الأيقونة من محفوظات أبرشيّة قبرص المارونيّة

زمن الصليب


عيد إرتفاع الصليب
(14 أيلول 2014)

 

In order to better view this page, kindly install the following fonts:
 AAR - AAI - AAB - AABI

::: مـدخل :::

• مع عيد الصليب، نفتتح زمنًا طقسيًّا جديدًا، يتمحور حول عبور الإنسان من الحياة الأرضيّة إلى الحياة السماويّة ولذا ندعوه بزمن النهيويّات.
• نتساءل مع الرّسالة حول نظرتنا إلى الصليب...
• ونتساءل مع الإنجيل حول كيفيّة عيشنا للأعياد وهل نحن نثمر في حياتنا الرّوحيّة؟
• عيد الصليب يذكّرنا بان الصليب هو جسر عبور من الموت إلى الحياة فهلمّ نغرف العبر من الصلوات والقراءات. 

::: صـلاة :::

أيّها الآب السماوي، يا نبع المحبّة، يا من فدانا إبنك بالصليب كي نضحي من أهل القيامة، هب لنا اليوم نعمة الرّوح القدس كي ينير لنا الدروب فنتخطّى نظرتنا السلبيّة إلى الصليب ونؤمن بأنّه جسرٌ يقودنا إلى الحياة الحقيقيّة، أنت يا من تحيا وتملك إلى الأبد، آمين. 

::: الرسالة :::

18 إِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الـهَالِكِينَ حَمَاقَة، أَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الـمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ الله؛
19 لأَنَّهُ مَكْتُوب: "سَأُبِيدُ حِكْمَةَ الـحُكَمَاء، وأَرْذُلُ فَهْمَ الفُهَمَاء!".
20 فَأَيْنَ الـحَكِيم؟ وأَيْنَ عَالِمُ الشَّرِيعَة؟ وأَيْنَ البَاحِثُ في أُمُورِ هـذَا الدَّهْر؟ أَمَا جَعَلَ اللهُ حِكْمَةَ هـذَا العَالَمِ حَمَاقَة؟
21 فَبِمَا أَنَّ العَالَمَ بِحِكْمَتِهِ مَا عَرَفَ اللهَ بِحَسَبِ حِكْمَةِ الله، رَضِيَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ بِحَمَاقَةِ البِشَارَةِ الَّذِينَ يُؤْمِنُون؛
22 لأَنَّ اليَهُودَ يَطْلُبُونَ الآيَات، واليُونَانِيِّينَ يَلْتَمِسُونَ الـحِكْمَة.
23 أَمَّا نَحْنُ فَنُنَادِي بِمَسِيحٍ مَصْلُوب، هُوَ عِثَارٌ لِليَهُودِ وحَمَاقَةٌ لِلأُمَم.
24 وأَمَّا لِلمَدْعُوِّينَ أَنْفُسِهِم، مِنَ اليَهُودِ واليُونَانِيِّين، فَهُوَ مَسِيحٌ، قُوَّةُ اللهِ وَحِكْمَةُ الله؛
25 فَمَا يَبْدُو أَنَّهُ حَمَاقَةٌ مِنَ اللهِ هُوَ أَحْكَمُ مِنَ النَّاس، ومَا يَبْدُو أَنَّهُ ضُعْفٌ مِنَ اللهِ هُوَ أَقْوَى مِنَ النَّاس.

(الرّسالة الأولى إلى أهل قورنتوس – الفصل الأوّل - الآيات 18 إلى 25) 

::: أفكار من وحي الرسالة  :::

في رسالة اليوم، عيد الصليب المقدّس، يدعونا مار بولس إلى التأمّل في الصّليب وفي معانيه وإلى إعادة الاندهاش أمام عظمة تضحية مخلّصنا وإلهنا، ربّنا يسوع المسيح، له المجد إلى الأبد،آمين.
جوهر هذه الرّسالة يتلخّص في مطلعها: "إِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الـهَالِكِينَ حَمَاقَة، أَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الـمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ الله".
مع الأسف، في أيّامنا، وحتّى في الماضي، اعتاد الكثير من المسيحيّين على النّظر إلى الصليب بنفس منطق "الهالكين" أي:

• الصليب رمزٌ للعذاب والالم: أليس هذا ما يُقال أمام المصائب أو الامراض أو الضيقات؟!
• الصليب رمزٌ للقهرٌ: فكلّما اشتدّت العواصف في حياتهم قالوا: "هذا صليب"!
• الصليب رمزٌ للموت: فهو بالنسبة إليهم عبءٌ وحملٌ ثقيل كالموت.

ولكن تختلف النظرة لدى "المخلّصين" الّذين ينظرون إلى الصّليب بأسلوبٍ معاكس تمامًا:

• الصليب رمزٌ لقوّة الله: لم ينتقم الله من الصّالبين بل أظهر لهم أنّ قوّة الغفران أعظم من كلّ قوّة أخرى لأنّها تجسّد قوّة المحبّة التي تذهب حتى أقصى الحدود، أي الموت.
• الصليب رمزٌ للكرامة: لم يعد الصليب بعد الفداء علامةً للقهر بل علامة للانتصار على الذّات أوّلًا و على كلّ ما يبعدنا عن الله ثانيًا و على صعوبات الدنيا ثالثًا.
• الصليب رمزٌ للحياة: كلّما نظر المسيحي أو غير المسيحي إلى الصليب عليه أن يتذكّر بأنّ هذا الصليب يختصر أهمّ مفهومٍ في إيماننا المسيحيّ وهو أنّ المسيح قام، حقًّا قام!

في دروب الحياة، غالبًا ما نصادف أناسًا يخافون الصليب أو يمقتونه... في هذا العيد، نحن مدعوّون كمسيحيّين لإعادة الاعتبار إلى العلامة الأولى لانتمائنا المسيحيّ كي لا تبقى مجرّد قلادة أو شعار فارغين من المضمون الّذي يُختَصَر بالتالي: الصليب هو انعكاسٌ لقوّة الله الّتي فينا وهو أساس كرامتنا وجسر عبورنا إلى الحياة الأبديّة، آمين. 

::: الإنجيـل :::

20 وكَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين.
21 فَدَنَا هـؤُلاءِ مِنْ فِيلِبُّسَ الَّذي مِنْ بَيْتَ صَيْدَا الـجَلِيل، وسَأَلُوهُ قَائِلين: "يَا سَيِّد، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوع".
22 فَجَاءَ فِيلِبُّسُ وقَالَ لأَنْدرَاوُس، وجَاءَ أَنْدرَاوُسُ وفِيلِبُّسُ وقَالا لِيَسُوع.
23 فَأَجَابَهُمَا يَسُوعُ قَائِلاً: "لَقَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ لِكَي يُمَجَّدَ إبْنُ الإِنْسَان.
24 الحَقَّ الحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ حَبَّةَ الحِنْطَة، إِنْ لَمْ تَقَعْ في الأَرضِ وتَمُتْ، تَبْقَى وَاحِدَة. وإِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير.
25 مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا، ومَنْ يُبْغِضُهَا في هـذَا العَالَمِ يَحْفَظُهَا لِحَيَاةٍ أَبَدِيَّة.
26 مَنْ يَخْدُمْنِي فَلْيَتْبَعْنِي. وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا، فَهُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا خَادِمِي. مَنْ يَخْدُمْنِي يُكَرِّمْهُ الآب.
27 نَفْسِي الآنَ مُضْطَرِبَة، فَمَاذَا أَقُول؟ يَا أَبَتِ، نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَة؟ ولكِنْ مِنْ أَجْلِ هـذَا بَلَغْتُ إِلى هذِهِ السَّاعَة!
28 يَا أَبَتِ، مَجِّدِ إسْمَكَ". فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يَقُول: "قَدْ مَجَّدْتُ، وسَأُمَجِّد".
29 وسَمِعَ الـجَمْعُ الـحَاضِرُ فَقَالُوا: "إِنَّهُ رَعد". وقَالَ آخَرُون: "إِنَّ مَلاكًا خَاطَبَهُ".
30 أَجَابَ يَسُوعُ وقَال: "مَا كَانَ هـذَا الصَّوْتُ مِنْ أَجْلِي، بَلْ مِنْ أَجْلِكُم.
31 هِيَ الآنَ دَيْنُونَةُ هـذَا العَالَم. الآنَ يُطْرَدُ سُلْطَانُ هـذَا العَالَمِ خَارِجًا.
32 وأَنَا إِذَا رُفِعْتُ عَنِ الأَرض، جَذَبْتُ إِليَّ الـجَمِيع".

(إنجيل يوحنّا - الفصل الثاني عشر - الآيات 20 إلى 32) 

::: أفكار من وحي الانجيل :::

ملفتٌ مطلع هذا الإنجيل: "وكَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين".
ملفتٌ لأنّه يستفزّنا حول مدى تعاملنا مع الأعياد بمنطقٍ روحانيّ لا إجتماعيّ فحسب:

• ففي عيد الميلاد، تتزيّن بيوتٌ كثيرة ولكن قلوب الكثيرين تبقى كما هي...
• وفي عيد الفصح، نزور السبع كنائس ونشيّع المسيح إلى مثواه الأخير ليبقى فيه دون قيامة بالنسبة للعديدين منّا، الّذين يفضّلون عليه السهر والسكر وما شابه...
• وحتى في أعيادٍ أخرى، صار العيد عنوانًا للهدايا والزيارات فقط لا غير...

أمّا في إنجيل اليوم فنجد أنّ اليونانيّين صعدوا "لِيَسْجُدُوا في العِيد"... فنسأل ذواتنا هل نسجد في العيد لصاحب العيد وعيدنا الأكبر، ربّنا ال "ألله" محبّة؟
في عيد الصليب، نصغي إلى الربّ يسوع وهو يقول لنا: "لَقَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ لِكَي يُمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَان. أَلـحَقَّ الـحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ حَبَّةَ الـحِنْطَة، إِنْ لَمْ تَقَعْ في الأَرضِ وتَمُتْ، تَبْقَى وَاحِدَة. وإِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير".
كان يسوع يتحدّث هنا عن الصليب الّذي كان سائرًا صوبه وكان يحضّر تلاميذه لقبوله كآية لمجد محبّة الله وليس كأداة للهوان.
هذا ما جعله يركّز على الحياة المنبثقة من الموت... فموت حبّة الحنطة مؤقّت أمّا الحياة المنبثقة منها فتستمرّ في ثمارها التي بدورها تصبح على صورتها ومثالها منتجة للحياة.
هنا يطرح سؤال كبير: إذا كان المسيح هو حبّة القمح التي ماتت على الصليب وأنبتت الحياة في القيامة فهل نحن ثمارٌ صالحة ومثمرة؟

يمكن أن نكون من إحدى الفئات الثلاثة:
• ثمارٌ تنبت كمعلّمها ومُنبِتِها... هذه الفئة الأولى عليها المثابرة.
• ثمارٌ غير مكترثة، لا تريد أن تنبت طوعًا واختيارًا... وهذه الفئة الثانية ينقصها أن تتعرّف بعمق إلى مُنبِتِها...
• ثمارٌ خائفة ومضطربة لأنّها تخشى المغامرة!...

الفئة الثالثة ينقصها أن تفهم ما قصده الربّ يسوع في إنجيل اليوم حين قال: "هِيَ الآنَ دَيْنُونَةُ هـذَا العَالَم. أَلآنَ يُطْرَدُ سُلْطَانُ هـذَا العَالَمِ خَارِجًا. وأَنَا إِذَا رُفِعْتُ عَنِ الأَرض، جَذَبْتُ إِليَّ الـجَمِيع".
يدعوها الربّ يسوع إلى الرّجاء والثقة وعدم الاضطّراب لأنّ الربّ حقّق انتصاره على الموت وعلى الشرّير... فيبقى على المؤمن أن يؤمن وأن يرجو... وأن يحبّ من كلّ قلبه ونفسه وقوّته كي يثمر في هذه الدنيا ولتكون ثماره عربونًا للحياة الأبديّة... فهل نحن مستعدّون؟! 

::: تـــــأمـــل روحي :::

بارتفاعي أجذب إليّ الكثيرين

كثيرون يبحثون عن المشاهير ويتمنّون ولو يرونهم من بعيد. أمّا إن تمكّنوا من الإقتراب منهم، حتّى دون التحدّث إليهم، يشعرون بالإكتفاء وكأنّهم وجدوا الكنز المفقود، ويا للفرحة الّتي لا توصف لحظة يزودهم بتوقيعه الشخصي، فهناك، حدّث ولا حرج. هل نتموضع مع هؤلاء الأشخاص في حياتنا؟

عمّن أبحث؟

لو حللت مكان اليونانيّين فمن هو الشخص الّذي أبحث عنه اليوم؟
أهو من المشاهير في عالم الجمال، الغناء، التمثيل أو عرض الأزياء؟ أهو من متموّليه، أو ربّما هو من أصحاب الشأن والمراكز الحسّاسة وذات النفوذ والسلطة وإلى ما هنالك...؟
حتى في الحياة الروحية، هل أبحث عن الشخص المعروف والمهم بنظر الناس؟ لا شكّ أنّها كلّها أمور جميلة ولكن المطلوب هو واحد، وقد فهمها اليونانيّون الّذين جاؤوا بحثًا عن الّذي تلمّسوا فيه نفَسًا جديدًا يجيب على شغفهم ليملأ قلوبهم العطشى إلى الخلاص. إنّه وجه المسيح في أعماقك وأعماقي، تلك التي لا تخص العالم بشيءٍ ولا تمت له بأيّ صلة- إلاّ إذا بعتها بثلاثين من الفضّة لسيّد هذا العالم. تلك الأعماق التي تتلهّف لتحتضن حبة القمح كي تموت هناك لتنبت محمّلة بمئات ثمار الروح، معانقةً نور وجه الله الحيّ فينا، تتوق إلى الخلاص وترغب في أن تفيض عطاءً وفرحًا من خيره وحبّه. تلك الأعماق ترغب في التحرّر من كلّ ما يقيدها بالمظاهر وما يتطلبه العالم، ترغب في أن تميت فيها كل ما يحاول أن يخنق ارادتها وتوقها إلى الخروج من تحت تراب العالم المغري بكل أشكاله.
هو المسيح وحده الّذي سيُسَرّ كثيرًا يوم يراني وأنا "الغريب" في هذا العالمِ أبحث عنه لِيَقيني من الغرق في نهر الموت، وسَيُزيل عن قلبي عصابة الأسى والضعف والعودة إلى الوراء ندبًا وأسفًا لأنظر بفرحٍ ورجاء إلى عينيه، فأفهم معنى الخلاص ولماذا قرّر أن يُرفع عنّي على الصليب.

حيث أكون أنا هناك يكون خادمي

لا بد لنا أن نكون عقلانيين في مسيرتنا على الأرض، فكل ساعةٍ تمرّ تقرّبنا أكثر فأكثر من موت الجسد. إذا تأمّلنا في هذه الحقيقة ماذا نجد وكيف نُقَيّم حياتنا؟ التفكير بذلك صعب جدًا بكل الحالات:
- أرتعب: إذا كنت لا أعرف الرجاء وبأنّي سأتّحد بمجد قيامة المسيح فالويل لي من بائسٍ. وإذا لم أعرف، طيلة وجودي على هذه الأرض، كيف أتّحد بالحبّ لتحمل نفسي بثمرة الحياة الأبدية، فعبثًا تجد الراحة طريقها إلى قلبي. وإذا لم أومن أنّ الّذي علق على الصليب من أجلي، ينتظر عودتي إلى حضنه مهما شردت ومهما تغرّبت عنه فإنّي لأشقى الناس جميعًا. وتبقى مسيرتي نحو الموت في مهبّ الريح إلى أن يدقّ النفير حيث لا ينفع ندمٌ ولا توبة.
- أطمئنّ: إذا كنت أومن أن مسيرتي، ولو مرّت بنفق الموت، فهي حتمًا تقودني نحو العريس الّذي ينتظرني على باب ردهة العرس الأخير. لأنّي أعلم أن تلك الخشبة التي حملت يسوع وعُلُّقت عليها كل خطاياي وضعوفاتي قد تفجّرت منها ينابيع الحب اللامحدود وولّدت حياة جديدة في داخلي، فبدّلت قلبي وجعلتني أتلمّس ملكوت الله الّذي يبدأ في هذه الحياة ويستمرّ إلى ما بعد الموت. إذا كنت أؤمن وأترجّى، أعلم أنّ الموت ليس سوى عبورٌ فَ "لِقاء الله وجهًا لوجه، لقاء لطالما ينتظره المسيحي في الظلمات ". أؤمن بذلك، يعني لم تعد مسيرتي نحو الموت بل نحو الله نحو الحبّ المطلق، نحو الحياة، فحيث يكون أكون.
في النهاية، عندما يدق نفير الموت تستيقظ بنعمة الله ثمرة الحياة التي حلملناها في أحشاء نفوسنا، فيسكّن روعنا في وسط قلقنا، رغم رهبة الفراق، ولا ننسى أنّ الله ليس معنا فقط في الأفراح بل في عمق خوفنا ليشد على يدنا وفي خشيتنا من فراغ الموت الّذي يقض مضجع الإنسانية جمعاء. فلا نحزن إن تخلينا عن كلّ ما يَشغَل مكانه فينا، إنّه هناك في صلب الحياة لنستكين ونفرح. 

::: تـــــأمـــل وصلاة :::

ربّي وإلهي ... في وقت الأزمات يصرخ بعضهم ويقول: "أين أنت يا الله؟" ويقول آخرون: "نُريدُ إلهًا ليس روحًا ولكن مُحاطًا بالجِلْد"، يُريدون إنسانًا يمد لهم يد المعونة في أزمتهم!! آه يا فاحص القلوب، يا مَن أدركت رغبة الإنسان الّذي لا يستطيع أن يلمس عونك ولكنه يستطيع أن يلمس العون من إنسانٍ آخر على مثاله يعتقد بأنه سيفهمه أكثر منك وعليه سيستطيع أن يُقدّم له العون الّذي يُريده هو، فأتيت لنا وتأنست ملتحفًا الجِلد فشابهتنا بكل شيءٍ عدا الخطيئة وقلت لنا "هاءنذا، مُخلّصكم. لم يعد بيننا مِن حاجز فلعلّكم تدركون بأنني أعرف مخاوفكم وأعرف كيف أعطيكم السلام. أحببتكم وأردتكم أن تثقوا بي فأصبحتُ خادمًا لكم، ولعلّ الكثيرون لم يُصدّقوا ما فعلتُ من أجلكم إذ لم يحسبوا عملي حبًّا وتواضعًا وقوةً بل أمرًا لا يُصدّق وإتهموا مَن صدّقه بالحماقة. هاءنذا مِثالاً لمَن أراد أن يُحبّ ويخدم الآخر فيُعرِّفه بي لينال الحياة، يكون له عونًا للجسد والروح مُضحّيًا بذاته من أجل حياة الآخر ومجدًا لي".
ربّي وإلهي ... أتسمح لي أن أطلب منك الرحمة للجميع إذ أن عدم الإيمان سببه الجهالة وقلة المحبة، وبهذه الرحمة فض علينا بنعمة ربنا المسيح يسوع مع الإيمان والمحبة التي في المسيح يسوع كما أفضت على القديس بولس الرسول، ولك الشكر على الدوام، آمين. 

::: نـوايا وصلاة شكر للـقدّاس :::

نوايا للقدّاس

1- (المحتفل) نصلّي من أجلِ الكنيسة والمسؤولين فيها، خاصَّةً مار فرنسيس بابا روما، ومار بشارة بطرس بطرِيَركِنا الأنطاكيّ، ومار نصرالله أبينا، ومار جورج مُطراننا مع الأساقِفَة والكَهَنَة والمُكَرَّسينَ، كَي ينتصروا بالنعمة والتواضع على صليب الإلحاد والعَلمنة، نسألك يا رَب.
2- لا نريد الحكمة الّتي يطلبها اليونانيّون، ولا الآيات الّتي يطلبها اليهود، بل نريد أن نعرفَ فكرَ المسيحِ المنتَصِرِ على صليبِ الحياة، والواقفِ معنا في صعوباتِ حياتِنا، نسألك يا رب.
3- أعطنا أن نتبعكَ فنخدمكَ ونكونَ معكَ، منتصرين دَومًا على أنانيَّتنا وكبريائنا وطَمَعِنا، نسألك يا رب.
4- كَثُرَ المَرَض، وتكاثَرَتِ الآلام، أعطِ المَرضَى والمُتَألِّمينَ أن ينظُروا في وقتِ شدَّتهم إلى المصلوبِ، فيَلمسوا فيه الرّجاء والتّعزية، وامنحِ القوَّةَ والصَّبرَ لِكلِّ مَن يَعتنيَ بِهِم، نسألك يا رب.
5- (المحتفل) استقبِل في حِضنِك الأبَوِيّ جميعَ المُنتَقِلينَ من هذه الحياة، لا تنظُر إلى رُزوحِهم تحت الصّليب، بل انظُر إلى مَن بَذَلَ ذاتهُ على الصّليب لأجلِهم، غافِرًا لنا ولهُم الخطايا والزلاّت.

 

صلاة شكر للقدّاس

أتيتَ إلى العالم، لتُغَيِّرَ العالم،
لم تنزع الموتَ مِن حياتنا، بل نزعتَ شَوكتَه المؤلمة،
لم تنزع المرض من حياتنا، بل رافقتنا في مرضِنا، وأحببتنا،
لم تنزع الحقد والنميمة والخيانة من العالم،
بل منحتنا القوّة كَي لا نكون من هذا العالم، بل ننتصرَ عليه،
نشكرك على وجودك، على حبِّك المجَّانيّ لنا،
نشكرك على جسدك ودمك، سلاح قوَّتنا في مواجهتِنا لهذا العالم،
نشكرك، نسجدُ لكَ، ونحمدُك، مع أبيك وروحِك القدّوس، من الآنَ وإلى الأبد، آمين. 

 

الأيقونة
من محفوظات أبرشيّة قبرص المارونيّة


المقدّمة، الصلاة، أفكار من وحي الرّسالة و أفكار على ضوء الإنجيل والمراجعة العامّة

من إعداد
الخوري نسيم قسطون
nkastoun@idm.net.lb
https://www.facebook.com/pnassim.kastoun

 

  التأمّل الروحي

من إعداد

السيدة جميلة ضاهر موسى
jamileh.daher@hotmail.com

https://www.facebook.com/jamileh.daher?fref=ts

 

تأمّل وصلاة  - تدقيق

السيّدة نيران نوئيل إسكندر سلمون
niran_iskandar@hotmail.com 

https://www.facebook.com/nirannoel.iskandarsalmoon?ref=ts&fref=ts

 

نوايا وصلاة شكر للقدّاس
من إعداد
السيدة مادلين ديب سعد

madeleinedib@hotmail.com

https://www.facebook.com/madeleine.d.saad?ref=ts&fref=ts