الأيقونة من محفوظات أبرشيّة قبرص المارونيّة

زمن العنصرة

الأحد السادس عشر من زمن العنصرة
(9 أيلول 2012)

::: مقدّمة :::

• في الأحد السادس عشر والأخير من زمن العنصرة، نتأمّل سويّةً في مفهوم الصلاة.
• في الرّسالة نتأمّل في دور الرّوح القدس الّذي "يَعْضُدُنَا في ضُعْفِنَا، لأَنَّنَا لا نَعْرِفُ أَنْ نُصَلِّيَ كَمَا يَنْبَغِي، لـكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ لَنَا بِأَنَّاتٍ لا تُوصَف."
• أمّا في الإنجيل، فنتأمّل في نموذجي الفرّيسيّ والعشار لنقيّم صلاتنا ونحسّنها.
في هذا الأحد نسأل الله أن تضحي صلاتنا علاقة محبّة مع الله وتعبيرًا عنها!

::: صــلاة :::

أيّها الآب السماويّ، يا إلهنا القدير، نسألك في هذا الاحد، بحقّ صليب إبنك يسوع المسيح وقيامته، أن ترسل روحك إلى قلوبنا ﻓ"يَعْضُدُنَا في ضُعْفِنَا، لأَنَّنَا لا نَعْرِفُ أَنْ نُصَلِّيَ كَمَا يَنْبَغِي" و "يَشْفَعُ لَنَا بِأَنَّاتٍ لا تُوصَف"، فيتمجّد بنا إسمك القدّوس واسم ابنك وروحك القدّوس، الآن وإلى الأبد، آمين.

::: الرســالة :::

18 وإِنِّي أَحْسَبُ أَنَّ آلامَ الوَقْتِ الـحَاضِرِ لا تُوَازِي الـمَجْدَ الَّذي سَوْفَ يتَجَلَّى فينَا.
19 فإِنَّ الـخَليقَةَ تَنْتَظِرُ بِفَارِغِ الصَّبْرِ تَجَلِّيَ أَبْنَاءِ الله؛
20 لأَنَّ الـخَليقَةَ أُخْضِعَتْ لِلبَاطِل، لا طَوْعًا، بَل "بِسُلْطَانِ اللهِ الَّذي أَخْضَعَهَا"، ولـكِنْ عَلى رَجَاءِ
21 أَنَّ الـخَليقَةَ نَفْسَهَا سَتُحَرَّرُ هيَ أَيْضًا مِنْ عُبُودِيَّةِ الفَسَادِ إِلى حُرِّيَةِ مَجْدِ أَوْلادِ الله.
22 ونَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الـخَليقَةَ كُلَّهَا مَعًا تَئِنُّ وتَتَمَخَّضُ إِلى الآن.
23 ولـكِنْ لا هيَ فَحَسْب، بَلْ نَحْنُ أَيْضًا الَّذينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوح، نَحْنُ أَيْضًا نَئِنُّ في أَنْفُسِنَا، مُنْتَظِرِينَ التَّبَنِّيَ أَيْ فِدَاءَ جَسَدِنَا.
24 فإِنَّنَا بِالرَّجَاءِ خُلِّصْنَا. والرَّجَاءُ الَّذي يُرَى لَيْسَ رَجَاء. فهَلْ يَرْجُو أَحَدٌ مَا يَرَاه؟
25 أَمَّا إِذَا كُنَّا نَرْجُو مَا لا نَرَاه، فَبِالصَّبْرِ نَنْتَظِرُهُ.
26 وهـكَذَا فَالرُّوحُ نَفْسُهُ يَعْضُدُنَا في ضُعْفِنَا، لأَنَّنَا لا نَعْرِفُ أَنْ نُصَلِّيَ كَمَا يَنْبَغِي، لـكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ لَنَا بِأَنَّاتٍ لا تُوصَف.
27 والَّذي يَفَحَصُ القُلُوبَ يَعْرِفُ رَغْبَةَ الرُّوح، وهيَ أَنَّهُ يَشْفَعُ لِلقِدِّيسِينَ بِمَا يُوَافِقُ مَشِيئَةَ الله.


(الرّسالة إلى أهل روما – الفصل 8 الآيات 18 إلى 27)

::: أفكار من وحي الرسالة :::

إفتتح البابا الحالي، بينيديكتوس السادس عشر، حبريّته برسالة حملت عنوان "بِالرَّجَاءِ خُلِّصْنَا" أي إنّه استوحى عنوانها من هذا المقطع من رسالة مار بولس إلى أهل روما، حيث يحثّ مار بولس أهل المدينة العظمى في تلك الأيّام على الرّجاء في وسط الضيقات المحيطة بهم والتي أطلق عليها تسمية: "آلامَ الوَقْتِ الـحَاضِرِ".
هذه الآلام في الواقع كانت آلام رفض البيئة اليهوديّة ثمّ الرومانيّة للديانة النّاشئة والّتي أودت لاحقًا إلى اضّطهاد عنيف مع حريق روما، في عهد الطّاغية نيرون.
ولكن يعلمنا بأنّ تاريخ الكنيسة بأنّ المسيحييّن واجهوا الاضطهاد بالرّجاء وقوّة المحبّة وبالصّلاة والمغفرة لمن خطئ إليهم...
وهذا كلّه لم يكن ممكنًا لولا يقينهم بأنّ الموت، بعد الفداء والخلاص الّذي أتى به المسيح يسوع، لم يعد نهاية بل ولادة جديدة كما أوضح رسول الأمم حين قال: " ونَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الـخَليقَةَ كُلَّهَا مَعًا تَئِنُّ وتَتَمَخَّضُ إِلى الآن".
نعم، بعد المسيح، لم يعد الألم عذابًا بل مخاضًا يمهّد لحياةٍ جديدة أفضل وأقوى، حيث لا يعود الجسد مصدرًا للشهوة والخطيئة بل مستودعًا للفداء، تعبد به الروح خالقها وفاديها ومنير سبلها، أي الآب والابن والرّوح القدس.
ولا تتمّ العبادة دون الصلاة ولا صلاة في المسيحيّة بدون أنوار الرّوح القدس الّذي "يَعْضُدُنَا في ضُعْفِنَا، لأَنَّنَا لا نَعْرِفُ أَنْ نُصَلِّيَ كَمَا يَنْبَغِي، لـكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ لَنَا بِأَنَّاتٍ لا تُوصَف".
ولنتبّه جيّدًا هنا إلى ما قاله الّرسول فهو لم يقل بأن الروح يصلّي عنّا بل "يعضدنا في ضعفنا"... وهذا يتطلّب منّا وضع ثقتنا ورجائنا به دونما تخاذل أو تكاسل من قبلنا.
لذا، في ها الأحد، فلنشدّد قلوبنا بالإيمان ولنوطّدها بالرّجاء فتثمر ثمار المحبّة أينما حللنا فنواجه الاضطهادات المعاصرة بزخم وقوّة الجماعات المسيحيّة الأولى، لا سيّما اضطهادات السخرية واللامبالاة والنسبيّة الاخلاقيّة....
أرسل روحك أيّها المسيح، فيتجدّد وجه الارض...

::: الإنجيل :::

9 وقالَ أَيْضًا هـذَا الـمَثَلَ لأُنَاسٍ يَثِقُونَ في أَنْفُسِهِم أَنَّهُم أَبْرَار، وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرين:
10 "رَجُلانِ صَعِدَا إِلى الـهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، أَحَدُهُما فَرِّيسيٌّ وَالآخَرُ عَشَّار.
11 فَوَقَفَ الفَرِّيسِيُّ يُصَلِّي في نَفْسِهِ وَيَقُول: أَللّـهُمَّ، أَشْكُرُكَ لأَنِّي لَسْتُ كَبَاقِي النَّاسِ الطَّمَّاعِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاة، وَلا كَهـذَا العَشَّار.
12 إِنِّي أَصُومُ مَرَّتَينِ في الأُسْبُوع، وَأُؤَدِّي العُشْرَ عَنْ كُلِّ مَا أَقْتَنِي.
13 أَمَّا العَشَّارُ فَوَقَفَ بَعِيدًا وَهُوَ لا يُرِيدُ حَتَّى أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ إِلى السَّمَاء، بَلْ كانَ يَقْرَعُ صَدْرَهُ قَائِلاً: أَللّـهُمَّ، إِصْفَحْ عَنِّي أَنَا الـخَاطِئ!
14 أَقُولُ لَكُم إِنَّ هـذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا، أَمَّا ذاكَ فَلا! لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يُوَاضَع، وَمَنْ يُواضِعُ نَفْسَهُ يُرْفَع".

(إنجيل القدّيس لوقا – الفصل 18 – الآيات 9 إلى 14)

::: أفـكار من وحـي الإنجيـل :::

نختتم زمن العنصرة لهذه السنة بالتأمّل بمثل الفرّيسي والعشار والّذي يتمحور حول مفهوم الصلاة وطريقتها في المسيحيّة ويعرض لنموذجين للصلاة خلال شخصيّتي الفريسيّ والعشّار:

صلاة الفرّيسيّ:
قال الفرّيسيّ: "أَللّـهُمَّ، أَشْكُرُكَ لأَنِّي لَسْتُ كَبَاقِي النَّاسِ الطَّمَّاعِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاة، وَلا كَهـذَا العَشَّار. إِنِّي أَصُومُ مَرَّتَينِ في الأُسْبُوع، وَأُؤَدِّي العُشْرَ عَنْ كُلِّ مَا أَقْتَنِي".
نجد في هذه الصلاة عدّة عناصر: المقارنة مع الآخرين والتكبّر عليهم والتشديد على القيام بالواجبات الدينيّة.
وهنا نسأل ذواتنا: أليست صلواتنا أحيانًا ممزوجةً بتشاوفٍ كبير؟
فلنفكّر قليلًا بما تشهده أعراسنا وعماداتنا وحتى جنازاتنا من بزخٍ وتكبّر ومزايدة!
هذا الإنجيل يدعونا لفحص ضميرٍ عميق تجاه ممارساتنا الدينيّة والتي أصبحت نوعًا من "الواجبات" أكثر منها تواصلًا مع الخالق والفادي المخلّص والرّوح المحيي!
عدّد الفريسيّ "إنجازاته" وكأنّه "يربّح الله منيّة" كما نقول باللّغة العاميّة وكأنّ الله هو من يستفيد لا هو حين يصوم أو يؤدّي العشر!
خلاصة: صلاة الفريسيّ صلاة أنانيّة لا تكترث للآخرين بل تسعى إلى إبرازه أمام الله وتلميع صورته... وتشبه مشهد المتقدّم لينال وظيفة وهو يسعى لاقتناصها بالكلام المنمّق والمدروس.

صلاة العشّار:
قال العشّار: "أَللّـهُمَّ، إِصْفَحْ عَنِّي أَنَا الـخَاطِئ!".
مختصرٌ مفيد...
لا ندري إن كان هذا العشّار هو زكّا أو متّى... ولكن أهمّ ما فعله هو مقارنة ذاته مع ذات الله... فكلّ إنسان هو خاطئ بالمقارنة مع الله الكليّ القداسة والنقاوة!
ولكن ليس اعتراف العشّار بخطيئته دينونة لذاته بل طلبًا لما يحيي روحه وهو "الصفح" الّذي حقّقه لنا يسوع المسيح في "الفصح" الجديد، المرتكز إلى تقدمة حمل الله على الصليب وقيامته من أجلنا ومن أجل خلاصنا!
ورد في النصّ :" أَمَّا العَشَّارُ فَوَقَفَ بَعِيدًا وَهُوَ لا يُرِيدُ حَتَّى أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ إِلى السَّمَاء"...
إنّه الخجل الخَفِر وفيه ملءُ الثقة بإصغاء الله إلى توبته لأنّ من يصفح هو حنونٌ وغفور وكما نقول بعد المناولة: "إرحمنا يا ربّ، يا حنون، يا رحوم، يا محبًّا للبشر، إرحمنا"!
خلاصة: صلاة العشّار صلاة غيرأنانيّة رغم ورود "الأنا" فيها لأنّها ترتكز إلى تواضعٍ عميق وإلى معرفة صحيحة لأهمّ ما ينقصه وهو رحمة الله وصفحه... والعشّار بدوره سيترجم هذه الرحمة في علاقاته مع النّاس كما فعل زكّا العشّار حين قال: "يَا رَبّ، هَا أَنَا أُعْطِي نِصْفَ مُقْتَنَياتِي لِلْفُقَرَاء، وَإنْ كُنْتُ قَدْ ظَلَمْتُ أَحَدًا بِشَيء، فَإِنِّي أَرُدُّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَضْعَاف" (لوقا 19 : 8).

خلاصة عامّة:
نموذجان مهمّان قدّمهما لنا إنجيل اليوم كي نقيّم أسلوب صلاتنا ومحتواها فنتمكّن من إعادة التواصل مع الله في صلاةٍ حميمة وصادقة تنبع من المحبّة وتفعّل المحبّة في حياتنا!

::: تـــــأمـــل روحــــــي :::

فييَّ منهما أحيانًا

تحت سقفٍ واحد، اجتمعت النفسان للصلاة.
لكن، هل وقفا أمام نفس الإله، الإله الواحد المعبود؟
فرّيسيّ وعشّار أتيا للصلاة في الهيكل، أمّا المفارقة الكبرى تجلّت في توجّه كلٍّ منهما، بطريقةٍ جدّ متباينة، نحو الإله:

فرّيسيّ: يجهل تمامًا من هو الله الحقيقي، لا يعرف أيًّا من صفاته ومجّانيّة عطاءاته ونعمه الّلامحدودة. وقف أمام ذاته يعتدُّ بما يؤدّيه من أصوامٍ وغيرها من ممارسات لا تخدم إلاّ وثنيّة الذات. أمّا الطّامة الكبرى فكانت في تحقيره للآخرين أمام إلهه الشخصيّ الّذي يرضي غروره ويسمع له، رافعًا نفسه فوق الجميع وكأنّه "المختار من الله" ("أشكرك لأنّي لست كسائر الناس").
لم نسمع منه سوى ال"أنا"؛ وأين الله في كلّ ما قال؟ إنّه لم يجده بعدُ، لم يبحث عنه حتّى في ذاته! لقد طمس وجوده كلّيًا بتطبيق شريعة حجّرها كبريائه وأنانيّته. أمّا الله، الخالق، الرحوم، المحبّ للإنسان حتّى الضعف للموت على الصليب، فلم ولن يعرفه (كل بشر) طالما ال"أنا" هي سيّدة القلب والفكر والجسد.

عشّار: يدرك تمامَا من هو الله الحقيقي، يعرف حقّ المعرفة مدى رحمته ("أغفر لي")، ومحبّته للإنسان كما هو،فنراه متنبّهًا جدًّا لنفسه وما هي عليه من ضعفٍ ("أنا الخاطئ")، لذا لم يخجل من الإعتراف بذلك أمامه: إنّه واثقٌ من أبوّة الآب الّتي لا تعرف حدًا للمسامحة والحبّ... بضع كلماتٍ عبّرت عن مدى حاجته لهكذا أب، وعن معرفته لضعفه في فعل الخطيئة. نعمةٌ كبرى أن يكتشف الإنسان زلاّته ويعترف بها أمام الحبيب، فيعلن بذلك مدى تعلقه به، ويعود شفّافًا كالبلّور أمام النّور.

ذاتي والله!

أيّامنا هذه فيها من الجرأة ما ينسينا الله (الأب، المُلهِم، الرفيق المعزّي...)، وعجلة التجدّد المهيب والتغيير اللّامسبوق في سرعته وتنّوعه على الصعيدين، الجسديّ والأخلاقي، يغزوان طرائق عيش السلام مع الذّات والله، فتشوّش استقرارها، وتتجمّد العلاقة الجدّية مع السماء وتصاب النّفس بشللٍ روحيّ.
من جهةٍ أخرى، رغم أنّ الجمعيات والمؤسّسات الخيريّة كثُرَت، إنّما حبّ الظهور في التقدمات والمساعدات، في غالبيّتها، (المرتبطة بال"أنا" لا بحبّ العطاء المجّانيّ)، باتت تطغى على علاقتنا الشفّافة بالخالق، الّذي لطالما أحبّ القلب المتواضع التائب بصدقٍ، الّذي يعرف كيف يُبقي مسكن ذاته حاضرًا لتجديد العلاقة مع الروح فيتحرّك فيه بحرّية تامّة.
غالبًا ما نميل اليوم في ما نعمل فلى امتداح الذّات وانتظار التبجيل من الكلّ، مع العلم أنّ أوّل كلمةٍ نتلفّظ بها أمام الآخرين لا تختلف أبدًا في مضمونها عمّا قاله الفرّيسيّ: " أشكر الله". هذه العبارة نستعملها كجسر من طين، فقط للعبور إلى الذّات المتكبّرة، الخالية من الإيمان بأنّ كلّ ما لنا وفينا وحولنا هو منه، ومنه وله فقط، وهو خالقه.

كيف الخروج من ذلك؟

ببساطة العشّار نستطيع فعله. لا أعني أنّ الله يحبّ الخطيئة ويمتدحها، بل يحبّ الخاطئ ويقيم وزنًا لأمانته وصدقه في توبته. المهمّ أن ندرك أنّنا بحاجة دائمة إلى الغفران والرحمة، لأنّنا لسنا كاملين. هناك دومًا ما يستحقّ الحضور الإراديّ الصدق المتجرّد أمام الحبيب، كما نحن، عراة من ثياب العالم ومظاهر الجسد والمادّة، حريصين على توبتنا أمامه، ومستعدّين لخاتمه، فنكون بذلك أمناء على علاقتنا بالآب، ويُسَرُّ هو بأن يلبسنا الثوب الّذي يليق بكلٍّ منّ.

صلاة شفائي

كما أنّ الطبيب لا يستطيع استئصال مرضٍ من الجسد خارج غرفة العمليّات، كذلك الصلاة لا تستطيع استئصال الضعف والخطيئة إن لم تكن من داخل النّفس، لا بل من داخل الكيان كلّه.هناك أستطيع أم أفضي للله بكلّ ما يؤلمني، بحديثٍ من القلب إلى القلب، وهو يريحني من مرضي، يعيد الطمأنينة إلى نفسي ويثبّت خطواتي بثقةٍ أكبر على دروب الحياة الشائكة، عندها تتّضح الرؤيا أمامي وتصبح قراراتي أكثر صوابيّة، وعطاءاتي ثمرةً طبيعيّة لفعل الحبّ داخلي، والمرتجى يتحوّل واقعًا مُعاشًا بحضور الآب بثالوثه.

::: تـــــأمـــل وصلاة :::

ربي وإلهي ... دخلت اليوم لبيتك ومقدِسك وقلبي مُفعمٌ بالأسى والحزن، الحزن على نفسي لأني لم أعد أستطع أن أغفر وبالتالي لا أستحق أن أطلب منكَ أن ترحمني وتغفر لي بإسم إبنك الحبيب الكائن بالقربان المُقدّس، ولم أجرؤ على أن أتقدّم على تناول القربان وخاصة بعد أن سمعت ما جاء بالإنجيل المُقدّس عن المغفرة للآخرين. وفوجئت بصديقتي، التي عادةً ما تأخذ القربان المُقدّس للمرضى الّذين لا يستطيعون القدوم لحضور القدّاس، تقترب مني وتضع بيدي العلبة التي تحوي بداخلها القربان المُقدّس وتقول لي "هو يود أن يجلس معكِ قليلاً". ربي وإلهي ... أنت تأتي إليّ وأنا الخاطئة التي لا تود أن ترحم فتغفر لمَن أساء إليها!!! ما أحنّ قلبك لأنه علِم بأني أُقرُّ بخطيئتي وعلِم أيضًا بضعفي وأراد أن يُقوّيني ... أراد أن يقول لي "ضعي أحمالك عليّ ولا تيأسي مِن محبتي وتعلّمي مني فإني وديع ومتواضع ورحيم وغفور".
ربي وإلهي... قوّي ضعفي بحنانك وإجعل قلبي مثل قلبك القدّوس ولك الشكر على الدوام. آمين.

::: نوايا وصلاة شكر للقدّاس :::

 

نوايا للقدّاس

1- نصلّي من أجل الكنيسة، والمسؤولينَ فيها، خاصَّةً مار بينيديكتوس السادس عشر بابا روما ومار بشارة بطرس بطريركنا الأنطاكي، وأبينا مار نصرالله، ومار جورج مطراننا مع سائر الأساقفة والكهنة والمُكَرّسين على اسمك القدّوس، كَي يُثابِروا على عملِ المحبّة بِكلِّ صبرٍ وتواضع، رغم كلِّ المَوانِع، نسألُك يا رب
2- سَرِقة، ذِلّ، قَتلٌ واضطِهاد، إدمانٌ، مُقامَرة واغتِصاب، غَيرةٌ، حِقدٌ، نميمةٌ وَزِنا، كلُّها دَلائلٌ أنَّ الخليقة خاضِعة لِعُبوديَّة الفساد؛ أُعضُدنا في ضَعفِنا، إقبل أنينَنا الضارعَ للحرّيَّة، وازرع في قلوبنا الصَبرَ والرجاء بالخَلاص، نسألكَ يا رب
3- أعطنا أن نعرفَ ذاتنا، بِضُعفِها وَمَكامنِ قُوَّتِها، فإذا ما حَضَرنا أمامك، نَعترف بِنَقصِنا ونندم عليه، طالبينَ منك الرَحمة، ونشكرك على نِعَمِك سائلينك الثباتَ فيها، نسألك يا رب.
4- نضعُ أمامك مرضانا وأمراضَنا، أعطِنا الصَبرَ والعزاء بأنَّ آلام الوَقت الحاضِر لا تُوازي المجد الّذي سَوفَ يتجلّى فينا، وامنَحنا ما يُوافِق مشيئتك، نسألك يا رب
نضع أمامك جميعَ المُنتَقلينَ مِن بَيننا، إستقبِلهم في ديارِك السماويَّة، ولا تنظُر إلى آثامٍ ارتكبوها عن قَصدٍ أو بِغَيرِ مَعرِفة، بل انظُر إلى روحك الّذي يشفع لنا بأنّاتٍ لا تُوصَف، غافراً لنا ولهم الخطايا والزلاّت.

 

صلاة شكر للقدّاس

على روحِك الّذي يشفَعُ لنا بِأنَّاتٍ لا تُوصَف، ويَعضُدُنا في ضُعفِنا،
على رَغبتك بأن تُتَمِّمَ مَشيئتَك فينا، وما مشيئتُك إلاّ الأفضلُ لنا،
على رَحمتِك وأبوَّتك، على صَفحِك عنّا نحن الخطأة، نحن يا ربُّ نشكرك،
نشكرك على لقاءِ تقديسِنا هذا، وعلى جسدك ودمك المَبذول والمُعطى لنا في هذا اللقاء، ونشكرك على الرجاء، نحمدك على المحبّة، نعبُدك على شفاعك لنا، والّتي تَنقُلنا إلى حرِّيَّة مجدِ أولاد الله، لك الشكر والحَمد من الآن وإلى الأبد، آمين.

 

المقدّمة، الصلاة،

أفكار من الرّسالة وأفكار من وحي الإنجيل
من إعداد

الخوري نسيم قسطون
nkastoun@idm.net.lb  

 

التأمّل الروحي من إعداد

السيدة جميلة ضاهر موسى
jamileh.daher@hotmail.com

 

تأمّل وصلاة  

السيّدة نيران نوئيل إسكندر سلمون
niran_iskandar@hotmail.com 

 

نوايا وصلاة شكر للقدّاس
من إعداد
السيدة مادلين ديب سعد

madeleinedib@hotmail.com

 

 مراجعة وتدقيق
الخوري نسيم قسطون
nkastoun@idm.net.lb  

 

مراجعة وتدقيق بالتعاون مع
السيّدة نيران نوئيل إسكندر سلمون
niran_iskandar@hotmail.com