] قارن مع حالة دير بعوتل Dair Ba‘autal المشابهة.
[137] يرد خطأً في بعض اللوائح في عداد الأسقفيات التابعة لحمص؛ هذا ما سنبينه لاحقاً.
[138] جاء مخطط الموضوعات كالآتي: 1, Le district syrien de Gazr, (p.) 239; 2, La description du Liban d’après Idrisi, (p.) 242; 3, Topographie franques du Liban, notes et essais d’identification, (p.) 250; Les Nosairie et les “Galiléens” de Sozomène, (p.) 271.
[139] غير موجودة على أي خارطة، وربما أن النص كان بداية يحتوي "تل العدس".
[140] من المفيد هنا وضع نص الإدريسي: "وينضاف إليها (إلى طرابلس) عدة حصون وقلاع معمورة داخلة في أعمالها مثل... وحصن أبي العدس... ولها من أمهات الضياع المشهورة المذكورة أربعة فمنها الضيعة المعروفة بالشفيقية والزيتونية والراعبية... ... وفي وسط هذا الجون (جون عرقة) ثلاثة حصون تتقارب بعضها من بعض اسم أحدها مما يلي اطرابلس لوتورس والآخر بابييه وهو على نهر جار يُسمى نهر بابييه والحصن الثالث يسمى حصن الحمام وهي تتقارب بعضها من بعض"؛ راجع: الإدريسي، كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، المجلد الأول، الطبعة الأولى، عالم الكتب، بيروت، 1989، ص 373.
[141] راجع: ZDPV, X, p. 1-49; 195-345 (تتم الإحالة دائماً إلى هذا القسم في سياق هذه الملاحظات)؛ XI, 140-142؛ XII, 33-34. – لنذكر أيضاً دراستين: الأولى تعود للسيد هـ. بروتز H. Prutz، المرجع السابق IV, 157، ؛ والثانية تعود إلى هيركيه Herquet، المرجع السابق Vi, 206، ولكنهما قليلتا الأهمية بالنسبة موضوعنا.
[142] راجع تأملاته في نفس الموضوع في: Revue critique, 1905, I, p. 229
[143] سنرى لاحقاً العديد من الأمثلة التي لن يتوفر لنا المجال للتشديد عليها.
[144] سنتا 1903-1905.
[145] راجعت الطبعة الثاني والأخيرة، بعبدا (لبنان)، 1902.
[146] راجع بهذا الصدد ملاحظات د. هارتمان Hartmann، ZDPV, VI, p. 103, 118-119
[147] حوالي 740 صفحة: Environ 740 p. in So
[148] كان لزاماً علينا المحافظة على الترجمة اللفظية للمؤلفين الذين نستشهد بهم حتى ولو كانت غير متوافقة مع ترجمتنا.
[149] تجاوزنا من الملاحظات كل ما ليس له علاقة بعكار خصوصاً، والشمال على العموم (المترجم).
[150] راجع: R. Dussaud, Rev. Archéol., 1897, p. 306
[151] يلفظون عكور ‘Akkôr. وكذلك كورنونيوم لاحقاً.
[152] كما يبدو أن روهريخت توقعها؛ راجع: Index dans ZDPV, X.
[153] تبدو بشعلي من حيث اللفظ الأقرب من بين مقترحات روهريخت، وهي طبوغرافياً الأقل بعداً عن جبيل.
[154] إنها بَدبْهُون (الكورة الشمالية) وتكتب بديبهون Bdibhôn (Bædeker) وبيت بون Beit Boûn (الخريطة الفرنسية). من المثير أن يعتمد مؤلفو الخريطة والناسخو ن الفرنسيون في العصر الوسيط نفس طريقة الترجمة.
[155] نحن لا نعرف مثلاً عن الاختصار إلى الحرف t أو إلى bt.
[156] صيغة فرنسية.
[157] راجع ملاحظة هارتمان Hartmann في ZDPV, VI, p. 109.
[158] راجع: RAO, III, p. 253, n. 3.
[159] مع الحرف أ a الملفوظ أو o.
[160] راجع: Lammens, Le pays des Nosairis, dans le Musée belge, 1900, p. 280.
[161] Rev. Archéol., 1897, I, p. 309.
[162] Cf. ROC, 1902: Les Nosairis dans le Liban.
[163] Rœhricht, Geschichte der Kœnigreichs Jerusalem, p. 814.
[164] Ibid., p. 973, 982; ZDPV, X, p. 235; Journal Asiatique, 1902, I, p. 438.
back to Book |