الأب ميشال عبود الكرملي |
الوقائع الكاملة لزيارة غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير الى عكار الأحد 16 ايار 2010 |
كان يوماً تاريخياً في حياة مدينة طرابلس التي هبت فاعلياتها السياسية والنيابية والدينية والنقابية والاجتماعية والشعبية من كل احيائها لاستقبال البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير في اثناء مروره بالمدينة متوجها الى عكار.
وصل
موكب صفير التاسعة صباحاً الى البحصاص جنوب طرابلس، واستقبلته الحشود على جانبي
الاوتوستراد المؤدي الى دار مطرانية طرابلس المارونية، حاملة الاعلام وسلال الارز
والورد وهاتفة بحياة البطريرك ولبنان وسط اجراءات امنية مشددة من الجيش والامن
الداخلي.
ويذكر ان صفير يزور طرابلس للمرة الاولى منذ توليه السدة البطريركية
عام 1986.
لدى وصوله الى دار المطرانية، كانت الحشود تتزاحم لتحييه وتسير خلف سيارته، فيما الفاعليات الطرابلسية السياسية تستقبله بالمصافحة الحارة. وتقدمها ممثل الرئيس نجيب ميقاتي عمر حمزة وممثل النائب السابق لرئيس الحكومة عصام فارس وليم مجلي ومفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار على رأس وفد من علماء المدينة ومعظم نواب طرابلس والشمال ومحافظ الشمال ناصيف قالوش. ولدى ترجله ادت ثلة من القوى الامن الداخلي التحية الرسمية، فيما اقفلت الشوارع المحيطة بدار المطرانية محالها، وخصوصا شارع عزمي الذي هرع تجاره للمشاركة في الاستقبال، وكانت اجراس الكنائس تقرع والزغاريد تعلو من الشرفات، والنساء يمطرن البطريرك بالورود والارز وماء الورد والعطور، وقدم اليه رجل الصناعة بدر حسون سلة كبيرة من منتجاته من الصابون الطرابلسي الفاخر، فشكره صفير على هذه البادرة داعيا له بالتوفيق.
بو جودة
وفي قاعة الاستقبال دار المطرانية، ألقى راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج ابو جودة كلمة جاء فيها: "صحيح ان يوم الاحد هو يوم الفرح لانه يذكر بقيامة السيد المسيح ظافرا ومنتصرا على الموت، ولكن ايضا لانه يوم اللقاء السعيد لقاء العائلة الصغرى في كل بيت وعائلة، ولقاء العائلة الكبرى في كل بيت وبلدة ورعية وجماعة".
وتوجه الى
صفير: "نحن ندرك جيدا ان ما يسرّ قلبكم الابوي هو رؤية الجميع يتحلون بالايمان
بالله والاخلاص للوطن وبالمحبة بعضهم لبعض، وبروح الوحدة والتضامن، وهذا ما يؤمن به
ابناء الشمال عموما وابناء طرابلس عاصمة الشمال خصوصا، وهذا ما برهنوه رغم الحوادث
الاليمة التي عصفت بالبلاد قديما وحديثا، ولا سيما ان عائلات الشمال وطرابلس مؤمنة
بالله وبالوطن واعتادت العيش الواحد المشترك والعلاقات الاخوية واصبحت قدوة ومثالا
لبقية المناطق اللبنانية".
صفير
ثم ردّ صفير بكلمة شكر فيها للاهالي استقبالهم "الصادق الذي يعكس وجه مدينة طرابلس، وجه الانفتاح والتلاقي والعيش الواحد في ظل الاحترام المتبادل". وأكد أن "اللبنانيين قادرون على تجاوز مختلف الصعوبات برص صفوفهم وتوحيد ارادتهم".
وارتجل الشعار الكلمة الآتية:
"نستقبل
اليوم في طرابلس والشمال رجل الوفاق وصمّام أمان لبنان، ومدماك الوطن،
فمرحبا بكم في بلدكم وبيتكم وبين أهلكم. الشمال كله وطرابلس قلبها وقلب لبنان
النابض بالحب والعيش المشترك والعنفوان تستقبلك لتعلن موقفا اساسيا هو اننا في
لبنان لا تستقيم حياتنا الا باللقاء الدائم والحب والاخاء وبالتعاون على حفظ الوطن
الذي هو رسالة الى العالم".
واضاف: "لبنان رسالة الى العالم"، هذه الكلمات ينبغي
ان ندرك مضمونها، لان حقيقة التعايش بين سائر الطوائف في لبنان تكون بمثابة الاعلان
للسلام العالمي في العالم.
الكل يعرف حقه وواجباته، وكلنا يعلم ان للبطريرك قدرا
كبيرا ومدماك عريضا في ارساء الوحدة الوطنية والمحافظة عليها".
لانه ضمير لبنان ولانه داعية سلام ومحبة ووفاق وعيش مشترك ولانه المدافع الاول عن
السيادة والاستقلال وحقوق الانسان وهو الساعي وراء الخراف في كل اقطار الارض" كما
قال احد رعاة الكنيسة
.كانت
للبطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير
زيارة مميزة وتاريخية لمنطقة عكار التي احتشدت بمسلميها ومسيحييها لاستقباله. ورفعت
اللافتات على امتداد الطريق التي سلكها من العبدة الى القبيات ثم بينو وانتهاء
ببلدة بقرزلا.
والابرز في الزيارة انها لم تكن زيارة رعاوية فحسب ولو ان منطلقها كان وضع الحجر الاساس لمقر صيفي لمطرانية طرابلس المارونية في القبيات وتدشين شركة "سوفت سولوشن" التي تؤمن فرص عمل للشباب والتوقف في زيارة الرعايا المارونية في اكثر من بلدة وقرية على الطريق التي سلكها.
كذلك تميزت جولة البطريرك بزيارة هي
الاولى له لبلدة بينو تلبية لدعوة من النائب السابق لرئيس الحكومة عصام فارس مطلعا
على المشاريع الانمائية والحيوية العامة التي نفذها فارس في المنطقة حيث كان في
استقباله المطران باسيليوس منصور ممثلا البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم بطريرك
انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس ومدير عام مؤسسة فارس العميد وليم مجلي ومدير
اعمال فارس في لبنان سجيع عطية وحشد كبير من الشخصيات السياسية والاجتماعية ورجال
الدين الارثوذكس. ولعل البطيرك صفير قد اراد من هذه الزيارة تقدير ا لعصام فارس على
دوره الوطني والانمائي ليس فقط على صعيد منطقته بل على صعيد مساحة الوطن والعالم
.
ويشار الى ان زيارة البطريرك صفير للرئيس فارس ليست الاولى اذ سبق ان زاره في دارته
في هيوستن عام 2008 واستقبله في حينها نجاد فارس ممثلا والده.
وقد يكون
الاستقبال الحاشد الذي اقيم في دار الافتاء في حلبا للبطريرك صفير قد اعطى الزيارة
بعدا وطنيا اوسع مدى حيث ركز مفتي عكار الشيخ اسامة الرفاعي في كلمته على العيش
المشترك المسيحي الاسلامي وعلى الموقف الذي كان اطلقه الرئيس سعد الحريري لجهة
المناصفة وتركيزه على الدور المسيحي في لبنان.
ورد البطريرك بكلمة اكد فيها "أن
العيش الواحد المسيحي الإسلامي هو جوهر رسالة لبنان وصيغته الحضارية المميزة"،
معتبرا أن "على المسيحيين أن يظلوا شهودا للمحبة ورسلا للسلام أينما وجدوا. ودعا
إلى تعزيز مبادرات التنمية والنهوض الإجتماعي بالمناطق الريفية.
وقائع الزيارة
زيارة البطريرك صفير لعكار استهلت بلقاء في دار الافتاء في حلبا التي وصلها قرابة الساعة العاشرة والربع صباحا اتيا من طرابلس يرافقه المدير العام لمؤسسة فارس العميد وليم مجلي ممثلا النائب السابق لرئيس الحكومة عصام فارس والمطران جورج بو جودة راعي ابرشية طرابلس المارونية ووفد من الرابطة المارونية والصناعيين ورجال الاعمال حيث كان في استقباله مفتي عكار الشيخ اسامة الرفاعي في حضور رئيس دائرة الاوقاف الاسلامية الشيخ مالك جديدة والنواب هادي حبيش وخالد ضاهر ومعين المرعبي ونضال طعمة ورياض رحال وخضر حبيب ومنسق "تيار المستقبل" في عكار حسين المصري وشخصيات سياسية ورجال وعلماء وائمة وخطباء المساجد.
وألقى المفتي الرفاعي كلمة رحب فيها بالبطريرك صفير ووصفه بانه
"رجل
السلام ويسير على خطى رب السلام"، وقال: "ان لبنان لا ينهض الا بجناحيه المسلم
والمسيحي على غرار ما قاله الرئيس سعد الحريري أمس".
ونوّه المفتي بمواقف
البطريرك "الوطنية الجامعة وخطواته الحكيمة في سبيل لبنان الواحد الموحد"، شاكرا له
هذه الزيارة الرعوية، مؤكدا ان "عكار بمسلميها ومسيحييها ترحب به". واكد "ان عكار
كانت وستبقى على الدوام موئل العيش الواحد والعائلة الواحدة".
وردّ البطريرك
صفير بكلمة شكر فيها للمفتي الرفاعي وللحضورحفاوة الاستقبال، وقال: "نؤكد لكم
المحبة التي عبرتم عنها في ما ذكرتم، والثقة بارادتكم الصلبة في متابعة العيش معا
في هذه المنطقة على اختلاف الطوائف ليوحدكم الايمان بالله والولاء للبنان، وان جميع
اللبنانيين مدعوون الى تجديد ثقتهم ببعضهم وبوطنهم وبمستقبل العيش الواحد فيه
وبتوحيد الارادة الوطنية على ثوابت التضامن والحرية والسيادة والانماء المتوازن
واحترام حقوق الانسان". وسأل الله ان "تظل عكار مثال الوحدة الوطنية والاحترام
المتبادل في ظل العدالة والمساواة وان يحفظكم جميعا بالخير والسلام".
المحطة
التالية كانت في بلدة التيل حيث بارك البطريرك صفير حشود مستقبليه، الذين نثروا
عليه الأرز والزهور. وتقدم موكبه خيالة وحملة الاعلام البابوية والبطريركية وشكر
البطريرك الجميع على استقبالهم ومؤكدا لهم انه الى جانبهم دائما داعياً إياهم إلى
التضامن والمحبة.
القبيات
بعد ذلك إنتقل البطريرك والحضور إلى الموقع الذي سيشيد فيه مقر جديد تابع للمطرانيّة المارونيّة حيث وضع الحجر الأساس وبارك برش الماء المقدس وازاح الستارة عن اللوحة التذكارية التي تؤرخ للزيارة، في حضور حشد من الشخصيات السياسية والاجتماعية.
وألقى المطران بو جوده
كلمة قال فيها:" اليوم نريد أن نبدأ بتحقيق حلم راود أبناء المنطقة منذ زمن بعيد
وهو أن يكون للأبرشيّة مقر ثابت يستطيع راعيها أن يمضي فيه وقتاً من السنة للإهتمام
بأمورها، ويُعيّن فيه نائباً أسقفياً له. وكان سلفنا المثلّث الرحمة المطران أنطون
جبير قد إشترى أثناء حبريّته قطعتين من الأرض على هذه التلّة المشرفة على بلدة
القبيات وعلى قسم كبير من الأبرشيّة والمنطقة بهذا الهدف. كما إهتمّ بالأمر سلفانا
المثلّثا الرحمة المطران جبرائيل طوبيا والمطران يوحنا فؤاد الحاج". ووجه المطران
بو جودة التهنئة للبطريرك صفير وسط تهنئة الحضور بتمضية يومه الاول من عامه الـ91
في ربوع عكار.
ورد البطريرك صفير مؤكداً ان "المحبة هي الاساس فبالمحبة نبني"،
شاكرا للمطران بو جودة "تعبه وسعيه الدائم الى جانب كل المخلصين لبناء هذا المركز
الذي سيكون مقرا صيفيا لمطرانية طرابلس المارونية".
ثم انتقل البطريرك وصحبه الى
كنيسة سيدة الغسالة في القبيات وسط قرع اجراس الكنائس وقد ازدانت الطرق بالاعلام
اللبنانية والبطريركية والبابوية حيث تراس الذبيحة الالهية يعاونه راعي ابرشية
بعلبك المطران سمعان عطاالله والاباء جوزف البواري وسليم زريبي وريمون عبده وميشال
عبود في حضور النواب هادي حبيش وخالد زهرمان ونضال طعمة ورياض رحال وخضر حبيب
والعميد وليم مجلي ممثلا عصام فارس والنواب السابقون مخايل ضاهر وفوزي حبيش ووجيه
البعريني ومحمد يحيي وجيمي جبور ممثلا النائب العماد ميشال عون والعميد وهبة قاطيشا
ممثلا الدكتور سمير جعجع والعميد جورج عيد ممثلا قائد الجيش والعميد علي خليفة
ممثلا اللواء اشرف ريفي والعقيد فؤاد خوري ممثلا قائد الدرك العميد انطوان شكور
والقائد السابق للجيش العماد ابرهيم طنوس والامين العام للرابطة المارونية انطوان
واكيم واعضاء المجلس التنفيذي للرابطة: شارل الحاج وانطوان قليموس وانطنيوس عنداري
وطلال الدويهي وفارس ابي نصر ومطانيوس الحلبي وانطوان بستاني ورئيس جمعية الصناعيين
نعمة افرام على رأس وفد من الجمعية والسيدة هيام بستاني ممثلة رئيس مؤسسة الانتشار
الماروني الوزير السابق ميشال اده ورئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم
–
الانتشار عيد الشدراوي وامين عام كاريتاس فادي ابراهيم وزينة العلي المرعبي
والمحامي جوزف مخايل وسركيس حاكمة والدكتور فؤاد ابو ناضر وحشد كبير من الشخصيات
السياسية والاجتماعية وممثلي هيئات المجتمع الاهلي المحلي وكشافة واخويات.
وعند
دخول البطريرك صفير في زياح حاشد الى بازيليك سيدة الغسالة حيث اقيم القداس ارتفع
تصفيق حاد استمر حتى بلوغ البطريرك المذبح.
العظة
بعد الإنجيل ألقى البطريرك عظة روحيّة بعنوان وصيّة جديدة أُعطيكم. جاء فيها: يطيب لنا ان نتأمل معا في ما جاء في انجيل اليوم من خواطر روحية مفيدة. وقد استهللنا كلامنا بكلمة من هذا الانجيل وهي : " وصية جديدة اعطيكم ". وتعرفون هذه الوصية هي محبة بعضكم بعضا. المحبة في الدين المسيحي هي الالف والياء. ولولا المحبة لما تجسد ابن الله وصار انسانا، وصلب من اجلنا ليجعلنا ابناء الله بالمعمودية المقدسة. ولولا المحبة لما كان الناس يعيشون مع بعضهم البعض في جو من التفاهم، والتآلف والتعاون. وكان الوثنيون يقول بعضهم لبعض في بدء العصر المسيحي: "انظروا كم يحب المسيحيون بعضهم بعضاً". ليت هذا القول يصح اليوم في جميع المسيحيين في لبنان، وفي كل اصقاع العالم. وقد سمى السيد المسيح وصية المحبة بالوصية الجديدة، لانها سرعان ما يتناساها الناس، لذلك تبقى دائماً جديدة".
واضاف: "هل هذا ما نراه اذا القينا نظرة على ما حولنا ؟ وندرك اذ ذاك
اننا لا نزال بعيدين عن المثال الذي اعطاناه السيد المسيح، وعن الوصية التي اراد ان
نمارسها في علاقاتنا مع بعضنا. وانا نهنئكم بدار المطرانية التي ستلتقون فيها حول
صاحب السيادة لتتباحثوا في شؤونكم الدينية والحياتية. وسيتم تدشين فرع شركة
soft solution
التي ستقيّض لكم فرص عمل في بلدتكم هذه، وهذا امر له اهميته، بدلا من ان
يذهب فتيانكم وفتياتكم الى اماكن بعيدة ليجدوا عملا يؤمن لهم حياة كريمة. وانا نشكر
معكم ولدنا السيد نعمه طوق لتجسيده هذه الفكرة البناءة”.
ثم انتقل الجميع الى
قاعة الكنيسة حيث صافح البطريرك جميع الحضور والقى رئيس بلدية القبيات عبده مخول
عبدو كلمة ضمنها ترحيبا حارا باسم اهالي القبيات بقدوم البطريرك الى ربوع هذه
المنطقة التي تحتفل بحضوره راعيا وابا.
ثم انتقل موكب البطريرك الى مركز شركة
Soft Solution
حيث قص شريط الافتتاح والقى نعمة طوق صاحب الشركة كلمة شرح فيها
أهداف مبادرة شركته إلى إفتتاح فرع جديد لها في القبيات لخلق فرص عمل لشباب المدينة
والجوار، تحدّ من هجرتهم الداخليّة والخارجيّة وشكر للبطريرك صفير مباركته هذه
المبادرة.
من ثم انتقل الجميع إلى دير الآباء الكرمليين حيث كان في استقبال
البطريرك الاب ريمون عبده الرئيس العام للآباء الكرمليين الذي القى كلمة رحب فيها
بالبطريرك شاكرا جميع الحضور "على مواكبتهم لهذا الحدث التاريخي" سائلا الله ان يمد
بعمر البطريرك معددا الاعمال والإنجازات التي قام بها ومنها اليوم ما نراه ونشاهده
في بلدة القبيات.
بعد الغداء الذي اقيم في باحة دير مار ضوميط للآباء الكرمليين
زار البطريرك صفير وصحبه مأوى العجزة الذي تديره كاريتاس لبنان في بلدة عندقت حيث
كان في الاستقبال الامين العام لرابطة كاريتاس فادي ابرهيم ورئيس اقليم كاريتاس
عكار الدكتور بيار بريدي والقى ابرهيم كلمة رحب فيها بالبطريرك شارحا تفاصيل انشاء
هذه الدار وعملها ودورها في مساعدة السمينين والعجزة.
ورد البطريرك بكلمة شكر
فيها كل الذين يتعبون ويسهرون لراحة العجزة وقال "ان المحبة تصنع المعجزات وكبار
السن امتلكوا من خبرة الحياة ما يكفي لنقلها الى الاجيال الجديدة وهذه ميزة كبيرة
يجب ان نهتم بها". ثم كانت جولة عاد خلالها البطريرك صفير نزلاء الدار متمنيا لهم
دوام الصحة.
ثم زار بلدة عندقت التي استقبلته بالورود والرياحين وباحتشاد الالاف
في كاتدرائية مار مارون حيث قدم له رئيس بلديتها جان عوض الخوري مفتاحها الرمزي.
وشكرهم البطريرك صفير على هذا الإستقبال مشدّداً على تعميق الوحدة والتضامن.
وفي
الطريق الى بلدة بينو كانت محطة قصيرة للبطريرك في بلدة دير جنين حيث نظم الاهالي
استقبالا حاشدا والقى سهيل سعد رئيس بلدية دير جنين كلمة حيا فيها مواقف البطريرك
صفير
ومرحبا به في منطقته عكار.
ومن القبيات سلك موكب البطريرك الطريق التي
أقامها نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس، بين دير جنين وبينو وبارك الموقع الذي
يشاد فيه مبنى جامعي "معهد عصام فارس للتكنولوجيا" لتديره جامعة البلمند، كما تفقّد
البحيرة الاصطناعية والمحميّة الطبيعيّة اللتين أنشأهما فارس في بلدته
بينو.
وعند مدخل البلدة احتشد الالاف يتقدمهم المطران باسيليوس منصور راعي
ابرشية عكار الارثوذكسية ممثلا البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم وسارا جنبا الى جنب
يرافقهما العميد مجلي والمهندس سجيع عطية مدير اعمال فارس من ساحة البلدة حتى دارة
الرئيس فارس وسط الزغاريد ونثر الورود و معالم الزينة وأقواس النصر والأعلام
اللبنانيّة والبطريركيّة والبابويّة والموسيقى الوطنيّة المرحّبة. وحضر اللقاء
الجامع في دارة فارس النواب نضال طعمة وهادي حبيش وخالد زهرمان ورياض رحال والنواب
السابقون مخايل ضاهر ووجيه البعريني وطلال المرعبي ومحافظ بيروت والشمال ناصيف
قالوش ومدير عام مؤسسة فارس العميد وليم مجلي وحشد كبير من رجال الدين
الارثوذكس.
كلمة فارس
بعد النشيد الوطني اللبناني
القى المهندس سجيع عطية كلمة فارس وقال فيها:
أنتم يا صاحب النيافة، تباركون هذه
الدار، وتباركون عكار هذه الأرض الطيبة، أرض اليمن والخير والعطاء، وأنتم تعلمون ما
لكم عنده وعند عقيلته الفاضلة السيدة هلا وجميع أفراد عائلته الكريمة، من عظيم
الإحترام والإكبار، فأهلا بغبطتكم، تضعون الحجر الأساس لمقر الأبرشية المارونية،
الذي ستنطلق منه، الأدعية، والصلوات، من أجل هذه المنطقة وشعبها. أهلا بكم تزرعون
المحبة، والاخاء، تنشرون الألفة والوئام، وتبشرون بالسماح والغفران، أنتم سيد الصرح
الساهر على لبنان وتراثه وديمومته.
إنها لفتة كريمة منكم إزاء عكار، الأنموذج
والقدوة في الحياة الواحدة، بين اللبنانيين، والتي تلتقي فيها الطوائف المسيحية
والإسلامية، على تنوعها في إيمانها بالله عز وجل، خالق السماء والأرض وضابط الكل،
وفي ولائها للبنان الواحد بكل إنسان، من شعبه وكل شبر من أرضه.
وكم يسعدنا
ويشرفنا أن يكون بيننا في هذه المناسبة المباركة، ممثل صاحب الغبطة أبينا السيد
البطريرك إغناطيوس الرابع، سيادة المطران الجزيل الإحترام باسيليوس منصور، لتزيد
بركة غبطته، الحدث، بهجة وألقا بقلبه النبيل، وروحه القديسة، وعقله
النوراني.
نحن يا صاحب الغبطة، نحمل زيارتكم، الكثير من الآمال، في حثكم الدولة،
بعد ما لمستموه من حرمان، لأن تتطلع الى عكار، بعين الرعاية التي توليها لبقية
المناطق اللبنانية، فلا تبقى تحجم عن القيام بأبسط واجباتها، تجاه الإنسان العكاري،
بينما المؤسسات الأهلية، كما شاهدتم، تشق الطرق، وتعلي صروح التعليم، والثقافة،
وترعى الإنسان، في صحته وحفظ كرامته والحرص على مستقبله.
إننا معكم يا صاحب
النيافة، في تعميم روح الوفاق والمحبة، بين جميع اللبنانيين، لنقوى معا بوحدتنا،
ويعلو صوت حقنا، ونهزم كل دعاة الفرقة، والتناحر الطائفي والمذهبي، نقيضا قيمنا
الروحية والإجتماعية.
وعسى أن لا يطول الزمن، الذي يستعيد فيه لبنان كامل
عافيته، ويستأنف دوره موئلا للقيم، ومنارة حضارية، نباهي بها ونفاخر، بأن يبقى
لبنان وطن سلام ورسالة محبة".
كلمة البطريرك هزيم
ثمّ ألقى المطران باسيليوس منصور كلمة البطريرك هزيم، وجاء فيها: "يشرفني يا صاحب الغبطة ان انقل تحيات وادعية اخيكم غبطة البطريرك اغناطيوس الرابع بطريرك انطاكية وسائر المشرق وتمنياته لكم بجولة موفقة في ربوع عكار الخضراء التي حباها الله ان تكون من اجمل المناطق الطبيعية في العالم . ويسعدني ان اخاطبكم في هذه الدار الكريمة العزيزة، مركز العزة والقدوة العكارية واللبنانية، لانها دار جميع العكاريين من مسيحيين ومسلمين وهي تجسيد وحدة المحبة بينهم. فممنوع على التفرقة والطائفية ان ترنو بالنظر الى ابوابها وممنوع على غير رياح المحبة والاتضاع وعمل الخير تخطي عتباتها. لقد الف دولته بشخصه قلوب العكاريين على القواعد الوطنية والانسانية وكلما ذكرنا هذه القيم تبتهج قلوبنا. وبالمحبة الصادقة والتضحية اللامتناهية صار دولته علم افتخارنا، وكل خير يفتخر اذا جرى ما بين ذهنه وقلبه ويديه وصار منتميا الى مواد مدرسته العصامية، فبجهده وعطاءاته حافظ على لحمة عكار الوطنية، ويحافظ على ذلك ويحرسه بشخصه وسهره كما يحرس الجفن العين. وبصفتي متروبوليت عكار اخاطبكم الان يا صاحب الغبطة، بالنسبة للقسم اللبناني منها وبواسطة مقامكم السامي اتوجه الى كل المسؤولين الموجودين خارج المنطقة وخاصة في بيروت وجبل لبنان من اصحاب القرارات، واقول إن هذه المنطقة بحاجة ماسة لاهلها الذين يغادرون قراها، التي صار البعض منها خاليا، خاويا، وبدونهم تتشوه صورتها وتفقد عناصر هامة من هويتها الانسانية والحضارية.
نسال غبطتكم ان تشجعوهم
على اتخاذ القرارات المهمة لاقامة مشاريع استثمارية مدروسة فيها. يشجعنا على قولنا
هذا، الاعمال التي باركتموها اليوم في القبيات العزيزة. ان قرانا تفرغ تحت عوامل
الجذب والاطمئنان الجائرة... وبدعمكم ودعم دولة الرئيس عصام فارس لن نسمح بتهميش
عكار التي اعطت بوفاء وتعطي دائما بكل رضى وليس عن اضطرار. وهنا نسالكم ان تعملوا
على تنفيذ المراسيم التي اعلنت بواسطتها عكار محافظة".
ثم قدم المطران منصور
ايقونة السيدة العذراء الى البطريرك صفير الذي رفعها امام الجميع.
بعد ذلك قدم
رئيس بلدية بينو العميد جرجي وهبه مفتاح البلدة للبطريرك صفير.
ثم كانت كلمة
البطريرك صفير الذي قال: "لقد اتاحت لنا الجولة التي قمنا بها من القبيات الى منزل
دولة الرئيس عصام فارس هنا في بينو الاطلاع، ولو سريعاً، على بعض ما تقوم به مؤسـسة
فارس في هذه المنطقة، في المجالات العمرانية والتعليمية والبيئية. فقد اطلعنا على
نموذج من طرق تربط قرى وبلدات المنطقة مقيمة جسور التواصل والانفتاح والتلاقي.
واطلعنا على الموقع الذي تقيم فيه المؤسـسة صرحاً جامعياً هو الاول في منطقة عكار
يحمل اسم معهد عصام فارس الجامعي، وتديره جامعة البلمند، متيحة لابناء المنطقة فرص
التحصيل الجامعي من غير أن يهجروها. كما اطلعنا على المحمية الطبيعية التي أنشأها
دولة الرئيس عصام فارس ويرعاها حرصاً منه على أهم مقومات الطبيعة اللبنانية
الفريدة".
اضاف: "ان جسور التواصل والصروح العلمية والثقافية والبيئة الجميلة
المميزة تشكل مجتمعة ثروة لبنان وجوهر رسالته. وما تقوم به مؤسـسة فارس يندرج في
سياق وفاء مؤسـسها الرئيس فارس وأمانته لثروة لبنان ولرسالته. ان عنايته بالفقراء،
وتشييده القصور البلدية، واقامة قاعات الانشطة الثقافية والفكرية، ودعم الابحاث
العلمية، وبناء اجنحة مستشفيات ودور راحة ومآوى عجزة الى ما سوى ذلك، كلها تجسد
ايمان عصام فارس بالله، وبها بات عصام فارس ظاهرة عصره في المحافل الدولية. لقد بات
اسمه داخل لبنان وخارجه مرادفاً لقيم الخير والمحبة والعطاء. فهنيئاً للبنان بعصام
فارس يعطي وطنه ولا يريد من وطنه ان يعطيه سوى الأمانة والوفاء، فعسى ألاّ تغيب
نعمة الوفاء عن نفوس القيّمين على لبنان، وعن نفوس ابنائه عموما".
بعد ذلك
عايدت السيدة هلا عصام فارس البطريرك صفير بقالب حلوى لمناسبة بلوغه التسعين متمنية
له دوام الصحة والعافية وقد قام البطريرك صفير والمطران منصور والحضور باطفاء
الشموع التسعين والصلاة والتمني لصفير بطول العمر. وجرى اتصال بين البطريرك وفارس
الذي شكره على زيارته متمنياً له العمر المديد وردّ البطريرك مثنياً على فارس
وعطاءاته.
ومن بلدة بينو سلك موكب البطريرك صفير في طريق عودته في اتجاه بلدة
بيت ملات حيث اعد له استقبال حاشد ونحرت له الخراف امام قاعة الكنيسة في البلدة،
والقى رئيس البلدية شارل شاهين كلمة ترحيبية. ومنها في اتجاه بلدة بقرزلا حيث تجمع
العديد الاهالي لاستقباله. وشكر البطريرك استقبالهم ودعاهم الى متابعة رسالة الآباء
والاجداد في العيش بسلام ومحبة والرسوخ في منطقتهم.
وفي بقرزلا المحطة الاخيرة
كان استقبال حاشد في حضور الاهالي ورئيس البلدية صبري ادو وديغول ادو رئيس الرابطة
الخيرية المارونية في ساو باولو وكاهن الرعية المارونية الاب نعمة الله حديد الذي
القى كلمة شكر فيها البطريرك على زيارته وقال إنها زيارة تاريخية سوف يتذكرها
الجميع بالحب والتمني لصاحب الغبطة بدوام الصحة.
ثم قدم رئيس بلدية بقرزلا صبري
ادو مفتاح البلدة عربون تقدير واحترام للبطريك صفير الذي رد بكلمة مقتضبة اكد فيها
اهمية ان يعيش الابناء حيث عاش الآباء والاجداد شاكرا الجميع على حفاوة استقبالهم
ومباركا اياهم.
يشار الى ان زيارة البطريرك صفير رافقتها تدابير امنية تولتها
عناصر من فوج المجوقل واللواء الثاني في الجيش اللبناني ودوريات من قوى الامن
الداخلي على طول الطريق التي سلكها البطريرك في زيارته.
الأب ميشال عبود الكرملي