Email: elie@kobayat.org

back to 

أَحَد بِشارَة العَذراء

(25/11/2007)

 

صلاة

نَشكُرُكَ، يا مَن في ملءِ الزَّمَن اختَرْتَ حشا امرأةٍ لِتصيرَ واحِداً مِنّا،

 نشكُرُكَ، يا مَن، من أجلنا، َجَعَلْتَ سُكناكَ فينا، وَصِرْتَ كَلِمَةً لَبِسَت جَسَداً وَصِرْتَ قُرباناً.

نَشكُرُكَ، لأَنَّكَ لا تَزالُ تَتَجَسَّدُ في كلِّ كَلِمَةٍ مِن روحِكَ، في كُلِّ فِعلِ حُبٍّ وَرَحمَةٍ، في كُلِّ فِكْرٍ وَمُحاوَلَةِ اكتِشاف.

 نَشكُرُكَ، لأنَّ كُلاً مِنَّا صارَ مَريَم أمامَ عَينَيكَ، يُعْطيكَ جَسَداً، وَتُعطيهِ أن يَحْمِلَكَ وَيصيرَ بَيتَ قُربانٍ، يا ربّنا وإلَهَنا، لَكَ المَجْدُ إلى الأبَد، آمين.

 

الرّسالة

 

إنّي أَقولُ لَكُم كما يُقالُ بَيْنَ النّاس : إنَّ وَصيَّةَ الإنسان الّتي تقرّرت، لا يَرذُلُها أَحَدٌ، ولا يُغَيِّرُ مِنْها شيئاً. فالمَوعِدُ كانَ وُعِدَ بِهِ لإبراهيمَ وَزَرعِهِ، وَلَم يَقُلْ لِزُروعِكَ، كأنَّهُ لِكثيرين، بَل لِزَرْعِكَ، كأنَّهُ لواحِدٍ، وَهوَ المَسيح. أمّا أنا، فأَقولُ هَذا : إنَّ العَهْدَ الَّذي مِنَ القَديمِ تَقَرَّرَ مِنَ اللهِ بالمَسيح، لا يَستطيعُ النّاموسُ، الَّذي كانَ بَعْدَ أربَعِمِئَةٍ وثلاثينَ سَنَةً، أَن يَرذُلَهُ، وَيَجْعَلُ المَوعِدَ باطلاً. فإن كانَتِ الوار ِثَةُ مِنَ النّاموسِ، فَلَيْسَت إذاً مِنَ المَوعِد. مَع أنَّ الله وَهَبَها لإبراهيم بالمَوعِد.

فما هُوَ النّاموسُ الآن ؟

لَقَد أُضيفَ بِسَبَبِ المَعصِيَة، إلى أَن يَأتيَ الزَّرعُ الَّذي لَهُ كانَ المَوعِدُ، والنّاموسُ أُعطِيَ بِواسِطَةِ الملائِكَةِ، على يَدِ الوَسيط. وَالوَسيطُ لا يَكونُ لواحِدٍ، واللهُ هُوَ واحِد. أَيَكونُ النَّاموسُ مُضاداً لِوَعْدِ الله ؟ حاشا ! لأنَّهُ، لَو كانَ أُعطِيَ ناموسٌ يَستَطيعُ أَن يُحيِيَ، لَكانَ البِرُّ حقّاً مِنَ النّاموس. غَيرَ أنَّ الكِتابَ حَبَسَ الكُلَّ تَحتَ الخَطيئَةِ لِيُعطى الوَعدُ، بالإيمانِ بيسوعَ المَسيح، للّذينَ يُؤمِنون.

(غل 3 : 15 - 22)

 

سؤال لفحص الضمير

 

هل أتعامل مع وصايا الله والكنيسة بمنطق "الواجبات" المفروضة عليّ أم أرى فيها نوراً يرشدني إلى السبل الأفضل التي تقودني إلى الله؟

 

الإنجيل

 

 

في الشَهْرِ السادِس، أُرْسِلَ جبرائيلُ الملاك مِن لَدُنِ الله، إلى الجَليلِ، إلى مدينَةٍ تُسمَّى ناصِرَة، إلى عَذراءَ مخطوبةٍ على رَجُلٍ اسمُهُ يوسُف، مِن بيتِ داود، واسمُ العذراءِ مريَم. وَدَخَلَ لَدَيها الملاكُ وقالَ لَها : " السَّلامُ لَكِ يا مُمتَلِئَةً نِعْمَةً، الرَّبُ مَعَكِ، مُبارَكَةٌ في النِّساء". أمّا هِيَ، فَلَمّا رَأَتْهُ اضطَرَبَت لِكلامِهِ، وفَكَّرَت : "ما هذا السّلام ؟"

فقَالَ لَها الملاك : "لا تَخافي يا مريمُ، لَقَد وَجَدْتِ نِعمَةً عِنْدَ الله، فها أنتِ تَقْبَلينَ حَبَلاً، وَتَلِدينَ ابناً، وَتَدعينَ اسمَهُ يسوع. هذا يَكونُ عظيماً، وابنُ العَلِيِّ يُدعى، وَيُعطيهِ الربُّ الإلِه كُرسيَّ داود أبيهِ، وَيَملُكُ على بيتِ يَعقوب إلى الأَبَد، ولا يكونُ لِمُلكِهِ انتِهاء".

قالت مريم للملاك : " كَيفَ يَكونُ هذا، وَأنا لا أَعرِفُ رَجُلاً ؟

فأَجابَ المَلاكُ وَقال لها : "الرّوحُ القُدُس يأتي، وَقُوَّةُ العَلِيِّ تَحُلُّ عَلَيكِ، لِذَلِكَ، فالمَولودُ مِنكِ قُدُّوسٌ، وابنُ الله يُدعى. وَها هِيَ أَلِيصاباتُ نسيبَتُكِ، أيضاً حُبلى بابنٍ في شَيخوخَتِها، وَهَذا هُوَ الشَّهرُ السّادِس لِتِلكَ الَّتي تُدعى عاقِراً.لأنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الله أَمرٌ عَسير".

قالَت مَريَم : " ها أنا أمَةُ الرَّب، فَليَكُن لي كَقَولِكَ". وانصَرَفَ مِن عِندِها المَلاك.  

     (لو 1: 26-38)

 

 

فهم الإنجيل – عيش الإنجيل

في هذا  الأحد تَدعُونا الكَنِيسَةُ لِلتأمُّلِ في بِشارَةِ العَذراء مريم التي تحتوي على أكثَرِ صَلَواتِنا تِرداداً وَشَعبِيَّةً.

"السَلامُ عَلَيْكِ يا مَريَم"... والسَّلامُ على كُلِّ واحِدٍ منّا يُدرِكُ أنَّهُ كمسيحيّ يَحمُلُ مُنذُ مَعموديَّتِهِ دَعْوَةً مُقَدَّسَةٍ لِنَشرِ السَّلام أينما حَلَّ وَأَينَما ذَهَب. هل فَكَّرتُ يوماً بِما أَحمُلُهُ مَعي للنَّاسِ الَّذين أزورُهُم من قِيَمٍ وَفَرَحٍ وسلام؛ أَم أكتَفي بال"ديوان" وما يَجُرُّهُ مِن أحاديثَ، كثيراً ما تَحفَلُ بالتَجَنِّي والإدانَةِ للآخَرين ؟

"يا مُمْتَلِئَةً نِعمَةً" ... نَعَم، مريَم هي المُمتَلِئَةُ نِعمَةً. ولَكِننا نَحنُ أيضاً أغنِياءُ بِنِعَمٍ كَثيرَةٍ، هِي عطايا مجَّانِيَة مِنَ الله : الفرح، السعادة، المحبَّة، العطاء، العائلة، الصحّة، العمل، طول العمر، الأصدقاء... وَتَطولُ اللائِحَةُ على قَدْرِ ما يُضيفُ إلَيها كُلُّ واحدٍ منّا مِمَّا حَباهُ اللهُ بِهِ مِنَ النِعَم.

"الرَّبُ مَعَكِ" ... وَمَعَ كُلِّ واحِدٍ منَّا : هُوَ مَعَنا بالصَّلاةِ والتأَمُّل؛ وَهُوَ مَعَنا بالكِتابِ المُقَدَّس؛ وَهُوَ مَعَنا بِجَسَدِهِ ودَمِهِ؛ وَبصورَةٍ خاصَّة، هُوَ مَعَنا بالكَنيسَةِ التي تُجَسِّدُ حُضُورَهُ في العالَم، مِن خِلالِ كُلِّ واحِدٍ منّا.

"مُبارَكَةٌ أنتِ" … وَكُلُّ واحِدٍ منّا مُبارَكٌ على مِقدارِ ما يَبقى أَميناً لعُهودِ عِمادِهِ، أي لما يَجعَلُ مِنهُ مَسِيحِياً. وكُلٌّ مِنّا يَعِيشُ مَسِيحيَّتَهُ واقِعِيّاً بتَسليمٍ لمَشيئَةِ اللهِ يُدرِكَ حَجمَ بَرَكَةِ اللهِ لِحياتِه وَلِمَن هُم حَولَهُ.

لِنَقُل إِذاً مَعَ مَريَم : "ها أنا أَمَةُ الرَّب، فَليَكُن لي كَقَولِكَ".     

 

الخوري نسيم قسطون

 ميلاد 2007